|
حوار بين زنزانتين في سجن عربي
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 945 - 2004 / 9 / 3 - 09:06
المحور:
أوراق كتبت في وعن السجن
فجأة وبغير سابق إنذار تمكنت زنزانة في سجن عربي من النطق حديثا عربيا فصيحا دون أن تدري أن جارتها الواقعة على يمينها في الممر المظلم المؤدي إلى سرداب دراكيولي مخيف ينتهي بزنزانات انفرادية تنزل الرعب في كل أوصال إبليس لو اقترب منها كانت تسمعها، فتبادلتا حوارا التقطنا نحوا من طرفه، فكان المشهد التالي ...
قالت الزنزانة الأولى وقد بدت على محياها ملامح حزن لو نزلت على جبل لرأيته خاشعا متصدعا: بعد منتصف ليل أمس بقليل جاء حارس وأيقظ أحد سجناء الرأي الذين أمضوا ثلاثة أضعاف فترة العقوبة المحكوم بها عليه من محكمة عسكرية استغرق الحكم فيها دقيقتين وعشرين ثانية دون أن يستمع القاضي لشهود أو دفاع. قالت الزنزانة الثانية وهي تبدي دهشتها: وماذا في هذا الأمر؟ هل هذا سبب حزنك ووجومك طوال اليوم؟ قالت الأولى: لقد عاد السجين بعد أقل من ثلاث ساعات وقد تهشم وجهه، وتكسرت بعض أسنانه، وأطفأ أحد السجانين في عنقه سيجارة مشتعلة، ثم انتهكوا جسده النحيل والمريض، وسمع زملاؤه صراخه المتواصل المختلط بضحكات مهووسة من سجانيه. قاطعتها الزنزانة الثانية مستفسرة عن السبب العجيب الذي يجعل زبانية السجن يوقظون رجلا أقرب إلى الموت منه للحياة، ثم يصبون عليه جم غضبهم اللعين كأنهم حُمُر مستنفرة، فرت من قسورة! قالت الأولى: لقد ارتكب جريمة نكراء عندما طالب في خطاب تشك إدارة السجن أنه تسرب إلى منظمة حقوق الإنسان بالافراج عنه بعدما أمضى ثلاثة أضعاف المدة المحكوم بها عليه. ردت الثانية بسرعة: كأنك تحدثينني عن سجين في سجن تدمر السوري إبان العصر الذهبي لزبانية التعذيب في الثمانينيات عندما قامت سرايا الدفاع بقيادة العقيد رفعت الأسد بقتل سبعمئة سجين، ثم تم دفنهم في مقبرة جماعية ابتلعت في جوفها من قبل دفعات متتالية من الجثث المهترئة والمحروقة الملتصقة برؤوسٍ جماجمُ مهشمة كأن مجنزرات ضلت الطريق لتحرير الجولان ففضلت تحرير الوطن من مواطنيه. سألتها الأولى قائلة: رفعت الأسد! أليس هذا الرجل شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد وهو صاحب القناة التلفزيونية شبكة الأخبار العربية التي تدافع عن المظلومين وتهتم بأخبار الانتفاضة الفلسطينية، وتُلقى دروسا على مشاهديها في الحرية والأخلاق والتسامح، والتي رفض الدكتور منصف المرزوقي الحقوقي التونسي وخصم زين العابدين بن علي أن تستضيفه؟ قالت الثانية: لم يجانبك الصواب في التعرف على الرجل وصفته ونَسَبه من الرئيس الراحل، أما دموع التماسيح على حقوق الإنسان فقد عرفها العالم العربي كله من القامشلي إلى أرض الصومال، ومن نواكشوط إلى حضرموت. لقد كان أمير المؤمنين الملك الحسن الثاني يلتقي في الدروس الحسنية بعلماء العالم الإسلامي ، ويخشع لذكر الله، ويقضي شهر رمضان المبارك في التعبد، ويقف الفقهاء والعلماء أمامه في خشوع كأنه يتلقى الوحي لكنه في الحقيقة كان منشغلا بدرجات التعذيب في سجونه، وكان يتحدى إبليس في عبقرية أفكار الشر حتى أن سجن تزمامارت يمكن أن يوصف بأنه قطعة من الجحيم الأخروي سقطت في المغرب واستقرت في هذا المكان اللعين الذي شهد أشد سفالات وحقارات وعفن ونتن الإنسان عندما يصبح أسفل سافلين ويستخرج من مكنونات هذا العفن أفكارا تعجز كل الشياطين عن الإتيان بمثلها ، حتى أن الملك أمر بسجن طفل في الثالثة من عمره وخرج من جحيم تزمامارت وقد بلغ الثالثة والعشرين من عمره الافتراضي، فاليوم التزمامارتي بخمسين سنة من سنوات السجون العربية الأخرى. قالت الزنزانة الأولى وقد بدا عليها التأثر الشديد: تريدين أن تقنعينني أن سجون الحسن الثاني كانت أكثر عددا، واشد وطأة من السجون السورية؟ هل تعرفين أن عدد السجون السورية التي مر عليها أكثر من نصف مليون مواطن حتى الآن يعادل أضعاف ما بناه أمير المؤمنين على أرض المغرب، فهناك في سوريا .. قلعة النضال ضد الاستعمار الصهيوني سجن الحلبوني التابع للاستخبارت العسكرية، ومركز اعتقال القلبون، ومركز سوسة للمخابرات العامة، ومركز اعتقال الروضة، وسجن المخابرات الجوية، والسجن الايطالي، وفرع التحقيق العسكري بالجمارك، وسجن الزبداني، والسجن المركزي في حلب، وفرع التحقيق العسكري قرب محطة بغداد التابع للاستخبارات العسكرية، وسجن هنانو، وسجن الأمن السياسي بالجميلية، ومركز التحقيق الجنائي بالعزيزية، وعشرات غيرها؟ قالت الزنزانة الثانية: إن العبرة ليست بالعدد، ولكن بوسائل التعذيب المستخدمة في السجون والمعتقلات. ثم إنك تقولين بأن سجني سوسة والعزيزية في سوريا وأنا أظن أن الأول في تونس والثاني في جماهيرية العقيد بالقرب من طرابلس الغرب، أليس كذلك؟ قالت الزنزانة الأولى وهي تصحح لزميلتها معلوماتها عن أسماء ومواقع السجون العربية: الحقيقة أن سجن سوسة السوري غير سجن سوسة التونسي، فالأول يفتخر القائمون عليه بأن به أكثر من عشرين طريقة لتعذيب المعتقلين وتلقينهم آداب العبودية، أما الثاني فلم يشاهده أبو القاسم الشابي وهو يمتدح في أصيل سوسة، كما أنه قريب من كلية الطب التي حاضر فيها الدكتور منصف المرزوقي قبل أن يعلن نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية منافسا بذلك الرئيس مدى الحياة زين العابدين بن علي فدفع ثمنا غاليا، وانتهى به المطاف إلى عاصمة النور ، فالرئيس التونسي يعتبر رعاياه تحت حذائه، وسجونه ومعتقلاته وأجهزة استخباراته تنافس في قسوتها وظلمها وظلامها جيرانه ذات اليمين وذات الشمال، أعني الجزائر وليبيا. بدا أن الزنزانة الثانية تريد أن تستزيد من علم جارتها، فسألتها بسذاجة: هل صحيح أن السجون السورية تنافسنا في قسوة الحراس وزبانية التعذيب والطرق الجحيمية الشيطانية لقهر السجين؟ لم تبتسم الزنزانة الأولى، ونظرت لصاحبتها بغضب شديد، ثم قالت لها: أزعم أنك ساذجة إلى حد البلاهة، فأنت وأنا لا نساوي ذرة واحدة في عالم الرعب العربي، وإذا كنت تظنين أن سجون صدام حسين قبل أن يختبيء كالجرذان في جحره، ويتكاثر القمل والبراغيث والحشرات في رأسه الأشعث الأغبر كانت أكثر عددا وهلعا ورعبا وسرية فعليك بمراجعة شاملة لمعلوماتك، وقبل أن أحدثك عن معتقل الجفرا الأردني أو معتقل طره المصري أو أبو سليم الليبي أو كوبر السوداني فسأسرد عليك وسائل التعذيب في السجون السورية كما بينتها اللجنة السورية لحقوق الإنسان وهي الضرب في جميع أنحاء الجسد وبكل الوسائل الممكنة من صفع وركل واستخدام أحزمة وأسلاك وعصي. والدولاب وهي ثني الجسم بحيث يوضع رأس السجين وقدماه في الإطار في وضع مقوس ويضرب على رجليه بالأسلاك أو السياط. وبساط الريح وهي صلب المعتقل على قطعة خشب على شكل جسم الإنسان وضربه وتعريضه لصدمات كهربية. والشبح وهي ربط يدي المعتقل خلف ظهره وتعليقه منهما أو من قدميه وفي كلتا الحالتين يستخدم الضرب أو الصدمات الكهربية. العبد الأسود وهي شد المعتقل إلى جهاز عندما يتم تشغيله تدخل قطعة معدنية حامية في فتحة الشرج. والكرسي الألماني ( وهي بالمناسبة وسيلة تعذيب كان يستخدمها شياطين الإنس في عهد الحسن الثاني ملك المغرب لتأديب من يناهضون حكم سليل الأشراف )، وهو كرسي معدني بأجزاء متحركة تربط قدما المعتقل ويداه، ويثنى بقية الكرسي إلى الخلف ليحدث ضغطا كبيرا على الرقبة والأوصال، ويضيق التنفس، ثم يصاب السجين بالاغماء. أما الغسالة فهي برميل يشبه شكل الغسالة من الداخل ويجبر المعتقل على وضع ذراعيه فيه بحيث تنسحق اليدان أو الأصابع. أما حرق مناطق من الجسم كالظهر والرجلين والأعضاء التناسلية فيتم باستخدام سخانات كهربائية أو مكواة. والحرق بالنار يبدأ بوضع قطعة قطن على جسم السجين وهي مبللة بالكيروسين، ثم اشعال النار بها، أو صب الكيروسين فوق القدمين واشعال النار فيهما. وهناك غرس قضيب مدبب ساخن في ظهر السجين أو صدره. توجيه صعقات كهربية عن طريق وصل الأسلاك بأجزاء حساسة من الجسم خاصة الأعضاء التناسلية. وضع مواد مالحة أو حامضة على جروح المعتقل لمضاعفة الآلام. تعليق المعتقل بمروحة تدور في السقف وضربه أثناء دورانها. نتف شعر المعتقل باستخدام كماشة. اقتلاع أظافر اليدين والقدمين. الاعتداء الجنسي. اجبار المعتقل على الجلوس فوق زجاجة وادخال عنقها في فتحة شرجه. تهديد المعتقل باغتصاب وتعذيب أهله وأسرته, واستخدام مكبرات الصوت لازعاجه، وعزلة في غرفة مظلمة لعدة أيام دون أي اتصال بالعالم الخارجي، وتعذيب زملائه أمامه، ومنع المعتقل من النوم أو قضاء الحاجة أو وسائل النظافة. حاولت الزنزانة الثانية اخفاء تأثرها ودهشتها باعتبار أن ما ذكرته زميلتها قليل مما يحدث في سجون عربية أخرى، ثم قالت لها:إنك تقصين علي من نبأ أشياء تتكرر في العالم العربي من بحره إلى أنهاره كلها، المسروق منها المياه أو المحجوزة أو المحولة لخصوم العرب. ثم حاولت استعراض معلوماتها أمام زميلتها الزنزانة والمعروف عنها أن من دخلها حيا تنبض فيه روح الأمل، لا يخرج منها إلا للقبر أو معاقا ما بقي له من عمر قصير، فقالت لها: أما التعذيب بالملح فهو اختراع الجنرال محمد أوفقير لادخال البهجة على مولاه وسيده أمير المؤمنين الحسن الثاني، حتى قيل بأن الملك المغربي الراحل كان يدلف إلى زنزانات في معتقلات مغربية مخيفة ويشاهد بنفسه عمليات التعذيب. في كتاب ( صديقي الملك) للصحفي الفرنسي جيل بيرو يقول بأن هناك سبعة طقوس متدرجة في الشدة لتعذيب الذين لا يرضى عنهم الملك.في الدرجة الثالثة يتم تغطيس وجه السجين في حوض مملوء ببول السجناء. كان هناك رجل في نحو الخمسين من عمره يقضي عامه الثالث لأنه شتم الحسن الثاني. وكان الجنرال أوفقير قد قتل أمامه زوجته الحامل فغدا الرجل مجنونا، وكان الملك يأتي بين الحين والآخر ويشاهد السجين المجنون الكهل وهو يقوم بحركات مخجلة ويطلق وابلا من الشتائم. الدرجة الخامسة ذات بساطة مذهلة. يربط السجين إلى عمود, ويشق الجانب الأيسر من ظهره، ثم يتم غرز قطعة من الملح في الجرح، وتغطى بعد ذلك بلصقة مشمعة. والنتيجة لا تستغرق وقتا طويلا. يتصبب السجين عرقا، ويجف ريقه، ويخيل إليه قرب احتضاره، ويكون مستعدا أن يقدم عينيه مقابل رشفة ماء واحدة. الدرجة السابعة كان أوفقير يفتخر بها، وعندما أحضروا له النقيب صقلي من القوات المسلحة الملكية، وأحد قدامي المقاومين. قطع وجهه إربا: مزق شفتيه، أخرج إحدى أذنيه، فالأذن الأخرى، وجدع أنفسه. أخيرا غرز خنجره في عنقه، ثم قال : تلك هي الدرجة السابعة التي لا يخرج أحد منها حيا، ثم حول وجهه ليتقيأ( كتاب صديقي الملك ). صمتت الزنزانة الأولى لبعض الوقت وهي ترهف السمع الذي تناهي إليه صوت سجين كأنه همس الجنون، فقد فعلت إدارة السجن معه مثلما تفعل إدارة سجن الوادي الجديد في مصر عندما ينتظر السجين عدة أسابيع قبل أن تقوم عائلته بزيارته. ويسرق حلما ليس من حقه في عُرف السجون المصرية، ويستبق الزيارةَ بتخيل وجه الأم، ولمسات الأب، وأحضان الأخ، ودفء عيون الأخت الصغيرة، فإذا بالأسرة تقف على الناحية الأخرى، ويحول حاجز بينها وبين ابنها الحبيب، وقبل أن تسمع الأم كلمات ابنها السجين يأمر الحراس الأهالي بالانصراف فورا، فالزيارة انتهت واستغرقت ثلاث دقائق بالتمام والكمال، وتحقق هدف زبانية التعذيب، فالقهر والمهانة والاذلال وفيضانات الأحزان الداخلية ستجعل السجين يلعن يوم مولده. سألتها الزنزانة الثانية إن كان الأمر نفسه يحدث في سجون طرة وأبوزعبل والقلعة والأخيرة وصفها أحمد فؤاد نجم بملتقى عشاق الوطن، وهل لازال هناك معتقلون في عهد الرئيس حسني مبارك؟ كأن زلزالا بأقصى درجات ريختر هز الزنزانة الأولى، ثم انفجرت في البكاء وهي التي شهدت آلافا من عمليات التعذيب السادية التي يتبرأ منها إبليس نفسه، وربما يكرر يوم الحشر قولته: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قالت لصاحبتها: هل تعرفين أن ربع مليون مصري مروا في عهد الرئيس حسني مبارك على زنزانات مصر كلها، وأن وسائل التعذيب لا قبل لأحد بها، وأن الرئيس ينتشى سعادة كلما عرف أن كرامة مواطنيه تحت حذائه؟ وهل تعرفين أن هناك في السجون المصرية ستة عشر ألف معتقل وسجين رأي يرفض سيد القصر الجمهوري بعابدين أن يعيدهم لأهلهم وحريتهم ومواطنتهم الكاملة؟ وهل تعرفين أن أقسام الشرطة المنتشرة من صعيد مصر إلى ثغرها يقوم على أكثرها ضباط ساديون يعاونهم مخبرون ومرشدون ينحدرون من سلالة من الذئاب وهم على استعداد لمنافسة كل زبانية السجون والمعتقلات في الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة؟ في قسم الشرطة يعلق المواطن من رجليه في سقف غرفة المأمور، وقد يأتون له بأخته أو أمه أو أبيه، ويملك الضابط الحق في اشعال النار في جسد المواطن، أو حرقه بسيجارة، أو الطلب من بعض المسجلين خطرين أن ينتهكوا حرمة المواطن، ويغتصبوه في وضح النار، أو يضع المخبر قطعة معدنية مدببة في فتحة شرج المسكين، وتنطلق في أرجاء قسم الشرطة ضحكات كأنها صرخات شياطين، ويصل صداها وأخبارها وتفصيلاتها إلى الرجل الوحيد القادر على ايقافها، لكنه يصمت، ثم يبتسم، ثم يوميء برأسه موافقا، فالمصريون كما يراهم الرئيس حسني مبارك نجس من العبيد، عليهم الطاعة والصبر وتقديم واجب الشكر لأن سيادته لم يرسلهم إلى المشرحة ثم القبر. قالت الثانية: كأنك تحدثينني عن بيوت الأشباح في عهد الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وأخص بالذكر معتقل ( كوبر ) وهو السجن الذي شهد في مارس عام 1985 حشدا من السياسيين المناهضين للارهابي الرئيس جعفر النميري تماما مثلما فعل السادات في سبتمبر عام 1981 وألقى في السجون بكل الرموز الوطنية. وفي 5 أبريل عام 1985 أعلن الفريق عبد الرحمن سوار الذهب عن بدء عهد ديمقراطي، فتولت الجماهير فتح أبواب معتقل ( كوبر ) وخرج السجناء الأبرياء إلى الحرية. لكنها لم تدم أكثر من أربعة أعوام حتى قفز على كرسي السلطة ارهابي أكثر قسوة من النميري، ولعب لعبة الدين والسياسة مع حسن الترابي أمين عام الجبهة الاسلامية، ومنذ ذلك الحين عرف السودانيون الحروب والمجاعات والمعتقلات وزيارة بيوت الأشباح ودغدغة المشاعر الدينية عندما يتم قطع أطراف أطفال أو نساء جائعات في الخرطوم وأم درمان وغيرها بتهمة سرقة أشياء لا قيمة لها، في مقابل براءة اللصوص الكبار وعلى رأسهم عمر حسن البشير سارق الوطن السجن. استعجلتها الزنزانة الأولى وسألتها إن كانت تذكر يوميات أحد السجناء في واحد من بيوت الأشباح في السودان. خيم صمت طويل كأن الزمن استدعى قطعة من القبور واستبدلها بالسجن حتى لا يتناهى إلى الزنزانتين أنين السجناء الذي ينطلق بغير ارادتهم وهم يغطون في نوم باحثين في أحلامه عن أي نهاية لهذا العذاب حتى لو كانت كفنا رخيصا وحفرة متربة في عمق أرض مزدحمة ببقايا أموات سابقين كانت لهم نفس الأحلام. ثم برقت في ذهن الزنزانة الثانية يوميات سجين سوداني، وتذكرت منها تلك المقاطع:" ..عندما أوشكت السيارة على دخول المكان، طلب منا تحت تهديد السلاح والضرب والركل والانبطاح على أرضية العربة، ثم وضع الجلادون أحذيتهم الثقيلة فوق رقابنا. بعد ذلك بدأت حفلة التشريفة ( وهي تقريبا متشابهة في معظم سجون الوطن العربي ) فانهالوا علينا بالصفع المتواصل والضرب بأعقاب البنادق حتى دخلنا في حالة اعياء شديد أعقبه إغماء. تم وضعي في مكان عال وأنا معصوب العينين، وقيل لي بأنه صدر الحكم علي بالاعدام وينبغي أداء الشهادة. وبعد لحظات انتظار كأنها الدهر وعم صمت ثقيل على المكان وانتظرت أن يتدلى حبل المشنقة حول عنقي لينهي المهزلة فالموت في بعض اللحظات يكون الخيار الأفضل. يقول السجين بعد أن انتهت المسرحية:( وجدت نفسي في نزانة مع عدد كبير من المهتمين بالعمل السياسي مفترشين الأرض المتسخة بالزيوت وأجساد الجميع مضرجة بالدماء والعرق. طلبوا منا الوقوف حتى اليوم التالي. كان الأمر شاقا وكنا نتحايل بعد انشغال الحراس بالجلوس بالتناوب ، وكم كان ليلا طويلا وحزينا). (في منتصف الليل دوى طرق متواصل على باب الزنزانة وأمرنا بعصب أعيننا والوقوف على الحائط وقام أحد السجانين بقراءة أسماء معتقلين، ثم تم ترحيلهم إلى المجهول. وفي اليوم التالي بشرنا الجلادون بأن رفاقنا تم اعدامهم بمعسكر الشجرة وعلينا أن نستعد لدورنا). قالت الزنزانة الأولى: الغريب أن قضاء الحاجة يرتبط لدى الجلادين بمزيد من التعذيب والحط من الكرامة، لذا ففي حكاية عضو الحزب الشيوعي في بيوت الأشباح السودانية يسمح للسجين بالذهاب مرة واحدة سريعة مع طرق متواصل على باب دور المياه لتشتيت الذهن، حتى أن أحدهم رفضوا خروجه من الزنزانة فاضطر زملاؤه لمساعدته واحضروا كيس بلاستيك ليقضي فيه حاجته. نفس الأمر ينسحب على سجن تزمامارت المغربي الذي وصف فيه أحمد المرزوقي الزنزانة رقم عشرة، وحكى عن زميل له قضى عامين كاملين على ظهره لا يتحرك، ويقضي حاجته، ويلتصق البراز بجسده ثم يتجمد مع ملابسه، وتصبح الرائحة كريهة لدرجة تعذيب أنوف من يقتربون من زنزاته، وتصل حدة مهانته إلى أقصى ما يمكن أن لا يستوعيه الشيطان نفسه. وفي سجن تدمر السوري كان يسمح للسجين بدقيقتين فقط لقضاء حاجته وسط ضرب مبرح، فإن عصته بطنه وطلبت الانتظار ثوان أخرى فقد الحد المسموح به وعليه الانتظار ليوم آخر. سألتها الزنزانة الثانية عن رأيها في تصنيف الجلادين وهل هم ينتمون دائما إلى فئة بعينها؟ ردت الأولى بثقة اليقين قائلة: لقد علمتنا تجارب السنوات الطويلة، وخبراتنا مع كل سجون العالم العربي وهي أكثر عددا من المعاهد العلمية ومراكز البحوث والمكتبات أن لا جنسية أو دين أو مذهب، فالجلاد يمكن أن يصل إلى أشرس درجات السادية وهو مسلم أو مسيحي أو يهودي، ناصري أو ساداتي أو مباركي أو شيوعي أو يساري أو وفدي أو من الاخوان المسلمين، شيعي أو سني او كردي أو بهائي أو قادياني أو لا ديني، مؤمن أو ملحد أو لا علاقة له بأي تيار ديني أو سياسي أو اجتماعي أو فكري، متعلم أو مثقف أو أمي أو موغل في الجهل. السلطة هي التي تحدد زبانيتها، فيتحول الانسان الذي كرمه الله ونعمه وأسبع عليه ظاهر الخير وباطنه إلى ذئب أشر، وحيوان مفترس، وإبليس يملك قدرة فائقة على إيذاء وإيلام وتعذيب الآخرين. والجلادون لا علاقة لهم بالجنسية والبلد والمذهب والموقع والمكان وأكثر المتحضرين والمتمدنين يتحولون بين ليلة وأخرى إلى جلادين تم انتزاع قلوبهم من صدورهم واستبدلت بها جمرات خبيثة من نار جهنم. عندما دخل الخمير الحمر العاصمة الكمبودية بنوم بنه تحولوا إلى وحوش كاسرة قضت على ثلث عدد السكان حتى أن من كان يرتدي نظارة طبية قد تنم عن اهتمامه بالثقافة يتم ذبحه فورا، وتمكن بول بوت بسهولة ويسر من العثور على جلادين من أبناء شعبه. الفاشية الايطالية لم تكن تفرق بين التعذيب في سجون ايطاليا أو في سجون مستعمرتها الليبية من الناحية الأخرى للبحر المتوسط، والنازيون في ألمانيا الهتلرية تحولوا أيضا إلى وحوش كاسرة تحرق، وتعذب، وتقطع الأطراف، وتبيد قرى بأكملها. الجنود الأمريكيون الذين يدافعون عن حقوق المواطنة في بلادهم، ويحترمون الدستور، ويلتهبون حماسا لقضاء واجب الاقتراع في مجتمع ديمقراطي ، يتحولون أيضا إلى شياطين مردة، وقتلة قساة، وساديين يتعاملون بنفس القدر من الوحشية مع أطفال في فيتنام، ومع سجناء معصوبي الأعين في جوانتانامو الكوبية، ومع معتقلين عراقيين حتى أن شهادة جندي كانت تؤكد أنهم كانوا يتبولون على وجوه المعتقلين العراقيين، ويمكن لأحدهم أن يلعب في طائرته ويدمر قرية أفغانية فوق رؤوس أهلها الحفاة العراة والجوعى. الحياة في السجون التي يصبح الموت معها تمنيات لا قبل لأحد من السجناء بمتعة الوصول إليها ولو قضى سنوات يستجدي ملك الموت أن يقبض روحه متشابهة إلى حد كبير، ونشوة اللذة المحرمة في التعذيب لدى سجان جلف وأحمق وغليظ القلب في معتقل أردني أو سوري أو تونسي أو جزائري أو مصري أو ليبي أو موريتاني لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بفكر تعتنقه السلطة، فالاخوان المسلمون في سجون مصر في نهاية الستينيات تعرضوا لما تعرض له زملاؤهم في السجون السورية في أوائل الثمانينيات، لكن المعتقلين الشيوعيين في بيوت الأشباح السودانية ذاقوا أمر العذاب على أيدي الجبهة الاسلامية، وجنرالات الجيش في السودان يملكون قلوبا لا تقل قيد شعرة في قسوتها عن القلوب التي تضمها صدور الاسلاميين والوطنيين والمستقلين وغيرهم. كل علماء العالم الاسلامي لم يستطيعوا أن يلينوا قلب الملك الراحل الحسن الثاني فكان يشتهي لحظات يومية يتأمل فيها عبيده المغاربة وهم يصرخون من العذاب اليومي في معتقلات المملكة الممتدة من الأطلسي إلى الحدود الجزائرية. قاطعتها الزنزانة الثانية مستفسرة عن سبب عدم ذكر صاحبتها للسجون البعثية في عهد طاغية العراق الأسير والتي حول فيها العراق إلى جمهورية رعب حقيقية، وصدرت عشرات الكتب تشرح بتفصيل أدق التفاصيل داخل وخارج مائتي سجن ومعتقل اختفى في جوفها أو في مقابر جماعية قريبة ربع مليون مواطن وسط صمت عربي ودولي واسلامي مخز ومؤسف كأنه تواطؤ ضمني مع شيطان بغداد! ردت الأولى بزفرة كادت تقتلع عشرات السجناء داخلها وتلقيهم في فناء السجن الرهيب: لأن سجون ومعتقلات جمهورية الرعب العراقية حالة تستحق أن أتفرغ لك عنها، وأقص عليك من أنباء تقشعر لها جلود الغلاظ أنفسهم، وتنشطر قلوبهم ولو كانت من حجارة صخرية لا تلين ولا تنكسر. سارعت الثانية طالبة منها تأجيل الحديث عن جمهورية الرعب وسألتها عما تعرفه عن سجن ( فتح ) اليمني؟ قالت الزنزانة الأولى: لقد دك الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أسوار السجن في 20 يوليو عام 1994 والذي أقامته بريطانيا بين جبلين ليكون معسكرا فحوله الثوريون الذين أطاحوا بأول رئيس يمني جنوبي ( قحطان الشعبي ) إلى سجن وأودعوا فيه علي عبد العليم أول رئيس لمحكمة الشعب بعد الاستقلال كأول سجين سياسي. إنه سجن تم تدريب سجانيه على أيدي المخابرات الألمانية الشرقية ( آنئذ)، وتعرف الرفاق اليمنيون على طرق ( ستازي )، أي مخابرات ألمانيا الديمقراطية في طرق التعذيب وشهد بعد ذلك أكثر فتراته ظلمة ووحشية عندما زج الرفاق بأنصار الرئيس علي ناصر محمد. ثم أردفت قائلة:ولكن تظل السجون المغربية هي الأكثر عطاء لأقلام سجنائها الذين حالفهم الحظ ولم يتواروا تحت ترابها أو في سراديب الرهبة المعجونة بأنين الموجوعين، فهناك ( السجن المركزي ) في القنيطرة، و ( وسجن لعلو ) في الرباط، و ( معتقل درب مولاي الشريف ) و( تزمامارت) الواقع في الراشيدية. ثم أكملت: لا أستطيع أن أتذكر الآن كل من التفاصيل الدقيقة لما كان يحدث داخل السجون المغربية فقد أصبحت أنا الزنزانة مثل السجناء والسجانين ندور في عجلة مثبتة على ظهر حمار معصوب العينين. إنني استمتع أحيانا برفاهية النسيان التي يفتش عنها كل سجين، ويتمناها بعد أول ليلة في تشريفة السجن. في كتاب ( تلك العتمة الباهرة ) للطاهر بن جلون وهي حكايات مستوحاة من معتقلين في سجن تزمامارت وصف للجحيم الأرضي بكل سفالته وعنفوانه وقسوته وغلظته. لم تتركها الزنزانة الثانية تكمل حديثها وحاولت أن تشاركها في مداعبة الذاكرة وقالت: لعلك نسيت ( السجينة ) لمالكة أوفقير و ( حدائق الملك) لفاطمة أوفقير، وماذا عن يوميات جواد أمديدش وهي ذكريات سوداء في معتقل مولاي الشريف بالدار البيضاء؟ قالت الزنزانة الأولى وكأنها حسمت موضوع القسوة لصالح مكان آخر: لقد تذكرت الآن بيوت أشباح تنافس السجون السودانية والمغربية والسورية وهي التي أقامها الرئيس زين العابدين بن علي، فإذا كانت المخابرات العراقية في عهد الشيطان الأسير صدام حسين اعتقلت وعذبت امرأة لأنها خفضت صوت المذياع خلال إذاعة خطبة للطاغية، واعتقلت طالبا في الجامعة لأن ورقة سقطت منه على الأرض فاعتبرتها استخبارات قصي صدام حسين إشارة للمعارضة، وإذا كانت المخابرات السورية عذبت مواطنا سأل بأدب استرقاقي جم عن سبب التحقيق معه، فإن الملك الحسن الثاني قام بتعنيف وتأنيب مالكة أوفقير لأنها غطت جسدها شبه العاري عندما مر الملك أمامها وهي في حمام السباحة واعتبرها إهانة، أما أجهزة أمن الرئيس التونسي فقد اعتقلت عشرين مواطنا تصفحوا، ربما عن غير قصد، مواقع إسلامية على شبكة الانترنيت، واعتقلوا مواطنا لأنه كان يضيء غرفته عند صلاة الفجر لعدة أيام متوالية مما يعني أن نداء الدين في قلبه قد يجعل منه متطرفا يهدد نظام الحكم. ردت الثانية بعفوية: وماذا عن سجن ( الاستئناف ) المصري؟ ابتسمت الزنزانة الأولى ونادرا ما تفعل ذلك من هول ما يجري في داخلها، وما سمعته جدرانها من أنين وصراخ، وقالت: أنت ساذجة حقا، فــ ( سجن الاستئناف ) المصري محطة خلال الاعتقال العشوائي في قوانين الطواريء التي صنعها الرئيس حسني مبارك وبين معتقلات أخرى وأهمها ( طرة ) الذي يقع فوق خمسمئة فدان، ولم يمر يوم في عهد مبارك لا تسمع فيه صرخات المعذبين والمتألمين والمرضى الأبرياء الذين وقعوا بين براثن ذئاب السجون المصرية. ثم فجأة تذكرت ( الليمان ) الذي يقع على بعد عدة كيلومترات منه ويستضيف دائما الجماعات الاسلامية وأكثر الأحكام فيه لا تقل عن خمس سنوات، تمتد للضعف وفقا لمزاج وأهواء الحاكم الأوحد. حاولت صاحبتها الزنزانة الثانية أن تعرج على مكان آخر، وبحثت في حكايات السجناء الذين مروا عليها عن أحد يعرف صديقا أو زميلا في سجن أبو سليم الليبي أو الجبل الأخضر أو العزيزية فلم تسعفها الذاكرة، فالعقيد معمر القذافي يفضل التخلص من الليبيين المعارضين، ويلقي بهم إلى الكلاب المسعورة، أو يدفنهم في رمال الصحراء الواسعة. لكنها ذكرت صاحبتها التي تعرف معتقلات وسجون المغرب بالسجن المركزي في القنيطرة، فالداخل فيه مفقود والخارج منه يتنفس للمرة الأولى حياة جديدة حتى لو خرج معاقا ومريضا ومسحولا ومقهورا حتى العظام. قالت الزنزانة الأولى: لم أنس ( السجن المركزي ) في المغرب ولا حتى( سجن لعلو ) الذي استبدلت به السلطات سجن ( سلا ) الواقع على الطريق إلى مكناس، لكنني أردت فقط أن أحدثك عن بعض مذكرات سجناء لبنانيين تقول لينا غريب :( وصلت سيارة تحوي خمسة رجال. ترجلوا منها، وبدأوا في الضرب دون أي اعتبار لكوننا فتيات. في اليوم الثالث للتحقيق وكنا أربعة، تم منعنا من دخول الحمام، ومنع النوم عنا، ووضعنا في زنزانة مساحتها مترا مربعا واحدا، ودخلوا علينا وأمرني أحدهم أن أخلع ملابسي، وعندما رفضت هجموا علي وشرعوا بسحب البنطلون ...) ويقول أطناسيو: ( عندما طلبت منهم التروي بين الصرخة والأخرى، انصرف سبعة مسلحين لضربي بأعقاب بنادقهم، وحاولت أن أحمي كليتي الوحيدة، فهشموا أربعة ضلوع وأصبح من المستحيل وقف نزيف العينين.) ( كنت أحتاج لثلاثة أرباع الساعة كي أذهب لقضاء حاجتي بمساعدة الزملاء، وارتفع ضغط دمي، وأصبحت أتبول دما. وبعد نقلي إلى مكان آخر تمت تعريتي تماما وبحثوا في مؤخرتي عن أشياء ربما أكون قد خبئتها، ونفس الأمر حدث مع الفتيات)! هنا تبادر لذهن الزنزانة الثانية حديث كان قد جرى بين سجينين في داخلها عما يحدث في السجون والمعتقلات الجزائرية والموريتانية والفلسطينية وهي لا تقل بشاعة عن كل سجون العالم العربي، فحاولت أن تقص عليها ماحكاه السجينان، لكن الزنزانة الأولى قاطعتها قائلة: لست في حاجة لسماع أي شيء عن السجون الجزائرية فهل ستظل أكثر رحمة من عمليات ذبح وقطع رؤوس الأطفال وجز الرقاب وسلخ الأجساد التي قام بها الاسلاميون وجنرالات الجيش في عمليات قذرة ومفزعة يتم فيها تبادل الأدوار، ومع ذلك فالرئيس بوتفليقة يغمض عينيه وضميره مقابل البقاء في السلطة، والذين يتفننون في استخراج عبقرية السادية من النفوس العفنة في عمليات الترهيب والذبح والقتل الجماعية يمكنهم أن يجعلوا سجون ومعتقلات الجزائر أكثر قسوة من كل سنوات الرعب التي قتل فيها الفرنسيون المحتلون مليونا ونصف مليون من المواطنين الجزائريين المدافعين عن وطنهم. أما حديثك عن السجون الموريتانية فيمكن ارجاؤه إلى وقت آخر فأنا أعلم من سجناء كانوا داخلي ومروا على زنزانات في نواكشوط بأن سجناء الضمير والمدافعين عن حقوق الإنسان لا يحتاجون لاذن قضائي بالقبض عليهم، فمخابرات النظام الموريتاني تبدأ عملياتها بالخطف كما تفعل أجهزة الأمن الليبية، وعندما عاد المعارض الموريتاني البارز ورئيس منبر الاصلاح والديمقراطية محمد جميل بن منصور، قامت سلطات الأمن باختطافه في المطار والتوجه به إلى سجن ( بيلة ) وهو معتقل لا يقل شهرة في فنون التعذيب داخله عن كل سجون شمال أفريقيا. في موريتانيا ليس هناك وقت لانتظار أن يموت السجين، فالتصفية الجسدية كفيلة بجعل ملك الموت مشغولا في كل وقت لزيارات متكررة. والخطف على الحدود ابتكرته السلطات الأردنية فأجهزة أمنها تستطيع أن تحتفظ بملفات مواطنين وعرب وأجانب لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها، وعلى الحدود الأردنية مع القادمين من الخليج والمتجهين إلى سوريا تستطيع أجهزة استخبارت العائلة الهاشمية أن تجعل المستجوب متهما حتى ولو سب النظام الأردني في غرفة مغلقة قبل نحو عشرين عاما وفي مكان مجهول. والملك الحسين بن طلال، رحمه الله، صنع نظاما أمنيا يراقب كل عربي وأردني، لكنه لا يقترب من إسرائيل أو موسادها، وعندما كانت المخابرات الأردنية تعذب وتهين المواطنين المصريين العابرين أرضها، كان الرئيس حسني مبارك يصم أذنيه، فهو يرى أن من حق أي نظام عربي، خاصة الأردني والعراقي والليبي، أن ينسي المواطن المصري اسم أبيه وأمه تحت وطأة التعذيب أو يرسله في نعوش طائرة. قالت الزنزانة الثانية: لقد أدركنا الوقت ولم نتحدث عن السجون في الخليج، وعن تفاصيل مقابر الموت الجماعية في عهد صدام حسين، وعن بيوت الأشباح البحرينية قبل أن يأتي الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وعن الاغتيالات وكاتم الصوت والكلاب الضالة والمعارضة والسحل والاغتصاب وآلاف من طرق التعذيب في السجون العربية. وهنا سمعت الزنزانتان طرقا متواصلا على الأبواب فعرفتا أن وجبة من تعذيب السجناء في طريقها لتكملة كتابة تاريخ العرب الحديث، أما الشعوب العربية فلا يزال البحث جاريا عنها!
محمد عبد المجيد رئيس تحرير مجلة طائر الشمال أوسلو النرويج http://www.tearalshmal1984.com [email protected] [email protected] Fax: 0047+ 22492563
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك
-
حوار بين قملتين في شعر رأس صدام حسين
-
مسح ذاكرة العراقيين .. سباق محموم لاغتيال وطن
-
وقائع محاكمة العقيد معمر القذافي
-
ولكن عزرائيل لا يزور ميونيخ .. سيدي الرئيس حسني مبارك لا تصد
...
-
هواءٌ .. فاضَ عن رئتي
المزيد.....
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
-
مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري
...
-
جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة
...
-
الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
-
السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق 3 أشخاص بعد إدانتهم بجرائم -إر
...
-
ماذا سيحدث الآن بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
...
-
ماذا قال الأعداء والأصدقاء و-الحياديون- في مذكرات اعتقال نتن
...
-
بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
-
رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا
...
المزيد.....
-
١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران
/ جعفر الشمري
-
في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية *
/ رشيد غويلب
-
الحياة الثقافية في السجن
/ ضرغام الدباغ
-
سجين الشعبة الخامسة
/ محمد السعدي
-
مذكراتي في السجن - ج 2
/ صلاح الدين محسن
-
سنابل العمر، بين القرية والمعتقل
/ محمد علي مقلد
-
مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار
/ اعداد و تقديم رمسيس لبيب
-
الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت
...
/ طاهر عبدالحكيم
-
قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال
...
/ كفاح طافش
-
ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة
/ حـسـقـيل قُوجـمَـان
المزيد.....
|