|
التشكك الدائم في التوجهات الفلسفية الجديدةعبر التاريخ !!
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3125 - 2010 / 9 / 15 - 18:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بعد انتقال حياة الانسان من حال الى اخرى و تغييرها بشكل دائم مرحلة بعد اخرى، فانفتحت العقليات و توسعت الادراك و اختلطت التوجهات و ازدادت الابداعات و تراكمت المعرفة و اعتلى العلم و تعاون الانسان مع البعض ، و بالنتيجة تعقدت الامور الحياتية الجوهرية و السطحية للانسان نفسه، و ازداد التركيز و التعمق في التفكير فيما يخص الكينونة وما عليها و كيفية تطور الكائنات مع التمحص و التدقيق في كل ما يمس المعيشة البشرية الراقية كاخر مرحلة من التطور من حيث التركيب البيولوجي و النفسي، و من ثم الغور في تفاصيل و دقائق حياة الكائنات الحية بشكل عام . التفكير الدائم و العقل و ما يحتويه و التعمق و التامل و تفسير ماموجود نتج الجديد و تمخض منه ما هو المخفي و المستور و طفى الى السطح جزء من المجهول و زاد من المعرفة و بها كشفت الجواهر و الاعماق و الالباب. و هذه هي عملية فكرية فلسفية مترابطة و متداخلة لها علاقات واسعة مع بعضها و دائمية لا يمكن الانقطاع فيها او التوقف عنها ، و ربما تختلف سرعتها و مقدار نتاجاتها و ثمراتها من مرحلة لاخرى الا انها مستمرة و منتجة و دافعة للعقل البشري الى الغور في العمق الاعمق للقضايا و المواضيع و الافكار و الاعتقادات في كل زمان و مكان، و يتسلسل ما يظهر من جديد في مرحلة بعد اخرى . و من هذا المنطلق يمكننا ان نوضح بان التغييرات المتعددة الجوانب التي تحدث تنتج الجديد و تكون حاصل جمع العوامل المختلفة و من زوايا متعددة و باسناد العلوم و المعرفة دائما، و كما يعلمنا التاريخ تكون هذه النتاجات غير مقبولة بداية من قبل الاغلبية لعدم ادراكهم لما يحتويه مضمونها الا القلة القليلة ، و هذا ما يفسر لدى العقلاء و النخبة بان المعتقدين هم من الاذكياء و الخارقين و يعيشون خارج مرحلتهم العلمية الثقافية الزمنية و مبشرين و مستقرئين لما يحدث بعد مرحلتهم. بموازاة هذا الخط و التيار العقلاني الصحيح، هناك مكبحات و توجهات متحفظة متخلفة و في اكثر الاحيان تحاول منع مسيرة الاخر ان تمكن ، و هذا ما يصعب الامر على الفلاسفة ويزيد عليهم العمل على تخطي هذه المعوقات و السير بشكل سلس اضافة الى التركيز على ابداعاتهم، و هذا ما يحتاج في اكثر الاحيان الى تضحيات جسام. من هنا برزت المثاليات و توسعت في مراحل عند نجاحهم من منع الفلاسفة في عملهم ولو بشكل مؤقت، و بتقوية الارادة و المثابرة و العمل الدؤوب و السهر و الانشغال و الاصرار تمكنت العباقرة من تجاوز الصعوبات المادية و الفكرية الطبيعية و الاصطناعية و ارتفعت القدرات العقلية و ازدادت الابداعات، و كانت محاولة المثاليين هو توديع كل الامور بيد القدرو الغيب و ازدادوا من لائحة الممنوعات التي اصروا على منع الفلاسفة و العلماء الخوض فيها ، و صنعوا معوقات في طريق تقدم البشرية، الا انهم لم يقدروا من وقف مسيرة تقدم العلم و المعرفة لحد اليوم. الافكار المثالية التي انبثقت عند توقف القدرة العقلية من التفسيرالصحيح لظاهرة او حادث او امر ما ،في ظل انعدام المعلومات و الوسائل المطلوبة، اصبحت هذه الافكار خطا موازيا و مضللا للحقائق التي ادركتها الفكار و التوجهات المادية لحين اتقن المهتمون من خطا التوجهات المثالية البالية على ارض الواقع و ثبتت صحة الاخرى و فرضت نفسها . التفكير العقلاني المنهجي السليم يبعد اي مفكر وان كانت ما لديه من المقومات المتواضعة فلا يمكنه ان ينزلق نحو الظلامية الدامسة، و هو الذي يفسر ما يفكر فيه استنادا على ما هو المراي الملموس المثبت علميا بدلائل و قرائن. بدات العمليات الكبرى (ان صح التعبير للمعادلات الفلسفية) من قبل عظماء المفكرين و الفلاسفة و طرحوا ما كان يضحك البعض و يبكي الاخر ، و كشفوا الكثير و اثبتوا بدلائل واضحة صحة توجهاتهم و اقتنع الاخرون و بعضهم طبعا بعد فوات الاوان ، و سارت المسيرة بشكل طبيعي لحد اليوم ، و نحن على خطين متساويين بعض الشيء و متوازيين ، و تعاد و تتكرر المآسي بحق العباقرة و الفلاسفة لطرحهم اي موضوع يخالف ماهو السائد و مستمر و مثبت بقعل الدواعم الاجتماعية و التاريخية فقط، و ان كان خطئا منذ بداية ظهوره او كشفه من قبل احد ما. غالبا ما تنبثق افكار من تراكم الاخطاء بفعل الجهل و عدم الدراية بصحة الموضوع اصل،ا معتمدين على المثاليات المختلفة الشكل و متشابهة الجوهر و اللب بتفرعاتها العديدة، كما هو حال نشوء العقائد و الاديان منذ الاستقرار النسبي لمعرفة و عقلية الانسان و بدء التجمعات البشرية على الارض. و في كل مرحلة تاريخية نلمس من يدعي الحق في توجهاته و افكاره و يقنع الكثيرين( و هو على الخطا) و ينجح في نشر ما يؤمن بسبب العوامل الاجتماعية الثقافية السائدة و تزكية الواقع و ضرورة المرحلة، و في المقابل هناك من يدعي العكس( و ان كان على الحق اصلا) في اكتشافاته و توجهاته و افكاره و لم يتمكن من اقناع حتى القلة القليلة، لانه لم يزكيه الواقع الاجتماعي و الثقافي، الا انه يثبت صحة ما ذهب اليه بعد حين . هنا نتاكد من ان المعوقات متعددة الجوانب و متفرعة الاصول و مختلفة الشكل و النوع ، و لم تنجح في هذا المضمار ، اي في مجال الفلسفة في طرح الابداعات الجديدة الا النخبة الذكية المثابرة و المتحملة للصعاب و الصابرة و المقاومة ، و يبرز منهم من الجهابذة و المخترعين الكبار و المبدعين و هم رموز زمانهم و للبشرية اجمع ليومنا هذا. لذا ، يمكننا ان نقول انه ليس بغريب ان يشكك الاكثرية الساحقة من البشرية بالتوجهات الفلسفية الجديدة المستندة على الحقائق العلمية، و التي تكون محاصرة و مقيدة من قبل العقائد و العقليات التافهة و الخرافات وابرازات الجهل و سلاسل العادات و التقاليد الاجتماعية، و ما جمعها الزمن و المراحل التاريخية بشكل تراكمي و هي ما تستحق ان ترمى في مزبلة التاريخ و الزمان. و هنا يجب ان نذكر و نطمئن الجميع بان الفلسفة العلمية الحقيقية المثبتة، التي هي ام العلوم، و هي تحتاج الى المعلومات الدقيقة الواسعة من كافة الاختصاصات العلمية لبيان صحة التوجهات و الاكتشافات ، و هذا غير ممكن التطبيق عند الاكثرية الساحقة ، لذا الواقع دائما يفرز الاصح بعد الحين على الاكثر. و من هنا ايضا يجب ان يكون طبيعيا و اعتياديا عندنا عندما يحجب نتاج فكري فلسفي تقدمي حداثوي، و ليس هذا فقط بل يحارب صاحبه و حتى يقتل، و كم من اصحاب فكر و موقف او راي اوكتاب او رواية او نظرة غير تقليدية الى الامور تعرضوا للهجمات الشرسة و كلها من فعل التشكك الدائم بما هو الجديد من التوجهات الفلسفية مهما كانت صحتها و مقبوليتها لدى الناس.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عدم تدخل الشعب عند تاخر تشكيل الحكومة !!
-
متى نلمس دور المثقف الحاسم في حل الازمة العراقية الاراهنة ؟
-
هل باتت ازمة تشكيل الحكومة العراقية مسالة ربح او خسارة ؟
-
كيف يُستاصل العنف و القمع في الفكر السياسي العراقي
-
النخب و الجماهير و الاحزاب السياسية في اقليم كوردستان
-
كيف نحدد الفروقات الطبقية في اقليم كوردستان ؟
-
القصف الايراني مستمر و اقليم كوردستان يحتفي بذكرى موت الخمين
...
-
المرتكزات الاساسية العامة لتشخيص هوية اي بلد
-
ليس من اجل سواد عيون ابناء غزة
-
مابين كوردستان و الصحراء الغربية و جنوب السودان
-
ملالي طهران و استشهاد بَسوز و اسطول الحرية
-
نعم لحرية التفكير و الاقرار و عدم النزوح وراء الخطابات التوج
...
-
ماتفرضه الاحساس بالمسؤولية على السياسة
-
هناك شيء اعمق و اهم من اللغة باعتبارها كلمات و جمل
-
الم نحتاج الى الحوارات بعيدا عن السياسة في هذه المرحلة ؟
-
متى نقطع دابر الانحناء امام الكاريزما
-
من يقف ضد تأليه القيادات الجديدة في العراق؟
-
لم نلمس الردود الفعل الاقوى ازاء ما تعرضت اليه كوردستان ايرا
...
-
اين وصلت حركة الخضر الايرانية؟
-
هل من المعقول ان تبدا و تنتهي الاحتجاجات العفوية بامر خاص
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|