علي عجيل منهل
الحوار المتمدن-العدد: 3170 - 2010 / 10 / 30 - 21:05
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
العنف الذي يعيشه العراق اليوم خرج عن إطار عنف الدولة ضد الجماعات المسلحة المناوئة لها أو عنف الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة لأسباب سياسية وانحدر إلى مستويات غير مسبوقة من العنف -القتل والتهجير
قبل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كان عدد-- الصابئة --في العراق يقدر بحوالي --70 ألفا ---أما الآن فأفضل التقديرات تشير إلى ان عددهم تراجع إلى اقل من-- عشرة آلاف --بعد اضطرار غالبيتهم العظمى إلى الهجرة إلى --خارج العراق بسبب تعرضهم للقتل والتهجير والخطف في مختلف أرجاء العراق.
وقالت منظمة حماية الأقليات التي مقرها لندن في تقرير نشرته في شهر- شباط من هذا العام إن هذه الأقلية --مهددة بالزوال لان --تعاليمها الدينية -- تحرم أتباعها حمل السلاح -أو ممارسة العنف --مما يجعلها هدفا سهلا --لمختلف أشكال العنف بالاضافة الى ان مهنتهم العمل -بصياغة الذهب --عامل مشجع لاستهدافهم من الجريمة المنظمة
كما تقول منظمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين-- إن المندائيين --الذين لا يحملون السلاح --والدين يحرم عليهم القتل --ولا توجد لديهم مؤسسات-- تدافع عنهم هم أسهل وأول أهداف العنف- إن --اكبر المخاطر-- التي تتهدد المندائيين هو-- الانقراض-- بسبب تسارع وتيرة قتل المندائيين-- الذين يعيشون في ظل خوف دائم-
إن إحدى مستشفيات بغداد ذكرت فى اذار عام 2005"وجود العشرات من الجثث التي تعود لضحايا من الأقليات غير المسلمة قتلوا بعد اختطافهم حيث تخشى عائلاتهم على حياتها خلال البحث عنهم وتشير التقارير-- إلى بين الضحايا الكثير من النساء -- اللواتي مثّل فيهن وبعض القتلى وجد على صدره قرار الإعدام من محكمة شرعية مجهولة يقول :نزل فيه حكم الشريعة لأنه رفض اعتناق الإسلام وأصر على الاستمرار في غيّه".
إن العنف الذي يتعرض له الصابئة المندائيون ليس من قبل طائفة معينة أو ميليشية معينة، --بل يقوم بها ---متطرفون ومجرمون-- من الطائفتين الشيعية والسنية --بهدف تصفية --الصابئة المندائيين -- بتوجيه وعلم من قبل --منظمات سياسية-- تتخذ من الدين --غطاء لجرائمها المروعة -ضد هذه الطائفة المسالمة التي عاشت طوال السنوات الماضية جنب إلى جنب مع إخوانهم من الإسلام شيعة وسنة".
والأمثلة على استهداف الصابئة لا تعد ولا تحصى بل حتى-- معابدهم لم تسلم،-- فالمعبد الوحيد لهم في مدينة البصرة تم تدميره من قبل مليشيا محلية أعام - 2006.
وأشارت ----- دراسة منظمة الشعوب المهددة --بالانقراض الألمانية ---عام 2006 -- إن المليشيا لم تعد تطلب من الصابئة --اعتناق الإسلام --أو مغادرة منازلهم-- في البصرة بل لجأت إلى-- القتل- - لأنه اقل كلفة بعد أن مرت جرائمها السابقة دون عقاب.
كما تحدثت تقارير مروعة عن إجبار العديد من أبناء الصابئة على العمل كعبيد أو الاتجار بهم في أسواق البغاء.
أما في مدينة الفلوجة وعقب سقوط نظام صدام حسين مباشرة تمت مداهمة بيوت 35 عائلة من الصابئة عاشت في المدينة منذ عدة قرون واقتيد الرجال إلى إحدى الساحات العامة وتم إجبارهم على اعتناق الإسلام وتم ختان الرجال، وهو احد المحرمات لدى الصابئة، ومن رفض فقد تم نحره وتم تزويج نساء الصابئة إلى مسلمين عنوة حسبما ذكرت احدى المنظات المندائية المعنية بحقوق الانسان.
وتشير الإحصاءات التي ذكرتها الرابطة الوطنية للمندائيين إلى حجم العنف والجرائم المرعبة التي تعرض لها الصابئة خلال الفترة من أكتوبر 2003 إلى آذار 2006 ومنها مقتل 504 منهم وخطف 118 ومغادرة 4663 عائلة إلى خارج العراق وكان عدد العائلات الباقية في العراق شهر آذار/مارس من عام 2006 فقط 1162, فعلى سبيل المثال كان عدد عائلاتهم في بغداد قبل الغزو 1600 عائلة لم يبق منهم حتى ابريل 2006 سوى 150 عائلة.
وخلال شهر - أيار من العام الحالي اضطر الصابئة الذين كانوا يعيشون في--- منطقة الدورة -- في بغداد إلى-- الرحيل إلى إقليم كردستان-- بعد استهدافهم من قبل مسلحين و تعرض العديد منهم إلى الخطف والقتل على يد الجماعات المسلحة.
كما قامت جماعة مسلحة تطلق على نفسها -- كتائب القصاص العادل" خلال -أيار الماضي بتوزيع منشورات في مدينة الناصرية تمهل الصائبة 72 ساعة فقط لم لمغادرة المحافظة تحت التهديد بالقتل.
ان ضعف الدولة في العراق الحالي --وفشلها في فرض الحد الأدنى --من القانون أو النظام --حتى في مراكز المدن أدى إلى خلق البيئة المثالية لنشاط عصابات الخطف والقتل والنهب والسلب والسرقة.
وكانت الطوائف والأقليات الصغيرة في العراق الضحايا الصامتين لعنف متعدد الأشكال ابتداء من فتاوي بعض رجال الدين من السنة والشيعة بتكفير هذه الفئات واستباحة دمهم إلى فتاوي التخيير بين دفع الجزية أو التحول عن دينهم إلى فتاوي التهجير.
وتمر الجرائم التي ترتكب بحق هذه الاقليات بصمت مطبق فلا قنوات فضائية تزعق وتهيج ولا مليشيات تحرسها وتدافع عنها ولا دول ولا منظمات ولا أحزاب تحميها من القتل والتهجير.
هم -متمسكين بطقوسهم قرب الأنهار والاهوار متفانين في الإخلاص لعملهم في صناعة الآلات الزراعية ثم زاولوا فن الصياغة الجميل--- وبعدها الطب والهندسة والعلوم وليس أكثر شهرة من--- المعلمين المندائيين-- المخلصين لمهنتهم وتركوا الأثر الكبير في نفوس وقلوب طلابهم--
لكن كل هذا ----لم يشفع لهم امام حملات التهجير-- والخطف والقتل-- من قبل عصابات الجريمة والمليشيات --التي ترتدي لبوس الدين.
وإذا استمرت الأوضاع الراهنة يخشى إن يأتي يوم يقول فيه ---أبناء العراق والعالم --هنا كان يعيش الايزيديون --وهناك كان يعيش الصابئة ---أقدم شعوب العراق وهذه هي أثارهم --وفي هذا الحي كان يعيش ---الغجر- أو -- الشبك --او-- الارمن --ويكون مصيرهم مثل--- يهود العراق -- الذين أصبحوا --أثرا بعد عين --في العراق الان.
من المؤكد أن استمرار استهداف الصابئة بهذه الوتيرة سيؤدي إلى إفراغ العراق قريبا من أقدم واعرق واصغر مكوناته وبالتالي اندثار تراث وثقافة موغلة في القدم وفريدة وهو ما يمثل ليس خسارة للعراق فحسب بل للبشرية جمعاء
.
غياب الدولة
يتعرض الصابئة المندائيون هذه الأيام على أيدي مليشيات القوى الظلامية والإسـلام السياسي المتخلفة ، الى حملة شرسة من التطهير العرقي لأبناء هذه الطائفة الصغيرة والمسالمة . ولجأت قوى الظلام هذه إلى أستخدام كل الأساليب الوحشية البشعة ، فقد تم خطف العشرات من الأطفال لقاء فدية مالية وقتل بعضهم أو أحرقوا وهم أحياء رغم تسليم الفدية ، وفرضت في بعض المناطق الأتاوات الشهرية أو ما تسمى بالجزية ، على الطريقة الأسلامية ، وأجبر الألاف منهم تحت التهديد بالرحيل عن أرض الوطن أو مواجهة الموت ، كما وصدرت فتاوي من بعض رجال الدين تحرم شراء ممتلكاتهم وتحلل دمائهم . وتم إختطاف وأغتصاب العشرات من النساء المندائيات وقتلهن ولم يعرف مصير البعض منهن لغاية الآن ، وأجبرت العشرات من العوائل على تغيير ديانتها والزواج من شبان مسلمين أو مواجهة الموت لاحقا" ، وتعرض العشرات من المندائيين الى عمليات قتل متعمدة وهم يمارسون أعمالهم المختلفة وخاصة عملهم في مهنة الصياغة وتمت سرقت محلاتهم وكان آخر الضحايا هو الشاب- وئام عبد النبي لازم الخميسي --الذي أغتيل في محله في حي الأسكان في بغداد يوم الخميس 6 / آب / 2009 بمسدس كاتم الصوت وهو من مواليد عام 1973 ، علما"- ان هذا السلاح لا تملكه--إلا الدولة --أومليشيات الأحزاب الحاكمة ، وبالتأكيد ستعتبر هذه الجريمة جنائية كسابقتها وستسجل ضد مجهول ويغلق التحقيق كما حدث مع ضحايا مدينة الطوبجي ومدينة الشعب قبل اسابيع معدودة وعشرات الحوادث السابقة .
أن كافة الشواهد تدل على ان هذه الجرائم تنفذ عن قصد وسابق إصرار من قبل عصابات ومليشيات مرتبطة بقوى الأحزاب - المشاركة بالسلطة التي يرتدي أصحابها --ملابس رجال الشرطة –أوالجيش-ويستعملون أسلحة وسيارات الدولة وغالبيتهم من المليشيات الذين يكفرون المندائيين والأديان الأخرى غير الأسلامية حيث غالبا" ما تسبق هذه الجرائم أصدار فتاوى - وعلى كثرة عددها والتي تكفر وتحلل قتل وتعذيب وسلب مال الذين لم يدخلوا الدين الأسلامي ، لذا فأن سكوت هذه المرجعيات الدينية عن ما يجري بحق المندائيين وعدم أصدار الفتاوى لأتباعهم لوقف ما يجري يدل على مشاركتهم الفعلية بشكل أو بآخر.
لقد سببت هذه الأوضاع هجرة قسرية واسعة النطاق للعوائل المندائية الى خارج العراق وخاصة سورية والأردن ولبنان واليمن وغيرها ، وإن ما يعاني منه المندائيين اليوم قد وصل اليوم حد الكارثة الأنسانية حيث نجد عشرات الألوف من أبنائها في حالة يرثى لها وهم يتركون منازلهم ومصادر رزقهم ومدارس أطفالهم ، ويهيمون اليوم في شوارع وأزقة المدن السورية والأردنية وغيرها دون مأوى ، وليس لهم من الإمكانيات المادية ما يستطيعون به تدبير مأوى لهم وتدبير أمورهم المعيشية اليومية وهم تحت رحمة المنظمات الدولية والأنسانية . يحدث هذا كله امام مرأى ومسمع الحكومة العراقية والمرجعيات الدينية السنية والشيعية دون أن تحرك أحدى هذه الأطراف ساكنا" . ان المندائيين ليسوا بحاجة اليوم الى من يعطف عليهم لذر الرماد في العيون بإطلاق اسم أحد علمائهم على شارع او قاعة في جامعة ، ان ما يحتاجه المندائيون اليوم من الدولة هو حمايتهم من القتل والخطف والأغتصاب والتهجير واعطائهم حقوقهم كمجموعة بشرية تعيش على أرض العرق منذ آلاف السنين .
ان جرائم القتل والخطف والأغتصاب والتهجير القسرى التي يتعرض لها الصابئة المندائيين و استعمال العنف والاكراه لتغير دينهم هي أفعال جرمية تدخل فى اطار جريمة الإبادة الجماعية ضد هذا الطائفة الدينية المسالمة وفق تعريف القانون الدولى لجريمة الابادة الجماعية . فتكفير المندائيين من قبل الأرهابين وميليشيات الأسلام السياسي المشاركين في السلطة وخارجها هي ذريعة لإبادتهم لكونهم جماعة عرقية وأقلية دينية ، وتنطبق عليهم المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لمنع و معاقبة جريمة الابادة الجماعية .
سرقة "جماعية" لمحلات الصاغة في العراق؟؟, .
في تاريخ (19-4-2009) تعرضت عدة محال للصاغة -الصابئية المندائيين -الى سرقة جماعية - وتحولت القضية الى"--جريمة جنائية, حيث تم سرقة 36 كيلوغراما من الذهب التي سرقت من صاغة منطقة الطوبجي ببغداد ، عثرت عليها الأجهزة الأمنية في محافظة النجف، وتم التدخل بقوة ومنعت الشرطة من القبض على الجناة واسترداد المصوغات الذهبية. و يتعرض أبناء الطائفة - بشكل يومي للابتزاز-- من خلال دفع --بعض النسوة-- إلى مشاجرة مع الصاغة ---بادعاء أنهن ابتعن من محلاتهم مصوغات ذهبية -- ظهر فيما بعد أنها-- إما مسروقة --أو تقليد مطلية بلون الذهب-- أو تعرضهن للتحرش الجنسي داخل محلاتهم،--- ولم تنته هذه المشكلات التي يقف خلفها مسلحون ينتمون إلى عشائر وأحزاب قوية إلا بابتزاز الحلقة الأضعف وهم الصاغة من المندائيين - . ان الكثير من الجناة -- الذين يلقى القبض عليهم لارتكابهم جرائم ضد أبناء الطائفة تنقل دعاواهم إلى محافظات أخرى بتأثير من الأحزاب، ومن هناك يتم إطلاق سراحهم بادعاء عدم ثبوت الأدلة". قبل شهر تقريبا,وتحديدا في تاريخ 1-5-2010حدثت في بغداد --جريمة مشابهة لجريمة ---قتل الصاغة الصابئة,الجريمة حصلت في منطقة "القاهرة" وهي احد احياء جانب الرصافة.
سطى احد الأرهابيين على محل لبيع الذهب في حي القاهرة - شرق بغداد، تمكن بعد تنفيذه العملية، من السيطرة على إحدى العجلات العسكرية التابعة لنقطة للجيش في نفس المنطقة، وقام بإطلاق النار من مدفعها الرشاش على عناصر السيطرة قبل أن يتمكن الجنود من إصابته وقتله.
العربة العسكرية التي سيطر عليها المسلح كانت مشغولة من قبل جنود"، لافتا إلى أن -- المسلح كان شرسا للغاية، الأمر الذي حال دون سيطرة الجنود عليه في بادئ الأمر. أن --"الاشتباك أسفر عن مقتل الارهابي فقط ولم يصب أي من الجنود في مكان وقعه.
من جانبه، ذكر أحد شهود العيان من موقع الحادث في حديث لـ"السومرية نيوز" أن:
"الحادث كان شبيها بفيلم بوليسي، حيث استطاع مسلح واحد السيطرة على عناصر نقطة تفتيش مدججين بالأسلحة ويسيطر على العربة". وأضاف الشاهد، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "المسلح كان يتمتع بخفة حركة ومهارة عالية، وكأنه تلقى تدريبات على هكذا هجمات.
وكان مصدر أمني أوضح في حديث لـ"السومرية نيوز"، في وقت سابق من اليوم، أن مجموعة مسلحة سطت،- على محل لبيع الذهب في منطقة حي القاهرة شرق بغداد، وسرقوا كل محتوياته ولاذوا بالفرار، فيما تركوا سيارتهم أمام المحل-- وانفجرت على عدد من الشرطة الذين جاءوا للكشف عن المحل، ما أسفر عن مقتل أربعة منهم.
سرقة محال الصاغة في منطقة البياع.
بتاريخ (25-5-2010) نشرت وسائل الاعلام استشهاد 14 شخصا في عملية سطو مسلح نفذها ارهابييون على محال لبيع الذهب في البياع جنوب بغداد,اذا فقد استبقوا التحقيق واتهموا المنفذين بانهم --ارهابيين.
واضح ان الدولة لا دور لها في حماية الصابئة المندائيين وتقدم الدليل الواضح على اهمال واجباتها السياسية والأدارية في حماية المندائيين في العراق والمطلوب من الأحزاب السياسية والحركة الوطنية التضامن والدفاع عنهم وتقديم العون والمساعدة لأخوتنا المندائيين لكي يعيشوا في هدوء واستقرار
#علي_عجيل_منهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟