|
إنه قصور في الرؤية لدى حماس
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3131 - 2010 / 9 / 21 - 13:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك أحداث لا تفقد صلاحيتها للتعليق برغم مرور بعض الوقت عليها ، لما تكشف عنه ، و لقابليتها للتكرار . من تلك الأحداث ، حادثة قتل أربعة مستوطنين في الضفة الغربية على يد الجناح العسكري لحماس ، و ذلك في النصف الثاني من الشهر الماضي ، و ما تبعها من حوادث إطلاق بعض الصواريخ من قطاع غزة . الهدف من تلك العمليات ، المشار إليها أعلاه ، كان إيقاف محادثات السلام التي بدأت ، فهل تحقق الهدف المنشود ؟ لقد فشلت حماس في تحقيق هدفها ، و هنا يأتي الدور لقراءة ما تدل عليه تلك الحوادث . أهم تشخيص هو الضعف شديد لدى حماس لقراءة الواقع ، أو ما يمكن أن نطلق عليه : قصور الرؤية لدى حماس ، و لو إستمر ذلك القصور ، فهذا دليل على أن الحوادث المعنية قابلة للتكرار . القصور في الرؤية لدى حماس ، و الذي تكشفه تلك الحوادث ، له عدة أوجه ، منها : أولا : القصور في فهم الجانب الإسرائيلي ، فكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي ، و وزير الخارجية الإسرائيلي ، لا يتلهفان على تسوية نهائية ، أو حتى التفاوض من أجل تسوية نهائية ، ليس فقط لأن قواعدهما الإنتخابية ليست راغبة في تلك التسوية التي لا شك تشمل تنازلات للجانب الفلسطيني ، بل و أيضا لأنهما سبق أن شاهدا كيف أدى إلحاح بعض الشخصيات الإسرائيلية على الوصول لتسوية نهائية ، إلى فشلهم السياسي ، و لعل ايهود باراك أفضل مثال ، و الذي هوى من نجم لامع مبشر بمستقبل باهر ، إلى فاشل سياسي . من إتخذوا قرار العملية التي أودت بحياة المستوطنين الأربعة لم يفهموا أن الجانب الإسرائيلي ذهب مكرها لتلك المفاوضات ، لأنه يدرك إنه لا يمكنه مقاومة الضغط الأمريكي عندما يكون ذلك الضغط جاد ، و بالتالي فإنه لن ينسحب بسبب عملية دموية ، أو أكثر من عملية ، لأن ذلك القرار أكبر من قدراته الفعلية . ثانيا : القصور في فهم الجانب العربي المسمى بمعسكر الإعتدال العربي ، الممثل في النظام السعودي ، و النظام الدمية الذي يحكم مصر حاليا لصالح آل سعود . لو كانت حماس تفهم النظامين السعودي ، و تابعه المصري الحالي ، لأدركت بإنهما يشتركان معها في الهدف ، و إن إختلفت المواقف العلنية . فذلك الجانب و إن نادى ليل نهار بالسلام ، و بالقضية الفلسطينية ، إلا إنه لا يستطيع أن يتحمل الوصول لتسوية فلسطينية - إسرائيلية نهائية ، لأن ذلك سيعني رفع الدعم الأمريكي عن تلك الأنظمة لصالح الديمقراطية . كان يكفي حماس أن تعود بذاكرتها للوراء عشرة أعوام تقريبا ، و تحديدا لصيف عام ألفين ، لتتذكر دور آل سعود ، و آل مبارك ، في إحباط الوصول لتسوية نهائية للقضية الفلسطينية ، في ظروف كانت أفضل من اليوم ، و بشروط أفضل من تلك المعروضة على الفلسطينيين حاليا ، و في ظل إلحاحين ، إسرائيلي ، و أمريكي ، للوصول لحل نهائي ، يقرب لدرجة الإستجداء . و أيضا لم تفهم حماس بأن معسكر الإعتدال العربي ذهب للمفاوضات غصبا عنه ، لأن إدارة أوباما تريد ذلك ، كما هو الحال مع الحكومة الإسرائيلية . حماس لم تفهم أن أوباما هو أشد الأطراف إلحاحا على الوصول لتسوية نهائية للقضية الفلسطينية ، للبرهنة على جدارته بجائزة نوبل للسلام ، و التي و لا شك أصبحت عبء معنوي يثقل ضميره ، لأنها لازالت بحاجة لتبرير . ثالثا : القصور في فهم الجانب الفلسطيني المفاوض ، الذي يفتقد للدعم الشعبي الذي كان لعرفات ، و الواقع تحت ضغط إتهامات الضعف ، و التهاون ، و الذي بالتالي يصعب عليه القبول بشروط هي أقل من تلك التي عرضت على السلطة الفلسطينية من عقد ، و سبق أن رفضتها السلطة تحت ضغط معسكر الإعتدال العربي . لقد كان يكفي حماس أن تظل هادئة ، محتفظة بالدعم المعنوي الهائل الذي حصل عليه قطاع غزة من العالم بعد أحداث أسطول الحرية ، تاركة المهمة التي سعت إليها ليقوم بها أخرون ، سبق أن قاموا بمثلها بنجاح ، منذ عقد تقريبا . أو أن تصبح بمثابة حكم يقبل ، أو يرفض ، ما تم التوصل إليه ، هذا إن وصلت المفاوضات لشيء ذا قيمة . رابعا : لو كان قرار تلك العمليات أتخذ من جانب المستويات العليا في حركة حماس ، فهذا دليل على قصور أخر في رؤية حماس ، لأن في ذلك دليل على أن حماس ، و برغم إنها تعد جزء من جماعة الإخوان المسلمين ، إلا أنها لم تفكر في أثار تلك العملية ، و مثيلاتها ، على المستقبل السياسي لجماعة الإخوان ككل ، و بخاصة في مصر ، خاصة في الفترة الحالية المؤهلة لأن تصبح مرحلة إنتقالية يكتب فيها سقوط حقبة يوليو ، أو أسرة يوليو . هناك قصور في الرؤية لدى حماس ، و هو قصور متعدد له نتائجه السلبية على القضية الفلسطينية ، و الأسوء إن لهذا القصور أثاره السلبية على مستقبل الديمقراطية في مصر في هذه المرحلة الحرجة ، في ظل الإرتباط الوثيق بين حماس و جماعة الإخوان في مصر ، و عدم سعي الفرع المصري لفصل مواقفه عن الفرع الفلسطيني عندما يستدعي الأمر ذلك . على إنني أرى ضرورة توضيح أن هذه القراءة ، و التي جاءت بالمقال ، لا تعد أبدا موقفا سياسيا لكاتب هذا المقال ، و لا تمثل ايضا حزب كل مصر ، الذي أنتمي إليه ، و إنما هي قراءة لواقع أراه .
21-09-2010
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل حلال للأتراك و حرام على المصريين ؟
-
كان أفلح مع عرابي و عبد الناصر
-
برغم ذلك سنظل ندعم الاتحاد من أجل المتوسط
-
الغاز المصري أولى به المصنع المصري
-
بشار الأسد و جمجمة الناصرية
-
الميه يا ريس ، النيل يا ريس
-
أوضاع أقلياتنا تنسف مشروع دولة واحدة من النهر للبحر
-
السفر بدون جواز سفر
-
حماس ليست أعز عليه من أوجلان
-
أخرجوا للطبيعة ، أخرجوا للحرية
-
هل هي عادة أمريكية ؟
-
الأسد يمكن قلبه إلى فأر
-
الحبكة يلزمها فارسي و يهودي ، الأفريقي لا ينفع
-
السنن السورية السياسية السيئة
-
التكنوقراط من الأقليات هم الحل في هذا الموقف
-
الأمل يمنع إستخدام القوة ضد إيران
-
وزير الري القائد الأعلى للقوات المسلحة
-
عار على النوبي إن رفض العودة
-
يا أهل النوبة الغارقة : يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة
-
خطوات صائبة من البرادعي ، و لكن
المزيد.....
-
مدفيديف: مارك روته -أطلسي الهوى ومعروف بمعاداته لروسيا- وهذا
...
-
بعد محاولة الاغتيال.. الشرطة تقتل شخصا قرب مبنى انعقاد مؤتمر
...
-
لافروف يحذر.. واشنطن تدفع بأوروبا للهلاك
-
لافروف: واشنطن تدفع بأوروبا نحو الهلاك
-
لافروف يجري محادثات مع نظيره البحريني
-
مصادر في الجيش الإسرائيلي: -حماس- في وضع يزداد صعوبة والعملي
...
-
تسريب مكالمة ترامب مع المرشح المستقل كينيدي جونيور عقب محاول
...
-
ليبيا.. مصرع سيدة وإنقاذ عائلات عالقة في تاجوراء وسط تصاعد ا
...
-
الولايات المتحدة: هيئة محلفين تدين السناتور روبرت مينينديز ب
...
-
تقارير تتحدث عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب وطهران ترد
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|