ريتا عودة
الحوار المتمدن-العدد: 3133 - 2010 / 9 / 23 - 09:42
المحور:
الادب والفن
سمعنا صوتَ أبي ماشيًا في الحديقة عند هبوب ِ ريح ِ النهار، فاختبأنا من وجههِ في وسطِ شجر الحديقة. نادى أبّي:
-آدم أينَ أنت..؟!
قلتُ:
= سمعتُ صوتـَكَ في الحديقة فخشيتُ. لأنـّي خجلٌ منـّكَ اختبأتُ.
قالَ:
-لمَ أنتَ خجلٌ..؟ هل مدَّدْتَ يدكَ إلى الدرج الذي أوصيتـُكَ ألاّ تمسَّهُ.؟
قلتُ:
المرأة التي جعلتها معي هي ناولتني الأوراقَ فقرأتُ.
قالَ لكِ:
-ما هذا الذي فعلتِ.؟
فقلتِ:
•هذي الأفعى غرَّتني فقرأتُ.
وأشرتِ إلى ابنةِ عمّي . فقالَ لها: لأنـَّكِ فعلتِ هذا ملعونةٌ أنتِ. يضعُ الله عداوة بين نسلكِ ونسلي. هم يسحقونَ رأسكِ ونسلك ِ يسحقُ عقبَهم.
وقالَ لكِ: تكثيرًا يُكثرُ الخالقُ أتعابَ حبَلَكِ. بالوجع ِ تلدينَ أولادًا وإلى رجلكِ يكونُ اشتياقـُكِ وهو يسودُ عليكِ.
ثمَّ قالَ لي: لأنـَّكَ سمعتَ لقولِ امرأتِكَ ومدَّدْتَ يدكَ للدرج الذي أوصيتـُكَ قائلا ً لا تمسّهُ، تكونُ الأرضُ ملعونة ً بسببكَ. بالتعب ِ تأكلُ منها كلّ أيام حياتك. شوكًا وحسكًا تـُنبتُ لكَ وتأكلُ عشبَ الحقل ِ . بعَرَق ِ وجهِكَ تأكلُ خبزًا حتـّى تعود إلى الأرض التي أخِذتَ منها لأنـَّكَ ترابٌ وإلى تراب ٍ تعودُ.
*
هكذا طـُردْنـَا منَ القصر. نادى أبّي على الخـَدَم ِ فأحكموا وضعَ منديل ٍحولَ عينيّ وآخر حولَ عينيكِ. انقبضَ قلبي وهم يلقون بكِ داخلَ شاحنة ويلقونَ بي داخل أخرى.
بعدَ ساعات من السفر المتواصل والهواجس، فكـّوا الأصفادَ عن يديَّ. ساروا بي قليلا. ثمَّ، دفعوني بأيديهم من خلفي.
رحتُ أهوي.
أهوي ومعي تهوي ذكرياتُ القصر.
أنتِ .
نوباتُ ظنونك.
الأفعى.
الإغواء.
السقوط في الفخ.
الشقاء.
الندم.
تطايرتْ ذاكرتي كأنّها أوراقُ تين ٍ ذابلة تذروها الرّيح ومعها تبعثرَ سلامُ القلب.
*
منذ انفصلنا جسديًا وروحيًا عن قلبِ أبّي المُحِبّ، منذ استسلمنا لوسوساتِ تلكَ الأفعى فأعلنا العصيانَ على مشيئتِهِ ، وأنا في بحث ٍ متواصل ٍ عنــّكِ.
آهٍ حواء، أينَ أنتِ الآنَ حبيبتي..!!
آهٍ أيتها المعشوقة ُوالعاشقة..!!
العاطفة ُ كرويَّة.
اذهبي غربًا وسأذهبُ شرقـًا .
لا بدَّ يومًا أنْ........................... نلتقي.
#ريتا_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟