|
صعود اليمين و تصعيد الكراهية ضد المهاجرين
منال نصر الله
الحوار المتمدن-العدد: 3162 - 2010 / 10 / 22 - 18:03
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
لا شك أن جميع المقيمين في السويد، الذين من أصول أجنبية ، مثلهم مثل أغلب السكان الأصليين في السويد ، وعلى وجه الخصوص في مالمو أخذوا يتابعون بقلق بالغ ، ممزوج بشعور بعدم الأمان، بعد أن قرر احدهم أن يطهر بيته من المهاجرين.
فخلال هذا الأسبوع، عبر متابعتي الأخبار من الإذاعة السويدية القسم العربي، سمعت عن محاولات متتابعة لقتل المهاجرين، منذ أسبوعين. الحادثة الأولى ذهب ضحيتها رجل كان ينتظر حافلة النقل الجماعي (الباص) ليلا في منطقة (اوغستين بوري) ، إثرها أعلنت الشرطة أن الوقت مازال مبكرا لتحليل مثل هذه الحوادث، وان البحث مستمر لكشف الجاني . الحادثة الثانية حصلت في 19-10 أي قبل يومين، و تم إلقاء القبض على شاب في التاسعة عشرة من عمره بتهمة فتح النار على مجموعة من المهاجرين كانوا ينتظرون الباص أيضا وفي الليل ، وكانت إصابة اثنين منهم بالغة ، حسب تصريح الشرطة ، وليس المستشفى .
الآن وقد تبين الخيط الأبيض من الأسود، أعلنت الشرطة جازمة، إن هذه الحوادث تستهدف المهاجرين دون غيرهم، بعد أن تم إطلاق النار في 20-10 على رجل آخر في موقف حافلات (هلينه هولم) وفي ساعات الليل. وأعلنت شرطة المنطقة الجنوبية من السويد ( اسكونا )، إن عمليات إطلاق النار هذه هي ( جرائم ضد الأجانب ) وذلك استنادا على مقارنة الخبراء لهذه الجرائم مع سابقاتها التي كانت تقترف في استوكهولم في اوائل التسعينات ببصمة جون اوسونيوس المعروف ب ( رجل الليزر )، كذلك صرحت الشرطة أن العمليتين الأخيرتين يبدوا أن مرتكبهما شخص واحد ، لتشابه عملية الإطلاق وهي من الخلف. والأمس أي بتاريخ 21-10 أذاعت وسائل الإعلام بأنواعه عن عملية جديدة كانت ضحاياها من النساء، وكن داخل بيوتهن ليلا مع طفل أثناء ارتكاب الجريمة واستهدفهم القاتل من خلال النافذة، فأصيبت إحداهن تحت الإبط والأخرى في ظهرها، و الطريقة هذه المرة لا تطابق جرائم رجل الليزر.
هذه التخبط والتعتيم والالتفاف الذي يمارس خلال إدلاء الشرطة لتصريحاتها ،ليس لصالح المهاجرين ولا لصالح السكان الأصليين،فالجميع يجب أن يكونوا على بينة على أن سوء الظن لن يؤدي إلى نتائج مفيدة ، و غالبا ما يؤدي إلى الوقوع في متاهات الخوف والذعر وربما ردود أفعال غير مسؤولة . وأعلن اليوم شرطة مالمو أنها غير مسؤولة عن بث رسائل قصيرة التي أفشى بالرعب بين أوساط الناس، وهذه الرسائل تحذر الناس بوجود قاتل طليق قد يصيب أي مهاجر في أي وقت . حيث أن الشرطة تريد أن تبعد فكرة طابع الجريمة المنظمة عن تلك الجرائم، وهي تحاول مقارنة الجرائم بما تحصل في منطقة (روزنكورد) والتي هي المنطقة الجارة للمنطقة الحالية( نيدالا) التي تحصل فيها هذه الأحداث وهذه الأخيرة مكتظة أيضا بالمهاجرين كما سابقتها، أي أن القاتل يستطيع أن يصيب احدهم أينما وجه سلاحه. كما إن الشرطة حاولت إثبات أن السلاح المستخدم في الجرائم السابقة كان مسدسا ، وبعد جريمة النافذة التي استهدفت النساء داخل مسكنهن يجب أن تغير الشرطة أقوالها، مع إنني هجرت أفلام التحقيقات لأنها أصبحت لا تحتمل بنسخها الجديدة المرعبة ، لكن ممكن أن نعرف القليل على كيفية استخدام مختلف الأسلحة ، والفضل لأفلام هوليود فهي لا تخلوا من العنف حتى لو كانت عاطفية. الآن خصصت شرطة أسكونا 50 شرطيا للتسريع بمهمة إلقاء القبض على المجرمين. والأهم من هذا وذاك أنها أخطرت المهاجرين على أن يكونوا أكثر حرصا في الأيام القادمة. وقال وزير العدل ( باتر يس أسك ) في تصريح له إن هذه الاطلاقات (مرعبة تماما)، وأشار إلى رضاه عن الخطة التي وضعتها الشرطة الجنوبية لإنهاء الأمر بأسرع ما يمكن وهذا التصريح الوحيد الذي سمعناه من مسؤول سويدي لحد الآن عدا مدير الشرطة العام لاسكونا وخبير التحقيقات الجنائية في إقليم سكونا.
إن جرائم الكراهية ضد الأجانب هذه التي تقترف بصورة جبانة، أي إن الرصاصة تأتي غالبا من الخلف، إن هي إلا ترجمة لمشاعر الحقد التي يكنه بعض السويديين للمهاجرين بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والقومية. و.و ونلاحظ أن وتيرة الحقد بدأت تتزايد منذ إعلان حكومتهم عن عدم الانسحاب من أفغانستان وكذلك قتل احد أفراد جيشهم هناك وإصابة عدد منهم (بدون ذنب)، فالاعتقاد السائد هنا أن مهمة جيش الناتو وبضمنهم الجيش السويدي إنما هي إشاعة السلام وتدريب وتعليم الشعب الأفغاني على ممارسة الديمقراطية والتمتع بالحرية فلماذا يكون القتل هو ردا للجميل، وهكذا فان ردة الفعل كانت بمستوى الغبن فأنهم قد فتحوا أبوابهم للأفغان المظلومون الذين لا يمكنهم العيش هناك في ظل ظروف اللا أمن، بمعنى ( راح الولد والبلد ).
وقد تدخل هذه الجرائم ضمن محاولات إخضاع الحكومة لاسترجاع تلك القوات إلى ارض الوطن، وهذا كان شعارا لتجمع الحمر الخضر الذي تترأسها مونا سالين أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة لكنها لم تحصل على الأصوات الكافية لتنفيذ بما وعدت، وبالمقابل يعلن الحزب الحاكم ومناصريه على أن تواجد تلك القوات أمر ضروري للسلام الدولي وكان الطرفين قد خرجوا الأمس من سلسلة مناقشات بهذا موقف السويد من أفغانستان. ولا ننسى أن من أجج هذه المشاعر الكريهة هم اليمين المتطرف أثناء وبعد حملته الانتخابية، وبعض جملهم التحريضية ألغيت تحت الضغط من الحكومة مباشرة، لكي لا تزداد الأمور تشنجا وتكبر الأزمة أكثر من هذا.
22/10/2010
#منال_نصر_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحزاب المقاولين ونعمة النسيان
-
تلميع وجه الرأسمالية بعرق العمال
-
بصمة مهاجرين عراقيين على الانتخابات السويدية
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|