محمد مهدي بيات
الحوار المتمدن-العدد: 3166 - 2010 / 10 / 26 - 23:15
المحور:
المجتمع المدني
أوغوز نامه ملحمة بطوليه تحكي قصة فتوحات أبوالترك أوغوزخان الشخصية الأسطورية التي عاشت عند عام 2500ق.م واستطاع بدهائه أن يجعل العالم بأسره تحت سنابك خيوله ابتداء من الصين وانتهاء بالشرق كالعراق وسوريا وإيران حتى مصر. كنا ضمن المدعوين إلى المؤتمر العالمي لملحمة أوغوز خان المسماة بـ(أوغوز نامه) الذي أقيم من قبل "معهد المخطوطات في أكاديمية العلوم التركمانية" في عاصمة جمهورية توركمانستان (عشق آباد) للفترة من 14-15 تشرين الأول 2010م وقد حطت بنا الطائرة التركية في مطار عشق آباد عند الساعة الثانية وخمس وأربعين دقيقة ليلا بتوقيت المدينة، وكنت أنا الوحيد من العراق في المطار وبعد إكمال معاملة تأشيرة الجواز اقترب مني شاب وسيم جميل الهيأة والصورة ممتلئ الوجه، قائلا: هل أنت من العراق واسمك كذا؟، أجبته: أجل يا مراد وكنت أعلم مسبقا بأن الذي يستقبلني في المطار اسمه(گلدي مراد)، أخبرني بذلك الأستاذ( كاكا جان جان بك) منسق المؤتمر. نزلنا في فندق "آق التين"(الذهب الأبيض)، الذي يقابل مبنى جميلة مستديرة الشكل اسمها(Türkmenistan Devlet serkı) . قبل يوم من بدء المؤتمر زار المؤتمرون خرائب مدينة نسأ(Nese) التاريخية التي تبعد 20كم عن العاصمة وهي مدينة الإمام النسائي (1) وهذه المدينة تقع على تل كبير عليه قلعة صغيرة وبجانبها قرية جميلة اسمها (باقر) وعندما سألت عن التسمية لم يعلم بها أحد!، وهناك في توركمانستان( مدينتي "مرو" و"سرخس" ومدينة "أنو" التاريخية، من هذه الأخيرة انطلقت حضارة سومر إلى وادي الرافدين.(2) تجولنا في(بارك الهام)، وهي حديقة جميلة مزينة بمختلف أنواع الزهور فيها عشرات من نافورات المياه مليئة بتماثيل رجال العلم والأدب ابتداء من محمود الكاشغري وانتهاء بالشاعر عمر الخيام وحصة العراق من هذه التماثيل الشاعرين نسيمي وفضولي البغداديين. جدير بالذكر أن تمثال الشاعر الأول كأنه في مرحلة الكهولة والثاني يافعا علما بأن الشاعر محمد بن سليمان فضولي البغدادي قضى نحبه في العقد السابع من عمره والشاعر عماد الدين نسيمي البغدادي قتل في حلب في الأربعين من عمره وكتب تاريخ ولادة الشاعر فضولي البغدادي كذا ( 1498-1555م) والصحيح الثابت بأن ولادته كانت نحو سنة 1480م. وقد رأيت تمثال أوغوزخان في غير هذا المكان وهو على فرسه كأنه سيف نجرد عن غمده، محاط بأولاده الستة الذين بنوا امبراطوريات عظيمه على وجه الأرض. ثم تجولنا في متحف تركمانستان العظيم الذي لا يوصف لكثرة آثاره وضخامة بنايته. شارك في هذا المؤتمر علماء وباحثون من 28 دولة وقرئ نحو 110 بحث من مختلف دول العالم منها تركيا والولايات المتحدة الأميركية ولتوانيا وقيرغيزيا وروسيا وبلوروسيا وأوزبكستان والهند والعراق ولبنان ومصر وآذربيجان وبريطانيا وبلغاريا ورومانيا والمجر وأرمينيا وكوريا والصين وإيران وإيطاليا وكازاخستان وطاجاكستان وأوكراينا وكاكاووز وجورجيا وغيرها من دول العالم وفي صباح 14 تشرين الأول افتتح المؤتمر في مبنى قصر المقام .( (Müğam köşküو(هذه بناية مع مثيلاتها تضاهي قصور ملوك الشرق من حيث الهندسة والجمال وكلها مطلية بالمرمر الإيطالي) من قبل رئيس أكاديمية العلوم التركمانية السيد "آنا قوربان عاشروف" ثم عزف النشيد الوطني فأنشد المؤتمرون النشيد الوطني التركماني وقوفا وكانت على المسرح فتيات في مقتبل العمر وبمقياس طولي واحد ذوات جدائل طويلة كأنهن حوريات من الياقوت ظهرن على غير موعد وفتيان كأنهم لؤلؤ مكنون. ارتقى المنصة رئيس أكاديمية العلوم التركمانية وألقى كلمة موجزه محييا فيها المشاركين ثم دعا إلى المنصة الباحثين من ست دول هي رومانيا والهند وأوزبكستان وأميركا وكوريا ومن العراق كاتب هذه السطور وجلس كل منهم في محله المخصص له ثم قدمهم للجمهور و دعاهم تدريجيا كي يلقوا بحوثهم وكانت هناك ترجمه فوريه إلى اللغة التركمانية وكانت القاعة التي تسع لأكثرمن ألف شخص مكتظة بالناس وعلى شكل مجموعات وكل مجموعة لها زيها الموحد. وأثناء قراءة البحوث كانت القاعة في صمت وسكون والناس يستمعون بإمعان وبعد الإنتهاء من قراءة البحوث دعينا إلى مأدبة الطعام (الغذاء). في قصر المعرض(SERGİ KÖŞKÜ) وعندما جلسنا على المائدة بدأ الشيخ بتلاوة سورة مباركة من القرآن الكريم والصالة في صمت وخشوع ثم وضع الطعام على الموائد وبعد الانتهاء أعيدت قراءة القرآن ثانية إشارة بنهاية الوليمة فتفرق الناس وفي الساعة الثالثة بعد الظهر بدأت فعاليات المؤتمر بقراءة البحوث في بنايات متفرقة وأينما نذهب نستقبل من قبل طالبات وهن واقفات وفي أيديهن الحلوى والكرزات والفواكه على طبق من بلور وفي عصر اليوم الثاني دعينا إلى الحفل الختامي في نفس القاعة حيث ارتقى المنصة رئيس الأكاديمية فدعا الى المنصة ممثلي سبع دول وهم من تركيا العلامة فكرت توركمن ومن آذربيجان الأستاذ د. رامز عسكر ومن بلوروسيا الأستاذة ماريا موزاكو ومن قرغيزيا الاكاديمية گلزهره جمعه قول أوفا ومن مصر المهندس سعيد بيومي ومن هونكونك الباكستاني منهاج الحسن ومن بلغاريا أيفان أوفا. ثم ألقى كل منهم كلمة موجزه عن المؤتمر. وكانت فضائيه توركمانستان تنقل الوقائع طيلة أيام المؤتمر على الهواء مباشرة وقد حضرنا لندوة ثقافية فيهامع أساتذة من الهند و اوزبكستان و توركمانيا وعند مغادرتي المدينة في ساعة متأخرة من الليل كان معي في المطار الأستاذ گلدي مراد سهل موظفو المطار مهمتي ولم يفتحوا حقيبتي وهم يقولون شاهدناك على شاشة التلفاز. حضر لهذا المؤتمر متخصصون من كافة أنحاء العالم من تركيا الأساتيذ العلماء مثل فكرت توركمن الذي له الفضل في إخراج أوغوز نامه جديدة إلى النور وجدها قبل 20 سنه في قازان عاصمة تاتارستان وسميح تزه جان الذي حقق ملحمة أوغوز نامه ونشرها في تركيا والسيده أيسن بيكه طوغان كريمة المؤرخ الكبير زكي وليدي طوغان والمواطنة التركية القيرغيزيه گلزهره جمعه قول أوفا ومن آذربيجان الأستاذ د. رامز عسكر والذي حصل قبل أيام على ميدالية ذهبيه من دولة توركمانستان لعطائه الأدبي وأسمي خان عثمانلي ونوريده نوروز أوغلو وأبو الفضل أمان أوغلو ومن أوزبكستان الأساتيذ شمس الدين كمال الدين وقهرمان حبيب والهام جان سعيد وممد قول يوره ك . لغة المهرجان كانت باللغات التركية والإنگليزية والروسية واللهجة التركمانية. كما حضر باحثون من الدول العربية منها من مصر بيومي سعيد ومن لبنان د. المهندس خالد التدمري نجل العلامة المؤرخ عمر التدمري محقق كتاب تاريخ الإسلام للذهبي التركماني المدفون في قلعة حلب وزوجته د. سوسن أغا القصاب المختصة في التاريخ العثماني ومن العراق الأستاذ محمد مهدي بيات ألقى بحثا في حفل الإفتتاح بعنوان عشيرة بيات العراق في ملحمة أوغوزخان والجميل أن في المقدمة بلغ تحيات شعب العراق عامة والتركمان خاصة إلى شعب توركمانستان وقد قوبلت هذه التحية بعاصفة من التصفيق.. بقي أن نقول إن للأستاذ كاكا جان جان بك له فضل كبير في إقامة هذا المؤتمر المعطاء برعاية رئيس الدولة السيد قوربان قولي نور محمد الذي جمع في خيمته هذا الجمع المبارك من الباحثين من جميع أرجاء الدنيا بمختلف أديانهم وقومياتهم وللأستاذ گلدي مراد فضل كبير على المؤتمرين الذي حرم لنفسه النوم ليلا بسبب استقبال وتوديع الضيوف في المطار في ساعة متأخرة من الليل و أن لجنة المؤتمر الأساتذه بايرام مراد باي مراد ونور محمد قليج دوردو و كاكا جان جان بك و گلدي مراد محمد وف و هناك شباب لم يفارقونا لحظة وابتسامتهم تزيدهم جمالا للجميع وهم يجيدون اللغة العربية بطلاقة لكونهم من خريجي جامعات الأزهر ودمشق. أدير المؤتمر كأن هناك نظام خاص لم يعكر صفوه شيئ وكيف يكون ونحن نعيش بين ظهراني شعب يقدس العلم ويقدر العلماء ويحب النظافة وفي قلوبهم حب الوطن والإيمان للرب العظيم حقا أنه كان مؤتمرا جميلا ينير العقول ويزيد الثقافة ويجددها ويجمع العلماء في طاولة واحدة من جميع أرجاء العالم وما أحوجنا نحن في عصرنا هذا إلى مثل هذه المهرجانات الثقافية لكي ننفتح على العالم عن قرب ونتنفس الصعداء الذي حرمنا منه كي تقر أعيننا وننسى ظلام الجهل الذي كنا فيه سنينا.
بقلم: محمدمهدي بيات تدقيق لغوي: ظافر محسن غريب
http://albadeal.com/مقالات/199-2010-10-25-22-22-21.html
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-الإمام النسائي: هو أبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب بن علي ابن بحر بن سنان بن دينار النسائي القاضي وأحد أئمة الحديث النبوي الشريف صاحب السنن الصغرى والكبرى وهو أحد الصحاح الستة 2- ومن علماء مدينة سرخس (شمس الأئمة محمد بن أحمد بن سهل السَّرخسي المتوفى في (483 هـ, مؤلف كتاب المبسوط في الفقه الحنفي وقد طبع في ثلاثين جزء, وهو من أكبر كتب الحنفية, ألف السَّرخسي كتابه هذا شرحا لكتاب الكافي للحاكم الشهيد أبي الفضل المرزوي إمام الحنفية في عصره. ونزداد إكباراً لهذا الكتاب ولمؤلفه حين يذكر لنا علماء الرجال, أن السَّرخسي ألفه كله أو جُلَّهُ من ذاكرته وهو سجين في جب في خراسان. وكان الإمام رحمه الله يملي كتابه(الثلاثين جزء) على طلابه من قعر الجب ليس له لا ورقة ولا قلم ولا كتاب وهم حول دكته يكتبون.
#محمد_مهدي_بيات (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟