|
سيناريوهات الوحدة والانفصال
ماجد القوني
الحوار المتمدن-العدد: 3146 - 2010 / 10 / 6 - 15:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العرض الأول.. في المسرح السوداني سيناريوهات الوحدة والانفصال.. ماجد القونــــــي سيناريو أول: ( نحن ننظر للسودان كبلد سيظل موحداً ترتكز هويته على هذين النوعين من التنوع التأريخي والمعاصر.. دعونا إذن نتفق على أن هدفنا هو وحدة البلاد.. وأن هذه الوحدة يجب أن تقوم على حقائق الواقع، فأيّ وحدة خلافاً لذلك غير قابلة للتطبيق ولا يعوزنا برهان.. إن الحركة الشعبية لتحرير السودان، ستستمرثابتة وانها ستبقى حركة للشعب ومن الشعب، فالحركة لم تخون أهدافكم، ولا ثقتكم بها كما لم تخنكم طوال الاثنين والعشرين عاماً الماضية من الكفاح، وسوف تستمر الحركة في رؤيتها ومُثلها التي ضحت طوال الاثنين والعشرين عاماً من أجلها فأنهمرت فيها دموعنا وسالت دماؤنا ؟؟) د/جون قرنق. إضاءة: قد لا يختلف (شماليان) حول وحدوية هذا الرجل، ومدى عشقه لهذا الوطن .. ولولا الخوف من اتهامي بالردة والذندقة والعودة للجاهلية الأولى - على حد تعبير الاسلامويون- لبادرت بصنع تمثال يشمخ في سماء الخرطوم، تخليدا لذكرى ذلك الرجل.. فقط لأن ما قام به د/ قرنق يضعه في قائمة عظماء هذا الوطن. حيث مضى من أجل أحلام الوحدة.. وما أسواء أن يمضي الرجل قبل أن يرى أحلامه تتحقق.. والأسواء من ذلك أن يجهضها من ناضلو معه من أجل تحقيق ذلك الهدف، حتى وإن كانت خيارات الانفصال أصبحت جاذبة أكثر من الوحدة. ولأن هذا الرجل الذي مضى علمنا أن المناضلين لا تكسرهم إرادات البطش، وأن الحقوق تُنتزع بإرادة مناضليها واصرارهم على تحقيق الهدف. (ستار)
(سيناريو ثان) المكان: هنا حيث مركزية الأشياء (السلطة، الثروة، الصحة، التعليم،القهر، وكل شئ...) . الزمان: منتصف الطريق .. حيث تكتمل الأحلام ... لم يكن أمام (سيسيليا) سوى أن تضع حنينها بين كفيها، وتمضي جنوباً حيث تشرق الشمس أحيانا منتصف النهار .. تدرك جيداً انها لم تختار هجرتها.. وتدري كذلك انها لن تتوهج هناك، وحنينها لمحمد يمتد أخدودا في تضاريس المركز الذي أُختير هو ايضا دون إرادة ساكنيه. في ذاكرتها تضج أمكنة وأزمنة تمتد مابين (أتنيه)، (سلطان الشامي)، (جوته) و(الفرنسي). حيث ترهقهم حوارات المثقفاتية والمغتربين عن ذواتهم.. سيسيليا ومحمد علاقة عشق نشأت وتمددت على طول المليون ميل، وجاء الوقت لتنفصل هذه العلاقة، لم تقل هي ذلك، ولم يمارسه (محمد) لكن أحدهم ذو سلطة نافذة، مارس هذه العبارة ومضى لترتيب ما تبقى من تبعات انفصال وشيك. لتبدأ في ذات اللحظة حوارات جديدة وصراعات جغرافية بين(سيسيليا ومحمد) حول امكانية قبول كل منهما في دولة الآخر.. ضيفاً أو فليكن لاجئاً عاطفياً.
(ستار) ليست قضايا الوحدة (الأزمة) – كما يصفها غلاة الانفصاليين- هي التي تؤرق مضاجع الشعب السوداني، بل تلك التي ترتبط بالانفصال الذي بات يراه الشعب السوداني مثل شجر يسير، بكل هواجسه واحتملاته الموغلة في السواد.. والتي تبدو كنذير شؤم لمهددات أنفصالات قادمة أشد قساوة من الحدود الجغرافيا والسياسة والاقتصادية.. وتمتد بعيداً لتلامس العلاقات الاجتماعية والعاطفية... (نيفاشا) التي أوقفت نزيف الدماء السودانية، واوقفت أشرس الحروب التي شهدتها القارة الأفريقية.. وهي ذاتها التي أوجدت حق تقرير المصير للشعب الجنوبي –جغرافيا- وليس الشعب السوداني الذي أوجدته الظروف الديموغرافية في تلك الجهة، وساهمت السياسات العرجاء في تأخره تنموياً وتعليمياً واقتصاديا وصحياً وسياسياً. (الاتفاقية) عالجت الخلافات ووزعت الأدوارالسياسية، وقسمت الثروة، ومنحت الجنوبيين - تجاوزاً- حق تقرير مصيرهم. لكنها - الاتفاقية- لم تعطي (محمد وسيسيليا) و (ميري وجارتها فاطمة) و ( د/ دينق ومرضاه) الفرصة للتقرير بشأن علاقاتهم العاطفية والانسانية والاجتماعية، حيث يبدو أن الدموع التي ستُزرف أوان الانفصال أكثر مرتان من تلك التى استنزفتها الحرب. سيناريو ثالث: المكان: (مزيرة) في الطريق العام بالقرب من إحدى المدارس الأساسية للبنات. الشخوص: (مواطن من الجنوب يعمل في إحدى الكمائن) وتلميذات في إحدى المدارس الأساسية. الزمان: بعد نهاية اليوم الدراسي، حيث رحلة العودة إلى المنازل. (المشهد الأول) المواطن الجنوبي، يحالول أن يطفئ عطشه من المزيرة، ويمضي في سبيله غير عابئ بتفاصيل ما بعد نيفاشا وتبعاتها.. في ذات الاثناء تلمحه إحداهن وهو يغادر(المزيرة) (المشهد الثاني) مطاردة التلميذات في الشارع، وهرولتهنّ، واصرار كل منهنّ للوصول للمزيرة قبل الأخريات.. استطاعت إحداهنّ الوصول، أمتدت يدها لتناول العلبة المستخدمة للشراب. فجأة صاحت تلك التي لمحت شخصيتنا المحورية وهي تشرب من المزيرة: ما تشربي .. شرب منها (الجنوبي)!! (ستار) رؤية نقدية للسيناريو الثاني حوارات الوحدة والانفصال، يجب أن لا يتم تناولها خارج إطار مثل هذه التمايزات العرقية والجهوية، والاقتناع بأستحالة أن تُحل وفق وعودات وفلسفات (أخوي وأخوك) ورؤى الأجاويد. بل بمواجهات حقيقية تعبر حواجز الذات، إلى شفافية التساؤلات المؤلمة.. ماذا أعني بالنسبة لك؟ ولماذا تحتقرني؟ ولماذا لا تجعلني أخاً لك.. في الوقت الذي فعل فيه الله ذلك؟ الشمال المتعالي ثقافياً، دينياً، واقتصادياً – وفق رؤى جهوية الصراعات- لا ينظر للآخر دون هذا التمييز، الذي نادراً ما يعبر حواجز الشفافية، ليتمخض عنه بعد ذلك إدانة للذات التي تنتمي فقط للشمال الجغرافي، والبحث عن تبريرات لممارسة هذا التسلط.. هذا فقط على مستوى النخب السياسية والثقافية، لكن من رأيي. أن الأكثر الحاحاً الآن ليس اقناع الانتلجنسيا الجنوبية بالوحدة، بل يجب النزول إلى مستوى القواعد، وممارسة النقد الذاتي من قبل النخب السياسية الشمالية، وسط قرى الجنوب تحت أشجار المانجو والباباي.. وليس الصالات المغلقة وفنادق العواصم الجنوبية. الوحدة والانفصال جدلية تطفو الآن على سطح الواقع السوداني.. وحيث تتحرك مصالح تجاه الوحدة، مصالح أخرى تنحاز طواعية للأنفصال، مع ذلك تظل الكلمة رهينة بأستفتاء ربما يخضع أيضا لمعادلات المصالح وإرادة الشريكين، دون النظر لواقع المستفتاه أصواتهم.. أو ربما هي خياراتهم اذا أبدينا حسن النوايا تجاه هذا الشعب الذي تتعالى أصواته بالانفصال بالرغم من توصيات الراحل د/ قرنق بتفضيل خيار الوحدة.. وحيث تبكي خُناس الشعب الجنوبي على صخر مكتسباتها، حق لها إذ رابها سوء سياسات الشمال التي درجت على تصوير الجنوب كأنه خارج للتو في سبيل حرباً صليبية أخرى، ومقوضا لنظام دولة الخلافة في السودان. البكاء الان على الالتزامات تجاه الوحدة، من الكيانات والنخب الشمالية، قد لا يعيد ثقة المواطن الجنوبي، الذي ربما لا يثق في قيادات الحركة الشعبية كثيرا، و استحالة أن يثق في القيادات الشمالية التي اذاقته (الأمرات) العشر.. وجاء الوقت للقصاص والثأر والتخلص من عذابات الماضي، والتحضير لعذابات المستقبل، التي لن تكون أسواء من ما مضى. كما يجب على الشمال أن يدفع ضريبة وحدة لم تخضع يوماً لتكافؤات حقيقية. نصوص مصالح لم يكتبها المؤلف • الامين العام للحركة الشعبية باقان أموم اشار إلى احقية الحركة في طرح استقلال الجنوب عبر برلمان جنوب السودان إذا استمر الوطني بوضع العراقيل أمام إجازة القانون الاستفتاء. الجنوبيين إذا لم يجدوا مصالحهم في الوحدة فإنهم سيحاولون إيجادها في الانفصال, مشيرا إلى أن الانفصال لم يعد من الخيارات الصعبة بالنسبة لهم. • اعتبر المؤتمر الوطني أن إعلان الحركة الشعبية يمثل خروجا عن المألوف "بل يمثل تمردا على دستور البلاد الانتقالي". • احتمالات الانفصال راجحة بشكل كبير وفي أي لحظة بحسبان أن اتفاقية السلام أسست لدولة مستقلة منذ توقيعها (محمد الامين خليفة) • شدد وزير الخارجية المصري عقب لقائه الرئيس السوداني عمر البشير في الخرطوم على تأييد مصر لوحدة السودان ، مضيفا أن مصر ستقوم بكل ما في وسعها لإنقاذ وحدة السودان.وأكد أن مصر أعلنت تأييدها للعملية الانتخابية التي جرت بشفافية ونزاهة، وأن هذا ما نقلته القاهرة للمجتمع الدولي خلال الفترة الماضية. كما ناقش مع البشير ملف مشكلة مياه النيل التي تطالب بعض دول حوض النيل بإعادة النظر في الاتفاقيات. • مسئولين من شمال السودان يتحرقون شوقا منذ فترة ليست قصيرة لانفصال الجنوب ويشجعونه باعتبار أن الجنوب كان "لعنة" على انطلاق التنمية في السودان ككل، نتيجة الحروب المختلفة التي أكلت موارد السودان. • هناك جنوبيون -من غير "الحركة الشعبية" التي يؤيد أغلب قادتها الانفصال عن الشمال- لا يؤيدون الانفصال، خصوصا الميليشيات والقبائل الجنوبية التي تحالفت مع الحكومة مثل النوير والشلك، ويرون أن انفصال الجنوب معناه قيام دويلة طائفية عنصرية يتقاتل فيها قبائل السودان الجنوبية الكبرى. • السياسي البارز في جنوب السودان، لام أكول، ل(بي بي سي) انه يعتقد ان الاستقلال عن الشمال سيكون بمثابة كارثة بالنسبة للجنوب.واضاف اكول "في الوقت الراهن.. وفي ظل وجود الاعمال العدائية في الجنوب والنزاعات بين القبائل، والنزاعات حتى ضمن القبيلة الواحدة، فان أي دعوة للانفصال ستكون دعوة لصوملة جنوب السودان". مشهد الأخير " ليس هناك من سيقوم بتحرير الشعب السوداني غير الشعب السوداني نفسه.. هكذا نعتقد أن رؤيتنا علمية لأنها تقوم على حقائق علمية. فهي لا تستند إلى تهيؤات وتخيلات أو انتهازية، ولكنها ترتكز على الواقع وهذا هو الطريق إلى الأمام. يجب أن نقاتل من اجل وحدة بلادنا ويجب أن نغيّر الأوضاع جذرياً في بلادنا. انا واثق من اننا سنفعل ذلك، وانا مصمم لأثبت لكم بأننا سننتصر" (الراحل د/ جون قرنق).
#ماجد_القوني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقل زنجبيل إلى -سامية-
المزيد.....
-
ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد
...
-
إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت
...
-
كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
-
روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا
...
-
فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين
...
-
رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال
...
-
سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف
...
-
سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق
...
-
السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا
...
-
الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|