|
وطار وزير الثقافة السوري
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3147 - 2010 / 10 / 7 - 11:52
المحور:
كتابات ساخرة
صدر مرسوم رئاسي سوري بإعفاء، واللهم شماتة، السيد رياض نعسان آغا، من منصبه كوزير للثقافة، وتعيين. وقضى المرسوم رقم 425 بتسمية الدكتور محمد رياض حسين عصمت وزيراً للثقافة بدلاً من رياض نعسان آغا والدكتور جورج ملكي صومي وزيراً للري بدلاً من نادر البني. لم يصدر قرار سوري أثلج صدري كقرار "إعفاء" وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا، إذ أن وجوده على رأس الثقافة في بلد متعدد الثقافات والأعراق، هو ضربة في الصميم لهذه الثقافة، أولاً، وإساءة لصورة البلد الثقافية بشكل عام. وبرأينا لقد تمادى السيد الوزير السابق كثيراً في توجهاته "المحافظة" ولن نقول غير ذلك، ما أعطى انطباعاً سيئاً عن الثقافة السورية التي اتسمت تاريخياً بالانفتاح والتنوير ولم تشهد انتكاساتها الكارثية، وصبغها بلون أحادي طاغ عليها، إلا على يدي الوزير "الجليل"، ولم يكن ينقص الوزير السابق إلا العمامة كي يعبر عن المرحلة الثقافية التي تميز به عهده غير الميمون، ثقافياً، هذا والله أعلم. وسأحاول وبعجالة استعراض محطات ثلاث أبرز بالنسبة لي على الأقل، من خلال معايشتي وتتبعي لمسيرة الثقافة الوزارية. ففي كل مرة كنت أقرأ له مقالاً في الجرائد الخليجية، وما أدراك ما الجرائد الخليجية، كنت أتحرى عمق الجرعة وحجم الضخ المحافظ، والميول والنزعات، الماضوية الظلامية التي كانت تتراءى بين سطور مقالاته وكان كل مقال يصلح لاعتباره خطبة من خطب الجمعة إياها التي تلقى أمام رهط من المغادرين إلى أفغانستان، وكشمير. وكان أفظعها على الإطلاق تلك المعلقة المدائحية التي أثنى بها على السلطان عبد الحميد في معتبراً إياه واحداً من أبطال وصناديد التاريخ المجيد "الدموي" إياه، وما غيره، معلناً عن ذهابه وبفرح عظيم إلى اسطنبول لحضور احتفالية، بمئوية ما، أو ما شابه، لهذا السلطان المستبد الذي كان مسؤولاً عن مذابح "وخوازيق"، لم يدنها السيد الوزير لا تصريحاً ولا تلميحاً، ولا مرة من باب أضعف الإيمان، طالت "أقليات مضطهدة" في جبالهم نفوا وعزلوا فيها مئات السنين، ليأتي لنا بعد حين ودهر مر من الاضطهاد والزمن المهين ليبارك قتلته وجلاديهممجداً أمام ناظري واحداً من كبار مستبدي هذا التاريخ وبإعجاب منقطع النظير، ما كان يشكل لدي عصاباً وألماً قاتلاً. ناهيكم عن المذابح التي ارتكبت ضد الأرمن في عهده، والتي لا تزال تركيا نفسها تعيش تداعياتها، ووقفت هذه المذ1ابح وذيولها، وإن بشكل نسبي، أمام دخول تركيا للاتحاد الأوروبي، ليأتي السيد الوزير الهمام، مبجلاً، ومعظماً، ومفخماً، بهذا "الخليفة" العثماني، وفي وجود نسبة مواطنين لا يمكن تجاوزها، من أبناء سورية العظيمة، من أصول أزمنية كريمة نعتز ونفتخر بوجودهم بيننا، وندين، ونلعن كل يد آثمة امتدت إليهم في أي زمان ومكان في التاريخ القريب والبعيد. ومن "نهفات" الوزير الماضوية الأخرى، تصريحه العلني، والغريب، وفي ذروة اندفاع طالباني، ومن على شاشة تلفازنا الوطني السوري، الذي يمثل عشرين مليوناً من السورين، ومثلهم في بلاد الاغتراب الفسيح، ومن شتى المشارب والاتجاهات والأعراق والأديان والمذاهب المتنوعة التي تمثل عظمة وعراقة وتنوع وحضارة وتسامح الشعب السوري العظيم، مع مذيع من "لهلوب وحبوب وطيوب" كان يستمع إليه بورع إيماني يحسده عليه أبو حمزة المصري، إذ قال وبالحرف الواحد: " يجب أن "نمكن" (لاحظوا التعبير) اللغة العربية فقط من أجل حفظ القرآن والحديث"، ونحن لا اعتراض لنا على مثل هذا التصريح الجهادي العنيف، ولكن لو كانت سوريا فقط دولة مثل السعودية التي يستكتب السيد الوزير في صحفها، أواليمن، وباكستان وأفغانستان، ولا أخال أن السيد وزير الثقافة قد نسي أو تناسى، أن هناك أطيافاً سورية غير إسلامية، فاته أن يقول لها أية لغة تتعلم، ولا ندري ماذا سنقول وكيف سنعتذر لها، ولماذا يفرض عليها إذن تعليم اللغة العربية، إن كانت غير معنية لا بالقرآن، ولا بالحديث؟ كما كان لإلغائه مؤتمراً عن العلمانية، وليس "الغلمانية" انتبهوا، كي لا تختلط على أحد الأمور، أثراً بالغاً وحزيناً في نفوس كثيرين من أصحاب التيار العلماني والتنويري بسورية، والحجة الواهية التي قدمه سيادته، مع وزارة بطولها وعرضها، لديها ميزانية لا بأس بها وأعتقد باستطاعتها شراء مكبرات صوت، هو عطل في مكبرات الصوت. ما شكل واحدة من الطعنات المؤلمة لمسيرة التنوع الثقافي التي اشتهرت بها سوريا، وقدمت من خلالها عظماء ورواد ومبدعين في مجال الانفتاح، والتحرر من أسر الماضوية والتراث العقيم، وهي واحدة من سمات سوريا المعاصرة، حاولت ممارسات الوزير السابق طمسها عبر ممارساته، وسياساته، وكتاباته، لتقديم نمط مغاير للثقافة السورية، عبر منع كتب وكتاب تنويريين من معارض للكتب في سوريا، ولن أستشهد سوى بمنع كتاب أبي حسن هويتي من أكون، في الطائفية والإثنية السورية" وهو مثال حاضر وقريب، وعايشته بنفسي، وسكتنا في حينه، ليس كرمى لأعين لسيد الوزير، كلا وألف حاشانا وحاشاه، ولكن لاعتبارات خاصة قد يصعب سردها، أو فهمها في هذا السياق الضيق والمحدد. لم أر نفسي كسوري عادي في أي من كتابات أو تصريحات وسياسات الوزير الآغا الثقافية، كما أن وضع الثقافة السورية، وصورتها لم تكن تسر بالمرة، في أيام السيد الوزير السابق غير المأسوف عليه، ويمكن القول بأنها وصلت إلى أردأ وأسوأ مراحلها وقد كتبنا في حينه عدة مقالات وشكاوي مبطنة، والشكوى لغير الله مذلة، حول وضع الثقافة السوري التي حاول الوزير طبعها بطابع ماضوي سلفي واحد، "لا شريك له"، وكان من أبرز مقالاتنا لماذا لا يكون وزير الثقافة علمانياً، على الأقل يعني، وليس من أجلنا كعلمانيين وتنويريين، ولكن من أجل صورة سورية الحضارية المشرعة المتعددة، لا سوريا باب الحارة والوزير نعسان آغا وتكريس القيم الوافدة من وراء كثبان الرمل الصحراوي. ومن هنا نضع هذه الصورة "الكئيبة" لما وصلت عليه صورة الثقافة السورية بين يدي الوزير الجديد، آملين له النجاح في مسؤولياته الجدية وإعادتها إلى صورتها التنويرية المتعددة المنفتحة على الجميع. (بالمناسبة أجرى لي الوزير الجديد ذات مرة مقابلة لاختيار صحفيين لجريدة كويتية كان في لجنتها الفاحصة، وكنت متقدماً لها، وطبعاً كان لنا شرف الرسوب "المجلجل" في تلك المقابلة، وكل الحمد والشكر لله، والله ولي الأمر والتوفيق).
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا طائفي إذاً أنا موجود
-
لا لمرجعية أو مجلس للطائفة العلوية
-
ابشر بطول سلامة يا خلفان
-
تدجين الخطاب الديني: ماذا بعد دروس الداعية الكويتي ياسر الحب
...
-
سورية والعنف المدرسي: الواقع والآفاق
-
إيران والعرب: المقارنات المستحيلة
-
بيل غيتس وأثرياء العربان
-
فضيحة الإهرام: السقوط التاريخي للإعلام الرسمي العربي
-
تراجع القس فلماذا لم يتراجع الإمام؟
-
خرافة الديمقراطية الإسلامية
-
إزعاج الكنائس وأصوات الآذان وتفاعلات القراء
-
لماذا لا توضع موسيقى بدل أصوات الآذان؟
-
خطأ التقديرات: هل يدفن مسجد قرطبة أحزان 11 سبتمبر؟
-
خرافة نظرية المؤامرة على العرب
-
عبودية الرومان وعبودية العربان2
-
عبودية الرومان وعبودية العربان
-
هل يشهر ميشيل كيلو إسلامه؟
-
في سجال الدراما التلفزيوينة
-
هو ليس بإله يا صديقتي
-
الهلال والنجمة كرموز وثنية؟
المزيد.....
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|