|
فجّر واقتل واذبح... يكافئك الشيطان
سعد الله خليل
الحوار المتمدن-العدد: 946 - 2004 / 9 / 4 - 11:54
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ما زلنا نؤمن أن ترويع الآدميين وخطفهم وذبحهم وتشريد أطفالهم ونساءهم وأهلهم منافٍ لشريعة الله، ومخالف لتعاليم السماء. وأن القاتل يخسر محبة الله ورضوانه، ومصيره جهنم خالدا فيها أبدا. وما زلنا نعتقد أن التمثيل بجثث الناس وتقطيع أوصالهم، كبيرة من الكبائر حرّمها الله وتوعّد مرتكبيها بالعذاب الأبدي والنار والويل والثبور. ونعتقد أيضا أن الله الواحد القادر المهيمن القهار لا يستعين بأحد لتنفيذ مشيئته، ولا ينتفع بطاعة أحد، كما لا تضره معصية أحد، وإنه المعز المذل المحيي المميت، يقول للشيء كن، فيكون. إنه سبحانه مالك الملك الخالق النافع الضار المتكبر المقتدر الجبار. لكن ما نسمعه ونشاهده هذه الأيام يسخر من قناعاتنا، ويأمل أصحلبه أن يهزوا معتقداتنا، ويغيروا مفاهيمنا، ففي كل يوم خطف وذبح وابتزاز، بحجة التقرب إلى الله، وكرمى لله، وطاعة لله، وفي كل لحظة ترويع وتفجير وتدمير للأرواح والممتلكات، بادعاء مرضاة الله، ومن أجل الله، وفي سبيل الله، لا فرق إن كان الضحية طفلا آمنا أو شيخا طاعنا، امرأة حبلى أو رجلا مسالما يسعى لرزق أهله وبيته. لقد جعلوا لله جيشا، بل جيوشا من المقاتلين المسلحين بالقنابل والصواريخ والأحزمة الناسفة والسكاكين، وفرق اغتيال مدربين، وانتحاريين متطوعين، وإرهابيين محترفين، ومشايخ متمكنين في مهنتهم، يحرضون، ويعدون بالجنة ويضمنون، ويفتون ويحللون. يدافعون عن قدرته جل جلاله، ويقتلون لدرء الخطر عن كرسيه الذي وسع السموات والأرض، خوفا من غدر الغادرين، ومؤامرات العصاة المارقين. وكما يدعي الشيطان أن الله سلّطه على بني آدم، يدعى هؤلاء الحراس الدمويين أن الله سلّطهم على أعدائهم البشر المعارضين. وإذا ادعى الشيطان أن الله سلّطه على بني آدم يوسوس لهم ويحرفهم، فإن هؤلاء الجند القتلة السفاحين يدعون أن الله سلّطهم على بني آدم المخالفين في الرأي وغير الموالين، والمسالمين الحياديين، واللادينيين، والمسلمين المختلفين، وأمرهم بقتلهم وذبحهم والتمثيل بجثثهم وتقطيع أوصالهم، مقتدين بزيد الذي ربط بحبلين رجلي أم قرفة، العجوز الهرمة الطاعنة في السن، ثم ربط الحبلين إلى بعيرين متخالفين، وسيّرهما، فشقها نصفين. متباهين بقطع الرؤوس ومهتدين بيزيد بن معاوية حين أمر جنده بقطع رأس الحسين ورؤوس أصحابه والطواف بتلك الرؤوس بين كربلاء ودمشق، ومتأسّين بالحجاج بن يوسف الثقفي قائد جند عبد الملك بن مروان الذي ضرب الكعبة بالمنجنيق، وصلب على أستارها عبد الله بن الزبير حفيد أبي بكر الصديق وابن أخت السيدة عائشة زوج الرسول وأم المؤمنين. ويحسبون حين يخطفون الناس ويذبحونهم، إنما يقدمونهم أضاحي لله، إرضاء لعزته وعظمته وابتغاء رحمته وغفرانه وجنانه. وحقيقة الأمر أنهم يقدمون هذه القرابين والأضاحي البشرية، إرضاء لإبليس الذي يسره هلاك البشر، خاصة من كان على غير ما يبتغي ويشتهي ويأمل. بالأمس قتل هؤلاء الإرهابيون إثنا عشر (نيبالياً) مدنيا مسالما قطعوا رأس أحدهم وأبادوا الباقين بالرصاص ، وكل ذنبهم أنهم يسعون نحو رزق عيالهم، لا يدينون بدين القتلة، ولم يجدوا من يفتديهم بمال، وقبلها ذبحوا صحفيا إيطاليا، ويعدون اليوم كل الإيطاليين، بالرغم من أنهم يعيشون على موائدهم وأموالهم ومساعداتهم، بالويل والثبور، والذبح والتدمير، أطفالا وشيوخا، نساء ورجالا، إن لم يصيروا على هواهم، وقبلها ذبحوا هنودا وباكستانيين، وقبلها سعوديين ومصريين، وقبلها أسبان وأتراك وأمريكيين، وبالأمس أحبطت السلطات الفرنسية مؤامرة إرهابية وُصفتْ بأنها أكبر وأخطر من عملية مدريد حجما وضحايا، وقبل أيام ألقى البريطانيون- الذين يأوون منذ عقود أكبر وأخطر عدد من الإرهابيين، وفروا لهم كل وسائل الحماية والحركة والراحة- القبض على مجموعة ممن يسمون أنفسهم بجند الله، كانوا يعدّون لعملية إرهابية كبرى يستخدمون فيها قنبلة قذرة. ومن قبل ومن بعد، يحزون الرقاب ويسفكون الدماء ويشردون الأطفال والنساء ويخطفون البشر ويبتزون الناس ويخربون البيوت، والبلدان العربية والإسلامية منذ عقود تشهد على أعمالهم ونواياهم، والبلدان الأجنبية تشهد، والمستأمنون يشهدون، وأبناء العراق يشهدون، ومؤسسات العراق تشهد، ومستشفياته تشهد، وبناه التحتية تشهد، وثروته النفطية تشهد، وآية الله الحكيم تغمده الله وصحبه برحمته، يشهدون، والمقدسات العراقية تشهد، وضريح الإمام في النجف الأشرف يشهد، وكنائس العراق ومساجده يشهدون، وتشهد معهم مساجد باكستان، واليوم في جنوب روسيا، على خلفية القضية الشيشانية، يحتجز الإرهابيون أربعمائة طفل في مدرسة، ويهددون بذبحهم، فهل يرضى الله بذبح الأطفال يا من تحرضون وتقتلون وتفتون وتبتغون جنان الخلد؟
#سعد_الله_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يخافون على الله من أعدائه
-
نعم للأسرى، لا للفساد
-
أيضا وأيضا مناهج التعليم
-
هل المسيحية ديانة غربية؟ من صادرها؟ ومن اضطهدها ونفاها؟
المزيد.....
-
إسرائيل توسع عملياتها في الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية تت
...
-
-هجوم- أوروبي مضاد في وجه أطماع ترامب التوسعية
-
السجن 14 عامًا لجندي بريطاني سابق مُدان بالتجسس لصالح إيران
...
-
كيف وقع حادث اصطدام الطائرة والمروحية في واشنطن؟ - بي بي سي
...
-
حرب -لا رابح- فيها... أوروبا تتوحد سياسة ترامب الجمركية
-
الاستخبارات الروسية: -الناتو- يستعد لحملة تشويه بزيلينسكي
-
-حماس- تعلق على إمكانية عودة إسرائيل إلى الحرب في قطاع غزة
-
رسميا.. جورجيا تسحب وفدها من الجمعية البرلمانية الأوروبية
-
ملتقى سلطنة عمان للسياحة يدعو لتفعيل التأشيرة السياحية الخلي
...
-
مبادرة المشري وتكالة.. هل تضع حدا لانقسام مجلس الدولة في ليب
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|