ماذا لو بقيت لوحة زهرة الخشخاش فى متحف عالمى؟

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3139 - 2010 / 9 / 29 - 00:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

قامت الدنيا ولم تقعد عندما تعرض متحف محمود خليل بالقاهرة للسطو يوم السبت 21 أغسطس الماضى حيث سرقت منه لوحة زهرة الخشخاش للرسام الهولندى فان جوخ والتى يقدر ثمنها بأكثر من 50 مليون دولار. وقد تبين أن كاميرات المراقبة وأجهزة الإنذار لا تعمل وفى حاجة إلى صيانة.كما أن عدد الأفراد المكلفين بالحراسة لا يزيد عن سبعة ولا يملكون الإمكانات التى تؤهلهم لحراسة المتحف العريق. وفى الواقع فإن الإعلام قد قام بتصوير الحادث كما لو كان الأول من نوعه حيث يعتقد البعض أن عطل الكاميرات ونقص الإمكانات لدى طاقم الحراسة سهل عملية السطو على اللوحة غير أن الحقائق تشير أن متاحف العالم المجهزة بأحدث المعدات تتعرض مقتنياتها للسطو والسرقة. حتى متحف فان جوخ نفسه فى هولندا تعرض من قبل للسرقة.

لا شك أن متحف محمود خليل لا يعتبر أول موقع يتعرض للسطو فى العام الحالى. ففى مايو الماضى تسلل لص إلى متحف الفن الحديث فى باريس الذى يعتبر من أكثر متاحف أوروبا تأمينا حيث استولى على خمس لوحات فنية لبيكاسو وماتيس ومودجليانى. وهذه اللوحات يتراوح ثمنها من 170 مليونا إلى 430 مليون جنيه استرلينى. الغريب أن نظام الإنذار كان معطلا فى بعض غرف المتحف منذ 30 مارس الماضى وكان مسئولو الأمن قد طالبوا بشراء قطع الغيار اللازمة لإصلاح العطل إلا أنها لم تصل فى حينه. المثير للدهشة أن الرجال الثلاثة الذين يتولون أعمال الحراسة لم يشاهدوا شيئا مريبا خلال الخدمة. وفى المقابل فإن الكاميرات التلفزيونية قد رصدت رجلا مقنعا يتسلل من نافذة مكسورة فى حوالى الساعة السابعة إلا خمس دقائق صباحا ثم يقوم بكسر القفل ليصل إلى اللوحات وينزعها بحرفية من الإطار من دون أن تنطلق صفارات الإنذار.

الجدير بالذكر أن المتاحف العالمية الأخرى لم تسلم من السطو المسلح وغير المسلح فى الفترة من 1911م حتى 2010م حيث سرقت لوحات لا تقدر بثمن وحيث تم العثور على بعضها ومازال الجزء الأكبر مفقودا حتى الآن. لعل السرقة التى تمت فى عام 1911م تعتبر من أشهر حوادث السطو حيث سرقت لوحة الموناليزا لدافينشى من متحف اللوفر بباريس لكنها أعيدت بعد ثلاثة أعوام. وفى عام 1986 تم سرقة 18 لوحة من بينها لوحة لفرمير من أحد متاحف ايرلندا. وفى عام 1988م استولى لصوص على ثلاث لوحات لفان جوخ من أحد متاحف هولندا غير أن البوليس استطاع العثور عليها. أما سرقة متحف ازابيلا جاردنر فى بوسطن بأمريكا فى عام 1990م فتعتبر من أكبر حوادث السطو على الفن الحديث حيث اختفت ثلاث عشرة لوحة يقدر ثمنها بحوالى 400 مليون جنيه استرلينى وباءت كل محاولات استعادتها بالفشل. الغريب أن أعمال فان جوخ تعرضت للاعتداء مرة ثانية فى عام 1991م حيث استولى شخصان ملثمان على 20 لوحة من متحف فان جوخ بأمستردام غير أن جهود البحث أسفرت عن العثور عليها بعد مرور اقل من ساعة.

أما فى عام 1994م فقد تعرضت سبع لوحات لبيكاسو للسرقة من معرض بزيورخ بسويسرا غير أنها أعيدت فى عام 2000م الذى شهد عملية السطو على المتحف القومى باستوكهولم حيث سرق ملثمون لوحة ذاتية لرمبرانت ولوحتين لرينوار غير أن كل هذه اللوحات تم إعادتها. وفى عام 2002م استطاع لصان اختراق سقف متحف فان جوخ فى أمستردام وسرقة لوحتين يقدر ثمنهما ب30 مليون دولار ولم يستطع البوليس العثور عليهما حتى تاريخه. ويعتبر عام 2003م عام السرقات الفنية حيث قام رجلان بسرقة لوحة لدافنشى من قلعة دراملانريج باسكتلندا إلا أنه تم العثور عليها بعد أربعة أعوام. كما تم سرقة عمل فنى لسيللينى من متحف تاريخ الفن بفيينا. ولم تتوقف السرقات خلال الأعوام التالية التى شهدت سرقات عديدة كسرقة لوحتين لمانج فى عام 2004م من أحد متاحف أوسلو بالنرويج. كما تعرضت أربعة أعمال فنية لماتيس وبيكاسو ومونيه وسلفادور دالى للسرقة من أحد متاحف البرازيل فى عام 2006م. وشهد عام 2007م نجاح ثلاثة لصوص فى سرقة لوحة لبيكاسو يقدر ثمنها بحوالى 50 مليون دولار وأخرى للفنان البرازيلى كانديدو بورتينارى من متحف الفن بساو باولو إلا أن اللوحات تم العثور عليها فيما بعد. أما عام 2008م فقد شهد سرقة مسلحة لأربع لوحات ليجزان وديجاس وفان جوخ ومونيه يقدر ثمنها بأكثر من 163 مليون دولار من متحف خاص بزيورخ سويسرا.
.
ومما سبق يتبين لنا أن الحذر لا يمنع القدر، إذ إن كل المتاحف الأوروبية والأمريكية التى أشرنا إليها مزودة بأحدث الأجهزة الالكترونية ومع ذلك استطاع حفنة من اللصوص سرقة مقتنيات تجسد التراث الإنسانى عبر العصور.

#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات