|
رد على ياسمين يحيى .. والفرق نقطة..!!
فاتن واصل
الحوار المتمدن-العدد: 3169 - 2010 / 10 / 29 - 15:37
المحور:
المجتمع المدني
قرأت مقالك " الرجل الغربى والرجل العربى " منذ عدة أيام وفى نفس يوم نشره بتاريخ 21/10/2010 وها هو رابط المقال http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=232715 ، وكنت اود ان أعلق ولكنى وجدت أن تعليقى قد يطول ويتجاوز المسموح من عدد الكلمات ففضلت ان أكتبه لك فى صورة مقال لأوضح وجهة نظرى التى قد تكون مخالفة بعض الشئ. رغم أنى أعذرك فيما كونته من إنطباعات عن الرجل الشرقى أو العربى كما فضلتى أن تسميه، (مع أنى أفضل كلمة الشرقى عن العربى ، لأن فى إعتقادى صفة العربى تمحو هوياتنا وتصُفــّنا جميعا تحت مظلة الهوية العربية، والتى بدورها تمثل شيئا أشبه بالدين الذى يمحى جنسية مواطن فى مقابل صفته الدينية أو عقيدته) وجدت فى مقالك الكثير من التعميم ، ووجدت أيضا رصد لظواهر بكاميرا شديدة الحساسية تركتيها دون ان تفسري أسبابها ، مما أثار حفيظة الكثير من المعلقين الرجال، مع أنك لو وضعت التبريرات لتلك الظواهر، لكنت وبكل تاكيد رفعت فكرة التعميم عن المقال وكسبت العديد من الأساتذة المعلقين لصفك بالمزيد من التفسيرات التى سوف يدلون بها، ومع هذا لا أستطيع سوى أن أؤكد على نجاحك الشديد فى رصد مظاهر تخلف الرجل الشرقى . أود فى البداية أن اذكر لك مزحة شهيرة وقديمة تبادلها المصريون مع بداية ظهور نموذج المحال التجارية والتى يطلق عليها اسم " السوبر ماركت " بعد نموذج " البقال " أو " البّدال " ، وطبعا الجميع الآن يعرف الفرق وطريقة الخدمة داخله .. وهى تحكى أن هناك شخص ذهب لسوبر ماركت جديد ، فأخذه مدير المتجر فى جولة ليعرفه على النظام ، وفى أثناء التجوال لاحظ الزبون خلو الأرفف من البضائع ، وكلما سأل المدير يقول له: المفترض أن يكون هنا كذا .. ثم ينظر الزبون للثلاجات فيجدها فارغة .. فيتساءل ، فيرد عليه المدير المفترض أن يكون فيها كذا .. وفى نهاية الجولة وبعد أن ينتقل به من دور الى آخر ومن قسم لقسم ، وبين مفترض وآخر .. يستفسر المدير وبكل أدب :" ما عندناش حاجة .. بس ايه رأيك فى النظام ؟". تعالى الآن عزيزتى نناقش أول نقطة طرحتيها فى المقال وهى مسألة الوسامة ، وهنا عزيزتى ياسمين سوف أعارضك بشدة ، لأن وسامة الانسان التى تركز فقط على جمال ملامح الوجه هى وسامة منتقصة ، فيا أكم من وجوه جميلة تخفى وراء جماجمها عقول تفتقر الى الذكاء وتتسم بالسطحية وضيق الأفق .. .. الانسان الذى يعيش فى مجتمع حر لا تخنقه القيود ، يعبر عن رأيه بحرية ، لا يخاف سجن أو إضطهاد لأنه عبر عن رأيه أو انتقد وضع ما.. تجدى فى عينيه بريق الحرية يلمع كماسة .. الرجل الشرقى لا يفارق الخوف ، والخوف لا يفارقه ، فهو يعيش فى ظل أنظمة حكم جائرة تسلط عليه كل صنوف القهر ، حتى يبقى صامتا كاظما غيظه ، محولا طاقته واهتماماته الى أشياء غاية فى السطحية ، تدمر ما تبقى داخله من كرامة وتحوله إلى انسان منافق ، يضطر الى مداهنة عدوه ليتفادى الأذى ، أى انه يتحول - ولكن حتما هذا ليس بارادته – الى انسان سطحى جبان تافه. ومع هذا وبنظرة أكثر تدقيقا سنجد أن ليس كل الرجال الشرقيين تافهين أو سطحيين بدليل وجود مفكرين ومعارضين تنويريين بيننا هنا وفى موقع الحوار المتمدن وغيره من المواقع ، نستفيد بآرائهم وننهل من ثقافتهم وعلمهم . ذكرت أن الرجل الغربى يرى أن المرأة هى نصف المجتمع ، أود ان أذكر بمحاذاة ذلك أن المرأة فى المجتمع الغربى أصرت أن تفرض وجودها بكل الطرق ليقر ويعترف الرجل والمجتمع بأكمله بتفوقها وعلمها وعملها وحريتها ، أنا أحسد المراة فى المجتمع الغربى ، فلا احد يفرض عليها أى شئ ، مظهرها ، خروجها ، سفرها ، سهرها ... علاقاتها .. كل شئ ومن غير المسموح لأحد التدخل فى شئونها ... والمجتمع كله ( نساءً ورجالا ) بقوانينه ودساتيره وحقوق الانسان فيه يقف بجوارها ويتأكد من حصولها على هذه الحقوق ، لا أقول أن كل الرجال الغربيين كذلك ، لكنى أقول أن الغالبية العظمى منهم تؤمن بذلك ، ليس فقط بسبب إصرار المراة على الحصول على حقها بنفس القدر مع الرجل ، بل لأن هناك قوانين تحمى هذه المنظومة وتحافظ عليها من الاختراق بقوى التخلف والرجعية ، بشتى الوسائل .. هناك عين تراقب تطبيق هذه القوانين وتسهر على حمايتها ، ناهيك عن الغطاء الاعلامى والثقافى الذى يهتم بتكريس هذه القيم وتجذيرها وتطويرها مع مستحدثات العصر ، انتاج إعلامى سينمائى أو تليفزيونى أو صحف ومجلات ، لا يطرح -أصلا - فكرة أن يتزوج رجلا على إمراته ،لايقبل أن يخرج على قنواته شيخا ليقول انه لا يوجد سن للزواج بالنسبة للمراة ، ويسمح بتزويجها حتى لو رضيعة ،أى ان كل جزئية صغيرة فى تلك المنظومة تحترم حق الانسان رجلا كان او إمرأة طفلا كان أو شيخا . لذا فلا فضل للرجل الغربى فى هذا ، هناك فى المقابل مجتمع مدنى قوى حر، يفقه جيدا معنى الانسان وحقوق الانسان وعقد اجتماعى يكمل هذه المنظومة ويضعها فى الشكل الذى يبدو عليه الرجل الغربى والمراة الغربية ، أى ان هذا النظام يفرز ذاك الانسان . أما الرجل الشرقى فقد فتح عينيه على أم أقل فى المكانة من الأب ، واخت اقل فى الأهمية منه ، هى نصفه فى الشهادة ونصفه فى الميراث ، تستأذنه لو الأب غائب ، هو اعلى واحق وأقوى منها بكثير بما يكفله له الدين والمجتمع وإلاهه،. فى العمل ورغم تساويهم فى التأهل العلمى ، فنجد تفضيله من قبل الرؤساء لإيمانهم الراسخ بنقصان عقلها ودينها لدرجة تحتم عدم تعيينها فى نوعيات معينة من الأعمال على سبيل المثال مجال القضاء - والى وقت قريب كان الصراع قائما – وهذا كله طبيعى يتقبله طرفا القضية أى كلاهما الرجل والمرأة. هو إن رأى انها ناقصة عقل ودين ، هى ترى الشئ نفسه بدليل عدم ثورتها على هذه النظرة المتدنية لها ، فتحت عينها هى الأخرى على تلك التركيبة ونظام الحياة وكان هذا هو ما أسموه " الصح " وما عداه أسموه " الغلط " .. فكبرت ونمت وتقبلت فكرة انها أقل فى المكانة والمقدرة والاحترام عن مثيلها الذكر، وما اعنيه هنا هو أن هذا النظام يفرز ذاك الانسان. الرجل الغربى ليس مشغولا بمجتمعه ولا تطوير نفسه ، المحك هو أن مجتمعه وعلاقات العمل فيه تحتم عليه ان يطور نفسه بالتعلم والتدريب المستمر والعمل الدؤوب ، والا فسوف يطرد من هذا العمل الذى يحقق له الأمان والعيش الرغد . الرجل الغربى يعيش فى مطحنة من المنافسة ، لا ترحم وعليه ان يثبت وجوده فى كل لحظة ،وهناك نظام للمراقبة والمحاسبة الصارمة لو حدث أى تهاون فى تادية عمل ، هذا النظام لا يسمح للعامل أن يترك غرفة الاشارات والتحكم لخط سكة حديد يتحرك عليه قطارات تحمل كتل بشرية ، بالذهاب للوضوء والصلاة أثناء العمل ، هذا النظام لا يفرق بين ابن مسئول كبير وآخر ابن رجل عادى فى مخالفة إشارة المرور ، هذا النظام يسمح لشخص سقط على الأرض وتأذى بجرح او كسر من جراء عملية تبليط لأرصفة المشاة بشكل خاطئ بأن يرفع قضية على الشركة المسئولة عن التبليط ويتقاضى مبلغا فادحا كتعويض ، وهناك نظام آخر لا يعترف بحق الانسان فى شرب كوب ماء خالى من المخلفات الصناعية أو من أكل خضروات مروية بمياه الصرف الصحى . أما الرجل الشرقى فهنيئا له نظام يترك له الحبل على الغارب ، لا يحاسبه ولا يراقبه بل ويشجعه على التراخى والكسل بلا عقاب ، ويسلط عليه أجهزة إعلامية تضخ فى ذهنه قيم دينية مشوهة ، تحثه على مزيد من التخلف، ولا تجرمه حين يترك لوحة بملايين الدولارات للسرقة ، أو حين يتراخى فى الحفاظ على الأموال العامة ، أو حين يتسبب فى كارثة يضيع ضحيتها آلاف الأرواح . فى مجتمعات النفط حيث المال بلا حدود ودون جهد او تعب ينبثق من الأرض فحدث ولا حرج ، نرى قيم وعلاقات أشد تخلفا بكثير لدرجة مخجلة ، يتندر بها العالم حولنا. أختى العزيزة ياسمين ... هل تنتظرى من مجتمع غارق فى الجهل والرعب والقهر أن يبدع أو يخترع أو ينتج فنا راقيا ؟ مجتمعنا لا يستطيع سوى مضغ ما يرمى له من فتات ، ويعيد اجترار أفكار ولــّى زمانها ، توارثها منذ آلاف السنين ، ويأبى - ليس لإيمان وإنما لاستسهال – أن يغير منها ولو أنملة . نهاية أحب ان أؤكد أنى اتفق معك فيما رصدتيه من سمات وظواهر وفوارق بين الرجل العربى والرجل الغربى ولكن أيضا أريد أن أؤكد على فكرة أن الفرق ليس مجرد نقطة وأن أسباب هذا الفرق تتركز فى عيش كلا الرجلين فى مناخين ونظامين مختلفين تماما ، هذا النظام ينتج الرجل الغربى والنظام الآخر ينتج الرجل العربى الشرقى ......... فإيه رأيك فى النظام ؟؟؟
#فاتن_واصل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليسوا مختلفين ..
-
لغة الإبهام
-
لقمة القاضى السخنة
-
سافرة ..ولا زلت
-
هو الذى هو..
-
حشو عصب
-
أطواق
-
قبعة
-
إنسحاب ..
-
أماكن
-
كانت قصة قصيرة
المزيد.....
-
عضو بالكنيست الإسرائيلي: مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وجالانت
...
-
إسرائيل تدرس الاستئناف على قرار المحكمة الجنائية الدولية الص
...
-
وزير الخارجية الأردني: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت رسالة لو
...
-
هيومن رايتس ووتش: مذكرات المحكمة الجنائية الدولية تفند التصو
...
-
الاتحاد الأوروبي والأردن يُعلنان موقفهما من مذكرتي الاعتقال
...
-
العفو الدولية:لا احد فوق القانون الدولي سواء كان مسؤولا منتخ
...
-
المفوضية الاممية لحقوق الانسان: نحترم استقلالية المحكمة الجن
...
-
المفوضية الاممية لحقوق الانسان: ندعم عمل الجنائية الدولية من
...
-
مفوضية حقوق الانسان: على الدول الاعضاء ان تحترم وتنفذ قرارات
...
-
أول تعليق من -إدارة ترامب- على مذكرة اعتقال نتانياهو
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|