أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاخر السلطان - هل أكرموها؟














المزيد.....

هل أكرموها؟


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3152 - 2010 / 10 / 12 - 13:06
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



يتساءل الكثير من الباحثين، هل حقا كرّمت النصوص الدينية المرأة؟
من دون الالتفات إلى القراءة التاريخية للنص الديني، فإن شكوكا كثيرة ستطرح أمام الإجابة "نعم". فلا يوجد دليل واحد نستطيع من خلاله أن نؤكد بأن النصوص الدينية أشارت إلى إكرام المرأة في كل زمان، في حين أننا نستطيع أن نستخرج من القراءة التاريخية ما يمكن أن يدخل في إطار إكرام المرأة في زمان معين وفي إطار حقبة ثقافية معينة.
إن البعض يرد على هذا الرأي بالقول بأن نصوص إكرام المرأة متعددة، وأنها قابلة للتطبيق في كل زمان، حيث يؤكد هذا البعض بأن من يزعم عدم تطابق تلك النصوص مع الثقافات المتعددة والمختلفة، أو يدعي بأنها تخص مجتمعا بعينه دون المجتمعات الأخرى، أو يشير إلى ضرورة وجود قراءة تاريخية للنصوص الدينية، فإن ذلك مدعاة للتشكيك بعقيدته.
في حين، لا توجد أي علاقة بين نصوص إكرام المرأة وبين التشكيك بالعقيدة. فأي مسعى لمناقشة هذه المسألة لابد أن يستند إلى الدليل الذي لابد أن يكون صالحا للقبول في زماننا الراهن، لأننا نناقش إكرامها إنطلاقا من النظرة إلى حقوق الإنسان في هذا العصر لا في العصور الغابرة.
لذلك، فإن أي دليل يبتعد عن إطار الحقوق الراهنة سوف يصبح مجرد تمن، ولا يمكن أن تنبني الحقوق على مجرد التمني بل لابد أن تتشكل في ظل الواقع وثقافته. فالتمني شيء، وواقع عدم إكرام النصوص الدينية للمرأة شيء آخر. وإذا كان الغالبية لا يساورهم الشك في أن النصوص الدينية كرمت المرأة، فلماذا إذن هذه الجلبة بينهم حول مناقشة حقوقها؟
لقد خطا الأوروبيون خطوات ثقافية وفكرية جبارة في القرون الوسطى في سبيل تحرير المرأة من أسر ما يوجد في النصوص الدينية من حث على تمييزها واعتبارها أقل شأنا من الرجل. فيما لايزال المسلمون، استنادا إلى النصوص الدينية، يحتلّون حريتها وقرارها وإنسانيتها انطلاقا من فهم غير تاريخي للدين.
لذا، لا يمكننا التطرق إلى النص الديني بوصفه حجة على إكرام المرأة، في حين أنه يشير صراحة إلى موارد تقلل من كرامتها وتسئ إلى إنسانيتها وتمنع مساواتها بالرجل، كموارد ضربها، واعتبارها جارية وأمَة يمكن شراؤها وبيعها، ويمكن الزواج عليها من الثانية والثالثة والرابعة دون أي اعتبار لكرامتها ومشاعرها، ويمكن تمييزها عن الرجل في الحقوق والواجبات وفي مسائل لا تتعلق بالقدرات الفسيولوجية بقدر ما تتعلق بالشأن الاجتماعي بوصفها أنزل مرتبة وأقل قوامة.
ورغم أن البعض لا يرى في تحرير المرأة بالغرب إلا انفلاتا أخلاقيا، غير أن هذا البعض غير واع بأنه توجد في كل حضارة وفي كل دين وفي كل مرحلة ثقافية معينة سلبيات وإيجايبات تخص جميع أمور الحياة بما فيها حياة الرجل والمرأة.
فمثلما توجد سلبيات تجاه المرأة في الغرب الراهن، فهناك سلبيات تجاه المرأة تشير إليها نصوص الأديان، وأقسى السلبيات هي التي ترى في المرأة بشرا من الدرجة الثانية خاضعة للرجل الذي بدوره يخضع للنص الديني وللفهم الماضوي. فالوقائع على الأرض تؤكد بأن النصوص الدينية تنتهك حقوق المرأة، خاصة إذا ما فهمنا النصوص فهما غير تاريخي ووضعناها مقابل منجز حقوق الإنسان.
فالزعم بأن النصوص الدينية الاجتماعية - على سبيل المثال - صالحة لكل زمان، وأنها تشرعن للأخلاق في كل عصر، لا يمكن التعويل عليه. فتطور الحياة البشرية أثبت أن النصوص جاءت لتتوافق مع ثقافة المجتمع الذي نزلت فيه، وأنها - أي النصوص - لا يمكن بالتالي أن تكون صالحة ومتوافقة مع تطور الحياة ومع الثقافة الحديثة إلا إذا قرأناها قراءة تاريخية.
إن النصوص الدينية هي نصوص تمييزية تميل للذكر على حساب المرأة، وهي لم تتصف بتلك الصفات إلا لأنها تاريخية حيث نزلت على شعوب كانت تتميز بثقافة ذكورية تمييزية. ورغم أن بعض تلك النصوص احتوى على ما يمكن أن يوصف في ذاك الزمان بأنه انتصار للمرأة ودفاع عنها مقابل ظلم الرجل، إلا أنه احتوى أيضا على نصوص تقلل من شأن المرأة بشكل مباشر. والطامة الكبرى حينما نريد أن نقارن هذه النصوص مع التطور الحقوقي للإنسانية، إذ سنجد بأنها تتراجع قرونا عن تلك الحقوق.
إن نقاش حقوق المرأة وعدم إكرامها، عادة ما يُبرّر من قبل أنصار التيار الديني بالعبارة المتعارفة: "هناك حكمة ربانية وراء ذلك"، وكأن هذا النقاش ليس نقاشا بشريا خالصا وإنما نقاش بين بشر وبين ناطقين باسم السماء، إذ لا تعكس ردود هؤلاء الناطقين باسم السماء الواقع البشري الخطاء الذي يتسم بالنسبية، بل تعكس لغة مطلقة غير بشرية معبرة عن وصاية على الفهم والتفسير والكلام.
إن فهم الدين، لا التقليد، هو مدخل أساسي لقراءة النصوص الدينية قراءة تاريخية، ولنقد كل ما يمكن أن يشكل انتقاصا لكرامة المرأة أو تمييزا لها. فليس من الضرورة بمكان أن يكون كل نص ديني أو سلوك ديني تاريخي قابلا للتقليد وصالحا لكل زمان، لأن صاحب السلوك التاريخي كان ينتمي إلى واقع لا ينتمي لا من قريب ولا من بعيد إلى الثقافات اللاحقة ومنها ثقافتنا وحياتنا الراهنة، ومن ثَمّ فإن الكثير من النصوص الدينية والسلوكيات التاريخية لن تكون صالحة لكل زمان، وأن اتّباع صاحب السلوك الديني يعتمد على "فهم" السبب فيما قام به لا "تقليد" ما قام به. وما يفصل بين الفهم والتقليد هو الذي يجعل البعض متعصبا لفهمه الديني، معتبرا إياه هو الدين، في حين أن رأيه ليس إلا أحد مخرجات ما يمكن فهمه من تلك السلوكيات والنصوص. وعلى هذا الأساس فإن الفهم يفتح أبواب نقد التاريخ الديني، بما فيه نقد النصوص والسلوكيات، فيما التقليد يفتح أبواب التشدد والإقصاء.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الاستلهام من الماضي
- التعايش مع الطائفية
- المقدّسات.. وواقع الحرية العالمي
- مأساة- صافيناز كاظم
- سلطة رجال الدين
- آليات الخطاب الديني وفق أبوزيد
- المنطلقات الفكرية في الخطاب الديني وفق ابوزيد
- الحق المطلق.. والباطل المطلق
- أبوزيد في وسط -غابة- التيار الديني
- ماهي الطائفية؟
- في الدفاع عن حرية التعبير في الكويت
- -الزعيم- في الثقافة الأصولية
- الخضوع للتراث
- -الليبرالويون-.. والحرية
- الانقسام الشيعي الجديد في الكويت
- الحرية.. والنقد.. والأزمات السياسية
- التسامح.. والرؤى التكفيرية.. والهوية الدينية
- الوجه المزدوج للإسلام السياسي
- العلمانية.. والحجاب
- -المثقفون المؤدلجون-.. وأنصار البرادعي


المزيد.....




- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...
- اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاخر السلطان - هل أكرموها؟