قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 13:59
المحور:
كتابات ساخرة
اذكر أنني عندما كنت طفلا" وضعت امي في رقبتي قلادة تتدلى بوسطها " خرزه " زرقاء بسبعة ثقوب . وحين صرت شابا" استبدلت تلك القلادة بخاتم في اصبعي بفص ازرق ايضا..علمت بعد حين ان ( ام سبع عيون ) و ( المحبس الازرق ) يطردان خطر العيون ، الزرقاء بشكل خاص ، ويقياني من الحسود ، لأنني كنت ( اخر العنقود! ) .
وقد تلقيت رسالة من قارئة،وكانت قصتها شبيهة بمسلسل"عايزه اتجوز"الذي عرض في رمضان الماضي، جاء فيها : ( ان كنت لا تؤمن بالحسد فعسى ان تغير رأيك بعد ان تعرف قصتي. لست جميلة جدا"، ولكنني اجمل من فتيات كثيرات بعمري تزوجن وارتحنّ ، ولست اقل منهن حسبا" ونسبا. وقد تقدم لي اكثر من خطيب ولكنني كنت هدفا" لحسد الكثيرات ،فاحترت واحتار اهلي في ان نجد سبيلا" لفهم مشكلتي ، واقنعتني امي بضرورة الالتجاء الى عرّافه ) .
وذهبت الفتاة للعرّافة فاخبرتها بأن هنالك " عملا " قام به حاسد اوحاسده وستقوم بابطاله..ولم ينفع ما قامت به ، فأشاروا عليها بالذهاب الى " عرّاف " أقوى و " أقدر"..وظلت المسكينة " تفتر !".
وليس هذا موضوعنا ، فنحن جميعا نعرف ان الحسد يعني تمنّي ان تتحول للحاسد نعمة أو فضيلة المحسود أو زوالهما . ولكن ما لا يعلمه كثيرون هو الآلية النفسية التي يعمل بها الحسد لدى الحاسد والمحسود ، نوجزها لكم بالآتي :
يجد المحسود في الحسد تفسيرا لنكبة فجائية حلّت به أو ضررا اصابه في ممتلكاته ، أو زوال ما كان يحظى به من جاه أو امتياز . والتفسير بالحسد يرضي المحسود ويرتاح له بينه وبين نفسه لأنه يشعره بامتيازه عن الآخرين ( في مال أو جاه أو ولد أو مركز وظيفي ) ويقوم في الوقت نفسه باسقاط المهانة الذاتية والنوايا العدوانية على الحاسد ، فيما يقوم الانسان المحروم ( الحاسد ) باسقاط رغبته الذاتية الدفينة في سلب الآخر ما يتمتع به من حظ ، وتمنيه لامتلاك دور المحظوظ ، نابعة من عقدة النقص والخواء الداخلي ومشاعر الحرمان .
ومع أن الحسد له صفة طبقية ، فالحاسدون هم طبقة المحرومين والمحسودون هم طبقة الأغنياء،الا أنه يمارس ايضا بين أفراد الطبقة الواحدة . فالمدير العام يحسد الوزير ، والسائق الذي اشترى سيارة كوستر آخر موديل، يكتب عليها من الخارج " الحسود لا يسود " ويرسم بداخلها عينا مفقوءة بسهم ..يقصد بها عيون الركاب من المحرومين.
ولأن العين هي اداة الحسد ، التي يرى فيها المحسود ان نظرة ( ليزريه ! ) منها تجلب له مصيبة وقد تحرق حظه! ، فأنه يتقيها بان يعلّق حذاءا على باب داره ، أويضع محبسا" بشذرة زرقاء في اصبعه .
والمفارقه ، ان كثيرا" ممن نطّوا- بعد التغيير - الى أبعد من حدود الأحلام، قد لبسوا هذه المحابس، وربما وضعوا اكثر من " نعال " على ابواب بيوتهم !.. يتقون بها شرّ عيون الحاسدين من المحرومين الذين صارت مصائرهم بأيديهم!.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟