|
السلطة بين المراوغة والشاميرية
محمود عبد الرحيم
الحوار المتمدن-العدد: 3165 - 2010 / 10 / 25 - 22:43
المحور:
القضية الفلسطينية
*محمود عبد الرحيم: الجناح السلطوي في فتح الذي سرق منظمة التحرير وجعلها مؤسسة قطاع خاص، وليست كيانا جامعا ممثلا للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، مشكلته أو بالأحرى مشكلتنا معه أنه يعرف الحقيقة تمام المعرفة، لكنه يتجاهلها ويقفز عليها، متعمدا خلط الأوراق، ليحقق مصالحه الذاتية، ولو على حساب المصلحة العامة، ولو كان هذا السلوك الانتهازي يلحق أضرارا فادحة بجوهر القضية الفلسطينية ومصيرها. وحين يهم بالإعتراف بأن سياساته واستراتيجياته في التعامل مع العدو الصهيوني كانت خاطئة وكبدت الشعب الفلسطيني الكثير من الخسارة، في مقابل مكاسب هائلة أكبر مما كان يحلم بها أو يتوقعها الإسرائيليون، يعود ويتراجع عن التمسك بشجاعة الإعتراف، ويتخفى وراء خطاب متهافت متناقض وتبريرات للحالة الكارثية بالمراوغة وخلط الغث بالسمين والجرى وراء الأوهام أو اصطناعها، للإنحراف بعيدا عن الهدف الحقيقي والقضية الجوهرية. هكذا فعل مؤخرا رئيس السلطة الصهيوأمريكية محمود عباس حين وصف عملية المفاوضات بأنها مضيعة للوقت، وحين لوح بالإستقالة وحل السلطة الفلسطينية التى لا تخدم سوى المصلحة الإسرائيلية وتخفف العبء عنها كقوة احتلال، خاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني وملاحقة المقاومين الشرفاء، لكن للأسف ليس ثمة صدقية في مواقفه هو وبطانته، لأسباب مفهومة في سياق أن المصلحة الذاتية مقدمة على المصلحة العامة. ويبدو خطابه حاملا سمت المراوغة ومحاولة هزيلة لتسويق نفسه، وإكتساب شعبية مفقودة بالظهور بمظهر الزعيم الوطني الذي يملك أوراقا للضغط على خصمه، وليس التسليم له بدون أية شروط وتقديم التنازل تلو التنازل، وسط حالة من الانبطاح والمهانة. والدليل على ذلك أنه حتى الآن لم يجرؤ على إعلان أن المفاوضات قد فشلت، وأنتهى أمرها، ربما للمرة المائة، ولم يشرع بالفعل في حل السلطة الفلسطينية، وإعادة القضية إلى الجماهير وقادتهم الشرعيين من كل التيارات ليقوموا ببناء استراتيجية وطنية تكفل التعاطي مع العدو في هذه المرحلة الحساسة من عمر القضية، على النحو الذي ينقذها من عثراتها ويبعد عنها شبح التصفية. الأكثر من هذا أن أحد رجاله المقربين(أمين سر منظمة التحريرالفلسطينية المختطفة) المسمى ياسر عبده ربه صاحب فضيحة "وثيقة جينف" التى ترحب بإسقاط حق العودة لللاجئين، عاد ليتحدث عن الإستعداد للإعتراف ب"دولة يهودية"، دون أن يعلق أو يتصرف معه تصرفا يؤكد أنه غير موافق صراحة أو ضمنيا على هذا الموقف غير الوطني والخارج عن الثوابت والتقديرات السياسية المتزنة. وحتى خطوة الحوار مع حماس من أجل انجاز المصالحة الوطنية، في تصوري أنها غير جادة، وتدخل في إطار خطاب الإستهلاك المحلي وتحسين صورة هؤلاء التى لم تعد مقبولة في الشارع الفلسطيني، ويتم النظر إليهم كمفرطين في الثوابت الوطنية وشركاء في إنفاذ المشروع الصهيوأمريكي الذي يرمي لفرض تسوية بالأمر الواقع، بعيدا حتى عن تسوية الحد الأدنى المقبولة مرحليا، والذي سبق وتم التوافق عليه إقليميا ودوليا بدولة مستقلة على حدود العام67 وعاصمتها القدس. حيث لا تغيير في السياسات ولا في المواقف لدى السلطة بشكل يقنعنا بأننا مقدمون على تحول نوعي في آليات المواجهة للكيان الصهيوني، يتكأ على وحدة الموقف وعلى أرضية من الإلتفاف حول برنامج وطني واحد، وإعادة الإعتبار لخيار المقاومة المسلحة ودعم صمود القدس في وجه مخططات التهويد، والسعى لإنهاء الحصار الجائر على غزة، وإستعادة الدعم العربي والاسلامي والدولي الغائب عن تلك القضية العادلة، قضية كل أحرار العالم. فكل ما يفكر فيه عباس وبطانته بعيد تماما عن هذا الطريق، فالرهان ما زال على واشنطن وإدارة اوباما الخادعة الكاذبة التى تولي وجهها بعيدا عن الحق والعدل، وتدعم بشكل علني وخفي حكومة نتانياهو، ومساعيه لسرقة كامل القدس وجعلها عاصمة موحدة للدولة اليهودية، مع الإحتفاظ بمستوطنات في الضفة ومساحات فاصلة بحجة متطلبات أمنية. ولعل تكثيف معدلات الاستيطان هذه الفترة، والكشف عن مخططات جديدة للتوسع الممنهج سواء في الضفة أو القدس، فضلا عن إقامة مؤتمر منظمة التنمية والتعاون في القدس لإسباغ الشرعية الدولية عليها كعاصمة يهوية، دلائل لا تقبل الجدل، على أننا نلعب في الوقت الضائع، ولا نتحرك إلا ضد قضيتنا، تحت تأثير المخدر الأمريكي. وحتى خيار اللجوء إلى مجلس الأمن أو دعوة الولايات المتحدة للإعتراف بدولة فلسطينية يبدو هزليا، لأنه يذيل بعبارة "حال فشل خيار المفاوضات"، وكأنها لم تفشل بعد، وكأن واشنطن الراعي الرسمي للكيان الصهيوني ستبيع تل أبيب لتشتري محمود عباس وتمنحه دولة وسيادة، ولن تشهر الفيتو في وجهه، وتجبره على التراجع عن هذا الحلم الساذج أو الرحيل عن سلطة من صنعها هي وإسرائيل، لتأتي ببديل أكثر كفاءة في التنازلات والرضوخ. ولم يعد هذا كلام أصوات المعارضة فحسب، وأنما موقف الموالاة كذلك، فلقد قالها قبل أن نقولها أحد رفاق عباس وشريكه في مسيرة التفاوض العبثي أحمد قريع في حديث بالتليفزيون المصري قبل أيام، حيث وصف هذا الخيار ب"النظري" الذي لا يقدم ولا يؤخر، ف"الأمريكان لن يعطوا شيئا، ولا قيمة لإعلان دولة دون إزالة الإحتلال". الأكثر من هذا أنه اعترف بعد هذه المسيرة الطويلة من السير في هذا النهج التفريطي بأن "التفاوض في ظل الإستيطان والسيطرة على القدس مضيعة للوقت، وفرصة للكيان لإستكمال المشروع الصهيوني، خاصة أنه لا مرجعية للمفاوضات وأن المفاوضات تجري من أجل المفاوضات، وليس الوصول إلى حل، عملا بمقولة إسحاق شامير" سنجعلهم يفاوضون لعشر سنوات، حتى لا يجدون ما يفاوضون عليه". غير أنه عاد مثل عباس وبقية هذا الجناح السلطوي الفتحاوي ليرواغ ويتهرب من إكمال الحقيقة ويصل إلى النتائج الخاطئة غير المنطقية بالحديث أن"استراتجيتنا هي السلام ولا بديل عنها"، ولم يجرؤ على الاعتراف بأن عملية السلام أكذوبة كبيرة تورط فيها من قبل، وورط فيها الشعب الفلسطيني دافع الثمن الباهظ، وأن خيار السلام ثبت خطأه بالتجربة ليس على مدى شهر أو سنة أو عشر سنوات، وأنما عبر قرابة عقدين كاملين، وأن البديل الحقيقي هو المقاومة بكافة أشكالها، على أرضية من الرهان على الذات والوحدة الوطنية. *كاتب صحفي مصري
#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابناء بينوشيه:المناضلون ودفع الثمن مرتين
-
قمة سرت التهريجية واهدار المصالح العربية
-
حين يكون للاستغلال ورثة وللنضال حصاد
-
الورقة الايرانية والورقة الامريكية والرهان العربي
-
عفوا عمرو موسى.. الموقف الرصين لا يقتضي شراء الوهم
-
دراما رمضان المصرية :تلميع وتنميط وتشويه
-
مسلسلات رمضان المصرية:استنساخ يكشف عن افلاس درامي
-
عقد من السينما التسجيلية والقصيرة المصرية:حركة في ذات المكان
-
المؤامرة على قوى المقاومة وجدارة نصر الله
-
طلاق بائن بين إسرائيل والفلسطينيين و-محلل عربي-
-
ثورة يوليو العربية وبوصلة تحرير فلسطين
-
-ماراثون-:كوميديا موقف وتوظيف جذاب ل-الاوتيزم-
-
رجال مبارك وعباس والتطبيع الديني
-
صراحة ليبرمان وتناقض عباس وفياض
-
حرب فرنسا الصهيونية على المقاومة
-
حين يلون -خان الهندي- صورة السوداء لأمريكا
-
تجريع الفلسطينيين السم بالعسل
-
لا عزاء للفلسطينيين ولا للشعب العربي
-
تجليات الهم الانساني وحكمة العجائز
-
العدو الاول للعرب الذي نراهن عليه
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|