|
كوردستان و التعامل مع تداعيات العولمة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 17:24
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
بداية، لابد ان نقتنع باننا يمكن ان ناخذ كوردستان كموقع و منطقة واسعة ذات خصوصية عالية و هي ليست بدولة او كيان مستقل ، و يربط اي جزء منها بحدود و ابعاد و سيادة دولة معينة و التي لها التاثير المباشر عليها و انها اصبحت متداخلة معها بفعل التقادم التاريخي و متشابكة بها في جميع المجالات ، و لا يمكن ان لا تؤخذ هذه الخصوصية و السمة المميزة في الاعتبار ان اردنا ان ندرس بدقة متناهية ما تفرضه العولمة و ما تلمس منطقتنا من التداعيات الكثيرة و المتنوعة لها، و ان تاكدنا بان العولمة بحد ذاتها لا تعرف حدود الدول الى حد كبير فكيف بها ان تؤثر على مناطق ضمن كيانات مختلفة عن بعضها في جميع انحاء العالم و منها الكورد المنقسم بين الدول العديدة. ان لم نذهب بعيدا و نختزل ما يهمنا في هذا الوقت و ما يدور اليوم و في كوردستان باذات ، ان اعتبرنا العولمة احدى مراحل التاريخ وانها تتطور بشكل مفرط من كافة النواحي و على الصعيد العالمي ككل و لها تاثيراتها المباشرة على جميع الدول و ما فيها و باشكال و طرق مختلفة و بالاتجاهين الايجابي و السلبي ايضا. و يمكن ان نقيٌم اي موقع كان و ما يجنيه من الارباح و اخر و ما يتعرض له من الخسائر، و المصالح الكبيرة هي الدافع و الارباح هي الغرض ضمن تفكير العالم الراسمالي و كاهم رؤى لهم بعد ان امتدت و فرضت الراسمالية قوتها وهيمنتها على اكثرية بقاع العالم، و ان نظرنا ايضا الى ما يتخلل عملية العولمة من الامور التي تفرز اثناء مسيرتها ومن مخاض تفاعلاتها و اصطداماتها مع العراقيل العديدة التي تواجهها، هذا بشكل عام و من كافة النواحي الثقافية الاقتصادية الاجتماعية و على كافة الاصعدة و في جميع المناطق. لو توقفنا عند كوردستان كثيرا و تعرجنا على ما ترتبط بها من دول المنطقة ، فانها تتميز بسمات التي يمكن ان تكون مستقبلا جيدا و ساحة واسعة و خصبة لما تصلها من ابعاد و تداعيات العولمة و يمكن ان تستفيد منها اكثر مما تتضرر، لو قورنت بالدول و ما تملك من السيادة و الحدود وما يهمها من الامن و السلام اكثر من اية منطقة لا تمتلك اي كيان رسمي معترف به كما هي حال كوردستان، و كيف اخترقتها متطلبات هذا المفهوم المتمادي الاخطبوطي الشكل و التركيب و العمل و الاهداف، فان كوردستان عرضة لوصول ما يمكن ان تؤثر عليها من افرازات العولمة باشكال مختلفة و مباشرة ، و ما تفرض تداعياتها من التغيير على الموجود ان مستها في الصميم. كوردستان لم تذق طعم الدولة كما تتلهف اليها شعوبها ، و ان كانت تحمل المقومات الاساسية لبناء الدولة ، لاسباب عديدة لاتخص هذا الموضوع و لسنا بصدد ذكرها هنا، الا انها المنطقة المنغلقة على ذاتها و حرمت من الانفتاح على المجتمع الدولي و التطورات العالمية قسرا و اجبرت على التقوقع على نفسها لحين اندلاع الانتفاضة الاذارية عام 1991 و من ثم اكتملت الانفتاح بعد سقوط النظام العراقي السابق ، و هذا ما فتح الابواب عليها للتماس مع التطور التقني و التقدم العلمي لحد ما و التمازج و التلاقح الثقافي و الانفتاح الاجتماعي لحد معين، و ربما لم نبالغ ان قلنا انها سبقت العراق كدولة بنفسها من بعض الجوانب لحين سقوط الدكتاتورية ، و من بعض الجوانب سايرته وفي العديد من الاتجاهات كان لها التاثير المباشر عليه. و هذا لا يعني انها استغلت الوضع و الظروف المؤاتية لها على احسن وجه كما تطلبت منها الظروف العامة لها، بل عدم القدرة الذاتية و انعدام الخبرة في ادارة الذات بشكل جيد و الصراعات المتعددة الاوجه الداخلية منها او الخارجية منعت بشكل شبه مطلق من تحقيق ما كان منتظرا منها ، في ان يخطوا في الاتجاه الصحيح او تطفر لمسافات مطلوبة منها لو كانت العقليات المسيطرة و المتنفذة واسعة الافق و بعيدة النظر. هذا اضافة الى المعوقات الموضوعية و الموانع التاريخية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية التي لا يمكن لاحد ان يذلها بين ليلة و ضحاها ، ومنها الوضع الثقافي العام و مستوى الوعي و التخلف المسيطر و الجهل و الامية التي تعيق الاستخدام الصحيح لما يمكن ان نسميها بمنجزات العولمة بشكلها المفيد و لاهداف انسانية بحتة. و العائق الاكبر هو ما تكنها الدول المجاورة من الغموض في النظرة الى العولمة مهما بانت تجلياتها و فرضت نفسها عليهم دون ارادتهم، و انهم يتربصون ما تتجدد في المنطقة و يحملون من النوايا ازاء كوردستان بالاخص لتحقيق الاهداف السياسية و المصلحية البحتة،و لما تمسهم ما يعتبرونها بانها يخص صلب امنهم القومي، و المفرح لحد اليوم انهم لم ينجحوا لحد كبير في صد ما وصلت من اشعاعات العولمة الايجابية منها لهذه المنطقة بعيدا عن مطامع الراسمالية و خارج ارادتها ايضا. العائق الذاتي الذي يمكن ان نلخصه في الجانب الثقافي و الاقتصادي و الطبيعة الاجتماعية و ما تتضمن من العادات و التقاليد و تاثيرات الافكار و العقائد الجامدة او السلفية او المحافظة التي تحرم المجتمع من استقبال ايجابيات العولمة، و تمنع ترشيح ما تصل من التداعيات و ما يمكن تنقيتها من اجل الاستعمال و الاستهلاك المحلي و الاستفادة منها بقدر الامكان. لذا يجب ان تجمع المؤسسات ذات الشان على دراسة ما يخص كوردستان بوضعها الحالي و هي ضمن حدود الدول المجاورة لبعضها على كيفية استيعاب المرحلة العالمية الراهنة و ما تتضمن في ضوء ما يمكن ان تقيٌم به دول المنطقة، و الاهتمام بالبنى المطلوبة للتعامل بشكل مقبول مع تداعيات العولمة و ما تفرضه على حياة شعوب المنطقة و العالم باسره ، و يجب ان تدرس كوردستان بنفسها التحولات المتعددة الجارية بشكل ملحوظ في المنطقة و العالم في جميع المجالات و بالسرعة الخيالية، و على الملمين العمل على ازاحة العوائق و التراكمات التاريخية و ما بقت لنا من التركة الثقيلة و ما فرضت على كوردستان طوال المراحل السابقة، لتخصيب الارضية و التعامل مع العولمة من اجل السيطرة على الظروف الذاتية و ضمان قدر ممكن من ايجابياتها، و قراءة الذات من جميع الاتجاهات و دراسة ما يخص هذا المفهوم بموضوعية من اجل تحديد ما يتفق مع الخصوصيات و التوافق بشكل مقنع مع المناسب منها ، و تحمٌل القدر الممكن من السلبيات التي لابد منها . هذا ما يحتاج الى وعي و معرفة دقيقة بجواهر الامور، و ما تتطلبها المؤسسات و العقليات المتفتحة القارئة للتطورات العالمية الدائمة و ما تصلنا، من اجل استغلالها في التنمية و الانتعاش من الجوانب المختلفة . و ان قرانا واقع كوردستان اليوم ، اننا نعتقد انه بامكاننا ان نتعامل بشكل سليم مع ما يخص العولمة بخطط و استراتيجيات علمية دقيقة من الجانب السياسي الثقافي الاقصادي الاجتماعي، و تحديد الاولويات ابتداءا بنشر ثقافة حقوق الانسان و القوميات و فئات و حق المراة و تامين الحريات التي تقع لصالح شعوبنا في كل وقت و ساعة، و كيفية التعامل مع المحيط و التركيز على ما يمكن الاستفادة البالغة منه خارج نطاق الدولة و متطلباتها التي لم ننعم بها في مرحلتها و عصرها الذهبي .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار المتمدن منبر اليسار المعتدل
-
اعتدال اي قائد قد يضمن ادارته لهذه المرحلة في العراق بنجاح
-
الديموقراطية كانجع سبيل للتوجه نحو اللاعنف
-
موقف الاتجاهات من ارتكاب الجرائم ضد الحريات العامة في العراق
-
ماوراء موقف من يرفض اجراء الاحصاء العام للسكان في العراق
-
يسعى الاسلام السياسي لاعادة التاريخ في كوردستان
-
عوامل تراجع جماهيرية الاسلام السياسي في اقليم كوردستان
-
افتعال الازمات بين السلطة و الاعلام الاهلي في كوردستان، لمصل
...
-
اين العلاقات الانتاجية من متطلبات العصر في كوردستان ؟
-
التشكك الدائم في التوجهات الفلسفية الجديدةعبر التاريخ !!
-
عدم تدخل الشعب عند تاخر تشكيل الحكومة !!
-
متى نلمس دور المثقف الحاسم في حل الازمة العراقية الاراهنة ؟
-
هل باتت ازمة تشكيل الحكومة العراقية مسالة ربح او خسارة ؟
-
كيف يُستاصل العنف و القمع في الفكر السياسي العراقي
-
النخب و الجماهير و الاحزاب السياسية في اقليم كوردستان
-
كيف نحدد الفروقات الطبقية في اقليم كوردستان ؟
-
القصف الايراني مستمر و اقليم كوردستان يحتفي بذكرى موت الخمين
...
-
المرتكزات الاساسية العامة لتشخيص هوية اي بلد
-
ليس من اجل سواد عيون ابناء غزة
-
مابين كوردستان و الصحراء الغربية و جنوب السودان
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|