|
سيدا- آيدز- أو - نقص المناعة- الوطنية السورية
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 3131 - 2010 / 9 / 21 - 14:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
مهداة إلى طل الملوحي في أسرها عندما يصاب وطن ما بجائحة وبائية، فأول ماتقوم به سلطاته هوالبحث عن المنشأ المسبب، أي الوقوف على مصدر الفيروس المعدي، الذي يقصم ظهر المجتمع ويهدد مفاصله وعلاقاته الاجتماعية كما ينعكس سلباً على نموه الاقتصادي وتطوره الانتاجي ، ناهيك عن قدرته الشرائية ، التي تنحدر إلى الحضيض ، لأن الإصابات في مثل هذه الحالة الحرجة تطال الأيدي العاملة المنتجة..فتضعف الموارد وتقل الصادرات... بحث النظام السوري واستقصى سبب هذه الإصابة اللعينة، التي تطيح بوطنية البلاد، وبعد لأي وسعي من كافة الأجهزة الأمنية الساهرة على مصلحة الوطن، وبعد أن حلل كل المعطيات، توصلت مخابره وأبحاثه إلى نتيجة مخيفة.. التي أوصلت البلاد لهذا العجز المريع، والمهدد لمستقبل بلاد بأكملها لم تر عبر تاريخها شبيهاً ولا مرادفاً لمرض " السيدا الوطنية " هذا!...لكن عبقرية الأفذاذ من عظماء المخابرات ذات العيون المفتحة والعقول المتفتقة عن العجائب والغرائب، القادمة دوماً من بلاد " أليس وأخواتها"..استطاعوا رصد الفيروس والتقطوا إشاراته وعرفوا مخبأه وكشفوا طرق انتشاره وعدواه السريعة، والتي تسري بين بيوت الشام وحاراتها...فما كان منهم كغيورين على صحة الوطن وسعادته وصونه من يد العبث الفيروسي المعدي...التي قطَّعت أوصاله الوطنية وأصابت مفاصله بدائها اللعين..ولم تتوقع أرصادها الجوية ولا أنوف مخابراتها ذات الحاسة الشمية الأقوى من حاسة الكلاب...أن تتوصل بسهولة لمنشأ الفيروس، إلا بعد جهد متواصل وسهر لايفرق بين الليل والنهار..وصلوا إلى وكر الفيروس وألقوا القبض عليه متلبساً...ومن أسباب الاختلاط على عقول وأذهان الأوفياء والأخصائيين الكبار في أجهزة الأمن الخبيرة!...أن الفيروس القاتل كان يحمل صفة أنثوية شابة...جميلة من مدينة تبعد عن العاصمة الأم...وتشرب من ماء العُصاة والخارجين عن قانون الطغاة...ترتوي من نهر العاصي...وتستشفي من نهر النيل...كي تبعد الشبهات عنها وتوقع الناس في حبائلها صرعى لفتنتها وغوايتها الشيطانية...فتسلبهم وطنيتهم وتقضي على قواهم ومناعتهم المرصودة منذ خلق حزب " البعث" وانبعث فوق الأرض السورية وتسلمت زمام أموره أسرة عتيدة في المناقب والمناصب.، لكنها مع هذا سقطت في الفخ الذي نصبوه لها...إنها شابة جميلة رقيقة في عمر الياسمين الدمشقي...تحمل الندى مسبلا متلبساً اسمها...والبسمة تحلي الوجه وتكحل العينين...اسمها " طل الملوحي" ... حملوها وحاسوبها، الذي تستخدمه " لإضعاف الشعور القومي والوطني " وتنشر أنباءها الفيروسية الكاذبة ..على مُدونتها..كي تستقطب الشباب مثلها..وتصطاد وطنيتهم في عمقها...فتنخر عظامها وتستأثر بها فتصيبها " بسيدا الوطنية" ...لأن مناعتهم الجينية التي نشأوا عليها في ظل سلطة لم تبن في الداخل الوطني سوى جدران العزل والتفرقة والتطييف السياسي...بين المواطن وجاره المختلف مذهباً أو عشيرة أو مناطقية...أو طبقية ..خاصة عندما لاينتمي لطبقات الشبيحة وأصحاب النسب المئوية...والموالين ..وتحت سقف الولاء يتم النصب والنهب والاحتيال، سلطة لم تزرع مايمكن أن يجعل من المجتمع مجتمعاً متماسكاً صلباً في مواجهة الأخطار المحدقة به ــ والتي يدعيها النظام ــ لكنه بنى...نعم بنى ملامح جديدة للوطنية..، بنى المزيد من الأقفاص الحديدية للمخالف والخارج عن تربية الموالاة...والتي تعني " وطنية النظام وتفسيره الوحيد لمعناها"، لم يبنِ سوى المزيد من الحجب والتحجيب للعقل والجسد...شرَّع قوانين خارقة للمتعارف عليه عالمياً والمألوف وطنياً ، قوانين استثنائية لا تحترم حق الانسان داخل حدود الوطن ولا تسمح بحرية الحركة ولا حرية الكلام والتعبير...قوانين تسمح له بأسر( طل ومثيلاتها من النساء والصبايا، آيات أحمد ، راغدة الحسن، وتهامة معروف) دون مساءلة ودون محاكمة، حبس انفرادي يطيح بالقوى العقلية والمناعة النفسية..حريات النظام تعني مدح كل مايبدر عنه..الإشادة بكل مايقوم به...لأنه الصحيح والسليم ، الذي يحفظ تلاحم الوطن الهش والشكلي الذي يريده كي يديم عِزَّه فوق كاهلنا!...لكن هذه الطفلة أدركت المزاعم مبكراً فراحت تقول بصراحة مايجول بخاطرها...أحست بأنها مسؤولة رغم حداثة سنها...لم تحرم المواطن من زهرات أفكارها الندية مثلها ومثل أناملها، خطت جُملاً سهلة بسيطة تعبر فيها عن غضبها وهي ترى فلسطين وأهلها يدفعون أثمان غالية من أجل حريتهم ومن أجل عودتهم لديارهم...كانت( طل) مليئة بالحماس...تصرخ ألماً ...لأنها منذ نعومة أظفارها مريضة بالوطن...مهووسة بحب الشام وحب فلسطين...وهذا يتنافى وعرف السلطة ولغة التفريق والعجز، لغة الاستسلام ...بكلماتها البسيطة كشفت ورقة التين ، التي تغطي عريهم أمام مواطنيهم....وبهذا خرقت كل المحاذير والقوانين الحمراء والصفراء...نفذت إلى أعماق البسطاء...إنها إحدى صغيراتنا...ممن يرفضن وضع الطماشة على العيون في المدرسة والشارع...لاتحب لعبة الاستغماية...كانت كهلة قبل الأوان...ولكنهم لم يرحموا سنوات شبابها الغض...يدعون أنها تجاوزت حدود الوطن..بمحبتها النقية والشفافة...لم ترضَ أن تشرب من ماء( الطلائع والشبيبة الثورية)...لأنها اكتشفت بفطرتها الوطنية ...أن مايريدونه من أمثالها هو شرب السُم الزعاف.. لم ترَ في كتب " التربية الوطنية الاشتراكية"! المفروضة عليها والتي تعدد مناقب قادة الخسائر والنكسات وتحولها إلى انتصارات ، سوى دجل وتزييف...لأن بصيرتها كانت ترى...كانت تنشد النشيد الوطني من أعماق قلبها المُحَّمل بحب الوطن...تريد رايته عالية تخفق فوق الجولان وتستعيده حُراً..تريد أن ترقص وزميلاتها على ترابه وحول بحيرة" مَسعَدة"...كانت (طل) مختلفة عن قريناتها..تريد بناء وطنية للجميع...لاتقوم على هوية أدنى من الوطنية السورية...لكنها بنظرهم شذت عما رُسِمَ لها...ففي المدرسة هناك طريق واحد وموحد كلباسهم المدرسي..طريق الوطنية المؤدي سريعاً ودون تفكير أو إبطاء...نحو القصر الرئاسي...وإعلان الولاء والإذعان لكل ما تأتي به وسائل الإعلام " الوطنية"!...المسجلة بالسجل العقاري الحكومي...لماذا ياطل...فتحتِ نافذة أليكترونية على العالم الآخر المختلف..ورأيتِ شعوباً أخرى تعيش حرية لايعيشها أبناء وطنك؟...لماذا أردت أن تنقلي مشاهداتك عن حرية العالم لزميلاتك وأبناء وطنك؟...لماذا أردتِ أن تقرأي مزامير وأشعار الوطن قبل أن تولدي بفرسخ من الزمن....فتقعين على مايبدد شكوكك نحو تاريخ الذل والهوان الذي تعيشينه اليوم..فتكتشفين خفايا حياة مختلفة متنوعة ملونة أردت لها أن تحيا وتتطور وتنضج..كي تفخرين بها؟!...لماذا ياطل..كنتِ أكبر من عمرك، ونضجتِ قبل الأوان؟...إنها خطيئة لاتغتفر...بالنسبة لهم...لسجانيكِ...لمن يريدون قولبة كل البشر شيبه وشبابه على نسق واحد...ألسنا شعب واحد؟!...إذن يجب أن نتوحد كذباً ودجلاً...نتوحد رغم مزاجاتنا المتفرقة ورؤانا المريضة بثقافة عمرها نصف قرن تقريباً..ثقافة الحزب القائد للدولة والمجتمع ...ثقافة السيادة الوطنية التي تعني أنك خرقتيها وتمردت عليها...وأصبتيها بخدش ..فهم يعلمون جيداً أنها هشة وقابلة للكسر أمام ضربة من معول قلمك وأقلام آخرين مثلك، يعلمون جيداً أن مجتمعاً سيطروا عليه ، جيشوه ودربوه على الخنوع ، علموه الصمت والكبت ، ربوه على الإنحناء ، وأن( يسير الحيط الحيط ويقول يارب الستر) يمكن أن يضمن لهم الولاء والبقاء..يحمون مؤخراتهم الرابضة فوق كراسي أبدية ...تُخَّلف وتورث أوطاناً برمتها..لعائلتهم المميزة...ذات النبل والأصالة المُرسلة من عند الباري العالي هناك في سمائه ، اصطفاها خصيصاً لنا ، لشعبنا وحبانا بها...كي يجنبنا التفتت!...مع أنه قسَّمنا وفرَّقنا شيعاً وطوائفاً تأكل لحوم بعضها...لكن عباءته تحوي تمزقنا...وتجعلنا نغمض العين على القذى...وننبش في جذور بعضنا نتحين الفرصة للانقاض على بعضنا لا على النظام...وبهذا يكون هو المصلح سيد الحِكمة والأنام، أن يقتل ويسجن ويقص رقاباً ومدناً برمتها ، فهذا شأنه لاشأننا...لأنه يريد توحيدنا بسيفه البتار...كي نواجه مخاطر الكفار...التي تحاك ضد بلدنا.فلا تنسي ياطل أنه حامي الدين والدنيا...حامي الحياة ومقرر لحظة الموت لكل منا...فقد أخذ توكيلاً مفتوحاً من عزرائيل...ليخفف عليه عبأه السوري..وأنت ياطل من أبناء رعيته...يريد تعديل إعوجاجك وتصويب طريقك...وأهدافك ، فقد ابتعدتِ عن طريق المدرسة الثورية الاشتراكية!...يريد شفاءك من داء وطنية تختلف عن وطنيته..وطنيتك مُعدية، ضارة به وبمصالحه ...سيدا ..وباء...مخيف...إن نجح قضى على وطنيته. وشفاءك يعني حبسك..دون تهم...دون محكمة...لأنه المحكمة ..القاضي والحامي...يريد أن يحميكِ من نفسك...لأن نفسك الوطنية هذه أمارة بالسوء ..أمارة بفيروس وطنية...لايريدونها أن تنمو في تربة تعبوا على فسادها وتخريبها عقوداً...فلماذا تأتين بسماد وعلاج كلماتي حواري...يعيد الأمور والتربة لنقائها؟... طال حبسك ياطل...طال احتجازك ...لم نصمت ولن نصمت..لأنا مثلك أصابتنا عدوى الوطنية منذ فتحنا عيوننا...ورفضنا لعبة الاستغماية...مثلك نحب اللعب على المفتح........لهذا نرفع صوتنا بوجه القتلة مرضى نقص المناعة...أطلقوا سراح طل...أطلقوا سراح كل معتقل يحمل رأياً مختلفاً عن آراءكم...اطلقوا شيخ الحق والقانون هيثم المالح واطلقوا سراح مهند الحسني الذي وقف كالطود من أجل الدفاع عن حرياتنا جميعاً...أعيدوا راغدة وتهامة لأولادهن...أعيدوا النظر بوطنيتكم ومواطنتكم المريضة...ابحثوا عن شفائها...ومسبباتها....ليست عند طل ولا أمثالها...إنها تقبع في رؤوسكم وقلوبكم المريضة بوطنية زائفة. ــ باريس 21/09/2010.
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحب = العهر = الموت !
-
الوجوه المتعددة لانتصارات الإسلام الاجتماعي والسياسي الجديد!
-
هل يمكن الغفران؟
-
اعتراف واعتراض موجه للمعارضةالسورية
-
حساسية
-
حجاب، نقاب، جلباب، تشادور، برقع، بوركة، قناع، ملاية...!
-
مَن سيدفع ثمن الحرب القادمة، وأين ستقع؟
-
ذئاب تشن حرباً على الكلام
-
جنتهم ونارنا!
-
حكاية المارستان والأسوياء الأحرار
-
الثالوث المقدس عند العرب، الذي يدفعهم لاستخدام العنف والقتل
...
-
لعبة الكشاتبين الثلاث في الشرق الأوسط ، كشتبان فارسي، كشتبان
...
-
لا ... ثم لا ياكويت لاتكوني سوريا ثانية
-
سياسة الوقاية أم سياسة العلاج المتأخر؟
-
ذاكرة وألم تتحدث عن علاقة الرجل الشرقي بالمرأة ...بالحب!
-
الزيارات الإسعافية للنظام السوري، هل تحمل إنقاذاً أم حرباً؟
-
بين التنوع والتسامح
-
متى ينضج العرب سياسياً حسب العرف - الإيراني طبعاً-؟!
-
آيات نسائية ( الجزء الأول )
-
وجهان للقانون السوري، واحد للفساد وآخر للسياسة!
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|