أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سمفونية العودة-المشهد الثاني-6














المزيد.....

سمفونية العودة-المشهد الثاني-6


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3140 - 2010 / 9 / 30 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


قارورة ً في دُرْج ِ الأيام ِ كنتُ، إلى أن مرَّ بي آدم وحرّر من العتمةِ عطري. كان يؤمن بمنطق تنمية أجنحتي. حثـّني على الكتابة وتحرير خواطري من العتمة. رحتُ أقرأ بنهم، فقد اعتقدتُ أنّ وراء كلّ أديب ٍ جيّد، قارئ نهم. بدأتُ أنشر كتاباتي في الصحف، خاصة أنّ تجربتي مع الحياة صارت أكثر خصوبة منذ لقائي بآدم الذي لم يتوانَ عن إثراء مخزوني المعرفي. هذا بالإضافة إلى الخصوبة الأدبية التي حصلت عليها من دروس الأدب المقارن وآداب اللغة الانجليزية ، فقد بدأت أتتلمذُ على أيدي أهمّ الشعراء المعاصرين ك: ألف بيت يهشوع وناتن زخ. رحتُ ألتهم الكتب التهامًا. وأنصتُ في المحاضرات وكأنّي أشاهدُ فيلما مثيرًا. وتفوّقتُ في كلّ واجباتي الأدبيّة الجامعيّة.

استهواني فنُّ القصة القصيرة، خاصة وأنا أمتثلُ لدورة نهائية بعنوان: "كتابة إبداعية"(Creative Writing) والتي تم قبولي فيها، بالإضافة لما يقارب العشر طلاب الآخرين، بناء على مقابلة مع المحاضر الذي مرّر الدورة وكان شرطها الأوحد أن يجيدَ الطالبُ فنَّ الكتابة.
كانت الدورة أشبه ما يكون بورشة عمل إبداعية. قبل كل لقاء، يعطينا مُهمَّة لانجازها. أول لقاء لي معه، كان عندما طلب من كل طالب كتابة كلمة ما على قصاصة ورقة. قام بجمع القصاصات وخلطها، ومرّ كلّ طالب واختار ثلاثة بشكل عشوائيّ. ثمّ، طلب منـّا كتابة قصيدة صغيرة تحتوي هذه الكلمات الثلاثة.شرح لنا أنّ هذا التمرين الأدبيّ يحرر الخيال من الأفكار المُسبقة ويطلق العنان للتخيل.
حصلتُ على الكلمات: شجرة، طير، بكاء.
كتبتُ:

غردّ العصفور
ثمّ بكى.
أمّا الشجرة
فظلَّتْ صامتة.

استهواهُ صمتُ الشجرة، فأخذ يتناقش مع بقية الطلاب عن المضمون الدلالي للقصيدة.
هكذا، تبلوَرَ لدي شغف لكتابة القصيدة القصيرة جدًّا.

أذكر أنـّه حدثنا مرّة عن أنواع الشخصيات في القصة القصيرة. ثمّ، طلب منـّا انتقاء شخصية ما تثير فضولنا فنتابعُ تحركاتها، أقوالها، ردود فعلها ثمّ نكتب قصة ما عنها. قرأتُ على المجموعة قصة "الفستان الأحمر" والتي كتبتها باللغة الانجليزية بناء على طلب المحاضر في كتابة قصة بطلها غير عادي. كانت تجربتي الأولى مع كتابة القصة القصيرة.
سادَ هدوءٌ غريب جو الغرفة وأنا أقرأ، ممّا حفزّني على متابعة القراءة. راحَ هو يسأل الطلاب عن المضمون الدلالي للجملة القفلة: "قررتُ أن أبصق"، والتي عبّرت عن الموقف المتمرد للفتاة الفلسطينية التي واجهت الواقع الطبقي في كونها فقيرة داخل مجتمع يهودي ثري فقررت أن تعلن عن رفضها لهذا الواقع بأقل خطوة ممكنة وهي البصاق.
احتدمَ النقاش. قبل أن أغادر تلك الغرفة المطلّة على بحر حيفا، ناداني المُحاضر، وهو شاعر أمريكي الأصل من خلفية يسارية، وقال لي: أنتِ موهوبة. منذ تلك القصة، راح ينتقيني دومًا لأقرأ نصوصي ويعطي المجال لمناقشتها مع أفراد المجموعة.


كنا نلتقي مرتين في الأسبوع: يومي الأحد والأربعاء مساء. نجلس في دائرة كبيرة. نوزع النصّ المطبوع على جميع أفراد المجموعة، ونقرأ وبعد القراءة يحتدم النقاش الكفيل بإثراء تجربتنا الإبداعية وتقليم الشوائب. والتحقتُ بدورة عن الــ هايكو، تلك القصيدة اليابانيّةِ الأصل والتي لا تتعدى الثلاث سطور وتحتوي على صورتين شعريتين، العلاقة بين الصورة والأخرى، هي سرّ نجاح تلك القصيدة . فتنني هذا الفن، لكونه يتطابق مع شغفي بكتابة القصيدة القصيرة. أدركتُ أنّ قصيدة الهايكو تبدأ من الطبيعة بأشجارها وطيورها وبحارها وورودها وتنتهي بالطبيعة البشرية بخفاياها. مراقبة الطبيعة من حولنا كفيلٌ بإضاءة بؤرة ما داخل طبيعتنا البشرية. ان أردت أن تفهم سرَّ الشجرة ، اذهب اليها. هكذا قالَ المُحاضر. صرتُ أراقب كلّ ما في الطبيعة عن كثب، وأنا العاشقة الأزلية للطبيعة، كي أستنتج شيئا ذا مغزى عن الطبيعة البشرية. كتبتُ الهايكو فأجدتُ الكتابة:

سماءٌ صافية-
طائرة ُ ورق ٍ تطيرُ
أعلى من خيطها


كانت هذه القصيدة القنبلة التي لفتت انتباه كلّ من قرأها. راح الكلّ يناقش المعنى الدلالي للخيط والطائرة. في نهاية الدرس قلت: أنا أرى نفسي هذي الطائرة التي تسعى للتحليق، فترتفع عمدًا فوقَ كل خيط قد يشدّها للأسفل أو يترك لها المجال لتسمو. والخيط هو المجتمع القادر على أن يكبلني بقيوده، أو يدفعني للسمو. من داخل المجتمع أنطلق، يظلّ المجتمع يغذيني بالأفكار والمبادئ فأسمو وأحلّق.

منذ نعومة حبري، كانت نصوصي ملفتة للنظر، تلك التي كتبتها كوظائف جامعية، وتلك التي نشرتها في الصحف المحليّة. بدأتُ أعزز ثقتي بتجربتي الإبداعيّة. رحتُ أخلق عوالم في قصصي القصيرة. أنقّبُ عن شخصيات مسحوقة، غير اعتيادية لأكتب آلامها . صارتْ الكتابة الملتزمة بقضية هي غايتي، بعدما قضيتُ سنوات من طفولتي أكتب الخواطر وأخفيها عن عين الرقيب داخل عتمةِ جارور المكتبة.

ظللتُ أقرأ بنهم وأكتب وأخلق شخصيات يتماهى معها القارئ فتثيرُ فضوله ليعرفَ ما حصل معها من خلال حبكة القصة...
إلى أن جاء يوم، عثر فيه والدي على دفتر مذكراتي الذي كنتُ أواريه وراء كتبي في الجزء الأسفل من المكتبة. جنّ جنونه وانتظر عودتي من الجامعة بتحرّق. كيف لا، وأنا الابنة المسيحية أبًا عن جدّ، التي ستجلب العار على العائلة، بعدما وقعتْ في عشق ِ شاب ٍ مسلم..!!



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-5
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-4
- سمفونية العودة-المشهد الثاني-3
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 2
- سمفونية العودة-المشهد الثاني- 1
- سمفونية العودة-الفصل السادس
- سمفونية العودة-الفصل الخامس
- سمفونية العودة-الفصل الرابع
- سمفونية العودة-الفصل الثالث
- سمفونية العودة-الفصل الثاني
- سمفونية العودة-الفصل الأول
- وأنَا أبحَثُ عنِّي.. وَجَدْتُكَ
- مذكراتُ أنثى عاطلة عن الأمل
- ومن لا يعرف ريتا ..!؟- عرض الأديب السيد حافظ
- الطَّريقُ هيَ الطَّريق
- ليسَ بالخُبْز وَحْدَهُ أحْيَا- ومضة قصصيّة
- قَانُونُ الجَاذبيَّةِ العِشْقِيَّة
- فَرَاشَة ُ الحُلُم
- موجة من كل بحر
- شاعِرَة ٌ مَاكِرَة ٌ مَنْ يَجدُهَا..؟!


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - سمفونية العودة-المشهد الثاني-6