جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17 - 09:27
المحور:
كتابات ساخرة
مش بس أشعار وأغاني أيام زمان حلوه وبتجنن وبتعبي المُخ والراس,لا, اسمحولي, كمان حرامية أيام زمان كانوا بعبوا المخْ والراس , وسقا ألله على سرقات أيام زمان ما أحسنها وما أحلاها ويا ألله اترجعلنا حرامية أيام زمان اللي كانوا يسرقوا من أجل إطعام غيرهم من الناس مش زي حرامية هذه الأيام اللي يسرقوا من أجل أن يموت غيرهم من الناس, حرامية أيام زمان كانوا ناس محترمين ووجهاء وأكابريه مش مثل حرامية هذه الأيام .
وصدقوني دائما قصة علي بابا والأربعين حرامي تخطر على بالي كنموذج لرجلٍ أعتقد أنا جازماً بأنه كان فاسدا لأن علي بابا قتل أللصوص الذين يسرقون الملك والوزير ليطعموا الشعب ولكن على كل حال سأقولُ بأنه حارب الفساد في عصره بأدوات بسيطة ولم يكن يملك مختبرا جنائياً لرفع البصمات, وكمان علي بابا في علم الدراسات الأدبية كان أصلاً لصا وحراميا انتقل من سرقة الملوك إلى الدفاع عن ممتلكات الملوك واستطاع علي بابا القضاء على اللصوص لأنه في الأصل كان لصا محترفاً وبعدين عدد الحراميه أيام علي بابا كانوا يتعدوا على الأصابع وكانت كل المدينة لا تحتفظ إلا بالأربعين رجلاً ,ولكن حرامية اليوم لا يمكن عدهم على أصابع اليدين والقدمين بل يجب أن نستعمل الآلة الحاسبة لعدهم أو جهاز الكمبيوتر لأحصائهم, وكان عصره-أقصد عصر علي بابا- عصرا يتسمُ بالبراءة بعض الشيء أو بعدم التعقيد كما هو العصر الحالي, والأربعين حرامي الذين قتلهم علي بابا أو حاربهم على أرضه حتى آخر نقطة دم وآخر ذرة تراب لم يكونوا عملاء لدولةٍ أجنبية أو لم يكونوا يسرقون لكي تتخن بطونهم بل كانوا يسرقون من أجل أن يجدوا طعاماً لهم وللضعفاء الذين لا يستطيعون العمل ولا حتى السرقة,كانوا يسرقون الأقوياء من أجل اطعام الضعفاء, بعكس هذه الأيام حيث أن أللصوص يسرقون من الضعفاء والبسطاء من أجل اطعام الكبار الأقوياء, أي أن حرامية أيام زمان كانوا يسرقون من البحر السمك الكبير لاطعاك الأسماك الصغيرة أما اليوم فإن أللصوص يسرقون السمك الصغير لاطعام الحيتان الكبيرة,وصدقوني لو عشت أنا في عصر علي بابا كان كنت أقوى حرامي عرفته البشرية ولحاربت علي بابا ونذالته فعلي بابا بنظري شخص نذل ولا يستحق الاحترام من المناضلين الذين يسرقون الكبار لتغذية الصغار .
وكان أللصوص يسرقون من أجل اطعام من لا يستطيع لا العمل ولا حمل السلاح للصيد ولا القدرة على السرقة فهنالك أناس جياع لا يقدرون لا على العمل ولا على السرقة, وقد سمعتُ أنا مثلاً من كبار السن في قريتنا بأن التاجر لم يكن له احترام وكانوا يجلسونه كما روت لي جدتي عند باب المضافة بجانب الأحذية وكان الحرامي يتوسط الناس في جلساتهم وقالوا: بأن الحرامي واللص كان شخصا محترما جدا ويعتبرُ رجلا نجماً عالميا على مستوى أهله وقبيلته وكانوا يعتبرونه سيدهم بل ويفضلونه على غيره من الشرفاء أو بعبارة أكثر دقة كان يُسمى الحرامي (شاطر) أو (طراد الحرام) أي السرقة الحلال, وذلك أن السارق كان يسرق فقط من أجل أن يأكل وليس من أجل أن يملأ خزانته بالذهب وبالفضة أو بالعملات الصعبة.
والأربعين حرامي الذين قاتلهم علي بابا لم تكن لهم أرقام حسابات في سويسرا أو صناديق من الذهب مدفونة في جزيرة الكنز, بل كانوا جماعة من الدراويش والصعاليك الذين يسرقون بكسة بندورة أو بكسة بطاطه من أجل أن يأكلوها هم وأقربائهم.
وصدقوني كانت الناس قديما لا تزوج بناتهم إلا من رجال لصوص أكفاء في السرقة والاختلاسات, فكان إذا تقدم رجلٌ لخطبة احدى الفتايات وعرف عنه والد الفتاة بأنه لا يستطيع السرقة كان على الفور يرفض تزويجه من ابنته ويقول للناس: يا جماعة الخير هذا الزلمه ما أقدر أعطيه بنتي بكره الجوع بقتلها هذا الزلمه ما بعرفش يسرق.
والسرقة كانت مهنة نظرا لغياب المهن والمصانع فلم يكن الإنسان قديما يقدر على العمل نظرا لصحته السيئة وهنالك اعتقادات بائسة تعتقد بأن (الدهن بالعتاقى) أي الصحة الجيدة, وهذا من الأخطاء الكثيرة الشائعة عن صحة الإنسان, إن ما يحصل عليه اليوم طفل صغير من سعرات حرارية من أي دكانه أو سوبر ماركت لم تكن تستطيع عائلة كاملة مكونة من عشر أشخاص أن يحصلوا عليه بالجهد وبالتعب, لذلك كانت صحة الإنسان سيئة وعمره قليل ولم يكن يقدر على الأكل إلاّ بالسرقة من هنا ومن هذا المنطلق كان الحرامي يعتبرُ رجلا مناضلا ومكافحا في سبيل تحصيل الغذاء له ولغيره من أقربائه ولم يكن الحرامي يسرق من الناس البسطاء بل على العكس كان الحرامي يسرق من أجل إطعام نفسه أولا ومن ثم الناس البسطاء, وكانت البيوت المستهدفة للسرقة هي بيوت الملوك والأمراء والباشاوات مش مثل الأيام هذي حيث يكون البسطاء هم القاعدة المستهدفة للسرقة.
إذاً كان علي بابا في زمنه يواجه أربعين لصا ولم يكن في المدينة لصوصٌ غير هؤلاء الأربعين لصا ولم يأخذهم علي بابا إلى معتقلات التعذيب لكي يعترفوا على نشطاء غيرهم أو على شركاء سريين وكان هؤلاء اللصوص يريدون سرقة ملك المدينة وليس الشعب بعكس حرامية هذه الأيام الذين يسرقون شعب الفول المدمس والعدس والكُشري والطعميه والغلابه ..إلخ.
ولكن لو قمنا بتعيين رجل بوظيفة علي بابا وأعطيناه حبلا وخنجراً, وسكين علي بابا فهل يستطيع أن يقضي على لصوص مدينة عمان أو اربد أو على كل لصوص الأردن؟ أو مصر أو الخليج ؟.
أعتقد أن اللصوص اليوم بالملايين , وأعتقد بأن أسلوب أللصوص قد اختلف وانقلب رأساً على عقب لأن اللصوص الذين قبض عليهم علي بابا كانوا يريدون سرقة الملك أو الأمير أو بيت الوزير ولكن اللصوص اليوم يسرقون الشعب ولا يسرقون الملوكَ,أو بعبارة أكثر دقة أللصوص اليوم هم الوزراء والمسئولون الإداريون وأصحاب المناصب وهم الذين من المفترض بهم أن يقفوا ضد كل أشكال الفساد ... لقد كان اللصوص يخططون لسرقة الملوك واليوم أللصوص يخططون لسرقة الشعب, وكان اللصوصُ أيام علي بابا يسرقون ليأكلوا أما اليوم فهم يسرقون من أجل أن يدخروا مسروقاتهم في البنوك , وكان أللصوص أيام زمان يسرقون من أجل إطعام جيرانهم ولكن أللصوصُ اليوم يسرقون من أجل أن يجوع جيرانهم , وكان أللص يسرق ويأكل ويعيش من سرقته شخص آخر معه أو أحيانا يسرق أللص ليأكل هو ولتأكل معه كل رجال الحارة والقبيلة ولكن أليوم أللصُ يسرق من أجل أن يتخن هو ومن أجل أن يموت من الجوع مليون أو مليونين أو 50 مليون نَسَمه.
وحرامية أيام زمان كانت أشكالهم معروفة ومكشوفة للجميع يعني مثلاً إذا نظرت إلى أي لص تعرف من منظره أن هذا لص, ولكن لصوص اليوم لا تستطيع تمييزهم,أولا تستطيع إثبات أنهم سرقوني وسرقوك وسرقوا الغلابة والمساكين والدراويش.
وحرامية أيام زمان إذا كتبنا عنهم وبحثنا عن صفاتهم سنجد أنهم هم الذين كانوا يحاربون الفساد, أي أن لجان مكافحة الفساد اليوم تحمل شعارات حرامية أيام زمان, وبمعنى آخر : لقد قتل علي بابا في زمنه الشرفاءَ في زمننا.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)