أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - لون واحد ..














المزيد.....

لون واحد ..


محمد إبراهيم محروس

الحوار المتمدن-العدد: 3117 - 2010 / 9 / 6 - 09:41
المحور: الادب والفن
    


تختار لون ثوبها ، وهي تنظر للمرآة ،لقد جاء لها بثلاثة فساتين ، تبدو تضاريس جسدها جميلة ومتسقة ، تتأمل الثوب . يقف خلفها وهو يتطلع إليها في شبق .

تتذكر فجأة أباها وهو يشتري لها أول فستان تتذكره ، وهي تميل في حذر و تهمس أحمر

يلتفت أبوها للثوب ولونه شديد الحمرة وقتها، ثم يهزّ رأسه بالرفض ، تعود للأثواب الأخرى تتأمل فيها ، ثم ترجع لنفس الثوب من جديد وهي تهمس : أحمر

يأخذها من يدها بعد أن يضع الثوب أمام البائع شاكرا وينصرف ، لم يحب اللون الأحمر قط ، وهذا ما لم تفهمه الصغيرة ، التي كادت أن تقاوم دفعه لها خارج المحل حتى لو أحست بأنه يدفعها برفق ، زميلتها ترتدي الثوب الأحمر ، وتميل إلى تصديق أن الأحمر هو كل حياتها .

يأخذهما الطريق إلى شوارعه ، التي تتراقص فيها كافة الألوان ، ترى الصغيرة أن الأحمر طاغ بشدة وأنه لغة التفاهم ، تقف هي وأبوها أمام فاترينة محل آخر . يتطلع إليها أبوها ويرى عينيها وهما تلمعان عندما تشاهد ثوبا آخر أشد احمرار ، تهمس لأبيها مرة أخرى أحمر .. رافضا يسحبها ويمضي .

تعبت قدماها الصغيرتان من كثرة الوقوف أمام واجهات المحلات ، والتي يختفي خلف زجاجها كل الألوان بينما يلمع الأحمر في عينيها .

أخيرا يختار لها أبوها ثوبا أبيض اللون ، تحاول الرفض ، ولكنه يصمم ؛ فتستسلم ..

حياتها تمضي ، سنوات تجر سنوات ، وكل عام يختار لها أبوها فستانا أبيض ، حتى ملت الأبيض .

يوم عرسها تتذكره الآن ، وتتذكر أنها رغبت بشدة أن يكون فستان زفافها أحمر ، ولكن صديقاتها ضحكن ، وهن يهمسن لها بكلمة احمر لها وجهها ..

اختاره أبوها لها أيضا ، رجل يكبرها بعشر سنوات، دقات الدفوف ، ثوب عرسها الأبيض ، تُقفل الأبواب والضجيج يزداد ، تمتد يد زوجها إلى فستانها ، تخاف دون سبب ، تبعد يده في رفق وهي تهمس ، سوف أخلعه ..لا ينتظر ، يمد يده يمزق فستانها بعنف لم تفهم مبرره ، يقذف بها للسرير وقد تمزق الثوب وهي تحاول أن تلمه بيديها ، أتت صرختها ضعيفة وفزعة وهي خائفة أن يسمعها الناس ، يمد يده بعنف إلى منطقة عفتها ، يلوث جزءا من فستانها الأبيض بالدماء التي لم تبد في عينيها وقتها حمراء ، تئن وتكتم دموعا تفر ، وزوجها يسلم قطعة القماش لأمه ، ثم ترتفع الزغاريد بعنف ، ويزداد الضجيج ..بينما يعود زوجها ليلتهم فريسته ..

تعود لواقعها وهي ترى لون الفستان بين يديها ، أخيرا تملك فستانا أحمر .. تشعر أنه يستحق طول هذه المعاناة ..

يتطلع إليها وهي ترتدي الفستان وتدور به حول نفسها ، يضحك بشدة وهو يهمس : طفلة أنتِ

تقبله بعنف وهي تقول : سأذهب ، أنت تعلم زوجي يعود في العاشرة ..

تبدأ في خلع الثوب الأحمر ، وترميه على السرير ثم تعود لترتدي فستانها الذي جاءت به ، بينما تلمع في ذاكرتها كل الألوان ..والأحمر يطغى بشدة .



#محمد_إبراهيم_محروس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتزال بائع الروبا بيكيا ..
- أيام خريفية ..
- رجل لا تعرفه الشوارع !!
- شات
- شوارع سالم ..
- قرار بالمواجهة ..
- عنوان سياسي..
- جبل الحكايات
- نظرة امتنان
- روح الدنيا
- مزامير الحي
- امرأة اللؤلؤ
- صانع التماثيل..
- نور وقطعة الشيكولاتة
- الرجل الذي لم...
- فتاة الشيكولاتة
- حدود مملكته
- في انتظار المهدي ..
- حادثة
- دير العاشق ..


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - لون واحد ..