أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد المظفر - (شتراوس) – هكذا تكلم زرادشت – في الموسيقى ذات البرنامج















المزيد.....


(شتراوس) – هكذا تكلم زرادشت – في الموسيقى ذات البرنامج


حامد المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17 - 20:09
المحور: الادب والفن
    


تستغل (الموسيقى ذات البرنامج), كل الامكانيات والعناصر التعبيرية لتوقظ عند المستمع بعض الافكار المحددة وتصور في نفسه الظواهر النفسية او الجسدية بشئ اخر غير الانطباع عن الترابطات النغمية .
لقد قال شومان : "اعزف لي اولاً موسيقاك وستعجبني فكرتك , زيادة على ذلك اذا كانت الموسيقى جيدة" .
وفي رواية (لعبة الكريات الزجاجية) يقول هيرمان هيسه : "الموسيقى كانت في الصين الاسطورية تلعب في حياة الحكومة والبلاد دوراً قياديا , فازدهارها على ارتقاء الثقافة والدولة , اما انحطاطها فدلالة على تدهور الموسيقى , فالعالم يسوده السلام والعدل ويتغلب على الهمجية , اما مع الموسيقى وازدهارها فهو همزة الوصل بين عالمي المادة والروح " .
لقد جسد شتراوس ,من وحي (نيتشه) في (هكذا تكلم زرادشت) انطباعه الشخصي لدى قرائته مبادئ هذا الفيلسوف وليس تعليق عليها قائلا : "لم اقصد ان اكتب موسيقى فلسفية ولا ان اترجم عمل نيتشه الفخم , لقد اليت على نفسي ان اعبر موسيقيا عن اوحة التطور للجنس البشري منذ نشأته عبر مختلف المراحل الدينية والعلمية حتى المفهوم "النتشيوي للانسان المتفوق" .بينما نرى (الجاحظ) في كتاب (الحيوان) يسخر من زرادشت والذين يتبعونه من المجوس بقولهم :"ان الفأرة هي من خلق الله والسنور من خلق الشيطان وهو ابليس ,لان الفأرة مفسدة تجذب فتيلة المصباح فتحرق البيت والقبائل الكثيرة والمدن العظام والارياض الواسعة وتقرض دفاتر العلم وكتب الله ودقائق الحساب ... الى ان يصل الى عضها الرجل النائم وقتلها الانسان وقضمها اذان الرجال في خراسان ,بينما السنور يعدي كل شئ خلقه الشيطان مدعين ان السنور لو بال قد قتل عشرة الاف سمكة في البحر" لذلك فهو يسخر منهم .
لقد جسد شتراوس في موسيقاه انطباعه الشخصي لدى قرائته لمبادئ الفيلسوف وحملت موسيقاه عناوين من فصول كتابه هي بعد المقدمة ولحن الطبيعة والانسان (ما وراء العالم ومعه لحن الدين ,والامنية القصوى ,والمسرات والاهواء ,ونشيد القبور ,والعلم والناقة ,ونشيدي الرقص والليل) اذ يترك زرادشت عزلته التي دامت عشر سنوات بعد ان يستيقظ في طلوع النهار لينشر تعاليمه على البشر مثلما تغدق الشمس اشعتها كعباد الشمس فمع بوق الفجر يكون النهوض فيعم النور كل الفضاء فيعلن في المقدمة حكم وملكوت زرادشت .ويتعالى (لحن الطبيعة) كسؤال للخلق امام اسرار والغاز الكون الشاسع ,وبعد اختراق الدهليو المظلم يأتي (لحن الانسان) يغري باقتحام الحظر اثؤ نداء البحار المجهولة فتدق ساعة الاقلاع وهبوب الريح على ركوب الموج لاستكشاف الافاق الغريبة .
ويأتي فصل (ما وراء العالم) حول المعضلات الماورائية ومعنى الحياة مفسرا الدين حسب رأي (شوبنهر) بميتافيزقية الناس العدجزين عن التفكير لحسابهم الخاص المكتفين بالاجوبة الجاهزة التي تعيقهم عن كد الذهن .ففي (لحن الدين) المأخوذ من مقطع (نؤمن باله واحد) يطيرون في اجوائه مأمورين من قبة لا منظورة بالركوع على الركاب ساجدين امام (الله) خافضي الجباه دون الجرأة على النقاش والبيان ,دون المجاملة في الاحكام المطلقة, متسائلا اليس البقاء لي على هذه الحياة نوع من الموت ؟ واجتيازه ما بعد الوجود زوال ؟ والتعلل بالسماء انسلاخ عن الارض واعراض عن مسراتها ؟
فتظهر (الامنية القصوى) بادئة ب (لحن الرغبة) فيرافق صهيل الخيول المتواثبة ابواق النصر وجلبة الحرب ,وهي دعوة الفرد الذي يفرض ارادته محطما جميع القيود ,متحديا كل المهالك متقدما نحو غايته ,وحيدا لا ينتظر مساعدة من احد ,ويرد(لحن الدين) موسيقيا بمعنى ان الانسان قد خرج من الاصفاد لينطلق حرا الى امام غير هياب منتفخ الصدر في الهواء الطلق ,فالانسان عنيد لا يكل ولا يمل ولا يستسلم ,فلا دخل للقوانين الموضوعة دون علمي واستشارتي فلن اخضع لها وان حكمها لن يسري على اني محاط دائرة ومحور الكون ونقطة التقاء كل الاشياء .
وتأتي (المسرات والاهواء) في لحنين صاعد وهابط معبرة عن القيم الاخلاقية للفرد ,فعندما تحد القيم من حريته عليه ان يمتلك الجرأة في الاعلان عن خيره وشره .لا اعترف بوجود الدنس والاثم والخطئية ,واصر دون الواح وشرائع على الحياة بصفاء تام وعلى فرض قانوني الخاص ,ويعلن (نشيد القبور) متسائلا وسط الظلام ايغلق الموت افاق المستقبل؟ فندفن انفسنا بين الاشلاء والخرائب والاطلال ,لكننا نتغلب على الزوال بواسطة الارادة التي لا تشيخ ولا تفنى .ويعود (العلم) الذي يستنكف عن المغامرة ويعلن بوق العلماء ,معلنا فلسفة (نيتشة) بأن (المعرفة) يعجز عن ارتقاء ذراها فتهب على (الناقة) نسمة العافية بعد عاصفة المرض برئات جديدة بلورية ,فتظهر رؤية العالم الحلوة النفيسة التي يطل عليها الانسان بعد ابلاله من المرض وانعتاقه من السلاسل التي توثق رباطه ويأتي صوت تقطيع وتحطيم الاوتار الفضية ويظهر لحن (العود الابدي) .
هنا نلمس الحياة عبر زقزقة العصفور الظاهر على الغضن قائلا :" اني هنا كنتم تظنون اني تواريت نهائيا مع الاسراب التي نزحت في الخريف .هذا الربيع قد عاد وعدت اشدو كما عدت في العام الماضي ,والطقس الجميل يعلن كمال السنة في دورتها فانا اظهر لابرهن بأ، الحياة لا تزال ,بل تختفي وتعود ,وتتحق لنا العودة الى البدء الذي قفزنا منه وعدنا اليه ...اننا نرتد نحو نقطة الانطلاق ,فكلما اودعنا الشخص الحبيب ,حتى يطل علينا حاملا هداياه ووجهه الطافح بالبشر وهو تأكيد على استمرار الحياة ".
ويعود بنا (نشيد الرقص) كخرير ينبوع صافي يتراجع وحده في الصمت مشيرا الى التقدم نحو المورد العذب يروي العطشان ظمأه من منهل عبر الاغصان المتشابكة . ففي الحرش الذي تلعب فيه الصبايا بمرح متمايلات كالفراشات حول الاشجار المزهرة يصادفهن (زرادشت) فيقلن له نحن الان نريد ان نرقص لذلك كم هي الحياة جميلة وكم فيها من جبهات بهيجة ,فهي كحورية ساحرة تخاطبك باعذب الكلام وارشق الحركات منتظمة بعد الفوضى تغريك بالتهادي مع تموجاتها مقلدا خطواتها .ويعود (لحن العود الابدي) مرة اخرى نتخذا ايقاعا راقصا ,فما دمنا نحصل على الوجود والخلود فماذا نريد اكثر ..انريد الدخول في حلقة الصبايا المترنمات الهازجات بمعنى الحب والزواج والتناسل والانخراط في الدوامة الابدية واستمرار الاجيال .
وما بين (نشيد الليل) ينادي (تعالي تعالي ايتها الابدية ,انت الجوع الى البقاء الذي يعني اشباعه الاكتفاء وبلوغ سدرة المنتهى) .فيتعالى (لحن الرغبة) كدوي قوس يقذف السهم المتراجع ذي الرنين الحاد ,انه الهوس الجامح في التدافع والاستحواذ والعود بالغنائم ,وتلسع السياط ظهور الخيل الطافرة بريح مفرقعة مكرسة جحافلها نحو القلعة لتغدق كل الخيرات ولينال كل ذي مطلبه .
هكذا استغل (شتراوس) كل امكانياته ليصور ظواهر نفسية وجسدية لشئ اخر غير ذلك الذي يرتبط بالنغم فعندما جسد انطباعه الشخصي في ما اراده (نيتشة) في (هكذا تكلم زرادشت) فقد عبر موسيقيا عن لوحة تطور الجنس البشري عبر مراحله الدينية والعلمية ليظهر كيف هو المفهوم لدى (نيتشة) عن الانسان المتفوق .



#حامد_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلابل جدتي
- وتسلق اليقطين
- الشاعرة و القط
- جنازة في إجازة
- نزهة سليمان
- الإسطوانة والمرأة
- وطار لب الحمار
- الواحد بين الصفر والفارزة
- البرزخ وعينا حسام الصفراوتين
- طيارة من ورق
- حقوق الجرذان
- الكرات الزجاجية الأربع


المزيد.....




- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
- الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر ...
- حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60 ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد المظفر - (شتراوس) – هكذا تكلم زرادشت – في الموسيقى ذات البرنامج