أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 7














المزيد.....

سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 7


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3142 - 2010 / 10 / 2 - 10:34
المحور: الادب والفن
    



الخوف..!!! هذا الماردُ الذي خرج فجأة من القمقم ليتحداني. هذا المارد الذي إن لم أقوَ عليهِ سيقوى عليّ. ها أنا أعلن العصيانَ على مارد الخوف، أعلنُ أنّي لن أتراجع، بل سأواجهه إلى أن يبدأ بالتقهقر، يصيرُ نملا أسودًا صغيرا، يتوارى داخل ثقوب الكبت.
أنثى الميزان أنا.
أقولُ الحقَّ ولو كان الثمنُ حياتي. ميزاني لا يميل مع ريح المجاملات الاجتماعية وفيروسات النفاق الوصوليّ.
رجلُ الميزان ،هوَ.
سلّمني مفاتيحَ الثقة بالنفس، الجرأة والقدرة على تحدي قـُوى الظلام لكوني أتمّسكُ بالحقّ.
حقـًا، كنتُ سأكونُ أنثى عاديّة، لولا بزوغ آدم شمسًا أنارت حياتي وأشعلت جذوة الأمل في عروقي فساهم في جعلي أنثى استثنائيّة.

*


الغالبية الساحقة من البشر يحيون على هامش الحياة. أتخيلهم كما الجُمَل ِ البسيطة التي لا تتألف إلا من مبتدأ وخبر أو مبتدأ وشبه جملة. أمّا أنا فقد ولدتُ جملة ً مُركبّة لا تحدُّها نقطة، هاربة من قيودِ الإعرابِ أنا، ما سيأتي بعدي من جُملَ معقّدة أهمّ ممّا أتى قبلي.
ها أنا أقف في تحدٍ مع رجل لقنته الأيامُ طقوسًا لن يقوى على التشكيك فيها لكونه ينتمي لمجموعة الجمل البسيطة، فكيفَ أنزلُ لمستواهُ الفكري فأشرح له أنّ الحُبَّ فوقَ كلّ اعتبار.
حينَ خلقَ الله آدم وحواء، أرادهما أن ينتميا إليه لا إلى بَشَر. من هو بولس ومن هو أبولس حتى نتقاتل ، بل ونزهق الأرواح في سبيل معتقداتنا الأرضية. الله برئ من الدمّ الذي يُسفك في كلّ مكان باسم الدين. ألم يعطنا الخالق حريّة الإرادة وحرية الاختيار منذ بداية الخليقة..؟! كان بمقدوره أن يأمرَ آدم بعدم لمس شجرة المعرفة. لكنـّه، يتعامل مع آدم وسلالته برقيّ فهو يترك لنا القرار وحريّة الاختيار لكونه يحترم إرادتنا أفكارنا وقراراتنا ولا يتعامل معنا كماكينات متحركة، إنّما يتعامل معنا من منطلق الرحمة والمحبة فهو إله صالح، إلى الأبد رحمته وإلى دَوْر ٍ فدوْر أمانته.


*


لم أنظر يومًا لآدم على أنـّه مسلم، إنمّا نظرتُ له على أنـّه كِيان فأذهلني نضجُ شخصيته ومواقفه الحازمة. كذلك، لم ينظر لي آدم على أنّني مسيحيّة. لقاؤنا الروحيّ كان أسمى من كلّ قيود، لم يضعها الخالق، إنّما وضعها البشر فكبّلوا أنفسهم بها وباعدت فيما بينهم. وصارت سببا للشجار وسفك الدمّ.
خارجَ قمقم ِ التدّين ومظاهر التقوى، التقينا. جمعنا حبّنا لإله واحد. هذا الإله الذي ما فتئَ منذ سقوط آدم في الخطيئة، وانفصاله الجسدي والروحي عن الخالق، يرسل الرسل ليلتفتوا إليه ويرجعوا لحضنه، لكنَّ البشرَ اقتتلوا على الرُسل، أيهم أعظم، وفاتهم العودة للخالق وتعاليمه لسَّماوية التي تنهى عن القتل وتحثّ على قبول الآخر،المحبّة، التسامح والإنسانية بالمُطلق.
اختلفَ البشر على العطية، ونسوا المُعطي. تقاتلوا على المُرْسَل، ونسُوا المُرْسِل.

*


جميع أفراد عائلتي الصغيرة مسيحيون بالاسم، أو بالوراثة. يظن الواحد منهم أنّ ولادته لعائلة مسيحيّة يضمن له بطاقة العبور لرضا الخالق، بينما تقولُ الآية:" كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم. "( يعقوب 1: 22). وتقول الآية: " انا اريك باعمالي ايماني "( يعقوب 2: 18)، أي لا تتفاخر أنّك مسيحيّ إنما عِش مسيحي فيفتخر الآخرون بك ويسألون عن سبب الرجاء الذي فيك.
جميعُ أفرادِ عائلتي الصغيرة مسيحيون بالاسم، أو بالوراثة..! لم أرَ يومًا أحدً فيهم يصليّ أو يصوم. لا يذهبون للكنيسة إلا في الأعياد. تلبسُ البناتُ الفساتين القصيرة التي تكشف عن مفاتنهن. لم تقرأ احداهن الآية التي تحثّ على ارتداء الثياب المحتشمة:" " وكذلك ان النساء يزيّنّ ذواتهنّ بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر او ذهب او لآلىء او ملابس كثيرة الثمن، بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة "( 1 تيموثاوس 2: 9).
يغادرن للكنيسة تحرسهن دعواتُ الأمهات:
- حاولي أن تعثري على عريس بين شباب الكنيسة.
شكت لي إحدى قريباتي باكية بسبب موقف أمّها من عريس مسيحيّ تقدّم لخطبتها فوافقت الأمّ فورًا عليه بسبب حالته الماديّة الجيّدة، رغم عدم وجود أيّ توافق فكري، عاطفي أو اجتماعي بين ابنتها والعريس. يكفي أنّه ثريّ وأنّه سينقذها من حالة العَوَز الماديّ التي تحياها في بيت والدها. قالت أن أمّها تقول لها:
- البنات أكثر من الهمّ ع القلب. البنات أكثر من السَّمـَك في علب السردين. يجب أن تقبلي به زوجًا لكِ.

والأمُ ضحية الجهل فهيَ غادرتْ من بيت أبيها لبيت زوجها. لم تعصرها الحياة ولم تنمّي أجنحتها كي تحلّق مع النسور. دجاجة خنوعة كانت، انتقلتْ من قِنّ ٍ لآخر وهي مشبعة بفكرة أنّ دورها في الحياة يتلخصُ بالتفاني في الطبخ والمسح وإزالة الغُبار. لم تقرأ يومًا كتابًا. لم تشاهد يومًا برنامجًا ثقافيًا، لم تسمع يومًا أنّ الأم مدرسة إذا اعددتها أعددتَ شعبا طيّبَ الأعراق ِ.

جميعُ أفرادِ عائلتي لم يقرَبـُوا الكتابَ المُقدّس يومًا، لأن لا كتاب مقدّس في بيت أيّ منهم.
جميعُ أفراد عائلتي، يجيدونَ طهيَ الطعام الشهيّ في الأعياد، والعزف على العود، وقرع الطبل والرقص، وشرب الكحول حتى الثمالة. أحدًا منهم لم يسمع يومًا ترنيمة أو تأمُلّ أو وعظة. أحدًا منهم لم يحكِ لي يومًا عن الربِّ يسوع الذي لم أعرفه إلا وأنا في المرحلة الثانوية، من خلال دروس بالمراسلة سعيتُ أنا لها، بعدما ضاقت بي الحياة فصرتُ أبحث عن الملجأ الأمين، عن معنى لوجودي.

*


ها أنا أسيرُ نحو الأسد الغاضب، أبّي.
تشلـّني نظراتُ أمّي المرتعبة.
تقوّيني كلماتُ آدم التي انبعثت من الذاكرة:

- إمّا حياة تسرُّ الصّديق أو مماتٌ يغيظُ العدو.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-6
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-5
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-4
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-3
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 2
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 1
- سمفونية العودة-الفصل السادس
- سمفونية العودة-الفصل الخامس
- سمفونية العودة-الفصل الرابع
- سمفونية العودة-الفصل الثالث
- سمفونية العودة-الفصل الثاني
- سمفونية العودة-الفصل الأول
- وأنَا أبحَثُ عنِّي.. وَجَدْتُكَ
- مذكراتُ أنثى عاطلة عن الأمل
- ومن لا يعرف ريتا ..!؟- عرض الأديب السيد حافظ
- الطَّريقُ هيَ الطَّريق
- ليسَ بالخُبْز وَحْدَهُ أحْيَا- ومضة قصصيّة
- قَانُونُ الجَاذبيَّةِ العِشْقِيَّة
- فَرَاشَة ُ الحُلُم
- موجة من كل بحر


المزيد.....




- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...
- بعد ساعات من حضوره عزاء.. وفاة سليمان عيد تفجع الوسط الفني ا ...
- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟
- كفن المسيح: هل حسم العلماء لغز -أقدس- قطعة قماش عرفها التاري ...
- الإعلان عن سبب وفاة الفنان المصري سليمان عيد
- الموت يغيب النجم المصري الشهير سليمان عيد
- افتتاح الدورة السابعة والأربعين لمهرجان موسكو السينمائي الدو ...
- السوق الأسبوعي في المغرب.. ملتقى الثقافة والذاكرة والإنسان


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سيمفونية العودة- المشهد الثاني- 7