|
إعتلال بداهة القرآنيين (1)
علي الأمين السويد
الحوار المتمدن-العدد: 3125 - 2010 / 9 / 15 - 17:15
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
هذه دراسة نقدية لكتاب " القرآن وكفى مصدراً للتشريع الإسلامي" للدكتور أحمد صبحي منصور* تعتمد مبادئ مدرسة دمشق المنطق الحيوي في النقد والقياس والتحليل. القران الكريم هو المصدر الوحيد للإسلام يبدأ د. منصور كتابه "القران وكفى مصدراً للتشريع الإسلامي " في الصفحة 13 بالعنوان: "القران الكريم هو المصدر الوحيد للإسلام"، وهذا العنوان يعرض لمصالح صراعية* بين من لا يؤمنون بالقران كونه كتاباً مقدساً، وبين من يؤمنون بذلك من خارج العقد الفئوي الإسلامي، كما أنه يعرض لذات المصالح العالية التوتر بين من يؤمن بأن القرآن هو المصدر الوحيد للإسلام، وبين من لا يؤمن بذلك من بين المنضوين تحت العقد الفئوي الإسلامي، حيث أن هذا الصراع العالي التوتر معرَّف، ومحدّد بأسلوب الحصر والتأكيد الذي يظهر من استخدام مفردات مثل: " هو.... الوحيد." يقول د.منصور في بداية السطر الرابع من الصفحة 14: " القران هو وحده الكتاب الذي أوحي للنبي..." وهذا يعني أن محمداً لم يوح إليه غير القران من ربه، مما يترتب عليه نفي حادثة الإسراء والمعراج، و نفي الأحاديث القدسية بالكامل، ونفي إعجازه بتلقي الأخبار عن أصحابه قبل مقابلتهم إياه، ونفي تلقيه الوحي بشأن النبوءات كإلباس سراقة سواري كسرى، مثلاً، فيكون بذلك محمدا عالماً بالغيب، أو أن الأحاديث القدسية، وإخباره عن أصحابه، و نبوءاته المستقبلية قصص كاذبة. إن التقرير بأن القران هو "وحده" ما أوحي للنبي محمد عليه السلام مناف ومستحيل للبرهان، فكيف لأحدٍ أن يثبت أن القران أو غيره أوحي لمحمد؟ وكيف لأحدٍ أن يثبت أن القران هو وحده الذي أوحي إليه من ربه علماً أن محمداً نفسه لم يقدم مصالح برهانية يقبل بها عامة الناس لإثبات ذلك، فآمن به نفر، وكفر به آخر. والقرآن بذاته لا يقرر ولا يثبت أن "القرآن" هو الشيء الوحيد الذي أوحي إلى محمد، فما هي البراهين التي دعت د. منصور إلى الجزم بأن القران هو الوحيد الذي أوحي إلى محمد علماً أن د.منصور ليس الله، و ليس المَلَك جبريل، وليس محمداً النبي، بل كائنٌ من البشر يعيش بعد 1430 عاما من الهجرة. فالبداهة تقضي بحاجة د. منصور إلى أدلةٍ دامغةٍ لإثبات كون القرآن هو وحي إلهي ثم أدلة دامغة أخرى لإثبات كون القرآن هو الشيء الوحيد الذي أوحي إلى النبي محمد بشكل يقبله عامة الناس، مما يُبقي مصالح هذه العبارة صراعية، و جوهرا نية كلية* عارية عن الصحة حتى حضور أدلة تثبت و تؤكد مرجعيةً برهانيةً ما استند إليها كاتبنا. الاكتفاء بالقرآن وفي حديثه عن الاكتفاء بالقرآن دون غيره من المرويّات، في الصفحة 15، يقدم د. منصور الشاهد القرآني مسبوقاً بتوجيهه للقارئ بمقدمة يقول فيها: " والمؤمن طالما يكتفي بالله تعالى ربا فهو أيضاً يكتفي بكتاب الله في الهداية والتشريع يقول تعالى " أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم " (العنكبوت 51) فهو، وليدلل على كفاية القرآن للمؤمنين، يخلط بين المؤمنين وبين المقصودين بالضمير في "يكفهم" الذي يعود على المشركين. فالآية تعرض لسؤال استنكاري يستنكر عدم إكتفاء المكذبين بإنزال الكتاب على النبي كدليل على صدق نبوته ورسالته، بمعنى يقوله أحد المفسرين:" هذا جواب لقولهم " لولا أنزل عليه آيات من ربه " أي أولم يكف المشركين من الآيات هذا الكتاب المُعْجِزْ الذي قد تحديتهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه فعجزوا ولو أتيتهم بآيات موسى وعيسى لقالوا : سحر ونحن لا نعرف السحر ; والكلام مقدور لهم ومع ذلك عجزوا عن المعارضة" فدليل د. منصور على اكتفاء المؤمن بالقرآن الذي جاء به من القرآن، غير صحيح ولا يثبت قضيته في هذه المسألة. القرآن والحديث النبوي في الصفحة 15 يقول د. منصور: " فمن رحمة الله بنا أن فرض علينا كتابا واحداً ميسراً للذكر ومصونا عن التحريف وجعله واضحاً مبيناً،..." ثم يقول في مستهل الصفحة 16: " فالقرآن لا مجال فيه للريب أو الشك، وحقائق القرآن مطلقة، وما عداه من كتب يعترف أصحابها بأن الحق فيها نسبي أي يحتمل الصدق و الكذب.." و من ثم يردف قائلاً في نهاية الصفحة 17: " ومشكلتنا نحن المسلمين أن علماء الحديث يؤكدن أن الأغلبية العظمى من الأحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم هي أحاديث آحاد ويؤكدن أنها تفيد الظن ولا تفيد اليقين.. ومع ذلك يأمرنا بعضهم بإتباع الظن مع أن الظن لا يغني من الحق شيئاً.." ومن مراجعة هذه المقتبسات نجد المفاتيح النصية التالية: 1. القرآن مصون من التحريف. 2. القرآن كتاب لا يرقى الشك إليه ولا مجال للريب فيه بحكم نزوله من عند الله. 3. الحديث النبوي هو من المرويات التي قد تكون كاذبة، أو يكتنفها الشك وهنالك مجال واسع لاختلاقها و تزييفها. أولاً – القرآن مصون من التحريف يأتي د. منصور بأدلة عن حفظ القرآن من القرآن ذاته دون التطرق إلى إسقاط ما يقوله على الواقع، كأن يعرض وقائع تاريخية تشرح فيه الجهد البشري المادي، وتفيد بأنه، مثلاً، قد فشلت كل محاولات التزوير التي بدأت اعتباراً من عصر التنزيل و إلى يومنا هذا في إلحاق كلمات ، أو آيات، أو سور ليست من القرآن بالنص القرآني، فما زال العدد المطلق من نسخ القرآن المكتوبة، والمسموعة، والمقروءة متماثل بسبب آلية "الإجازة" التي ابتدعها المسلمون للحفاظ على النص القرآني من التغيير، ولكن هذا لا ينفي وجود محاولات مستمرة لتغيير تراصف كلمات القرآن لخدمة مصالح متفرقة. فليس هنالك من طريقة مادية، أو حسية أخرى لحفظ القرآن غير مقابلة ما ينسخ أو يسمع حديثاً بما نُسخ أو سُمع في السابق، حيث أن السابق تمت مقابلته بما قبله وصولاً إلى النبي محمد ذاته وفق صك إجازة يشهد فيه القارئ السابق للقارئ اللاحق بأنه يقرأ، أو يحفظ، أو يكتب القرآن كما كان مكتوباً في مصحف عثمان الذي مات عليه النبي، إلا إذا كانت هنالك طريقة أخرى وخاصة لصون القرآن عند الكاتب منصور ولكنه لم يصرّح بها. ثانياً- القرآن كتاب لا يرقى الشك إليه ولا مجال للريب فيه بحكم نزوله من عند الله. هل يستطيع د. منصور أن يثبت بالدليل الحيوي الدامغ و القاطع و الذي يقبل به عامة الناس أن القرآن نزل من عند الله؟ من الواضح أنه لا يستطيع د. منصور، ولا أنا، ولا غيرنا، ولا أحدٌ من المسلمين فِعْل ذلك بشكل يقبل به عامة الناس كونه بداهة حيوية كونية، فقضية نزول القرآن من عند الله قضية إيمانية بحتة، و بواعث الإيمان لا ضوابط لها.
ثالثاً - الحديث النبوي مرويّات يكتنفها الشك وهنالك مجال واسع لاختلاقها و تزييفها. لقد ثبت تاريخياً أن الآلية التي جُمع فيها الحديث النبوي هي نفس الطريقة التي جمع فيها القرآن مع بعض الاختلافات الهامشية، ويمكن التمييز بين القرآن والحديث من حيث طريقة الوحي والجمع والتدوين على النحو التالي: a. أخذ القرآن أول مرة من فم النبي محمد فقط. b. أخذ الحديث أول مرة من فم النبي محمد فقط (يمكن إدراج الموافقة بالسكوت، وأفعال النبي تحت هذا البند طالما أن المرجعية هي النبي محمد ذاته) c. جُمع القرآن من أفواه الصحابة. d. جُمع الحديث النبوي من أفواه الصحابة. e. استمرت فترة جمع القرآن مدة قصيرة جداً حيث دونه أبو بكر f. استمرت فترة جمع الحديث النبوي مدة طويلة جداً من الزمن. g. أُخذ القرآن والحديث من الصحابة بشكل أساسي، ومن نفس المصادر البشرية تقريباً. إذا فالقرآن والحديث النبوي جاءا من مصدر واحد، وهو النبي محمد عملياً، وتم إذاعتهما بطريقة واحدة – النطق ، وتم حفظهما بطريقة واحدة – صدور الصحابة، وتم تدوينهما بطريقة واحدة مع فارق إيلاء الأهمية العظمى للقرآن بحكم التعبد بتلاوته، وهذا، حصراً، الذي لم يحظ به الحديث النبوي، وتم التحقق من القرآن والحديث النبوي بالمراجعة والمقابلة ومنح الإجازات، غير أن الحديث النبوي خضع لمعايير مختلفة في الاعتماد النهائي سببها أن الحديث النبوي شمل كل ما قاله أو فعله أو سكت عنه النبي محمد، فكان من الصعب ضبط كل شيء بدقة ضبط القرآن. فالقرآن حُفظ قراءة وتدويناً وبدقة عظيمة لمحدودية كلماته قياساً بالحديث فمعظم الصحابة حفظوه وراجعوه و تدارسوه تعبداً وهذا الذي لم يفعلوه بتلك الدقة مع الحديث النبوي الذي لم تكن لذلك حاجة ملحّة في حياة الصحابة لأن النبي كان بينهم وقد شهد معظمهم معظم ما قاله أو فعله أو سكت عنه. والسؤال المحوري هنا للكاتب منصور، ولمن يعتقد برأيه، هو: ما هي الآلية المتبعة في التمييز بين القرآن كونه قرآناً، و بين الحديث النبوي كونه حديثاً قدسياً، أو بشرياً وليس قرآناً؟ الإجابة المنطقية هي أن النبي محمداً أخبر الصحابة أن ما يقوله في لحظة من اللحظات، هو قرآن نُزِّل إليه من عند الله، فقام الصحابة بتصنيف ما قاله على أساس أنه قرآن. فالصحابة، وحتى بعض غير المؤمنين، هم المصدر الثاني بعد النبي محمد للإخبار عن أن ما نطق به النبي محمد في لحظة من اللحظات، هو قرآن منزّل إليه من عند الله، أو حديث منزّل إليه من عند الله، ولكن الأخير ليس قرآناً، وبأنه وُضع تحت اسم "أحاديث قدسية" بدلالة إخبار النبي محمد ذلك لهم. والصحابة، وبعض غير المؤمنين، هم المصدر الأول للإخبار عن أن ما ينطق به النبي محمد في لحظة من اللحظات هو كلام بشري عادي وليس بقرآن، وهم، وغيرهم من غير المؤمنين، من نقل لغيرهم تفاصيل أقواله، وأفعاله، وسكوته عن أفعال غيره. إذا فالقرآن كونه نصاً، لا يختلف عن نص الحديث من حيث النطق، والجمع، والتدوين. فإذا كان المصدر واحداً، فكيف يستطيع أي شخص التمييز بين نص القران المنزّل من عند الله من جهة، و بين نص الحديث القدسي المنزّل من عند الله ، والحديث النبوي البشري من جهة أخرى؟ إن الإجابة بالقول أن الحديث النبوي هو حديث بشري لا يرقى لقوة سبك القرآن كونه نزل من عند الله، مناف للبرهان بدلالة أن الأحاديث القدسية هي كلام الله الذي أنزل على النبي محمد ولكنها ليست قرآناً ولا يُتعبد بتلاوتها، فهل كونها جاءت على شكل، أو أسلوب حديث يعطي الحق لأحدهم أن يقول أن سبكها اللغوي ضعيف، أو هزيل، أو أنها لا ترقى للقرآن، علما أن مصدرها هو الله منزل القرآن؟ وبذلك يتم التمييز بينها وبين القرآن. ومن جهة أخرى، لو لم يميّز النبي محمد، تصريحاً لا لبس فيه، لأصحابه أن ما يقوله قرآناً أو حديثاً، وترك أمر التمييز للناس على هواهم، لاختلط الحابل بالنابل، ولصار تنحنحه قرآناً. لم يبق سوى القول بأن الأحاديث القدسية، وغير القدسية، هي محض افتراء أجري على لسان النبي محمد بحكم عدم أمانة أصحابه، أو بحكم كونهم بشراً يخطئون في النقل، أو النطق، أو التدوين، وهذا ما يتمحور كتاب د. منصور عليه الذي يعتبر أن المرويات تفيد الظن، فهو يقول في الصفحة 17: " ومشكلتنا نحن المسلمين أن علماء الحديث يؤكدن أن الأغلبية العظمى من الأحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم هي أحاديث آحاد ويؤكدون أنها تفيد الظن ولا تفيد اليقين.. ومع ذلك يأمرنا بعضهم بإتباع الظن مع أن الظن لا يغني من الحق شيئاً.."، كما أنه يعتبر أن القرآن هو الشيء الوحيد الذي نزل من عند الله إلى النبي محمد. غير أن هذه النتيجة حول الصحابة و أهليتهم للنقل، والتدوين تنسف منطقياً كون القرآن الذي بين أيدي المسلمين هو القرآن ذاته الذي نزل على النبي محمد بحكم عدم أمانة أصحاب محمد، أو بحكم كونهم بشراً يخطئون في النقل، أو النطق، أو التدوين على الأقل. إلا أن د. منصور ينتقي "القرآن" من بين المرويّات عن النبي محمد بواسطة الصحابة ، ويعتبر أنه الكتاب الذي نزل على النبي محمد من عند الله، و أنه لا يرقى إليه الشك ، وأنه لا مجال للريب فيه بحكم نزوله من عند الله، إلا أنه، من جهة أخرى، يؤكد أن بقية مرويّات الصحابة التي أسموها أحاديث قدسية أو أحاديث نبوية محض افتراء كما ورد في انتقاداته لصحيح البخاري المنافية للبرهان في الجزء الثالث من هذا الكتاب. لا شك أن د. منصور، بكتابه وفكره هذا، لديه الخيارات البدهية التالية:
a. إذا كان الحديث النبوي الذي نقله الصحابة مكذوب، أو لا اصل له، أو مشكوك في سلامة قدرات أو نيات ناقليه حسب ما يقوله د. منصور، فالقرآن مكذوب أيضاً، ولا اصل له طالما أنه ورد عن نفس المصادر، وبنفس الطريقة ، أو أنه ظني على اقل تقدير، كما يقول د. منصور عن رواته الذين هم أنفسهم رواة الأحاديث النبوية في الصفحة 17:
" ومشكلتنا نحن المسلمين أن علماء الحديث يؤكدن أن الأغلبية العظمى من الأحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم هي أحاديث آحاد ويؤكدن أنها تفيد الظن ولا تفيد اليقين.. ومع ذلك يأمرنا بعضهم بإتباع الظن مع أن الظن لا يغني من الحق شيئاً.."
b. إذا كان القرآن كاملاً وصحيحاً كما يقول الكاتب منصور:" .. فالقرآن لا مجال فيه للريب أو الشك، وحقائق القرآن مطلقة .." ، وهو الذي ورد عن نفس المصادر وبنفس الطريقة التي وردت فيها الأحاديث، فإنه من المنطقي اعتبار الأحاديث القدسية والنبوية البشرية التي رويت عن النبي محمد صحيحة المبرر بصدق، و أمانة الصحابة. والتسليم بصحة الأحاديث، وإن اختلفت درجات صحتها، يجعلها ملزمة للمؤمنين بالعقد الفئوي الإسلامي.
أما أن ينتقي أحدهم، من بين مرويّات الصحابة، جزئيات كالقرآن ويؤمن بها، ويعتبرها ناموس الإسلام والمسلمين الأوحد، بينما يعتبر ما لم يأخذه من نفس المصادر، كالأحاديث القدسية والأحاديث النبوية كذباً، وتلفيقاً ومنتهي الصلاحية، فهذه قضية اعتلال بداهة، وفساد منهج في البحث. فعامة الناس يرفضون قبول صحة خبر ما، أو تنتابهم الشكوك، والظنون حول صحة ذلك الخبر، إذا كان ناقل الخبر معروفاً بالكذب، أو بمعاناته لمرض انفصام الشخصية، أو حتى كونه مدمناً على الكحول. فالصحابة رووا القرآن، والأحاديث القدسية، والأحاديث النبوية، وتفاصيل أخرى حول النبي محمد، فإذا كانت رواياتهم للأحاديث القدسية والأحاديث النبوية وتفاصيل حياة النبي محمد فاسدة، أو كاذبة، أو مشكوك في صحة معظمها، فما الذي يدعو إلى تصديق روايتهم أنفسهم للقرآن؟ فكل القرآن، ما بين الدفتين، يعتبر جزءا يسيرا من مجموع المرويّات عن النبي محمد، فكيف ينتخب من هذه المرويّات ما يقال عنه صحيح فيسمى "قرآناً"، و ينتخب قسم آخر ليقال عنه كاذب، وفيه أحاديث قدسية يدّعي النبي محمد أنها نزلت من عند الله، فيقبل بالقسم الأول، ويرفض القسم الثاني؟!!! أي وكأنه يقال للنبي محمد:"هذا الكلام الذي تسميه "قرآناً" أعجبنا ونحن نصدق أنه نزل عليك من عند الله، وأن الأحاديث القدسية هي أحاديث مفتريات وليست من عند الله." كيف يُصدَّق الإخبار عن نبيٌ، أو إنسانٌ ما عن أمر، ويُكذب في أمر آخر؟ القضية هي إما أن النبي محمد صادق، فيُقبل بكل ما جاء به من قرآن، وحديث بعد التحقق من صحتهما بالوسائل المعروفة، أو أن النبي محمد غير صادق، فلا يقبل بكل ما جاء به من قرآن أو حديث. وبما أن د. منصور يؤسس مدرسته الفكرية "الإسلامية" على أساس أن القرآن صحيح، و قد نُقل إليه عن طريق الصحابة بطريقة أمينة، فمن باب أولى له، أو لغيره، ألا يستثنوا الأحاديث النبوية التي نقلها الصحابة، فهي، مثل القرآن، صحيحة وذات أصل تشريعي شأنها شأن القرآن طالما وردت من نفس المصدر المحترم، طبعاً يبقى أن يُخضعها كأي نص للتدقيق بالطرق المتبعة في التحقق من صحة النصوص القرآنية أو نصوص الأحاديث، فينجو بذلك د. منصور من اعتلال البداهة. أو أن لدى د. منصور دلائل دامغة على كذب الصحابة، واعتمادهم في نقل ما قاله النبي محمد على الهوى، وأنهم يخطئون دائما ولا سبيل إلى تبيان خطئهم من صوابهم، فيعترف أن نقل القرآن أيضاً لا يمكن أن يخرج عن كونه مرويات منقولة من قبل أناس عُرفوا بالكذب وعدم الأمانة بدلالة نقلهم المشكك به للحديث النبوي، فينجو د. منصور من اعتلال البداهة في هذه أيضاً. أو أن يختار أن ينتقي ما يعجبه من المرويات عن النبي، فيقول عنها هذا صالح، وهذا غير صالح، فيكون بذلك قد أصرَّ على التشبث باعتلال البداهة بيديه وأسنانه، وأفقد منهجية بحثه المنطقية، وضرب مرجعية بحثه بصفر الهوائية. ________________________________________________________________________________________________________ هوامش:
* د. أحمد صبحي منصور كاتب، و صاحب موقع أهل القرآن http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php
* أولا – أحكام أحوال المصالح a. عزلة b. صراع c. تعاون d. توحيد
* ثانياً – أحكام جذور المصالح
a. شكل جوهر جزئي – تعني وجود مرجعية منافية للبرهان و غير ملزمة. مثال:"أضربت نقابات الأطباء العرب عن العمل، تضامناً مع هزيمة فريق كرة قدم البرازيل أمام الأرجنتين." b. شكل جوهر كلي – تعني وجود مرجعية غير برهانية و لكنها ملزمة، أو عند عرضها لمصالح صنمية ثابتة مع إلزام الآخرين ، أو عند عرضها لمصالح تبرر الظلم و ازدواجية المعايير:"أضربت نقابات الأطباء العرب عن العمل، تضامناً مع هزيمة فريق كرة قدم البرازيل أمام الأرجنتين، وأعلنت أنها سوف تعاقب كل الأطباء الذين لا يضربون على العمل بالفصل من النقابات."
c. شكل جزئ – تعني وجود مصالح غير منافية للبرهان و غير ملزمة، مثال:"يحب زيد كرة القدم." d. شكل كلي – تعني وجود مرجعية البداهة الكلية و المنطق ألبرهاني . مثال:"يحب بعض الناس كرة القدم، فبعضهم يمارسها، وبعضهم لا، والبعض يحب رياضات أخرى."
#علي_الأمين_السويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشكل الحيوي، والشكل الحيوي في المنطق الحيوي
-
العرب وشرف آخر زمن
-
إشارات عابرة
-
زيف المساواة بين الجنسين
-
أمةُ دبِّر رأسك
-
الله يلعنك يا إبليس!
-
الخطاب المنكر
-
الإنسحاب المصري
-
القرضاوي الشيخ النووي
-
الزهايمر الفكري عند الجلبي
-
نظرة في -أضاحي منطق الجوهر*- للدكتور حمزة رستناوي
-
رسائل وعناوين خاطئة (1)
-
الإعجاز و الإفلاس
-
يأخذ ويرد حتى من علي (ر)
-
الراعي الجديد
-
البهيمية! و ما أدراك ما البهيمية؟
-
كيس خيار
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|