|
منطقة الساحل والصحراء على خطى الصوملة والأفغنة .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 3149 - 2010 / 10 / 9 - 23:27
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تعرف منطقة الساحل والصحراء أنشطة مكثفة ونوعية لفرع القاعدة بالمغرب الإسلامي ، مما يؤكد المنحى الخطير الذي بات يشكله خطر الإرهاب على الأمن الإقليمي والدولي . ذلك أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي كانت تحصر نشاطها داخل الجزائر ، قررت ــ منذ الانضمام إلى تنظيم القاعدة الأم سنة 2007 وإعلان الولاء لزعيمه أسامة بن لادن في بيان من توقيع الأمير الجديد أبو مصعب عبد الودود الذي خلف الصحراوي إثر مقتله ،جاء فيه "قررنا بعد مشورة واستخارة أن نبايع الشيخ أبا عبد الله أسامة بن لادن، ونعطيه صفقة أيدينا وثمرة قلوبنا، ونواصل جهادنا بالجزائر جنودا تحت إمرته، يضرب بنا من يشاء ويرمي بنا حيث يشاء، فلن يجد منا إلا السمع والطاعة ولن يرى إلا ما يسره" ــ قررت ( الجماعة السلفية ) أن تصبح ذراع القاعدة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل ضمن الإستراتيجية التي ينهجها تنظيم القاعدة الأم والقاضية بعولمة الإرهاب وتوسيع نشاطه بما يضمن تطويق العالم العربي من العراق إلى المغرب وموريتانيا مرورا بالسعودية واليمن والصومال ، بحيث لا تخلو بقعة من هذه المنطقة إلا وتصبح قاعدة خلفية لتنظيم القاعدة تنطلق منها المخططات التخريبية لتستهدف زعزعة الاستقرار المحلي والإقليمي وضرب المصالح الغربية . ومن جملة ما يتوخاه التنظيم التخفيف من الضغوط التي يمارسها حلف الناتو والولايات المتحدة على مقاتليه في العراق وأفغانستان . وتشكل منطقة الساحل بيئة مواتية للتنظيمات الإرهابية ، سواء الموالية منها لتنظيم القاعدة أو التي تحمل نفس قناعاته ، لممارسة أنشطتها بقدر من الحرية في التخطيط والتنفيذ والحركة لا تتمتع بها في باقي المناطق العربية . إذ هناك عوامل عديدة تلعب لصالح هذه التنظيمات أهمها : شساعة المنطقة وصعوبة التحرك في بيئتها الصحراوية التي خبرها أعضاء هذه التنظيمات واتخذوا لهم منها معسكرات آمنة للتدريب والتخطيط والاختباء . الأمر الذي يجعل مهمة المراقبة والتمشيط تكاد تكون مستحيلة على أي دولة مهما امتلكت من وسائل ومعدات ، فأحرى دول المنطقة التي تعاني صراعات داخلية وضعف الوسائل والإمكانات اللوجيستيكية والمالية لبسط نفوذها على كل التراب الوطني ومراقبة الحدود . فضلا عن الصراع الذي تفتعله الجزائر ضد المغرب ووحدته الترابية ، مما يضعف كل تنسيق أمني وعسكري بين دول المنطقة . وهذه الظروف يستغلها تنظيم القاعدة لتكوين مجموعات له تعمل داخل كل دولة على حدة وتنسق فيما بينها القيادة الإقليمية لتنظيم القاعدة بالجزائر بزعامة أبو مصعب عبد الودود . وغدت مناطق واسعة شمال مالي والنيجر تحت السيطرة والسيادة التامتين لتنظيم القاعدة لدرجة انعدم فيها حتى الوجود الرمزي لسلطة الدولتين . وبهذا بات نفوذ القاعدة ضاربا في مالي والنيجر فضلا عن معقله الأصلي في الجزائر التي أحكم التنظيم قبضته على مناطق واسعة في العمق الجزائري وحتى مشارف العاصمة . وتؤكد المعطيات على أرض الواقع أن تنظيم القاعدة يتمدد عبر الحلقات الأضعف في كل مناطق العالم التي تعاني ضعف الدولة أو السلطة المركزية بسبب الصراعات السياسية الداخلية التي تروم أطرافها الاستحواذ على السلطة والسيطرة عليها أو بسبب حركات التمرد والانفصال . وهذا ما يمور به واقع مالي والنيجر والصومال واليمن والجزائر . وهناك مناطق أخرى مرشحة لتصير بؤرا لتنظيم القاعدة داخل إفريقيا بالأساس . ومشكلة الدول الغربية أنها تتغاضى الطرف عن النشأة الأولى للتنظيمات المتطرفة حين يكون أمر القضاء عليها يسيرا ، ولا يأتي تحركها الحذر وليس الفعال إلا بعد فوات الأوان لما يصير للمتطرفين بأس وسطوة وقوة . فالدول الغربية لم تستوعب الرسائل التي بعث بها تنظيم القاعدة قبل انضمام الجماعة السلفية في الجزائر وإعلانها الولاء لبن لادن . إذ هاجم التنظيم ثكنة لمغيطي بموريتانيا سنة 2005 وقتل 15 جنديا دون أن يتكبد خسائر . وتوالت هجمات القاعدة ضد موريتانيا على امتداد السنوات اللاحقة حيث ذهب ضحيتها عشرات من الجنود والمواطنين والرعايا الأجانب الذين تعرضوا للاختطاف والقتل . ولم تنتبه الدول المعنية بمحاربة الإرهاب إلى المدى الخطير الذي يأخذه باضطراد وجود القاعدة بمنطقة الساحل والصحراء ، كما لم تتعامل بجدية مع التحذيرات المتوالية التي وجهها المغرب ولا زال في موضوع خطر الإرهاب بالمنطقة . إذ ليس من اليسير على مجموعة محدودة العدد والعدة أن تلحق كل هذه الخسائر بالجيش الموريتاني على مدى السنوات المنصرمة دون أن تكون لها قواعد خلفية وعناصر خبيرة في القتال وحرب العصابات . فالاعتداءات على موريتانيا كانت بهدف ترهيب المواطنين وخلق حالة من عدم الاستقرار تعمق من المشاكل الداخلية التي كان يعانيها النظام الحاكم على عهد ولد الطايع رغم مسالمته للمتطرفين والتواطؤ معهم . فهؤلاء يريدون من الدولة الموريتانية أن تمكنهم من السيادة على أراضيها أو على الأقل جزء هام منها يسمح لهم بمراقبة أنشطة شبكات التهريب والسيطرة عليها لتوفير مصادر التمويل . فضلا عن إقامة قواعد خلفية من شأنها دعم تنفيذ المخططات الإرهابية التي تستهدف دول المنطقة والمصالح الأجنبية . ولعل حالة الهدنة طويلة المدى بين مالي والنيجر وبين تنظيم القاعدة يفسر تردد انخراطهما في الحرب ضد الإرهاب رغم حضورهما المستمر في اللقاءات والمؤتمرات التي تعقد لهذا الموضوع خاصة في الجزائر . مما يعني ــ عمليا ــ أن أرض مالي والنيجر أصبحت تمثل العمق الإستراتيجي لتنظيم القاعدة حيث تجري عليها عمليات اختطاف الراهن واحتجازهم في أماكن آمنة . فالتنظيم ، في هذه المنطقة من إفريقيا ، يركز أساسا على نشاط الاختطاف لما يحققه له من مكاسب مالية هامة فاقت 150 مليون دولار في ظرف ثلاث سنوات دون أن يتكبد خسائر مادية أو بشرية . وهو ، بهذا النشاط ، يكمل نظيره في القرن الإفريقي حيث التركيز على خطف السفن ومقايضتها كمصدر هام للتمويل رغم بعض المخاطر التي تحيط به . وما ينبغي التأكيد عليه ، هو أن تنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصحراء لا يسعى ، في المدى القريب ، إلى خوض مواجهات عسكرية مفتوحة مع جيوش المنطقة ، لأنها ــ المواجهة ــ لن تحقق له مكاسب مالية ولن تسمح له بالتمدد وحرية التحرك كما هو الحال اليوم . فهل ستتحرك المجموعة الدولية لفض النزاعات الإقليمية بالمنطقة المغاربية كمدخل أساس لتطويق خطر الإرهاب واجتثاث قواعده ؟ إن كل تردد من قبل المجموعة الدولية في اتخاذ خطوات عملية ستدفع أوربا بالأساس ثمنه باهظا من أمنها واستقرارها ، خصوصا وقد أصبحت القواعد الخلفية للإرهاب على مرمى حجر من عمق أوربا .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولد سلمى القيادي الصحراوي الذي تمرد على عصابة الانفصال .
-
من يزرع فقه التكفير يحصد قنابل التفجير .
-
من يلعب بنار التطرف تحرقه .
-
الحرب الشاملة ضد الإرهاب هي الخيار الوحيد لدحر خطره .
-
هل ستتجاوب الأحزاب مع خطاب الملك ؟
-
هل ستصير الفتوى سلاح اليساريين ؟
-
هل من علاج للعجز الحكومي المزمن ؟
-
التمايز بين الحركة والحزب شعار تعوزه الجرأة والمصداقية .
-
هل جماعة العدل والإحسان تعارض سياسة النظام أم تناهض وجوده ؟
-
هل فقد الفيزازي الحماسة والمشيخة ؟(3)
-
جماعة العدل والإحسان تدين الاختطاف والتعذيب وتمارسهما ببشاعة
...
-
حوار حول الظاهرة الدينية في المغرب (الأحداث المغربية ) الجزء
...
-
هل اقتنع الفيزازي بالمراجعة أم هي المكيدة والمناورة ؟(2)
-
حوار حول الظاهرة الدينية في المغرب
-
هل اقتنع الفيزازي بالمراجعة أم هي المكيدة والمناورة ؟(1)
-
هل غدا -الجهاد- ضد الشعب المغربي مقدما عن الجهاد ضد الاحتلال
...
-
النقاب الدخيل والنقاب الأصيل !
-
هل سينفذ تنظيم القاعدة تهديده ضد المونديال ؟
-
هل تحترم الجمعية حقوق الإنسان حتى تدافع عنها ؟
-
التطرف عقائد واحدة غايتها فرض الوصاية على المجتمع (6) .
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|