أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الرجل الخطأ- الحلقة الثالثة














المزيد.....

الرجل الخطأ- الحلقة الثالثة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3166 - 2010 / 10 / 26 - 21:50
المحور: الادب والفن
    



إلتقيتُ بعامر في الكافيتيريا ووجدت نفسي أفضي له ما في نفسي من هم وحزن بسبب فشل زواجي. فوجدته متعاطفا معي وطلب أن نلتقي مرة ثانية، فوعدته بلقاء في الغد. وفي وقت لاحق من المساء، اتّصلت بي فادية تسألني عن حالي، وتعجّبت عندما أخبرتها أنني كنت في الخارج، فأنا لم أخرج من بيت أهلي منذ تركت زوجي وعدت اليهم.

ترددت قليلا، وفكّرت: هل اخبرها عن لقائي المفاجئ مع عامر؟ كانت فادية صديقتي الحميمة التي أفضي لها بهمومي واسراري منذ أن سكنت في تل ابيب وتعرفت عليها. وكانت تسكن مع زوجها، أشرف، الذي كان من أعز أصدقاء زوجي، في شقة سكنية لا تبعد عن بيتنا كثيرا. وكنت قد أخبرتها من قبل عن حبي لعامر وكيف اضطرّتني الظروف الى تركه والزواج من فراس. كنت أثق بها وبأمانتها أكثر من أي شخص آخر.

"صوفيا؟ ما بك؟" بدا صوتها متعجّبا. وهكذا، أخبرتها عن لقائي بعامر في المكتبة ثم في الكافيتيريا، ووصفت لها مدى ارتياحي له خلال حديثنا وكأننا لم نفترق يوما! ثم عن مواعدتنا للقاء جديد في الغد.

لمست من صوتها الدهشة لسماع أقوالي، وكان من الواضح ان الأمر لا يعجبها، فقد ظلّت تنصحني بالمصالحة مع زوجي والعودة اليه، وبذلت جهودا كبيرة للتوسّط بيننا كي يتمّ ذلك.

"صوفيا،" قالت لي بشيء من الخيبة. "انا لا أريد التدخل بشؤونك الخاصة، ولكن... بصفتي صديقتك التي تخشى عليك وترجو لك الخير، نصحتك كثيرا وحاولت مساعدتك لتسوية الخلاف بينك وبين فراس، على الأقل من أجل ليلى. والآن، وبعد كل ذلك، تفاجئينني بهذا الخبر؟!"

"فادية، انت تعلمين ان فراس بالنسبة لي قد انتهى! انتهى منذ أن اكتشفت خيانته. انت لا تفهمين هذا الأمر لأنك لم تجرّبي ذلك، وأرجو ان لا تجرّبيه! ولأنك تحبين زوجك وهو يحبك وكل شيء على ما يرام."

"صدّقيني يا صوفيا، فراس تغيّر وهو نادم على ما فعل ويريد فتح صفحة جديدة معك."

"هذا هراء. لا أصدّق أن بإمكانه ان يتغيّر بهذه السرعة."

"هل هذا يعني أنك مصرة على الطلاق؟"

"أكثر من ذي قبل."

"بسبب عامر؟"

"فادية! لماذا لا تريدين ان تفهميني بعد كل ما قلت؟!"

"أتريدين ان تقولي ان عامر لا يحثّك اكثر على الطلاق؟"

"انا طلبت الطلاق وبدأت بإجراءاته قبل ان ألتقي به من جديد!"

"ولكن تجدد العلاقة بينكما يدفعك لإلغاء فكرة المصالحة مع زوجك. وهذا خطأ كبير، يا صوفيا. أرجو ان تفكّري بذلك جيدا."

لم أكلّف نفسي عناء التفكير بكلام فادية. كنت ممتنّة لها بداخلي على خشيتها وقلقها عليّ، فقد كنت أعلم ان ذلك يدل على محبتها الصادقة لي ورغبتها في مصلحتي وسعادتي. ولكنها لم تكن في مثل وضعي حتى تظن ان فراس يمكن ان يتغيّر، ولم تجرّب الخيانة من زوجها، ولم تجرّب الحياة مع زوج لا يجمعها به سوى البيت الذي يعود اليه آخر النهار كي يقضي ليلته.

التقيت بعامر مرة ثانية... ثم ثالثة... ثم رابعة. كنت أخرج من البيت بحجة أنني ذاهبة الى المكتبة او الى احدى صديقاتي، فنلتقي ونجلس جنبا الى جنب، بعيدا عن الأعين الفضولية، نتبادل اطراف الحديث، او نشرب فنجان قهوة، او نسير بهدوء على شاطئ البحر، مستمتعين بالمنظر البديع، الخلاب، والجو الجميل الهادئ المحيط بنا. أحسست ان ظهور عامر في حياتي من جديد قد فتح لي بابا من الأمل، بعدما كانت كل الأبواب قد اوصدت امام وجهي، وكادت نفسي تختنق من البؤس والمرارة. ثم، فجأة، وكنسمة الصباح الرقيقة التي تغذي الروح وتنعش النفس، جاء عامر ليبثّ في نفسي الدفء والسعادة والراحة التي كنت أفتقرها، وكان وجوده يواسيني في حزني ويمسح الهموم عن وجهي.

وذات يوم، وبينما كنا جالسين قرب شاطئ البحر، نتأمّل أمواج البحر التي تتكسّر تحت أقدامنا برقة ونعومة، قال لي موجّها اليّ نظرة نقية: "أريد ان أعترف لك بشيء."

التفتّ اليه، أنتظر كمالة قوله بفضول واهتمام.

نظر نحو البحر لحظة طويلة، ولم يعجّل في الكلام. أخذ نفسا عميقا ثم توجّه اليّ بابتسامة حلوة، واستأنف قائلا: "أنا ما زلت أحبك. رغم كل هذا الوقت، ورغم كل ما حصل، ما زال حبك يعيش في داخلي، ينتشي له قلبي وتذوب فيه نفسي."

أحسست بضربات قلبي المتسارعة داخل صدري، وغُمرت بسعادة كبيرة. تأمّلته مأخوذة بسحر تلك اللحظة، وأحسست بداخلي أنني ما زلت أبادله تلك المشاعر الجميلة، وحبه لم يمت في قلبي، بل هو حي، يعيش في أعماقي خلف تلك الأبواب المؤصدة... أكبته... أتجاهله... وأحرص على غفوته. وها هو الآن، فجأة، ودون سابق انذار، انطلق من مخبئِه كالمارد العجيب، مخترقا كل ممنوع، وأخذ ينبض بلهفة وحيوية.

قلت له: "وانا أيضا. ما زلت أحبك. ومنذ ان التقينا من جديد وأنا ألوم نفسي بشدة، كيف تنازلت عن حبك وتزوجت من غيرك!"

انفرجت شفتاه عن ابتسامة واسعة، وقال: "كم انا سعيد لسماع ذلك! كم انا سعيد بحق!"

"عامر،" قلت برجاء صادق. "أرجوك أن تسامحني على ما فعلت."

"لقد سامحتك منذ زمن طويل." سمعته يقول وهو يثنيني بنظرة تفيض بالحرارة. ثم استأنف: "صوفيا، لا أريد شيئا في هذه الدنيا أكثر من أن نكون معا، انا وانت."

فقلت وأنا أشعر بدموع الفرحة التي تملأ عينيَ: "أعدك ان لا أدع شيئا يفرّق بيننا بعد اليوم. سأدافع عن حبي لك هذه المرة كما ينبغي، وكما كان ينبغي عليّ ان أفعل قبل خمس سنوات."

افترقنا محمّلين بأحاسيسنا الجميلة المتدفّقة بالحب والأمل، والرغبة في تصحيح ما أخطأنا بشأنه وتعويض ما فاتنا.

ثم عدت الى البيت...

ووجدت فراس جالسا في غرفة الضيوف... بانتظاري.

يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل الخطأ- الحلقة الثانية
- الرجل الخطأ- الحلقة الأولى
- منازلة الصمت- قصة قصيرة
- مذكرات عاملة في سوبر ماركت- الجزء الثاني
- مذكرات عاملة في سوبر ماركت- الجزء الأول
- العودة- قصة قصيرة
- حدّثتني جدتي...
- بيت الأحلام- قصة قصيرة
- الشاردة- قصة قصيرة
- حب خلال الهاتف- قصة قصيرة
- أحلام كبيرة- الحلقة الحادية عشر والأخيرة
- أحلام كبيرة- الحلقة العاشرة
- أحلام كبيرة- الحلقة التاسعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثامنة
- أحلام كبيرة- الحلقة السابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة السادسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الرابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثانية


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الرجل الخطأ- الحلقة الثالثة