|
عوامل تراجع جماهيرية الاسلام السياسي في اقليم كوردستان
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3132 - 2010 / 9 / 22 - 17:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما مر به اقليم كوردستان خلال العقدين المنصرمين من الظروف السياسية الاقتصادية الثقافية العامة، و ما تخللتها من التغييرات المختلفة على كافة الاصعدة من جانب، و مدى التصاعد و التنازل في المنحنى العام لجماهيرية و ثقل و اهمية و دور الاحزاب جميعا بشكل عام و الاسلام السياسي بشكل خاص من جانب اخر، يوضح لنا هذه العملية المستمرة لحد اليوم شكل و كيفية العلاقة الجدلية المرتبطة الواضحة بين الواقع و ما فيه و التطورات التي تحصل على الارض بكل ما فيها. ما يخصنا هنا، مستوى و مساحة الاسلام السياسي و التغييرات التي حصلت في كينونته و الاواصر الموجودة بينه و بين تلك المعادلات . الظروف الاقتصادية العامة هي في مقدمة العوامل و ما كان اقليم كوردستان فيها من الظروف ليست بخافية على احد و خاصة بعد انتفاضة اذار 1991، و عاش الشعب في ظل الفقر و العوز و الحصار و التضخم و الكساد مما وفر ارضية واسعة و ممهدة لانبثاق مثل هذه التوجهات و التيارات و الاحزاب و الاستناد على الافكار و النظريات المثالية و العودة الى الدين كغذاء للروح المنكسر في تلك الظروف و المبتلاة بصعوبات الحياة العامة، و استغلت هذه الاحزاب ذلك الوضع و استفادت من الاموال السياسي التي دخلت بطرق شتى و خاصة التي جاءت من دول الخليج و المنظمات الاسلامية الخيرية و الميسورين من اصحاب البترول دولار و اموال الزكاة ، و استخدموها لاغراضهم الحزبية الخاصة و مصالحهم الضيقة و من اجل تقوية تنظيماتهم الحزبية و خاصة في المناطق المتخلفة و المنكوبة و بين فئات و مجموعات مظلومة و من ذوي اليتامى و ما فتك بهم الفقر المدقع و من لم يتوفر لديه متطلبات الحياة الاعتيادية اليومية. الى جانب ذلك كثفت الاحزاب و التيارات التابعة للاسلامي السياسي من تركيزهم على تقوية الذات و ضمان المستقبل و بناء البنية التحتية الخاصة بهم من اجل الصمود في صراعهم مع العلمانية و بكافة الطرق و الملتوية منها، و حتى وصلت الحال الى الاحتراب و التشدد و الارهاب يجميع اشكاله المقززة و حاولوا استقطاع اراضي و مناطق من اقليم كوردستان محاولين بناء اماراتهم البدائية المظلمة، و تمكنوا هنا و هناك مستغلين الظروف التي كانت مهيئة لتحقيق اهدافهم، لحين سقوط الدكتاتورية البغيضة في بغدا دو تغيرت المعادلات راسا على العقب من كافة النواحي و ازيلت جحورهم من بكرة ابيها . اضافة الى الانتقالة السياسية التي حدثت في تلك الفترة القصيرة مقارنة مع ما تتطلبه التغيرات من المراحل و الظروف و الدوافع . فان التحرر من مخالب الحصار و شبح الموت و تحسن الوضع الاقتصادي ، غير معه الظروف العامة و تنفس الشعب الصعداء و اعتلى شان العلم و المعرفة و التكنولوجيا و ارتفعت درجات الاهتمام بالثقافة العامة بشكل ملحوظ ، و خرجت الناس من القمقم و تفتحت العقول و تغيرت نسبة الفقر و ازداد الدخل الخاص للفرد، مما لمسنا ازدياد في الوعي العام خلال فترة قصيرة و تقدم الجانب التربوي و التعليمي ، و كل هذا ضيق المساحة من الارضية التي لعب فيها الاسلام السياسي بكل راحته و توقف تمدده و تراوح في مكانه لا بل تقلص تنظيماته و حوصرت جماهيريته في حلقة معينة بفعل تغيير الظروف العامة، و بنيت السدود الطبيعية امام تنمية تنظيماته لا يمكنها التطور بشكل ملموس كما كان من قبل و تحددت نسبة منتميه و مواليه كما تبينه و توضحه لنا الانتخابات المتكررة التي اجريت في اقليم كوردستان. لو تمحصنا فيما نحن بصددها من العوامل التي ادت الى تراجع جماهيرية الاسلام السياسي بشكل ادق و اوسع نرى بانه اضافة الى الظروف الموضوعية و التغييرات على الارض و خصوصية الشعب الكوردستاني و تاريخه و سماته المعتدلة منذ القدم ، فان الظروف الذاتية للاسلام السياسي بذاتها ايضا كانت عاملا كبيرا في تآكله من الداخل و تقوقعه على نفسه، فخرجت تنظيماته من فترة و مرحلة البناء الذاتي و البداية التي تحرك منها بالسرعة المشهودة له فتوضحت الامور بشكل جلي و تبينت جواهر الاسلام السياسي للمنتمين و الجماهير التي دخلت تلك الاحزاب للظروف الخاصة التي مرت بها و خاصة استغلالهم للدين و الحريات الشخصية و خصوصيات الانسان من اجل المصالح الحزبية و الصراعات السياسية، و التي تبينت لهم كل ما كان وراء الستار و كشف ما كان مستورا و ما كان خافيا من الاهداف التي ليس لها اي اختلاف يذكر مع ما يتبناه العلمانية من من الادوات و الخصائص المطلوبة في العملية السياسية و صراعاتها المطلوبة، هم خدعوا الناس باقوال و مفاهيم غير ما امنوا بها في ذواتهم، و لذلك تاكد الكثيرون من حقيقة هذه الاحزاب، و اكتشفت بشكل ملموس بانها تيارات و تنظيمات حزبية دنيوية بحتة على غير ما كانوا يؤمنون به و ما دخلوا من اجلها من امور الدين و الاخرة و هو غير ما ادعوها في البدايات ، و تساقطت منهم مجموعات و شخصيات من جميع المستويات سوى كانت من عامة الناس او النخبة المثقفة، و حدثت انشقاقات و لم يبق الا من تجمعهم المصالح السياسية الخاصة مستغلة الدين في توفير ارزاقهم و قوت يومهم لهم و للعائلتهم. من هنا نكشف للجميع بكل صراحة بانه طالما تغيرت الظروف الموضوعية و تحولت الحال جلب معه هذا التغيير تحولات مغايرة و معادلات اخرى و علاقات متعددة الاشكال ، وتفرعت انواع من الروابط الرصينة بين الوضع الاقتصادي و الظروف السياسية مما غيرت بدورها من الظروف الذاتية ، و هذا بعد التطورات الايجابية من كافة المجالات في الوضع العام و هذا مما حدا الى تراجع جماهيرية الاسلام السياسي بشكل عام و من كافة النواحي.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افتعال الازمات بين السلطة و الاعلام الاهلي في كوردستان، لمصل
...
-
اين العلاقات الانتاجية من متطلبات العصر في كوردستان ؟
-
التشكك الدائم في التوجهات الفلسفية الجديدةعبر التاريخ !!
-
عدم تدخل الشعب عند تاخر تشكيل الحكومة !!
-
متى نلمس دور المثقف الحاسم في حل الازمة العراقية الاراهنة ؟
-
هل باتت ازمة تشكيل الحكومة العراقية مسالة ربح او خسارة ؟
-
كيف يُستاصل العنف و القمع في الفكر السياسي العراقي
-
النخب و الجماهير و الاحزاب السياسية في اقليم كوردستان
-
كيف نحدد الفروقات الطبقية في اقليم كوردستان ؟
-
القصف الايراني مستمر و اقليم كوردستان يحتفي بذكرى موت الخمين
...
-
المرتكزات الاساسية العامة لتشخيص هوية اي بلد
-
ليس من اجل سواد عيون ابناء غزة
-
مابين كوردستان و الصحراء الغربية و جنوب السودان
-
ملالي طهران و استشهاد بَسوز و اسطول الحرية
-
نعم لحرية التفكير و الاقرار و عدم النزوح وراء الخطابات التوج
...
-
ماتفرضه الاحساس بالمسؤولية على السياسة
-
هناك شيء اعمق و اهم من اللغة باعتبارها كلمات و جمل
-
الم نحتاج الى الحوارات بعيدا عن السياسة في هذه المرحلة ؟
-
متى نقطع دابر الانحناء امام الكاريزما
-
من يقف ضد تأليه القيادات الجديدة في العراق؟
المزيد.....
-
قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|