صلاح الجوهري
الحوار المتمدن-العدد: 3132 - 2010 / 9 / 22 - 12:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما نشرت جريدة المصري اليوم الحوار المطول على صفحة كاملة من الجريدة للأسقف الأنبا بيشوي الذي يقال عنه الرجل الثاني في الكنيسة القبطية. تخيلت أنه حوار سوف ينشر كأي حوار آخر وتتحول صفحة الجريدة إلى مادة يعاد تصنيعها كقصاصات لا قيمة لها تفرش من تحت الأواني المغسولة لتمتص المياه، أو أنها ستغلف ببقايا أكلة سمك مشوي وترمى في القمامة.
ولكن عندما قرأته الحوار مرارا وتكرارا وجدت أنه يجب عليه أن يلقى في سلة القمامة حتى دون الاستفادة من ورق الصفحة التي نشرت عليه. فحوار كهذا لايجب أن يهدر الحبر اللازم لكتابته. حتى أني لن أفند حوار الأسقف لشدة حماقته.
هكذا تصورت. أن مقال كهذا لا يخدع الناس ولن يلتفت إليه أحد.
كنت مخطئاً !!!
المجتمع المصري المهووس بالدين، وجدت ضالته في حماقة الأسقف، فبدلا من أن يتركه لحماقاته، تبارى المجتمع مع الأسقف ليكون أكثر حماقة، فالمجتمع المصري ملئ بأشباه المثقفين الذين لهم صوت على الساحة الثقافية أم المفكرين الذين يتربعون على عروش الفكر والتنوير والاعتدال أمثال د. سليم لعوا لم يستثنوا من الحماقة المسيطرة على الشارع المصري المهووس بالدين. ولم نجوا من الانفعال والتعصب الأعمى الذي يسيطر عليه الشارع المصري. فأنخرطوا في صراع الجهال.
وبنظرة سريعة على الأنبا بيشوي والدكتور سليم العوا نستطيه أن نستشف حال الثقافة والفكر في مصر فعندنا نموذجان تناطحا في الأيام القليلة الماضية. الأسقف الأنبا بيشوي والدكتور سليم العوا .. وهما للأسف الشديد وجهان لعملة واحدة هي التعصب والجهل.
فالأسقف الأحمق خالي من أي درجة علمية لاهوتية، بل أن كل مؤهلاته العلمية تنحصر في تخرجه من كلية الهندسة لكن أعظم مؤهلاته هي في كيفية مدح قداسة البابا. وهذا ما فعله وهو في الرهبنة فعند دخوله الدير وبعد سنتين من الرهبنة آلف كتابا يمتدح فيه قداسة البابا شنودة الثالث فكان من البابا أن عينه أسقفا، ثم سكرتير للمجمع المقدس وتوالى في المناصب حتى أصبح الرجل الحديدي كما يحب هو أن يصف نفسه مسئولاً عن المحاكمات الكنسية. ثم ترأس التدريس في الكلية الإكليريكية ليدرس اللاهوت العقيدي بدون حصوله على درجة علمية تؤهله لذلك المنصب.
اما الرجل الثاني فهو على النقيض تماما.
فالدكتور سليم العوا يعتبر ضمن النخبة القليلة المثقفة "المعتدلة" – مع تحفظي على اعتداله – عضو في كثيرة من المنظمات الإسلامية والثقافية الكثيرة ومن مختلف بلاد العالم الإسلامي. ولكني سأركز على منصبه كأمين عام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس جمعية مصر للثقافة والحوار، و عضو مؤسس في الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، وعضو لجنته الإدارية. بالإضافة كونه محامي وحاصل على الدكتوراه والماجيستير وكان في الستينات يشغل منصب وكيل النائب العام.
هذا الرجل المفكر رجل القانون الذي يشغل مناصب تسد عين الشمس جر إلى ساحة الحوار الطائفي الهزيل الذي بدأه الأسقف الأنبا بيشوي. ولم تشفع له درجاته العلمية ولا مناصبة العديدة في عدم الإنزلاق إلى ساحة الطائفية التي ينزلق فيها دائما بعلم وبغير علم الأسقف الجاهل والرجل الصفيحي في الكنيسة.
كلاهما على النقيضين ولكن يشتركان في شيء واحد إلا هو الغباء والحماقة. الغباء في تقدير العواقب والحماقة في التمادي في الخطأ فكلاهما الآن يشتركان بعملهما الدؤوب في جعل مصر ساحة للصراع الطائفي في مصر.
الأسقف يضع الحطب والعوا يشعل النار.
الأسقف يتكلم بغير علم أم الآخر وهو العالم فهو يتكلم متجاهلا علمه لذا سأصفه بالمدلس.
الدكتور سليم العوا في حواره التلفزيوني على قناة الجزيرة، كيل للكنيسة القبطية وللبابا شنودة الاتهامات والافتراءات لا تخرج من رجل يفترض به الحنكه القانونية والسياسية وجاء كلامه البذيء كردة فعله لما قاله الأنبا بيشوي وليس كحقائق على أرض الواقع ولكن كلمات مرسلة دون دليل أو برهان مستغلا مناصبة العديدة وشعبية
التطرف في الشارع المصري فأراد أن يصبع من ضمن طلائع هذا التيار المتطرف..
لكن للأسف كلام الأسقف ممكن أخذه على عواهنه لا يحاكم كلامه أمام القضاء، لأنه وجه نظر لا يحاكمه القضاء على ذلك. أما كلام سليم العوا وضع موضع المساءلة القانونية، على الرغم من أنه رجل قانون.
فمثلا:
1- افتراءه على الكنيسة أنها تخزن السلاح وتدليسه بالكلام حتى أنه لم يذكر ما هو السلاح المضبوط ولماذا أفرجت النيابة عن الجبلاوي أبن أبونا أثناسيوس الذي كان يفتخر بمعرفته عندما كان بالإسكندرية. لماذا لم يذكر أن السلاح المضبوط لدى الجبلاوي كان مجرد بمب للعيد وللألعاب الناريه؟ وأن مسأله التهريب ما هي إلا التهرب من الضرائب الجمركية ليس إلا.
2- اتهامه للدولة بالاستبداد والضعف، وهو الذي كان موظفا بها ومازال يشغل عدة مناصب حكومية وأزهرية. هذا الاتهام (استبداد الدولة) يستوجب المحاكمة للخيانة العظمى.
3- تناقضه الفاضح بين ما يقول في أول الحديث وبين أخره فقد قال أنه يسعى لترسيخ الدولة المدنية في حين أنه يصر على خانة الديانة في البطاقة الشخصية وعلى موقعه الإلكتروني تشعر أنك تقرأ لأحد مرشدي الإخوان المسلمين وهي الجماعة المحظورة من الدولة.
4- حدثه الأنبا بيشوي على إنكار ما يقوله مببرا ذلك بأن أمر عادي أن نقول أشياء ثم نتراجع عنها ونكذبها، هذا أمر إسلامي عادي يسمى التقية.
5- اتهامه للكنيسة بأنها دولة داخل دولة، وهو المنتمي فكريا إلى جماعة الإخوان المسلمين التي هي بالفعل دولة داخل الدولة تأتي لها الأموال من الحركة الوهابية السعودية.
وتعليقي لي هاما لأن كثيرين من الكتاب المحترمين الشرفاء الذين يهمهم الوطن قد ردوا بما فيع الكفاية
كثيرون أنبروا للدفاع عن ذلك وذاك وكثيرون أصبحوا من مريديهم لأن الدين اليوم في مصر هو أفيونتهم، فبدلا من إلقاء الضوء على أعمال مصرية وإنجازات المصريين والعلماء والعمل على تحسين ظروف المواطنين وتسهيل معيشتهم ومكافحة البطالة والغلاء. .. أصبح رجال الدين سوبر ستارز في الميديا المصرية. لهم حضور جماهيري عريض ليس حبا للدين بل حبا في فلان وفلان وكيدا في فلان وعلان. فعلى سبيل المثال رواية يوسف زيدان، هي في الأصل رواية خيالية حتى أنها هزيلة تاريخيا يشوبها التحريف ووجه النظر الخاصة للكاتب. إلا أنها لاقت روجا بسبب اللعب على وتر الدين.
الدين في مصر يمر بأسوأ فتراته، لأنه دين قائم على الطائفية ونبذ الآخر. صحيح أن من بدأ العداء متأصل في عقيدته هم المسلمين لكن الأقباط اليوم لهم صوت ولكن للأسف فصوتهم جعير وقلة أدب وبس.
أعتقد أن كلام الأسقف لا يستحق أن يعلق عليه إلا أنه يجب الإشارة على شيء وهو رعونة الأسقف وتسرعه في الكلام حتى أنه عندما سئل عن كاميليا شحاته فقال أنها في مأمن والأمن يعرف مكانها هي ووفاء قسطنطين. لا أعرف لماذا أدرج أسم وفاء قسطنطين في الحوار حين لم يسأل عنها المحاور؟ إلا أنها حماقة وغباء منه، ولا أعلم لماذا يضع نفسه والكنيسة ضمن سلة واحدة مع الأمن وهو يعلم أن الأمن المصري فقد كثير من شعبيته وثقه الناس فيه. لهذا تجرأ الدكتور سليم العوا على اتهام الكنيسة والأمن بالتواطؤ من أجل قضية التوريث وأضاف أنه استبداد الدولة وبيعها لأبنائها للمسيحيين.
الأسقف أنزلق في حواره إلى أمور ماكان يجب أن يتكلم بها وهو أشبه بحماقة أو سذاجة طفل تسأله أين والده فيخبرك عن والده ووالدته وعمه وعمته ...إلخ.
تلك الحماقة المتوفرة بكثره في شخصية الأسقف لا تجعل منه رجل يقود كنيسة، فهو صغير جدا على موقعه في الكنيسة ولايصلح بأي حال من الأحوال أن يكون ضمن قادتها. ولكن في مصر لا نستحي أن نفعل هذا فكثير من المناصب العليا في الدولة وفي الحكومة يقوم على إدارتها أنصاف المتعلمين والجهلة.
أطالب:
أولا: تنحي الأسقف عن منصبة وأعتذارة عن ما بدر منه من تصريحات غير مسئولة
ثانيا: محاكمة سليم العوا بسبب ما صرح به في قناة الجزيرة لما في تصريحاته من تحريض على الفتنة الطائفية واستعداء للدولة ووصفها بالمستبدة والضعيفة.
لن تنفعنا اعتذاراته في شيء ولا لحسه للكلام أو تكذيبة كما قال لأن الكلام الذي قال مسجل وملايين الناس شاهدوه
وبالمناسبة أؤيد وبشدة دعوة للدكتور سيد القمني لمناظرة سليم العوا حول الفتوحات الإسلامية وموقف الأقباط في مصر. تلك الدعوة التي أنا متأكد أن الدكتور سليم العوا سيتهرب منها بأي حجة لأني أعتقد أن الشر يهرب عند مواجهته.
#صلاح_الجوهري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟