|
مفهوم الهوية وقبول الأخر
عامر عبد زيد
الحوار المتمدن-العدد: 3125 - 2010 / 9 / 15 - 11:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نحن اليوم في تناولنا الى هذه الموضوع نضع ايدينا على مسالة جد حساسة على مستوى القيم وعلى مستوى السياسة وعلى مستوى الدين فالرهانات التي تناولت مسالة "الحوار " متعددة مثلما تعددت الموجهات والدواعي التي تدفع كل جهة اليوم في دعوتها الى الحوار ولعل الأمر يثير الريبة كيف نلمس كل تلك الدعوات دون أن نمسك بشيء من المصداقية بين الدعوة إلى احترام الأخر وفي نفس الوقت يتم دعم الاستيطان وتغير أنظمة الحكم والتدخل عبر أثارة الفتن الداخلية داخل البلدان المعارضة والعمل على تقسيمها باسم التعددية وفي نفس الوقت التعمد الى القوة والعدوان هي البديل مما يجعل الأمر ملتبس بين القول والفعل هذا الامر يذكرنا أن الفكر الغربي فكر سياسي برغماتي وان القوة هي الرهان والفكر يقدم المسوغات التي تجعل المنهزم يقبل بالهزيمة دون اعتراض .بالمقابل الآخر يرفع شعارات الشورى والوراثة للفكر التعددي الإسلامي أو القومي ويرفع شعار الدمقرطة الشرقية وهو يمارس التفرد بالسلطة وإقصاء الأقليات وتزوير الانتخابات والتلاعب بالعقول عبر خلق القيادات "الكرزمة" ويمارس الولاية على الأمة في حين هذا زمن ولاية الأمم والشعوب وليس الأبطال الاسطوريين ، زمن الانتخاب وليس زمن التكليف الشرعي .انه يخلق للآخر فرصة التدخل في الشأن الداخلي مثلما خلقتها الدوله العثمانية وجعلت الإطماع الغربية تطوقها عبر الأقليات . نحن اليوم نحاول التوقف عند عتبة الحوار الأولى التي هي التعريف . أولا- تحديد المفهوم لغةً واصطلاحا : “للحوار، في اصطلاح علماء اللغة والتفسير معانٍ كثيرة وإن استوت في الإجمال، على سياق واحد. “حاوره محاورة وحواراً”. فالمحاورة هي المجاوبة، أو مراجعة النطق والكلام في المخاطبة والتحاور والتجاوب . وفق هذا التحديد، يمكن القول: 1. إن الحوار، بصفته حواراً مع الذات (مونولوغ)، يقول محمد إقبال : "إن روح الفلسفة هي روح البحث الحر، تضع كل سند موضع الشك، ووظيفتها أن تتقصى فروض الفكر الإنساني التي لم يمحصها النقد إلى أغوارها. وقد تنتهي من بحثها هذا إلى الإنكار، أو إلى الإقرار في صراحة بعجز التفكير العقلي البحت عن اكتناه الحقيقة القصوى."( ).وهذا النقد ماظهر مصداقه في الفكر الحديث فإن معرفة امكانات العقل البشري واكتشاف نقائصه قد قادا أوروبا إلى استنفار طاقاته وحفزه إلى الانعتاق من نقائصه فكانت تلك المعرفة وذلك الاكتشاف هما بداية النهضة. ( ) عندما يكون حوارا تأمليا داخل الفرد، حيث ممكن أن يكون واقعيا وممكنا انه واقع تحت تأثير أوهام الثقافة وأحكامها القبلية عن الآخر ، فإذا كان الفكر الأوروبي هو العقلانية والعلم والتقنية والمنظور الشمولي للعالم كان على الإسلام أن يكون نقيضًا كليًا له. لكن الركون إلى النموذج السوي الكامل وهو النموذج الأوروبي، والنموذج المشوه الناقص وهو النموذج الإسلامي؛ يدلل على أن المنظور الأوروبي يعيّن ذاته مرجعًا وحيدًا للعالم لا أكثر، يخترع الإسلام من تصوراته الذاتية قبل أن يتأمله بمقارنة موضوعية. لهذا يستطيع" ماك دونال" أن ينسب إلى الإسلام عدم القدرة على «تصور الحياة ككل، وميل للتأثر بفكرة واحدة وجهل بباقي الأشياء"( )في حين يؤكد بول ريكور : ان التحاور ينتج المعرفة الحقيقية، الحوار بين الأفكار والأديان، وليس الانغماس إلى حد العمى المعرفيّ والفكريّ في وجهة نظر واحدة. اذ الانحصار في وجهة نظر واحدة منجبة للعقم، ايا كانت خصوبة هذه الأفكار. هذا التصور الأحادي الجانب داخل وهم الثقافة المتمركزة حول الذات سواء كانت غربية أم شرقية لا ينتج سوى المحن والتي نلمسها اليوم على ارض الواقع الحي ، المضطرب بالأحداث والأزمات ، يشهد على كذب خطاب الدعوة وهشاشة الأطروحات. 2. ومع الآخر (ديالوغ)، لذلك كان لابد في الحوار من وجود طرفين: متكلم ومخاطب يتبادلان الدور.فحيناً يكون المتكلم مرسلا للكلام وحيناً متلقياً له. أي يكون المتكلم مخاطباً حين يصمت ليسمع كلام نظيره. وهكذا يدور الكلام في إطار حلقة تبادلية يكشف كل منهما عما لديه من أفكار. فيتشكّل جرّاء ذلك ما يمكن أن نسميه بالخطاب المشترك الذي تستولده القضية المتحاور بصددها ألا انه أيضا قد يكون سجين خطابات دعوية كل طرف يريد أن يجعل الأخر تابع له فيتحول الحوار لمساجلات المقصود منها ليس الأخر بل الجمهور الذي يعبر المتحاور عن صلاح هويته وبطلان الأخر لهذا قيل أن الحوار يختلف ، إذ يختلف "حوار الأديان" عن "مقارنة الأديان" و"مساجلة الأديان" وإن اختلطت هذه المفاهيم في الأدبيات؛ فمقارنة الأديان علم يعني دراسة دين مقارنة بآخر على مستوى العقيدة والشريعة والعبادات، وتصوراته عن الإنسان والكون والحياة وغير ذلك، من محاولة افتراض الموضوعية وإمكانية إلغاء التحيز،بينما مساجلة الأديان عملية تهدف إلى إثبات تفوق وتميز دين على آخر، وهو ما لا يهدف إليه بالطبع "حوار الأديان" الذي هو عملية إدراكية اذ أن الهدف الرئيسي من حوار سواء كان بين الاديان او المذاهب او بين الحضارات هو هدف معرفي واستراتيجي يحمل معه الكثير من الآمال والطموحات فهو تأسيس بنيوي لمنظومة أخلاقية شاملة. 3. ومع العالم جملة وتفصيلا (ديالكتيك)، هو أساس الثقافة وأبرز بوصفه ظاهرها؛ إن العقل هو الذي يحاور، بحكم ماهيته، أي بحكم كونه عقل الواقع وعقل العالم، أو عقل الكون، وأي تعريف آخر للعقل يهدم مشروعية الحوار؛ بمعنى ان الحوار العقلي هو الذي يشيع المعرفة من خلال الاطلاع على المنطلقات التي يمثلها الأخر مما يساهم الحوار في إزالة الصور النمطية والتي في خلق صوره تساهم في خلق التصادم وإلغاء التعايش المشترك. و"حوار الأديان" هو محاولة الفرد المحمل بقيم تقاليد وأفكار وعقائد مسبقة استكشاف الآخر (المختلف دينيًّا)-كما هو- وإدراكه وبلورة رؤية فلسفية غير نمطية إزاءه، دون اللجوء إلى إصدار أحكام قيمية متحيزة ضده. وبذلك يقبل المفهوم فكرة التحيز والذاتية، ولا يحاول ادعاء الموضوعية أو التجرد من الذاتية، أي أن المشاركين في "حوار الأديان" - بعكس ما قد يتبادر للذهن- يجب أن يتحقق فيهم الإيمان المطلق بعقائدهم دون محاولة التجرد من الذات كما يظن كثير من دعاة الحوار أنفسهم. فالحوار حتى يحقق صفة الكونية يجب ان يقوم على المشاركة وليس الإخضاع والالحاق ،وفي هذا يقول حسنين هيكل : وإذا عدت الآن إلى مقولة صراع الحضارات أو حوارها فربما تكون النقطة الجوهرية أنه يتحتم التفرقة باستمرار بين شراكة الحضارة وبين صراعات القوة، فالقوة ميدان تصويب وضرب نار، والحضارة شراكة ومحيط أنوار. وهنا فإن حقائق الحضارة تمنع الاستيلاء عليها لحساب أي ظرف، كما ترفض التنازل عن الحق فيها تحت أي وصف.لكن انظر إلى مايقوله الفرنسي "أرنست رينان" في القرن التاسع عشر السطور التالية:" لقد هزمت البربرية إلى غير رجعة، لأن كل شيء يغدو، شيئًا فشيئًا علميًّا. فلن تملك البربرية المدفعية أبدًا، وحتى لو امتلكتها فإنها لن تستطيع استعمالها" يقيم رينان علاقة بين المدفعية وانتصار الثقافة الأوروبية، مؤسّسًا حوار الثقافات على أدوات عسكرية، حيث المدفع الأقوى هو المعبّر عن الثقافة الأقوى، وحيث من لا مدفعية له لا ثقافة له. وهذا ما رفضه علماء المسلمين، في زمن ازدهار الإسلام وصعوده، حين حاوروا "النص الآخر بالأسئلة، وساءلوا في"النصوص المغايرة"مواقع الصواب والخطأ. ( )إلا أن هذا الكلام القائم على القوة يخالف المنطق اذ أن مسار التطور التاريخي للمجتمع البشري خلال المراحل السابقة أثبت فشل فكرة قيام دولة واحدة أو حضارة واحدة، وإن تحويل الحضارة والثقافة إلى ساحة صراع يهدف إلى إلغاء الثقافات والحضارات الأخرى وهو المنطق الذي طبع الدراسات الإستراتيجية الأمريكية : التفكير الاستراتيجي، الذي لا ينضبط بمنظومة القيم الأميركية ذاتها، ويتمثل هذا التفكير الضخم في كلمات بسيطة من قبيل: • نحن القادة وعلى الجميع أن يتعاونوا معنا، بمعنى أن يسيروا في الركاب. • أميركا هي الأخ الأكبر للبشرية، وسيأتي اليوم الذي سيأخذ فيه هذا الأخ موقع الأب ومكانته. • نحن نؤمن بأميركا المتحركة التي تحلم وتختار وتفعل وتحكم. • من لم يكن معنا فهو مع الإرهاب.( ) أن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية مليء بالمحطات التي تؤكد أن ما تعمل له، وتسعى من أجله هو تأمين مصالحها، وقد ازداد هذا الشعور بعد تفكك المنظومة الاشتراكية، ويقف الباحث عند "ريتشارد نيكسون"وكتابه المعنون بـ "أمريكا والفرصة التاريخية"ومن ثم عند بحث(هنتنغتون) حول تآكل المصالح القومية الذي نشره عام 1997م وفي الإطار ذاته يأتي كتاب"بريجنسكي"( رقعة الشطرنج الكبرى)، هذه الكتب والأبحاث تعد مدخلاً لمرحلة جديدة، وهي أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية المركز الكوني ليس للولايات المتحدة الأمريكية وأوربا فحسب، وإنما لكل ما هو موجود على الأرض بل ما يمكن أن يكون في المستقبل، وهذه النزعة المركزية ناتجة من طبيعة الولايات المتحدة التي قامت على أساس الإرهاب وإزاحة شعب برمته. ثانيا- المفهوم وظروف تشكله كظاهرة ثقافية : ومن هنا يظهر ان "حوار الأديان" بقى بعد إشكالي ، إذ يُعدّ من أكثر الموضوعات المثيرة للجدل، ويظهر ذلك في الانقسام الحاد من الموقف تجاه حدوث هذا "الحوار" والذي يتمايز بين اتجاهين متناقضين مؤيد أو معارض، وداعٍ إليه أو متشكك فيه، بل ويمتد الانقسام والتباين إلى داخل كل اتجاه بعينه فتتباين الآراء وتتعدد أيضاً الأهداف و القضايا والخطابات المستخدمة بالفعل ساحة "حوار الأديان" في مفارقة غريبة تجعلنا إزاء حوارات أديان وليس حوارًا واحدًا، خصوصا بعد الحرب على الارهاب حدثت كرد فعل عن أحداث 11 أيلول التي فرضت نفسها على مستقبل حوار الحضارات ومستقبل العلاقات الدولية في ظل التعبئة النفسية والإعلامية التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العرب والمسلمين، إن أطروحة الحوار تعرضت إلى تشكيك كبير في أوساط واسعة سياسية وثقافية في العالم الإسلامي، رغم هذا ألا أن متطلبات الحوار الحضاري :الحفاظ على مجموعة الأفكار الإنسانية في تحقيق الحوار، الحفاظ على التنوع والاعتراف به كظاهرة إنسانية حتى يصبح الحوار ضرورة، دفع الناس لبناء حضارة إنسانية متكاملة، قراءة الآخر وفهمه دون الاستناد إلى المصادر الإعلامية بل قراءته قراءة موضوعية. إلا أن الحوار كان قد انطلق لأسباب متباينة منها: 1. بدافع الهيمنة على مقدرات الأخر عبر الاستعمار : من يريد التعرف على الأخر بقصد الهيمنة عليه وليس لغرض التثاقف الحضاري بل الهيمنة واللحاق إذ، أدى تصاعد موجة الاستعمار الغربي وسيطرته على معظم أنحاء العالم القديم، إلى تفعيل فكرة حوار الأديان في محاولة لاكتشاف الآخر- الشعوب المُستعمَرة - والتي كانت موزعة على عدد كبير من الديانات المختلفة لم يكن العالم الغربي على دراية كافية بها، فكان الاتجاه إلى تفعيل الحوار حتى يمكن بناء رؤية معرفية حول هذه الأديان ومعتنقيها، ويشبه ذلك الموقف - إلى حد كبير- ظروف نشأة علم الانثربولوجيا الذي بدأ كعلم استعماري أنشأته القوى الاستعمارية الغربية محاولة منها لدراسة الشعوب المغلوبة ومعرفتها؛ ومن ثم تحديد الكيفية التي يمكن أن تتعامل بها معها.وتفسر تلك الرؤية تزايد اتجاه منظمات حوار الأديان العالمية لإشراك الإسلام في منظومة،الحوار الديني بعد أن كان مقتصرًا على اليهودية والمسيحية وبعض الديانات الوضعية كالبوذية والهندوسية والشنتو..إلخ، إذ يرتبط ذلك إلى حد كبير بتزايد المد الإسلامي وظهور الحركات الإسلامية التي رأى فيها الغرب تهديدًا للمصالح والمشروعات الغربية في العالم الإسلامي، وهو ما يفسر أيضا اتجاه منظمات الحوار الديني لأن يكون ممثلو الإسلام في الحوار شخصيات إسلامية من خارج المؤسسات الرسمية لضمان اكتشاف مساحات أوسع من الآراء ووجهات النظر خارج الدائرة الرسمية. 2. ومن ناحية أخرى"مسوغات دعوات الحوار داخل الثقافة الغربية من خلال الدعوة إلى التسامح "، مثل مفهوم حوار الأديان انعكاسًا للظروف التاريخية التي عاشت فيها أوروبا حالة من الصراع المذهبي والاضطهاد الديني؛ دفعت ببعض المذاهب الدينية التي عانت من الاضطهاد الديني في أوروبا كالبروتستانتية إلى تبني فكرة "حوار الأديان" بغرض إقرار مبدأ القبول بالآخر؛ حتى يتسنى لها البقاء كأقليات دينية، والحصول على حقوقها في المجتمعات الأوروبية ذات الأغلبية الكاثوليكية، لهذا ظهرت دعوة الحوار والتسامح من اجل إقرار : تعايش اجتماعي مشترك ، حرية المعتقد،، ثقافة متسامحة تقوم على الاختلاف والتنوع . 3. وساعدت على رواج فكرة "حوار الأديان" مؤخرًا - بعد الحرب العالمية الثانية - محاولة بعض الدول الكبرى كاليابان تعريف نفسها ثقافيًّا وحضاريًا للعالم من خلال حوار الأديان (طرح الذات من خلال الآخر) ومؤشرات ذلك تظهر في تصدرها قائمة الدول الممولة لمنظمات حوار الأديان ومؤتمراتها بميزانيات ضخمة، في محاولة منها للوصول إلى الصدارة العالمية، ولكن من بوابة حضارية ثقافية تتناسب وأوضاع النظام الدولي الجديد. 4. إما حديثا فظهرت الدعوة إلى الحوار بين الحضارات كما طرحها خاتمي كرد على صراع الحضارات "ضمن دعوته الإصلاحية ".
إذا هناك أدبيات وملابسات عديدة كانت وراء تكون مفهوم الحوار وقبول الأخر وهناك دعوات متعددة وخصوصا ضمن الدعوة الأخيرة التي دعمت مؤتمرات تعالج هذا الأمر حتى تحول الأمر إلى دعوة تبنتها الكثير من الدول الإقليمية من اجل لعب دور أو تحسين علاقاتها بالداخل أو الخارج ، وقد رفع احد المؤتمرات هذا الشعار
كيف نواصل مشروع حوار الحضارات( )? للنخب دور مهم في ريادة الأمة في هذا يقول "أرنولد توينبي": وكذلك من أسباب سقوط الحضارات فهو عجز النخبة الخلاقة عن الاستمرار في مواجهة التحديات المستمرة كما واجهتها بداية الأمر وعندما تنحط الأقلية الخلاقة في تاريخ أي مجتمع من المجتمعات إلى أقليّة مسيطرة تحاول أن تحافظ بالقوة على مركز لم تعد تستأهله، هذا التبدل الهدام في طبيعة العنصر الحاكم يحفز البروليتاريا (الأكثرية) على الانفصال عنه والتخلي عن تلقائيّتها وحريتها في الانجذاب إليه ومحاكاته(...) وهكذا يشكل سقوط الحضارة طبقة محاربة داخل مجتمع واحد لم يكن كيانه في دور النمو الحضاري منقسماً على ذاته انقسامات حادة. فأن الإجابات جاءت من النخب العربية والإسلامية على السؤال - كيف نواصل مشروع حوار الحضارات - متنوعة وقد تمكننا من محاولة تكثيفها في أسئلة مكثفة • أن الحوار له اشتراطاته التي ترتبط بالواقع الدولي القائم على منطق القوة والتقدم من هنا لكي نكون متحاورين ولنا مكاننا وليس مجرد إتباع خاضعين لموجهات الأخر لابد من امتلاك الأمة قوة الإقناع والتكنولوجيا والقوة الاقتصادية لتحاور الآخر، وأشار كذلك إلى إرادة الغرب واستعداده للحوار والتعايش. • أن الحوار بين الحضارات ليس حوار الأمنيات،بل هو موقف وجودي وخيار جماعي، وإن أعمق حوار بين الحضارات هو حوار الأديان أي الحوار الذي تتعرف فيه الذات إلى نفسها دائماً وترى بوجودها وجود للآخر، فحوار الحضارات مقولة كونية تستدعي النظر بمنظور كوني لواقع العالم واستحضار الكون بأسره لا الانزواء داخل ذاتيات متضخمة تحجب التعرف إلى خارطة العالم البشرية وتعيق فهم الذات على حقيقتها، فالحداثة الغربية بتمركزها الغربي ، قامت على العقل والثروة والقوة بالمقابل استعبدت امتدادات الجمال والروح داخل الإنسان فسطحته وحولته إلى شيء يستهلك. • ضرورة مغادرة المنطق الماهوي في النظر إلى الآخر من خلال خلق فضاء تخيلي إقصائي بل يجب أن تكون علاقة الذات العربية الإسلامية بنفسها وعلاقتها بالآخر علاقة جدلية دينامكية ، فأن الحضارة لا تقوم على شيء ثابت فلا الحضارة الإسلامية ثابتة ولا الحضارة الغربية ثابتة، لكن الغربيين من خلال الخطاب الاستشراقي عدّوا الحضارة الإسلامية جوهراً ثابتاً فكوّنوا صوراً نمطية ثابتة عن الإسلام "كصورة الشريعة الإسلامية ـ الأصولية ـ صورة ربط الإسلام بالقسوة" من هنا تنبع ضرورة وأهمية مشروع حوار الحضارات للقضاء على هذه الصور النمطية التي كونها الغربيون، واستبعاد الاستثمار الإعلامي من اجل تبرير قتل المسلم ، من خلال وصفه بالبدائي او الإرهابي ؟ • ذكر فيها علاقة الأدب بحوار الحضارات وكيف يمكن للدراسات الأدبية أن تخدم حوار الحضارات فالأدب مكون أساسي من مكونات أي حضارة أو أمة، ولهذا يمكن أن تشكل دراسة الأدب وخاصةً المقارن عاملاً مساعداً لتحقيق حوار الحضارات، لأن أول ما تحققه دراسة الأدب معرفة مناطق الالتقاء والاختلاف بين الشعوب.، وأيضا من خلال دراسة الأدب ممكن كشف التمثيل والصور النمطية الاقصائية كما في الرواية التي كانت انعكاس الحقبه الكونيالية. • عدة شروط لتحقيق حوار الحضارات يجب توفرها على المستوى المحلي والإقليمي أهمها ضرورة العمل على تحقق المصالحة الداخلية والخارجية من خلال العمل على إرساء آليات التعايش التي تحقق مصلحة مشتركة بين الأطراف المتحاورة.وتعمل على ترسيخ قبول الآخر على المستوى ألاثني والإقليمي والدولي إذ أن قبول الآخر والاعتراف به أصبح ضرورة ملحة في ظل مناخ دولي ملائم. دعم الجمعيات المدنية >غير الحكومية< لتعزيز فكرة حوار الحضارات من أجل أهداف إنسانية بعيداً عن السياسة، من خلال تدعيم قواعد العيش المشترك لاشك أن تدعيم هذه المنظومة القيمية تتطلب إعادة النظر في الكثير من القواعد والأيدلوجيات والخطابات الدوغمائية والعنصرية والقائمة على الاحتلال والاستيطان وغزو البلدان الآمنة بعد حدوث تلك المتغيرات الواسعة التي شهدها المجتمع الدولي من منتصف ثمانينيات القرن العشرين، حيث شملت مظاهر الحياة القائمة وترافقت مع مفاهيم سياسية واقتصادية واجتماعية، وما جاء بعد غزو العراق من حقيقة مفادها ان الاحتلال والعدوان لا يفضي إلا إلى الدمار مما يكشف عن أهمية حوار الحضارات الذي يرتكز على الحقائق التاريخية والتفاعل بين الحضارات والتعدد في الحضارات والثقافات، في ظل فشل سياسة القوة التي تعتمد على منطق منغلق قوامه فكرة قيام دولة واحدة أو حضارة واحدة، وإن تحويل الحضارة والثقافة إلى ساحة صراع يهدف إلى إلغاء الثقافات والحضارات الأخرى؛ ومن ناحية ثانية يجب العمل على إرساء قواعد الحكم الديمقراطي التي تتجاوز الخطابات القومية الشمولية التي تعمل على الدمج القسري للمجتمعات المحلية مما يتيح للدول الأجنبية فرصة التدخل. • أن الدراسات المستقبلية لحوار الحضارات تنبع من أسئلة عدة، وفي أي زمن نعيش وأي زمن سنعيش، وكيف سنعيش، وهذه الكيفية نحن نخطط لها ونصنعها، وصناعة المستقبل لها علاقة بالكثير من المعادلات، ولكن الإنسان هو اللاعب الأساسي في تحديد مستقبله، كما تحدث عن البعد الواقعي لهذا الحوار، ولا يمكن للحوار أن يواصل حركته من دونه، وفهم ضرورة ارتباط الواقع بالحوار الذي يحتم وجود تقييم موضوعي، ينطلق من حتمية الشراكة الإنسانية، ومن وعي لحقيقة هذه الشراكة المتكافئة بين البشر، ومن ضرورة معرفة مَنْ نحن ومَنْ نحاور، وتحديد من يمثل الحضارات وخصوصيتها وهي دعوة لمعرفة هوية الآخر الذي نحاوره. • أن قضية حوار الحضارات في هذه المنطقة مازالت تدور في إطار كونها مجرد دعوة عامة، ولم تتحول إلى نظرية نعرف من خلالها ماذا نريد من أنفسنا، لافتاً إلى ضرورة النظر إلى مشكلة التخلف في حياتنا والبحث عن فلسفة فعالة لبناء حضارة هذا العصر، والتركيز على تكوين وبناء الإنسان ليكون صاحب دور ومسؤولية في بناء النهضة والتقدم. • كما أشار الدكتور طيب تيزيني إلى أهمية الإقرار بالآخر وخصوصيته التاريخية والمثاقفة الندية العقلانية بين الشعوب والأمم، وإدانة العنف والإرهاب كوسيلة لحل القضايا العالقة بين الحضارات، وتحدث عن خطاب القوة والهيمنة الذي تزامن مع خطاب صراع الحضارات في أعقاب تفكك المنظومة الاشتراكية وحركة التحرر العالمي، مشيراً إلى أن صراع الحضارات هو تعبير عميق عن واقع الحال الجديد.
رسالة الحوار يمكن أن نتلمسها : أهمية إزالة سوء الفهم المتبادل من خلال معرفة أفضل وأكثر عمقا واتساعا وشمولا بالآخر, والتخلص من الصور النمطية السلبية التي تروج لها احيانا بعض وسائل الاعلام وبعض المنظمات السياسية والمدنية عن الآخر باعتباره الخطر والتهديد والعدو, وكذلك توظيف وسائل الاعلام ومناهج التعليم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة لتحقيق رؤية واقعية ومحايدة لفكر وعادات وتقاليد وسلوك وممارسات الآخر بمحددات حوار الحضارات فهي تعكس رغبة متبادلة في التعايش والتفاهم والتعاون انطلاقا من اقتناع مؤداه ان العالم يواجه مشكلات وأزمات اكبر من ان تدعي حضارة ما انها تملك المفتاح السحري لحلها, او تدعي ايديولوجية ما أنها تحتكر الحقيقة بصددها, وانما يستلزم الامر اقرار كل طرف بأنه يملك جزءا من الحقيقة ولا ينكر على الاطراف الاخري امتلاك اجزاء اخرى منها, والاقرار ايضا بقدرة الجميع على المساهمة بشكل أو بآخر في تقديم الحلول لتلك المشكلات وضمان توازن تقدم مسيرة الحضارات الانسانية دون إخلال بأحد مكوناتها قد يؤدي الى حالة عدم توازن تدخل بالبشرية في مرحلة جديدة من الاضطرابات والفوضى والحروب العرقية والقومية والدينية تفضي الى الدمار والخراب. أهداف حوار الحضارات فيمكن تلخصيها بشكل عام في انه يسعى لإيجاد بيئة دولية سلمية ومستقرة تقوم على اساس الاحترام المتبادل والمساواة فيما بين الثقافات والحضارات المختلفة وعدم ازدراء الآخر او الحط من شأنه, والاعتراف بوجود تباينات واختلافات فيما بين الحضارات والثقافات, وهو ما يعكس حقيقة خصوصية ظروف وتطور كل حضارة, مع الإقرار بان كل حضارة تحمل في داخلها أنساقا حضارية وثقافية مختلفة تتباين فيما بينها مع تأكيد ضرورة الاتفاق على قدر من الحد الادنى المشترك من القيم والسلوكيات التي تشترك فيها مختلف الحضارات والثقافات والتي يجب التمسك بها والالتفاف حولها ومحاولة تعظيمها دون تضحية بتمايز كل حضارة وثقافة أو بالاولوية التي يجب ان تحظى بها قيم الحرية والعدل والمساواة. ممكن أن نكثف ما سبق عرضه في أن متطلبات الحوار الحضاري نلخصها بالآتي: 1. الحفاظ على مجموعة الأفكار الإنسانية في تحقيق الحوار. 2. ـ الحفاظ على التنوع والاعتراف به كظاهرة إنسانية حتى يصبح الحوار ضرورة. 3. دفع الناس لبناء حضارة إنسانية متكاملة. 4. قراءة الآخر وفهمه دون الاستناد إلى المصادر الإعلامية بل قراءته قراءة موضوعية. 5. تحقيق شروط حرية الحوار عن طريق استخدام قوة الحجة لا حجة القوة كوسيلة حضارية لفض النزاعات .
#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقاربة في رواية -الحنين إلى ينابيع الحب -
-
تحولات -بروتيوس-(*)
-
مجلة قراطيس
-
رهان الهوية واليات التعايش في العراق الجديد
-
جدلية المثقف والسلطة في الخطاب السياسي عند فلاسفة الإسلام
-
مقاربه في المنهج
-
إمام الصمت والاستقطاب الطائفي ماذا يحدث في اليمن ؟
-
قراءة في مشروع بول ريكور التاويلي
-
اطياف الديمقراطية في تمثلات الذات العربية
-
اللغة واليات انتاج المعنى
-
مقاربه في المجتمع المدني
-
الحجة للقيام بإعمالهم العدوانية .مختارات من اعمال المفكر الع
...
-
التعويضات بحق العراق ونظام الخلافة الدولية / مختارات من اعما
...
-
رهانات التحديث والديمقراطية و الواقع العربي
-
المرأة وثقافة اللاعنف.
-
مقاربات في الخطاب السياسي المسيحي الوسيط
-
من أجل هوية أكثر انفتاحاً
-
قراءه في كتاب -من جدلية الاخر الى الذات-.للمفكر حسن مجيد الع
...
-
من التسامح إلى الاعتراف
-
نقد أطياف التمركز في القراءات الغربية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|