أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزوغ إبراهيم - مقال حول:رواية مجازفات البيزنطي لشعيب حليفي















المزيد.....


مقال حول:رواية مجازفات البيزنطي لشعيب حليفي


أزوغ إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 15:16
المحور: الادب والفن
    


سرد حيوات متشابهة
مجازفات البيزنطي لشعيب حليفي
ابراهيم أزوغ
باحث في الأدب والثقافة بالمغرب



حققت الرواية المغربية تراكما كميا وتطورا نوعيا ينبه المتصفح في مراحل سيرتها الزمنية بمواكبتها للتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي بكل مكوناته، ويعتبر المتن الروائي لشعيب حليفي من المتون التي انشغلت برصد تبدلات المجتمع في أشكال سردية متنوعة توازي مستجدات النظرية النقدية .
وإذا ما شئنا تصنيف المتن الروائي لحليفي وفق مراحل تطور الرواية المغربية حسبنا روايتيه الأوليين : مساء الشوق ، وزمن الشاوية ضمن الرواية التي تبئر جلاء المعنى بوحدة الحكاية وخطيتها أو قل ما أسماه أحمد اليبوري بالرواية الاحالية، واعتبرنا روايتي رائحة الجنة ومجازفات البيزنطي، بحثا عن أشكال السرد الممكنة، وفق تمثل فكري حداثي وتصور أدبي وفني حديث يسعى لالتقاط المختلف بل والمتناقض والهامشي التابث والمتحول في المجتمع، فيما سيعمق الروائي شعيب حليفي البحث عن أشكال محتملة لسرد الواقعي المجتمعي الواحد المتعدد في مؤلفه الأخير: لا أحد يستطيع القفز فوق ظله .
في روايته مجازفات البيزنطي يرسم حليفي مسارات متشعبة لحكي يتغيى بناء الحكاية بتدميرها ، وترك السرد بناءات مفتوحة أمام قراءات متنوعة ومتباينة تجعل قارئها يجازف بتأويل محتمل أو ممكن لبناها الشكلية والدلالية.
يحمل غلاف الرواية عنوانا دلاليا وآخر للتجنيس وكلاهما يطرح إشكالا، فالأول : مجازفات البيزنطي، والمجازفة لفظ يعني فعل أمر دون احتساب العواقب ، كما يفيد التعدد والكثرة، وهوأيضا مقابل المغامرة .ينجلي غموض هذا اللفظ باكتشاف مجازفات إبداع شكل يعدد تقنيات الحكي والسرد والعناوين، واحتواء أو جمع أشكال تعبيرية أخرى، والبيزنطي نسبة إلى مقهى يحمل إسم بيزنطة في الرواية، أما العنوان الثاني، فعنوان ملتبس إذ الحاصل أن النص روايات خمس تشكل في تتاليها بصرف النظر عن ترتبيها النصي وحدة نصية متكاملة، لشخصية واحدة تتعدد حيواتها وأسمائها، وبفصلها نصوصا سردية مستقلة بذاتها تسرد حيوات متشابهة لأربع شخصيات : العيساوي وعمر العيار وأحمد العباوي ومصطفى الخمري. وإذا كانت الرواية في تعريف حليفي ذلك المعادل الذي لن يكون الا بوجود واقع، فإن رواية مجازفات البيزنطي هي سرد للمجتمعي الواقعي في صورة تخييل.

1- صوغ خيبات الأمل
تسرد الرواية الأولى حياة العيساوي المولود قبيل الحرب الكونية الأولى، تربى في بيت خالته بعد موت أمه وإختفاء أبيه، وفي سنه التاسعة فر من بيت خالته قبل أن يستسلم لهزائمه القدرية والضرورية التي رسمها له المؤلف بإلحاقه بالشيخ العساس الذي تعلم منه أسرار الكنبري والكمنجة، ثم ليستبدل الطرب بالبندقية بإنخراطه في حروب غيره، وبين حرب أولى وثانية سنة 1967، آنشغل بحربه الباردة في مدينته الصغيرة لإيجاد مهنة تناسبه خاضعا لمسار سيرته التمهيدية التي يسردها الراوي والتي ألزمته مصاحبة فنانة شعبية يكتب لها الأزجال ويسوي لها الموازين ويدمن معها الكيف والسمر قبل أن يعود من الحرب ضد إسرائيل بخيبة أمل الذات الجمعية ، ومن المشاركة في انقلاب الصخيرات بالفشل المطلق، وهروبا من الهزائم القدرية المتتالية التي يحياها آختفى وراء أسمائه الثلاثة: كبران العيساوي العسكري، يمتهن الإبداع والاختلاق للحكايات ويتركها خلفه وحوله ، ويحيا بالخبز والشاي، يرود الجحش في الأسواق إلى أن صار حمارا ، لينتهي الى ملازمة مقهى بيزنطة حيث يتابع خيبات أمله وتبخر ما تبقى من أحلامه وأمانيه بعد سنتين من تنصيب حكومة التناوب ، حيث قرر عن قناعة ويقين كما أقتنع مؤلف سيرته بأنه ينبغي أن لا يسلم رأسه بعد اليوم لحلاق واحد، وبعد سنوات آنشغل فيها بصنع الكلام وتدخين الكيف، تشكلت هيئة حكومية لجبر خواطر ( الإنصاف والمصالحة) المعتقلين والمظطهدين في سنوات الجمر والرصاص عبر عن موقفه منها في قوله بأن المصالحة مع الماضي وهم الأوهام وآستبدال المرحلة بالصفحة فيه اجحاف، وجعل من عملها موضوعا للترفيه عن جمهوره في الأسواق ساخرا بتمثيلاته لدور رئيسها بعدما رفض جحشه آداء دوره.
فيما تحكي الرواية الثانية عن شخصية أحمد العباوي الذي تربى بالجمعية الخيرية ، وعمل حارسا على كهف فوسفاطي يرسم في ليال حراسته حلمه، وفي الخمسين من عمره أدركه الفرج وتحقق حلمه بفضل الصدفة التي كانت سبيلا ليصير مخبرا أو النشبة فيكتشف عبث الحياة ويعيشه، فيتحول به إلى روائي يختلق تاريخا كاملا لزمنه في تقاريره اليومية والأسبوعية التي تلتقط الأنغام المتجانسة والمتنافرة القريبة والبعيدة التي تنتسب جميعها إلى مقهى بيزنطة .إن التقارير حكي من صنع مخيلته الباحثة عن قضيتها الغائبة في مجتمعه نسجها وجدانه الفاصح عن مكبوث جمعي يصرح بالعجز والفشل وانكسار الذات وطموحاتها.
فيما الرواية الثالثة تأتي على سرد أخبار عن سيرة عمر العيار أو سيف ولد للا فاطمة تربي هو الآخر في كنف خالته كصديقه البيزنطي الأول ، حصل على الإجازة في الاقتصاد وعمل نادلا في مقهى بيزنطة بعدما لفظته بيت خالته ثم لتصير حياته لعبة تناوب بين حلقات يومية في الأسواق يحكي فيها عن سيف بن ذي يزن حكايا قرأ جزء منها في كتب متقطعة وأتم الباقي من خيالاته وسجن بتهمة في هيئة إمرأة مع سبق سكر وتمرد عن المجتمع، يعبر عن مواقفه من مجتمعه وحياته وزمنه حيثما أتيحت له فرصة الكلام عن نفسه بدل الكلام عنه، في المحكمة" أنا مواطن عاطل المجتمع هو المسؤول عني وعن هذه الضحية "، وفي حلقاته السوقية للحكي قال: " أنظروا... لا فرق بين الأمس واليوم، فالكثير من الأعراض والسمات مازالت حتى الآن لم تتغير الا نحو الأسو" وفي المقهى يقول لصاحبها ليمان "أنا إبن زمني الذي يرفضني وأرفضه".
أما في الرواية الرابعة فعن خمسة أخبار في سيرة مصطفى الخمري الساكن فيلا أثرية ، يعيش على ميراث والديه ، وجهه لا يعبر عن شيء يرتدي تروكارا أزرق على الدوام، يحظى بإحترام، يلتزم المقهى يحاور فيها أسئلته الوجودية التائهة ، التي تحاول التقاط الزمن العابر والمختل لفهم حال المقهى وأحوال المجتمع دون القدرة على الإفصاح عن الإجابات والخلاصات الا بالتمويه في قالب يفصح عن اليأس والإحباط.
2- تعليق: ما يجمع بين أسياد الحقيقة وصناع الحياة في الرواية.
يرسم السرد لشخوص الرواية جميعها هزائم قدرية في حيواتهم ناتجة عن خيبات أمل وانكسارطموحات وتبخرأحلام ، ويجمع بين الشخوص جنوح نحو حكي وامتهان صناعة الكلام وهروبها من حقيقة واقعها وحيواتها المكرورة إلى إبداع الأوهام واختلاق الخيال و محاورة اسئلتها المجتمعية التي تطاردها وتلجئها إلى لحظات المناجاة الصافية من التيه في رصد أعطاب المجتمع بكلامها وكيفها في مقهى بيزنطة

3- الرواية الخامسة: عن الروائي والرواية
ينتهي شعيب حليفي على لسان شخصيته البطلة الأخيرة الروائي مصطفى الخمري إلى أن الرواية بالمعنى الذي كتب به روايته عن سعيد الطالبي، وقياسا عليه بالمعنى الذي كتب به حليفي رواية مجازفات بيزنطي هي مدونة لسوء الطالع بكافة أشكاله واحتمالته بحيث يرسم فيها خيبات وانكسارات آمال شخوص روايتهما لينتهي إلى أن الأسلم في هذه الحياة أن يحيا الانسان جزء كبيرا من حياته في الخيال.
يمتد النقدي في الرواية الأخيرة ليلاحق الحكي ويزاحم السردي، كما صرح حليفي في هذه الرواية القصيرة جدا من خلال حكي حيوات شخوصها بأن الحياة في عرفه توازي الإبداع والتجديد.

4- مجازفات الشكل من أجل صناعة المعنى
نحا حليفي في روايته منحى يسمح له بإكتشاف بناءات مفتوحة، واعتبار الرواية بحثا مستمرا موضفا الإيحاء والترميز قاصدا سرد الإشارة دون العبارة، والتلغيز بالمعنى والتلميح لتكثيفه في مقاطع سردية تحفل بالشعرية وأساليب البلاغة من تعجيب واستفهام وإثباث ونفي يصدم انتظار المتلقي ويثير إدهاشه، بجعل النص الروائي مفتوحا على جميع الأشكال التعبيرية من يوميات وتقارير ومذكرات ورسائل ومحاضر وأحلام وتعليقات وحوارات وأساليب النص المسرحي ، والسير ذاتي والغيري والمقاطع والهوامش وتقنيات الفانتاستيك ناهيك عن الإشتغال على اللغة، المقطع والجملة القصيرة والطويلة بحرفية في صياغة المعنى.
إنها مغامرة تكسير البناء التقليدي إذن، وخرق للجاهز والمألوف لخلق شكل جديد لصوغ "المشهد المرئي أو المتخيل الذي أضحى فادحا وعصيا على العبارة من كل زواياها الوصفية والسردية".



#أزوغ_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
- بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي- ...
- نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
- -بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزوغ إبراهيم - مقال حول:رواية مجازفات البيزنطي لشعيب حليفي