|
ملاحظات حول قرار لجنة المتابعة إعلان الإضراب بذكرى انتفاضة أكتوبر 2000
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 3129 - 2010 / 9 / 19 - 11:25
المحور:
القضية الفلسطينية
ملاحظات حول قرار لجنة المتابعة إعلان الإضراب بذكرى انتفاضة أكتوبر 2000 * الإضراب يجيء بانقطاع كامل عن تحضير الشارع العربي وتوعيته * الجماهير ليست غطاء جاهزا لقرارات فوقية* لست ضد الإضراب، بل من أجل إنجاحه بعد اتخاذ القرار، لان فشله سيظهرنا ضعفاء في الدفاع عن حقوقنا*
أعلنت لجنة المتابعة العربية العليا للعرب في إسرائيل الإضراب العام بمناسبة الذكرى العاشرة لانتفاضة أكتوبر 2000 والتي ذهب ضحيتها 13 شهيداً عربياً سقطوا برصاص قوى الأمن، وحتى اليوم لم يقدم المسؤولين عن ارتكاب الجريمة للمساءلة القانونية، وحتى لجنة التحقيق التي أقيمت برئاسة القاضي اور وحملت توصياتها اسمه، لم يجر تنفيذها أو الالتفات الجاد لتوصياتها ، وأكثر من ذلك قامت مجموعة من الأكاديميين والباحثين اليهود والعرب بإعداد دراسة شاملة عن واقع التمييز الممارس ضد الأقلية العربية ، وإسقاطاته على المواطن العربي والمجتمع العربي ودولة اسرائيل عامة ،وطرحوا الحلول لعلاج هذا الواقع غير الإنساني، وقدم التقرير الذي حمل عنوانا رئيسياً " ما بعد الأزمة – اتجاهات جديدة لسياسة الحكومة إزاء العرب في إسرائيل" تقرير طارئ أعده طاقم باحثين من عدة جامعات مقدم لرئيس حكومة إسرائيل السيد إيهود براك". حكومة ايهود براك لم يكن عندها الوقت لتقرأ التقرير واستيعاب مضمونه ، وكالعادة جرى تجاهله، أيضا من الحكومات اللاحقة. هذا التقرير العقلاني ظل حبراً على ورق، مثل توصيات لجنة اور . صحيح أن واقعنا لا يحتاج إلى مناسبات نضالية، فكل تعامل السلطة مع العرب في إسرائيل يسير من سيء إلى أسوأ. ومع ذلك أرى أن مؤسساتنا وتنظيماتنا المدنية المختلفة، هي الغائب الكبير عن واقعنا. وأكاد لا ألمس وجوداً لبعض المؤسسات والتنظيمات إلا في مناسبات محددة. السؤال الذي يقلقني هل ننتظر أن ترتكب السلطة جرائم جديدة، وأن تتخذ خطوات عنصرية بالغة العنف، حتى نتحرك بقوه وتواصل؟! ألا يفترض بالنضال ، ونضالنا بشكل خاص، اقرار استراتيجيا ورؤية ورؤيا ، وصياغة تكتيكات نضالية بأشكال مختلفة ومتعددة، بحيث لا نعطي فسحة من الزمن للنظام العنصري الإضطهادي ، المتجاوز لكل حقوقنا كمواطنين، ولحقوق الإنسان ، والضارب بعرض الحائط للقوانين الإسرائيلية نفسها ؟ حتى محكمة العدل العليا الإسرائيلية أكدت مرارا ، وخاصة في السابقة القانونية الهامة جدا:"قضية عادل قعدان ضد كتسير" حيث جاء في نص القرار :" إن المساواة في الحقوق بين جميع بني البشر في إسرائيل، مهما كانت ديانتهم وبغض النظر عن قوميتهم نابعة من قيم دولة إسرائيل " غني عن القول أن القيم التي عرفناها حتى اليوم كانت عبر فوهة البندقية وجرافات الهدم وقوانين المصادرة والقمع البوليسي!! ولكن لا بد من سؤال: هل للنضال أسلوب واحد فقط: الإضراب؟ وهل الإضراب في كل حالة وكل وضع يقود إلى تحقيق التغيير في نهج السلطة، أو المطالب التي نطرحها ؟ حقا هناك إضرابات ، وعلى رأسها إضراب يوم الأرض الذي جاء بعد عملية نضالية إعلامية وشعبية واسعة جدا، أقيمت لجان الأرض ، ولجنة قطرية ، واجتماعات ونشاط جماهيري في البلدات العربية ، ومعارك سياسية ضد أعوان السلطة في الشارع العربي، وأيقظت الشارع العربي وجهزته لمعركة نضالية شرسة جدا ، واستعداد كامل لدفع الثمن المطلوب من أجل انجاز مطالبه بالكف عن سياسية مصادرة ما تبقى من أرض، ونجح الإضراب نجاحا هاما في تحقيق تراجع كبير في مصادرة الأرض ، وإضفاء واقع سياسي جديد مختلف عما كان قبل يوم الأرض . لا أرى مع الأسف اتجاهات واضحة في تكتيكاتنا السياسية الراهنة . كل فئة تعمل مستقلة، ومع كل الاحترام لجميع الأدوار إلا أن ما ينقص نشاطنا النضالي هو رؤية شاملة، وليس مناسبات أليمة في تاريخنا القريب والبعيد. كل واقعنا مأساوي في مقاييس حقوق الإنسان والمساواة. لا أستطيع أن أفهم قراراً بالإضراب، يتخذ على خلفية أليمة حقاً، ولكنها قضية مأساوية وملحة أدخلناها إلى غرفة التجميد السياسي، لنعيد إخراجها كل سنة، دون أن يكون الشارع العربي داخل إسرائيل جاهزا لمعركة تبدو فوقية جدا وبعيدة عن مشاغله ، ليس لأنه نسي الجريمة ونسي الضحايا ، بل لأن التحضير العملي ليوم نضالي ، لم يعد يعتمد إلا على المنافسة بين السياسيين الحزبيين. كل واقعنا مأساوي في مقاييس حقوق الإنسان والمواطن والمساواة.ومجتمعنا في أدنى السلم السوسيواكونومي ، التمييز واضح وفظ ضد مدارسنا وطلابنا، ضد سلطاتنا المحلية، في تجاهلنا الكامل من ناحية تخصيص الأرض للإسكان والمناطق الصناعية ، مميز ضدنا في الوظائف الحكومية والشركات على مختلف أنواعها، مميز ضدنا في المجال الصحي ، إذ لم يبنى أي مستشفى في الوسط العربي ، ومستشفياتنا الموجودة ( في مدينة الناصرة بالأساس ) هي مستشفيات إقامتها الإرساليات المسيحية، عدا سلة العلاج عامة .مميز ضدنا في بناء مدن جديدة، بنيت 420 بلدة يهودية دون أن تبنى أي بلدة عربية رغم الضائقة السكنية الكبيرة في الوسط العربي .حتى اليوم يعرقلون إقامة جامعة عربية .. بينما تقام جامعات، أو فروع لجامعات.. حتى في المناطق المحتلة ، داخل المستوطنات، والقائمة طويلة . كل واقعنا يقول انه لا تنقصنا الأسباب النضالية. ولكن الوصول إلى إعلان الإضراب موضوع مختلف. الإضراب هو سلاح نضالي هام ، وتحويله إلى سلاح بلا قيمة سياسية عميقة وبعيدة المدى ، يشكل خطأ سياسيا استراتيجيا . هذا ما أرفضه، وأرى أن قرار الإضراب فوقي جدا بلا امتداد لهبة الشارع. أذا كان لا بد يجب طرح رؤية متكاملة، تجعل آلامنا مطروحة باستمرار وإصرار، وباستغلال كل المنابر المحلية والدولية، حتى الوصول إلى وضع يجعل من واقع التمييز والاستهتار بأرواح المواطنين العرب وحقوقهم مسألة بارومتر سياسي دولي، وجاهزية نضالية قصوى للمواطنين العرب في اسرائيل. ولنا نموذج بما أنجزه نلسون مانديلا ورفاقه ضد النظام العنصري في جنوب أفريقيا. في إسرائيل لا تنقص القوى الديمقراطية واليهودية الإنسانية. وقد شاهدنا انتفاضة الفنانين والأدباء والأكاديميين ضد المشاركة في مهرجانات الاحتلال وقمع حقوق الشعب الفلسطيني. السؤال: كيف نصل إلى تحريك هذه القوى في معركتنا العادلة ضد الاضطهاد القومي وضد العقليات العنصرية التي تواصل التفكير بسن قوانين معادية لمجرد وجود العرب في وطنهم؟ أنا غير مقتنع بقرارات تتخذ بشكل ارتجالي وتنافسي، الجماهير ليست غطاء جاهزا لقرارات فوقية . وأعتقد أن قرار الإضراب يجيىء بانقطاع كامل عن تحضير الشارع العربي وتوعيته لأهمية هذا اليوم النضالي. الكثير من الأجيال الجديدة الشابة لا يعرفون حقائق ما حدث. ومع ذلك لست ضد الإضراب، بل من أجل إنجاحه بعد اتخاذ القرار، لان فشله سيظهرنا ضعفاء في الدفاع عن حقوقنا.وهذا الخطر نبهنا منه، أنا شخصيا وشخصيات عربية مختلفة مرارا. مرة أخرى لست ضد الإضراب كسلاح بالغ الفعالية على شرط أن نحافظ على حدة فعاليته ونعرف متى نتخذ قرار الإضراب وما يسبقه من مهمة سياسية وإعلامية ترفع الجاهزية النضالية للمواطنين العرب . نبيل عودة – [email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقياس تدريج الجامعات، مقياس للتطور العلمي، الثقافي والاجتماع
...
-
ما يقبله الفلسطينيون اليوم ليس شرطا ان يقبلوه غداً
-
حتى يظل السلاح طاهرا...!!
-
دراسة قانونية اسرائيلية تدعي: لا حق قانوني للاجئين بالعودة
-
بورغ يعود للسياسة برؤية سياسية مثيرة
-
مرتعبون من سجلاتهم!!
-
الثقافة والعولمة
-
القصة كمادة فكرية
-
انصرف من امامي ايها المغفل *
-
ما هو الرنين من تصفيق يد واحدة ؟
-
حوار مع الكاتب نبيل عودة
-
عسر الفهم والرؤية المغلقة المسبقة في نقاش غطاس ابو عيطة
-
متشائم ، متفائل وواقعي
-
الكرامة...
-
العجرفة والغطرسة حين تصير سياسة دولة !!
-
رجل السياسة
-
رسالة ليست شخصية فقط
-
الناقد د. حبيب بولس يواصل رحلاته ودراساته النقدية
-
لقطات قصصية *
-
الحماة..!!
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|