|
وداعا نهى الراضي : يوميات بغداد ..يوميات أمراة في الحرب ..وفي المنفى
فاروق سلوم
الحوار المتمدن-العدد: 948 - 2004 / 9 / 6 - 10:19
المحور:
الادب والفن
ـنهى الراضي الخزافة العراقية التي مضت قبل ايام ..تركت لنا ثلاث طبعات لكتابها ( يوميات بغداد )..باللغة الأنكليزية والذي يعتبر من الكتب التي حققت افضل المبيعات في العالم ..فقد صدرت الطبعة الأولى عام 1998 عن دار الساقي وصدرت الطبعة الثانية 2001 والثالثة 2002 ؟؟وفيما كانت تهم بالسفر الى أسبانيا لحضور حفل إطلاق كتابها بالأسبانية ..اختطفتها يد القدر يوم 31/8 /2004في بيروت حيث أمضت سنواتها الأخيرة. ولدت نهى الراضي في بغداد 1941ودرست فيها ثم انتقلت للعيش في إيران والهند رفقة والدها السفير العراقي هناك خلال الخمسينات. درست الخزف في مدرسة بيام شاور للفنون ومعهد تشيلسي للفخاريات ثم أنهت تعليمها في الجامعة الأمريكية ببيروت 1961 _ 1963 م و انصرفت خلال الفترة 1971 _ 1975 للأعمال الفنية والتدريس في بغداد وأقامت العديد من المعارض الشخصية في بغداد وعواصم أخرى في الوطن العربي ودول العالم.. ويقع كتابها في ثلاثة فصول أساسية..الحرب والحصار ..والمنفى..والذي تعلق عليه جرّاء الاهتمام الذي قوبلت به طبعات الكتاب [ أنني مهتمة بالكتابة ..ولست كاتبة لكني تأكدت من إصابتي مكمن الأحاسيس حين أعدت قراءة ما كتبت بعد نشره ] كانت قد نشرت يومياتها في الغارديان اللندنية عام 1991( وماتزال تنشر يومياتها عن الحرب والسقوط حتى وفاتها الأسبوع الماضي ) كما تولت مجلة الناقد اللندنية نشر الترجمة العربية لليوميات. وترى صديقتها ماغدا بانديرا التي كتبت المقدمة (ان نهى الراضي تنشغل بأشياء أخرى عند الكتابة ، ففيما نجد التقارير والمعلومات والأرقام عن الحرب على العراق في مطبوعات ..أخرى بشكل يجعلنا نستشيط غضبا ..تضع نهى الراضي عيناها على تفاصيل أخرى اكثر إنسانية ..بحيث تعطي معنى مختلفا لتلك المعلومات).. وفي الفصل الأول الذي تبدأ كتابته مع أول القصف عام 1991 تنشغل نهى في وصف البيئة المحيطة بالمنزل في منطقة الصليخ قرب الأعظمية حيث كانت تعيش ( كانت النخلات الوحيدات التي أحببت حزينات وربما اكثر رعبا من القصف ..حتى اني اراهن مثل نساء منفوشات الشعر ) ثم وتواصل رسم علاقات الناس ..وتعاونهم وتزاورهم خلال الظرف الصعب ..وتلقي الضوء على وشائج الصلات الحميمة بين الناس من الأصدقاء والأقارب ..وسط جنون الموت الذي استمر خمسة واربعين يوما من القصف .. كنت افضل ان لاانام ..وكنت ارى شبح الأشياء ..او ظلّها في ضوء انقطاع الماء والكهرباء ..ونبض الحياة أيضا. وهي إذ تواصل رصد تفاصيل الحياة ترمي نظرها الى كل طرف ..الى كل الحيوات ..حتى القطط والكلاب والمخلوقات الصغيرة وهي تلوب في ظل النار ..والقتل المفتوح كما تقول. وفي فصل الحصار تكون قد خبأت اسرار اوراق يومياتها لأنها تريد السفر وهي تخاف انكشاف اسرار كتابتها التي اخذت منحى آخر بعد ان رافقت فريقا تلفزيونيا امريكيا الى مدن عديدة تحت القصف والى مواقع الآثارية مهمة ( كنت طوال الطريق حول البلاد اتأمّل الخراب الذي شمل كل شيء من حضارة بلغ عمرها ستة آلاف سنة ..لم اكن ابكي لكنني كنت انزف في اعماقي ). ولأن يومياتها غالية ..وقريبة الى نفسها وهي حريصة على تصويرها عند صاحب المكتبة الذي يتمتع بثقتها ..فأنها تسمعه يقول بعد ان اذاعت الأمم المتحد ة قرارات العقوبات ..فيقول لها : ( لاتقلقي كثيرا ..انا ارى العراقيين جميعا يعانون من الحاجة والأسى لكني اؤكد لك انهم سيبقون وسيحيون ..وسأبقى انا ايضا ) وتعلق على طاقة البقاء لدى العراقيين الذين رأوا اهوالا على مدى القرون يوم كانت الجيوش الغازية تقبل من كل مكان لتخرب المدن وتمحو آثار الحضارات كما فعل الميديون والأخمينيون ..وغيرهم حتى جاء التتار ليبيدوا كل شيء في القرن الثالث عشر ( لكن العراقيين اطلقوا طاقة البقاء ..وعاشوا الى اليوم ليروا حروبا اخرى تستهدف حضارتهم ).. وفي فصل المنفى..تكتب نهى الراضي يوميات رحيلها وتنقلها من عاصمة الى اخرى ..وترصد الهواتف ..وحوارات الناس وقد تعاطفوا مع البلاد فيما يقوم الطاغية بكل مايديم سلطته حتى لو كان ذلك على حساب الشعب واستقراره ..وهي تحكي عن هجرة العشرات ..والمئات والآلآف من العراقيين الذين صادفتهم مثلما تحكي عن الأصدقاء الذين هاجروا ومضوا يبحثون عن خبر ورسالة ومعلومة تطمئنهم على بعض من غوائل الزمن والهجرات والأقاصي : ( لدي صديق ذهب لشراء اللحم من جزار قريب ..وهناك وجد رجلا يقطع اللحم بهدوء في زاوية المحل خلف الطاولة وعندما سأل الجزار من يكون قال له . هذا جراح عراقي ولم يجد مايعمله بسبب البطاله غير ان يجرب حظه في هذه المهنة ) وهي ترى ان حالة المهاجرين والهاربين من الحروب والحروب المقابلة ( صورة لشتات العراقي في كل مكان )..ثم تختتم قائلة : ( لايجب على العراقي ان يشقى طوال الوقت للأتيان بما يثبت كفاءته ..اذا كان في بلاده اما في الغربة فان عليه ان يفعل ذلك آلاف المرات ) ..وقد تابعت نهى الراضي كتابة اليوميات والرسائل والمعلومات وهي على اتصال ببلادها في المنفى وفي الداخل بحيث تكون كل طبعة من كتابها مزيدة ومنقحة ..وتحتوي الطبعة الرابعة التي لم تظهر بعد على يوميات الحرب الأخيرة التي اسقطت النظام منذ ان وطأت ارجل غارنر ارض الناصرية واقام هناك عند آثار آور خيمة كبيرة لينعقد اول مؤتمر عند موطىء ابراهيم الخليل وهي تتساءل ( لماذا اختار غارنر هذا المكان ..اليس من معنى دلالي لإبراهيم جديد يحتل العراق اليوم ) ..وتقوم الغارديان ومعهد دراسات الحرب بنشر يوميات نهى الراضي التي خسرنا فيها الأنسانة ..والخزافة ..والكاتبة التي يظل كتابها يوميات بغداد من اكثر الكتب قربا الى الشجن الذي يحمله العراقي في الحضور ..والغياب ..في البلاد وفي المنافي . ـــــــــــــــــــــــــــــ بغداد
#فاروق_سلوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابو صخير - الى حسن النوّاب ..الى حمزة الجواهري
-
مرة اخرى : جورج وكرستيان ..في المحنة
-
محمد حسين المطلبي..متأخرا كل هذه السنوات
-
كرستيان وجورج في جحيم الأختطاف !!ـ
-
أقـــــــوال
-
فرناندو باييز:في بغداد كنوز تفقد وكتب تحرق
-
فرانك فاريلا!..دلالية النص..شعريّته !
-
المكسيكي كارلوس فوينتس: كلنا خلاسيون
-
تهرول في الموجة الأسفار
-
قبل ان تموت ..زهرة كاظمي كانت في بغداد
-
وول سوينكا في السبعين : السياسة تفسد المثقفين
-
الروائي فارغاس يوسا في العراق
-
مجد البرجوازية وأحلام القاع
-
طاسة الحمام الأميريكي
-
عودة آور ..العودة للناصرية
-
AMERICANIZATION
-
التوافقية : حكمة الكورد السياسية
-
أنصفوا الكورد : اقلية عقلانية..واغلبية ضائعة..
-
يوم آخـــــــــر
-
قصائد لزمن واصدقاء
المزيد.....
-
افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
-
“مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
-
كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل
...
-
هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|