|
السلام على المذبوحين في العرق
علي فردان
الحوار المتمدن-العدد: 947 - 2004 / 9 / 5 - 09:01
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
4 سبتمبر 2004 م قبل أيام قليلة تم ذبح عامل نيبالي بسكّين وقتل إحدى عشر عاملاً آخر من النيبال بالرصاص، ويوم أمس تم ذبح ثلاثة سائقين أتراك، وقبل ذلك تم ذبح صحفي إيطالي، وقبله كوري ومصري وعدد من اللبنانيين والعراقيين الشيعة، وكذلك أمريكان وغيرهم. اللهم تقبلهم شهداء وألهم أهلهم الصبر والسلوان وعوّضهم خيراً. اللهم خذ بثأرهم من الظالمين القتلة الذين استحلوا دماء الآدميين دون وازع ديني أو إنساني يمنعهم ودون أي نوع من الرحمة وبدون سبب، سوى الإفساد في الأرض كما قال الإرهابي في شريط ذبح العامل النيبالي: بأنه يجب أن يزيح أحدنا الآخر. عندما يتم خطف عامل أو صحفي أو جندي أو شخص من جنسية ما، هناك مطالب مثل رحيل القوات الأجنبية التي ينتمي إليها ذلك الشخص أو التوقف عن دعم القوات "المحتلة" وغيرها. لكن في حالة خطف وقتل العمالة النيبالية لم تكن هناك أية مطالب، فلا النيبال قوة عظمى ولا النيبال مشاركة في القوات المتعددة الجنسيات، ولا النيبال من الدول التي لها نفوذ في العراق أو دولة أخرى، ولا النيبال لها دور في اضطهاد المسلمين. إضافةً إلى ذلك لم يعلن الإرهابيون أي نوع من المطالب حين خطفوا تلك الأرواح البريئة، فكان كلّ همّها هو الإرهاب باسم الدين وتحت راية الله أكبر لتشويه صورة الإسلام، فقاموا بذبح العامل الفقير ذبح الشاة في مشهد يقشعر له البدن ويصيب الإنسان بالغثيان فتسمع أنين ذلك الإنسان بعد أن تم قطع أوداجه وقصبته الهوائية تبعته يد الغدر لتقطع رأسه وترميه أرضاً كما لو كان قطعة حجر. أنين يقطّع نياط القلب فينساب الدمع غزيراً من العين وتترحم على روحه الطاهرة التي ذهبت لبارئها. قال أبوه بأن ولده ذهب للعمل لينتشل أبويه وأخوته من الفقر، ففُجِع بذبحه. الله ارحمه وارحم أخوته الذين قضوا على يدي الإرهابيين البعثيين والوهابيين. اللهم ادخل عبادك الذين قتلتهم يد الإثم والعدوان والإرهاب الجنة. الإنسانية التي تم ذبحها في العراق تم ذبحها أيضاً في أوسيتيا يوم أمس عندما احتجزت مجموعة إرهابية أخرى تنتمي لنفس التنظيم الفكري، فكر القاعدة، فكر التطرف الوهابي. قامت المجموعة الإرهابية باحتجاز عدة مئات من الأطفال والنساء في مدرسة وقامت بتلغيمها ومنعت عنهم الأكل والشرب حتى شربوا بولهم، ونزعت ملابسهم ومن شاهد صور والجرحى من الأطفال ذكوراً وإناثاً يتراكضون الكثير منهم عراة لا بد أن يتأثر بذلك المشهد الذي يقطّع نياط القلب حيث راح ضحية تلك العملية الإرهابية أكثر من 300 طفل وطفلة. والإرهاب بالإرهاب يُذكَر، فقط قامت تلك الجماعة الإرهابية قبل أيام بتفجير طائرتين روسيتين مدنيتين راح ضحيتها حوالي 90 نفس بريئة لا ناقة لها ولا جمل في حرب ضروس تلتهم أول ما تلتهم الأبرياء. العديد من العمليات الإرهابية في العراق يقف خلفها التيار الوهابي بأصابعه القذرة التي نقرأ عنها باستمرار في الإنترنت تحت أسماء شهداء قضوا في مناطق متفرقة بالعراق ينتمون إلى مدن عديدة في المملكة؛ بعضهم فجّر نفسه في مركز شرطة أو كلية عسكرية أو مركز الدفاع المدني أو مسجد أو تجمع سكّاني، والبعض قاتل في الفلوجة وساعد البعثيين بعد أن كان يعتبرهم كُفّاراً. ولا زالت صور الإرهابيين وأسمائهم تظهر على مواقع ومنتديات سعودية متعددة، بعضها له علاقة بالحكومة السعودية مباشرة، مطالبةً "بتهنئة" ذويهم على استشهاد أبنائهم وهم يقاتلون "الكفار المشركين" في العراق. التيار الوهابي الذي تقوده في العراق هيئة علماء العراق، الجناح السياسي للإرهابيين، تحدّثت عن نفسها يوم أمس حين قال كبيرهم عندما تحدث عن موضوع المفاوضات للإفراج عن المختطَفَين الفرنسيَيَن "أناشد أخواننا الخاطفون" فهو يسمّيهم أخوة، فلا غرابة أن يحصل ما يحصل من ذبح الآدميين لتحقيق أهدافهم الشريرة والمساومة عليهم. ولا تنتهي الحكاية هنا، بل يزيد عليها الشيخ يوسف القرضاوي "المعتدل" ليصب الزيت على النار وهو جالس في بيته على فراشه الوثير كما العديد من مشايخ التطرف والإرهاب الوهابي، فيفتي بجواز قتل المدنيين الأمريكيين ويقول "أن كل الأمريكيين في العراق محاربون، لا فرق بين مدني وعسكري". ويضيف "المعتدل" القرضاوي "إن خطف الأمريكيين وقتلهم في العراق واجب". ألا يعلم كمن طبيب أمريكي يعمل في العراق؟ ألا يعلم كمن حياة تم إنقاذها على يد هؤلاء الأطباء؟ كمن حياة تمن إنقاذها على يد الخبراء الذين يعملون في الهاتف والكهرباء والماء والطاقة والكثير من مشاريع البنية التحتية الأخرى؟ كمن خبير يعمل في مجالات إنسانية لا علاقة لها لا بالجيش الأمريكي ولا بالحكومة الأمريكية؟ ربما لم يسمع عن الطبيب الأمريكي، وهو واحد من مئات، الذي عالج الكثير من الأطفال والنساء والرجال، وأبى إلاّ أن يستمر في مسعاه الإنساني حتى استشهد وذهب إلى ربه تحت قصف إرهابي للعيادة التي يعمل فيها. هؤلاء الشيوخ هم الجناح السياسي للإرهاب العالمي، ففي الوقت الذي يتحدثون عن الاحتلال، تراهم يعيشون على كوكب آخر حين يتعلق الأمر بحكومات الدول العربية مثل ما يحدث في دارفور بالسودان، فتشريد أكثر من مليون مواطن مسلم "غير عربي" واغتصاب المئات من المسلمات على يد العصابات السودانية "الجنجويد" وحرق المئات من الناس أحياء لا يعنيه في شيء، لكن إذا ما تم ذلك عن طريق حكومة "غربية" فالأمر مختلف، وهذه سفالة ما دونها سفالة و قذارة ما دونها قذارة. المؤسف هو أن العالم العربي والإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، علماء دين وكُتّاب وحكومات، والجامعة العربية، وهيئات، لم يتحدث ولم يذكر المذبوحين من الأتراك ولا من النيبال فأصبحوا في خبر كان، ولكن تحرّك لإنقاذ الرهائن الفرنسين. المؤسف ليس التحرك للإفراج عن الصحفيين الفرنسيين، بل هذا واجب العالم أجمع، فهم أبرياء وضحايا للإرهاب البعثي والوهابي، لكنه الدفاع عن القوي صاحب النفوذ، ففرنسا دولة لها تأثير عالمي، مقارنةً بالنيبال الدولة الفقيرة التي لم يندد أحد بذبح مواطنيها. فحتى الإنسانية درجات، بعضها فوق بعض وما حدث من تحرك دولي وتنديد لعلمية خطف الفرنسيين قابلها صمت الأموات لذبح الأتراك والنيباليين يصيب الإنسان بالأسى والحزن الشديدين، فكأن دم الإنسان النيبالي أخف وزناً وأفتح لوناً من نظيره الفرنسي. لقد قالها أخوتنا المصريين في أمثالهم الملاصقة للواقع، قالوها منذ زمن "اللي مالوش ظهر ينضرب على بطنه"، وأهل النيبال ليس لهم ظهر، ولم يُضربوا على بطونهم، بل كبّوهم على وجوههم وذبحوهم بدم بارد تحت هتافات "الله أكبر". ونحن نقول الله أكبر على دم يسفك حراماً. لقد خالف الإرهابيون شرائع الأرض والسماء فقتلوا الأبرياء وذبحوهم ذبحة بشعة أمام ناظري العالم كله مفتخرين بأعمالهم، فهؤلاء يتقربون إلى الله بسفك الدماء الطاهرة التي حرمها الله إلاّ بالحق. السلام عليكم يا أخوتي في الإنسانية. السلام عليكم يا أخوتي في التوحيد. السلام عليكم يا أخوتي في الدين. السلام عليكم أيها المذبوحون في العراق.
#علي_فردان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تخذلوا الشعب العراقي ولا العراق
-
التسامح واحترام الآخر: لا يشمل المواطنون الشيعة
-
لنا الكوارث ولهم الخيرات
-
الحكومة والوطن والمواطن: رأيٌ آخر
-
أين مصلحة الوطن العليا؟
-
مهزلة القضاء السعودي: إذا بُليتم فاستتروا
-
قبول الطالبات الشيعيات في الكليات الصحية: الخطوة التالية الم
...
-
قناة الجزيرة: لماذا في بغداد وليس دارفور؟
-
القيد للمجرمين والحرية لأستاذنا الدميني
-
شهيد الواجب في الرياض، وقتيلٌ في بغداد !!
-
السنافي يسأل عن حقوق الإنسان وعاداتنا وخصوصية غرف النوم
-
الإصلاح في السعودية: لا تتفاءلوا - - تُحبَطوا!!
-
نكافح الفقر أم التسوّل؟
-
الأقباط في مصر والشيعة في السعودية: تشابه في الاضطهاد
-
كيف لا يشعر الشيعة بالاضطهاد في وطنهم؟
-
من يضحي بحياته ليعيش آل سعود؟
-
المرأة في عصر الإسلام وفي عصر آل سعود
-
خذوني إلى أرض الأمل
-
انتهاكات حقوق الأجانب في السعودية: في انتظار فجرٍ جديد
-
تعالوا نفجّر ونقتل ونسحل الجثث الآدمية
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|