نضال حسن
الحوار المتمدن-العدد: 3152 - 2010 / 10 / 12 - 01:33
المحور:
الادب والفن
كم من مقال أو عمود يلاقينا يومياً في طرقات الشبكة العنكبوتية, الضيق منها وال"هاي واي", يكون بعضها على يد كتاب يعتبرون أنفسم أصحاب أقدمية وتراتبية في الكتابة , هذا على أساس أننا لا زلنا نخدم في طوابير جيوش الاستعمار ,مدعية الوطنية ,أو هناك نفر أخر من وجوه الكتاب الذين يعتبرون بفوقية غير مسبوقة أن أهميتهم وأهمية مهاتراتهم تفرض علينا نحن الجمهور الفقير , قراءة تاريخهم هم وسرديتهم هم , حول استذكارهم للزمن الجميل خاصتهم , فيتناولون حياتهم في الثانوية , وربما في الأزقة , وبعضهم يتوصل بجراءة محسوبة وجبانة للحديث عن بعض التجارب الحزبية عبر هذا الإطار الطلابي أو ذاك الجسم النقابي , وكم يشبعونا ويقرفوننا بإطلاق الشعارات عن ماضيهم , ولكن قل جدا الى حد العدم من يصارحنا بماضيه وبتجاربه السابقة بشكل بسيط وطبيعي وغير مرائي فيه , وغير مضمن برسائل ملقنة عبر اللاسلكي من أقبية العسكرتارية, ومشذبة بشكل وقح من قبل ألسنتهم السليطة , سليلة السلطويات ,اذن يا عزيزي وعزيزتي اذا كان الناس على دين ملوكهم "او كتابهم" فنحن ملحدين بحسب تعبير ناجي العلي . أما هؤلاء الذي أود اصطلاح الطبيعيين او النقديين الجذريين عليهم في كتابة جانب شخصي من حياتهم , فقد لفت انتباهي ثلاثة منهم , الصديق والفنان وليام نصار ,إلى جانب كل من ابراهيم نصر الله في "سيرته الطائرة" , ورفيقنا العطوف الغير مهادن رشاد ابو شاور .
على أي حال تجنبا للإسراف في الحديث عن رفاق القلب أود لو تناولت منظور وليام نصار حول الشعر والمرأة معا من خلال مقاله "اعترافات فحل يساري لتحرير فلسطين" المنشورة لدى الحوار المتمدن , والذي, أي مقاله هذا يذكرني بناظم حكمت الراحل إلى مذبح الحرية وراء الرعيل الأمثل من الرفاق , عندما عرفه حنا مينا " بأن ناظم هو شاعر السجن والمرأة والحياة " بمعنى انتقاده للسجن ,إجلاله للمرأة , وعشقه الحياة , بالتأكيد أيضا للشعر .
لأن أعظم النظريات وأجملها ,حتما تتخلف حين يتعامل معها فكر أو عقل متخلف , " فحتى لو قام ماركس من قبره ما بمشي الحال حينها " , فاني هنا لا احمل أي مخاوف نظرية او ممارساتية خلال قراءاتي للدكتور وليام , لذلك سأقول في منظوره للشعر عن ادونيس رضي الله عنه قال حول الشعر في كتابه النقدي الأعرق عربيا "زمن الشعر" ( السياسة الثورية هي,بالضرورة,مثقفة, والثقافة الثورية هي,بالضرورة ,مسيسة . فالعلاقة في الثورة بين الفن والسياسة إنما هي علاقة عضوية ). وهذا ما تترجمه كلمات وليام نصار عندما يقول بكلام أخر : (الشعر، ليس قصيدة مركبة على بحر أو عامود أو سارية، كما أنه ليس مجرد كلمات موزونة ومدوزنة.. الشعر، كتلة الأحاسيس التي تحترق داخل خلجات مطلق إنسان فتتحول تلك الأحاسيس إلى قلم ولغة فقصيدة فموسيقا، أو إلى دمعة).
الى متى سنبقى ندور في حجر الزمن العربي المتوقف حتما , بفعل الأسطورة ,وقوة التبعية , ووقاحة النفط وقحابه, فما الذي تنتظره مدرسة النقد الشعري العربية السائدة ,- التي هي بذاتها بحاجة مستعجلة إلى نقد وتفقد - من الشعر في لغتنا الباكية المنتحبة , ما هو إلا سرد مكرور لما مضى , يفتقر التجديد , ويرفض ان يتماشى الشعر العربي المعاصر مع مطلب الحداثة ,والتحرر وعلمنة المجتمع . كما ان الاعتقاد المريض بسفاهة انتاج شعري وادبي ما بسبب تجديده او اختلاف شكله وبينته , وحتى ربما عدم وضوح رسالته بشكل حرفي , ما هو الا نتاج لإعادة الإنتاج البطريركي المدرسي في الأدب والنقد العربي , فوظيفة الادب كما لوحظ من وليام نصار , وكما أحب ان أراها في تصوري للأدب, هي في قوته الدافعة للتفكير وان يدفع للتساؤل لا ان يجيب عن أي سؤال او يقدم أي حلول , فالقصيدة التي لا تجبرنا على التساؤل عشرات المرات لكي لا أبالغ وأقول المئات , ما هي الا وزن للكلام يلامس العاطفة , بالتالي يشحذ الموقف الداعم بشكل لبق , لا اكثر ولا اقل , والمغناة او الرواية التي لا تدفعنا لرفوف اقرب مكتبة متوفرة او الى طاولة "الجوجل" لسؤاله , فهي بحاجة منا الى اعادة التفكير بالعملة التي قايضناها بها , وفي المخالصة النهائية مع التقييم المادي لها نجد ان دعوة رفيقة إلى جعة سوداء باردة , مع رغوة ايرلندية طبعا , تحمل معنى تقدمي أكثر بكثير من تمضية نهارين مع رواية مبتورة , ما هي إلا إجابة استبانه صفية .... وكما يقول وليام نصار نفسه فدمعة طفل او تنهيدة امراة هي اعظم القصائد , اتمنى لو ان رفيقنا المغيب بفعل الجستابو "يوليوس فوتشيك" يستمع لك وليام . لكي يدرك ان وصاياه بحفظ الفرح اليساري الجذري في القلوب لم تزل تشع في صحارى المتوسط حتى جبال الانديز .
كما ان المقال الذي نحن بصدد محاورته لا يوفر نقدا حتى للرسالة في الشعر العربي المدعي الثورية والفحولة , بحيث ان كل النساء عشيقات للشاعر , وكل الصبايا يتنهدن طلبا له ,
يا حبيبي على هيك شعراء ؟ الا يوجد شغل اخر غير التباهي بخصياتكم "بلا مؤاخذة", في أوراق تسمونها دواوين شعرية وتبيعونها للمراهقين الذي يبحثون عن كلمة لها علاقة بأي ايحاء" سكسي" هنا او هناك فحصا للرجولتهم بالمعنى الذي تلقونهم اياه , فعلا ان ابن العراق الكبير مظفر النواب لم يكن الا على كل موضع من مواضع الصواب الجذري عندما قال " تب قوم زعامتهم أرنب عصبي جبان , وعزمهم خصية نائمة " .
اما في الشق الثاني الذي لا ينفك الشق الاول في الحديث عن الشعر يقودنا اليه في مقالة "اعترافات الفحل " فانه يتعاطى مع مجادلة وسؤال المرأة , وتحديداً الرفيقة العربية , التي لم تنفك خيالات الفحول من أقصى اليمين الغبي الى أقصى اليسار المستذكي , تنسج "الادفانتشرز" حولهن , تماما متشبعين بمخيال استشراقي ذو مزاج كولينيالي قميء , ولكن هذه المرة عن ذواتهم ومن ذواتهم , لا من تصور خارجي , فيكفي التعقيب بعبارة فرانتز فانون "ان الأبيض هو الذي يخلق الزنجي, ولكن الزنجي هو الذي يخلق الزنوجة" . لا اعرف الى أي مدى كنت موفقا في التعبير او التعقيب حول ما دار في سطور وليام نصار , ولا ادري ان كان لا زال الأبيض يصنعنا ام يفككنا , و من ثم نصنع تفكيكاتنا , ولكن على رايك ايها العزيز وليام (أليست كلمة ماء أنثى؟ ومن الماء خلقنا كل شي حي.
أليست الشجرة أنثى، والوردة أنثى، والحياة أنثى، والموسيقا أنثى، والدمعة أنثى؟ )
وبلعنا الفودكا اخيراً, والسلام
ملاحظة : أخاف ان هذه الفودكا هي أخر ما يلهب الذاكرة في مدن ملحنا .....
ملاحظة اخرى : لتتبع المقال الاصلي للدكتور وليام نصار في موقع الحوار المتمدن اتبع الرابط التالي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=1410&aid=143324
#نضال_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟