أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لطيفة الشعلان - الاجتماعي والسياسي














المزيد.....


الاجتماعي والسياسي


لطيفة الشعلان

الحوار المتمدن-العدد: 949 - 2004 / 9 / 7 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد تكون الأنظمة العربية في أحيان كثيرة أكثر تقدمية من المجتمعات التي تحكمها. وهذا التعبير وقعه أخف من قول أحدنا ان المجتمع العربي أشد تخلفا من نظامه السياسي. وسواء قلنا هذا أو ذاك فالفكرة واحدة وتفضي بنا إلى ما هو أشد إيلاما وأمضى وجعا من افتراض أن المجتمعات كما تكون تكون أنظمتها السياسية، أو كما تكونون يولى عليكم. مع ذلك فقد شاعت قيمة معارضة السلطة السياسية ونقدها من قبل النخب العربية، وهي قيمة كانت ولا زالت محمودة متى ماخلصت ونزهت من الإرتزاق والمكاسب الشخصية، لكننا لم نر منذ تجاوزنا عصر النهضة أن نقد المجتمع قد شاع مثل شيوع نقد النظام السياسي أو على إيقاعه ووتيرته، رغم أن المجتمع العربي له من السلطة القمعية ما يوازي ما لدى النظام السياسي، وإن شذت كل من السلطتين عن الأخرى في ألياتها وأهدافها.
وإننا لنجد اليوم ان كثيرا من المكاسب الثقافية والإجتماعية في نطاق المرأة والتربية والتعليم كانت نتيجة مباشرة لنقد مجتمعي تصدره رموز عصر النهضة كمحمد عبده وقاسم أمين والافغاني، ومن المفارقات أن هذه المكاسب توقفت عندهم فلم يضف غيرهم إليها شيئا ذا قيمة. فقد إنحسر مد تيار نقد المجتمع جذريا لصالح التنظير في الصراعات والقضايا الكبرى والمشاغل المصيرية، مع أن النخب المثقفة لو إشتغلت بدرجة الحماس والمثابرة نفسها على النقد الإجتماعي لتحصلت منه على نتائج أفضل في رفع مستوى عيش الانسان العربي، وتطوير أنظمته القيمية، وخلق رأي عام يؤثر في القضايا وصياغة القرارات العليا. وهذا يعني بطبيعة الحال أن التطوير الإحتماعي ليكون فاعلا حري به أن ينطلق من القاعدة، أو أن تطالب هي به، قبل قمة الهرم. والناس حين تفهم قيمة مكتسب إجتماعي أو ثقافي ما وتنعم به، فهي تميل إلى التمسك به والدفاع عنه في وجه قوى تريد الإنتكاس بهم. بل إن الطريق لحصول الإنسان العربي على حقوقه السياسية لا يكون بالقفز إليها مباشرة وإنما بتأهيله أولا من الناحية الإجتماعية والقيمية، فأي حقوق سيعرفها الفرد لنفسه غير حق الطعام والشراب ودار الخلاء إن كان مكبلا بعادات متخلفة ومفاهيم إجتماعية بالية ما أنزل الله بها من سلطان.
يقف المجتمع العربي اليوم ببنيته وأعرافه السائدة ونظامه القيمي التقليدي عائقا حقيقيا من بين عوائق أخرى أمام تطور قضايا عدة لها علاقة بالتنمية والتحديث والأقليات والحريات الشخصية ووضع المرأة وغيرها.
فالثورة التي شهدها الانسان العربي على الصعيد التكنولوجي والمادي لم يصاحبها تطور أو نمو يعتد به على الصعيد القيمي. فما زلت ترى العربي الذي يستقل الطائرة كل شهر ويحدث كومبيوتره وجهازه النقال كل بضعة أشهر يعتنق قيما ثقافية وإجتماعية متخلفة لا تستند إلى أي منطلقات دينية ولكنها اكتسبت قوة وشرعية المقدس فلا يطالها التغيير مهما طال الزمان. خاصة والسلطة السياسية تؤدي دور الحارس لقيم المجتمع ومعاييره التي إرتضاها مهما كانت معوقة لشروط التغيير إما لكونها - أي السلطة السياسية- موقنة بعدم جدوى القرارات في اجتثاث ماله صله بالنظام القيمي، أو لإن الاتكاء على سلطة المجتمع، أو إتخاذها تبريرا وتسويغا، يكرس لها أوضاعا إجتماعية وثقافية تكون في صالحها.
ويتصاعد في العالم العربي دور السطة السياسية في تعضيد سلطة المجتمع وخياراته كلما توجست الأولى أن هناك ما يلوح في الأفق من تهديد أو إنفلات قد يحدث جراء تناول ما صار عرفا إجتماعيا سائدا بغض النظر عن إيغاله في التخلف أو دوره الفاعل كمصد في وجه التنمية. لكن مثل هذه الحالات العربية تتهددها في الوقت الحاضر الرياح العولمية العابرة للقوميات والقارات، التي تحمل معها نذر كسر أطواق العزلة وانحسار الثقافات الاقليمية. وحتى إن كان من المبكر تقويم أثر العولمة نوعا ومدى على النظم القيمية المحلية، فإن المتخوف عليه أن يثق في أن ما ينفع الناس فقط من قيم ومعايير ومواضعات إجتماعية هو ما سيبقى في الأرض.
المثقف العربي ملزم بنقد مجتمعه قيميا، بمعنى أن يعطي هذا الشأن بعضا مما يخصصه لنقد السياسي، فربما كانت المحصلة العملية على هذا الصعيد أكثر نجاحا منها على الصعيد السياسي. فقد لاك المثقف ومضغ على مدى عقود طوال كلاما واحدا متشابها عن الدكتاتورية والانتخاب والفساد وتداول السلطة وما شاكل ذلك من استغراقات سياسية، من دون أن نلمس في الغالب الأعم تغييرات أو نجاحات ترتبت على هذا (النضال) الطويل. بل على العكس فمن عباءة هذا المثقف خرجت الحركات والأحزاب الشمولية طورا، والأفكار الطوباوية طورا آخر، لتفعل جميعا فعلها في إحباط الناس، ومزيد من إفساد الحياة العربية، وإرهاقها بالحروب والنكسات. و(نهاية المثقف) ليست مجرد سباحة معولمة في ملكوت ما بعد الحداثة كما قد يتبادر الى الذهن لأول وهلة، ولكنها التبشير بنهاية ذلك المثقف التبشيري.
المثقف الجديد يخرج من الأفكار المجردة إلى الواقع الإجتماعي، ومن المبادئ النظرية الى الممارسة الحياتية، ومن التفكير الوصائي إلى الإنساني، فالثقافة تفقد معناها وقيمتها إن حبست نفسها في برج التنظير العاجي ولم تتفاعل مع مطالب الإنسان وعثراته وإحتياجاته. والناس في غنى عن مثقف ينشد المعرفة لذاتها مترفعا عن قضيتهم الإجتماعية وهموم معاشهم اليومي.



#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خليل حاوي وعروة بن الورد


المزيد.....




- بيان من مجلس سوريا الديمقراطية بعد الإعلان الدستوري
- لأول مرة.. السعودية تتفوق على مصر وإسرائيل في المقاتلات العس ...
- اجتماع بين إيران وروسيا والصين في بكين لمناقشة البرنامج النو ...
- بي بي سي تدخل قاعدة حميميم في سوريا التي تؤوي عائلات علوية ...
- متى يعتبر نقص الحديد في الجسم مشكلة؟ وما أفضل طرق العلاج؟
- الصين وروسيا تدعمان إيران مع ضغط ترامب لإجراء محادثات نووية ...
- البرتغال تشكك في شرائها مقاتلات -إف-35- خشية من موقف ترامب
- اكتشاف ينهي جدلا علميا واسعا حول المومياء المصرية -الحامل-
- أوربان يعارض القرض المشترك للاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا وي ...
- لوكاشينكو: منظومة صواريخ -أوريشنيك- الروسية ستدخل في الخدمة ...


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لطيفة الشعلان - الاجتماعي والسياسي