|
لماذا عملنا على انجاح زيارة حفيد غاندي والوفد المرافق له؟
بسام الصالحي
الامين العام لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 952 - 2004 / 9 / 10 - 10:54
المحور:
القضية الفلسطينية
منسق المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
انهى د.غاندي، والوفد المرافق له، زيارته للأراضي الفلسطينية ، بعد سلسلة حافلة من النشاطات، تضمنت ثلاث مسيرات ومهرجانات كبيرة في رام الله والبيرة، وابو ديس، وبيت لحم ، وزيارات لمحافظتي طولكرم وقلقيلية، وجولة واسعة في القدس الشرقية، بالإضافة الى زيارة مخيم الأمعري، وخيم الاعتصام التضامني مع المعتقلين وحفل استقبال وافتتاح فيلم برعاية الممثلية الكندية حول نضال المرأة الفلسطينية في ظل الحصار والاجتياح. كما تضمنت لقاءات د.غاندي والوفد المرافق له، لقاء خاصاً مع الرئيس عرفات، ومع رئيس الوزراء ، ومع اعضاء المجلس التشريعي، بالاضافة الى لقاءات مع اعضاء من اللجنة التنفيذية والمجلس التشريعي والفعاليات السياسية والاجتماعية في مدينة القدس. وخلال هذه الجولة، اعلن الوفد عن يوم صيام تضامني مع المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام، ودعا احرار العالم ومحبي السلام الى مشاركته هذا اليوم، وأظهر الوفد تعاطفاً ملحوظاً مع الشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة في كل مكان قام بزيارته. وقد تلخصت ابرز التصريحات التي صدرت عن د.غاندي، ومن رافقه، في ان ممارسات الاحتلال الاسرائيلي تفوق في عنصريتها ما سبق وان لمسه في جنوب افريقيا، وفي ان بناء الجدار ليس له طبيعة امنية بل انه يمهد للبانتوستانات، كما أظهرت التصريحات التعاطف الواضح مع قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتضمنت دعوة صريحة الى الشعب الفلسطيني للاحتفاظ بالتميز الاخلاقي في حالة الصراع وعدم منح اسرائيل فرصة الظهور بمظهر الضحية في حين ان الشعب الفلسطيني هو الضحية، وان معاناته البالغة تفوق الوصف. كما دعا الى الاستفادة من تجربة النضال السلمي، اللاعنفي الذي خاضوه في الهند ضد الاحتلال البريطاني، ومن تجربة جنوب افريقيا. وقد حظيت زيارة د.غاندي والوفد المرافق له بتغطية اعلامية بارزة، في الصحافة الاجنبية والمحلية، والاسرائيلية، تراوحت بين التشكيك في جدوى الزيارة، او تحميلها اكثر مما تحتمل، او محاولة عرضها في سياقها الملموس والواقعي. وحتى لا تمر هذه الزيارة الهادفة ، بما أحدثته من تفاعل حيوي ملموس، دون تعميم او متابعة، ينبغي النظر الى الدلالات التي حملتها هذه الزيارة، والتي دفعتنا بصورة مباشرة الى العمل على انجاحها: اولا: ان هذه الزيارة جاءت في اطار حشد التأييد والتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني ، وخاصة في معركته ضد الجدار والاحتلال، وبعد قرار محكمة العدل الدولية، والجمعية العمومية للأمم المتحدة، وقد اعطى دلالة رمزية هامة، قيام د.غاندي، بوجود وسائل الاعلام، بالضرب بالمطرقة على الجدار في ابو ديس، تحت شعار ازالة الجدار، الأمر الذي يعني ان معركة الجدار لا تزال متواصلة، وان موقف قوى السلام في العالم هو النضال لإزالته، وان قرار محكمة لاهاي، هو بداية الطريق وليس نهايته في هذه المعركة، وان هذه المعركة المتنوعة الاتجاهات، يمكن كسبها اذا ما تكرست الجهود لحشد التأييد الدولي الرسمي والشعبي من اجل الضغط لتنفيذ قرار محكمة لاهاي، ومن المفيد في هذا السياق الاستفادة من تجربة جنوب افريقيا، والتنوع الهائل للأوساط والقوى والحركات الدولية التي بادرت ونشطت لفرض العزلة على النظام العنصري، وبضمنها بعض الكنائس التي ضم وفد د.غاندي ممثلين عنها ممن قاموا بتجميد استثماراتهم في اسرائيل استجابة لقرار محكمة لاهاي. 2- ان هذه الزيارة تأتي في ظل ميل فلسطيني متزايد للإنعطاف بالانتفاضة نحو الطابع الشعبي والجماهيري وحيث عبرت عن ذلك الحملة الواسعة لمواجهة الجدار، وحملة التضامن مع الأسرى وغير ذلك من المبادرات الجماهيرية المختلفة ، بما فيها المظاهرة الشهيرة في رفح والتي واجهتها القوات الاسرائيلية بالقصف. ان هذه الانعطافة الهامة باتت ضرورة لا مفر منها، بعد مضي اربعة اعوام على الانتفاضة، كانت مسرحاً للجدل والحوار والتجربة المكلفة، حول استراتيجية الكفاح الفلسطيني وأولوياتها، وبالتحديد بين استراتيجية تعتمد الانتفاضة الشعبية ، كشكل رئيسي للكفاح الوطني، مع امكانية اسنادها بالمقاومة المسلحة، كعنصر داعم لا يحل محلها، وبين استراتيجية تغلب طابع المقاومة المسلحة على الشكل الجماهيري، بما فيها العمليات الاستشهادية، بكل ما تثيره من جدل داخلي وخارجي حول استهدافها المباشر للمدنيين، في اطار الرد على "ارهاب" الدولة المنظم الذي تمارسه اسرائيل والمس اليومي بحياة الفلسطينيين. ان هذا الجدل سبق وان عاشته حركة التحرر الفلسطينية، في نطاق شعارات من مثال: ان الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، وانه الشكل الوحيد للنضال، ووضع ذلك في مقابل تجربة النضال الجماهيري التي كانت تتجذر في الاراضي المحتلة. ووجدت ذروتها في الانتفاضة الشعبية الكبرى عام 1987. وقد عاد هذا الجدل للظهور بوسائل اخرى وكأنه لم يكن قائماً من قبل، خلال اعوام الانتفاضة الراهنة، وحيث ان وقائع الحياة العنيدة، تدفع الى ذات النتيجة، التي تعزز استراتيجية الانتفاضة الشعبية ، كاستراتيجية مواجهة لاستمرار العدوان والحصار والاحتلال والتي يمكنها ان تستوعب عدداً من نماذج المقاومة والدفاع عن النفس، التي هزت اسطورة الجيش الاسرائيلي جنين ونابلس في الخليل والزيتون وعيون الحرامية ورفح وغيرها. ان هذه الاستراتيجية التي تعتمد على المشاركة الشعبية الواسعة، تتطلب جهداً استثنائياً يعتمد على التعبئة والتنظيم والقناعة، وهي مرنة وتستطيع التكيف مع مختلف الضغوطات وتفرض على العدو استخداماً "محدوداً" نسبياً من قوته، كما انها قادرة على اختيار الساحات الأفضل للمواجهة، بالاضافة الى انها تجري في ظل كسب متواصل للحلفاء وللدعم الدولي، الشعبي والرسمي، وحتى داخل معسكر العدو نفسه، وبما يمكنها من موازنة الحجم الهائل لدعاية وقوة ونفوذ الحركة الصهيونية وتحالفاتها الدولية وفي مقدمتها مع ادارات الولايات المتحدة الاميركية. ان دروس الانتفاضة الشعبية الفلسطينية، عام 1987، زاخرة، وهي تشكل معيناً لا ينضب يمكن استلهامه في تحقيق هذه الانعطافة الالزامية والضرورية، فالبطولات التي اجترحتها الجماهير في هذه الانتفاضة، لا يمكن تغييبها، واذا ما نسيها السياسيون بسبب اشكالاتهم، فلن تنساها الجماهير التي اجترحتها، ولانعاش الذاكرة فقط، يكفي القول ان آلة الحرب الاسرائيلية اصيبت بالارتباك والتحبط الشديد في اسلوب تعاملها مع الانتفاضة، او مع ميل الانتفاضة المتسارع نحو العصيان الوطني، والذي مثلت مدينة بيت ساحور وغيرها، نموذجاً متميزاً له.
3- ان تركيبة الوفد الزائر، ورئيسه لها دلالة خاصة، حيث أنهم جميعا يقطنون الولايات المتحدة، وعلى علاقة عملية بمؤسسات متنوعة تعمل داخله، من رجال الدين، والقانون، والسياسة، والقطاع الزراعي، والاكاديمي وغيره، وهذه شريحة تمثل اضافة نوعية للاوساط المتضامنة مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
ولم يخف د.غاندي، والوفد المرافق له، حجم التأثر بماكنة الاعلام الاميركي، وكيف انهم تلقوا نصائح عديدة من اصدقائهم بعدم الزيارة، وبالخشية من التهديد على حياتهم من قبل الفلسطينيين "الارهابيين" ، وعلى أساس ذلك أبدى خشيته الشديدة من أثر هذه الآلة الضخمة، الاسرائيلية – الاميركية على الرأي العام الاميركي والدولي وقدرتها على اخفاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتحويل صورته من ضحية للاحتلال والقمع، الى صورة "الجلاد" والمعتدي، هذا في الوقت الذي يستمر فيه العدوان والاحتلال وخلق الوقائع على الارض بالجدار والاستيطان والحصار، وحيث عرض د.غاندي اطروحته في ان مواجهة هذه القوة الهائلة للاحتلال، ممكنة وعلى اساس تعميق الطابع السلمي لنضال الشعب الفلسطيني وكسب الرأي العام العالمي. ان الكلمات المعبرة لأحد اعضاء الوفد من المزارعين الاميركيين، الذي قال في نزلة عيسى بطولكرم، وهو يرى الجدار يفصل بين المزارع وارضه، انه كمزارع محترف يعرف كل مستلزمات ومهارات العمل الزراعي، ولكنه لا يستطيع أن يعرف كيف يمكن الزراعة مع الجدار؟ وانه سيسأل هذا السؤال للمزارعين في بلده؟ ان تركيبة الوفد، والدوائر التي يعمل بها، ستفسح المجال لاكتساب تأييد اوساط جديدة في الولايات المتحدة، وقد وعد د.غاندي ووفده بالتحدث عما شاهدوه وبالعمل لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، حيث يمثل ذلك كسباً هاماً واضافة نوعية لقوى التضامن مع الشعب الفلسطيني، من مثال المتطوعين الاجانب ونشطاء الحماية الشعبية، ولجان مقاطعة البضائع الاسرائيلية في اوروبا، وغيرهم الامر الذي يلزمنا بتعظيم المكاسب والتوقف عن ارتكاب الاخطاء.
#بسام_الصالحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|