أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - البطل الأوليمبي كرم جابر ، ولكن للإبداع شروط















المزيد.....

البطل الأوليمبي كرم جابر ، ولكن للإبداع شروط


إلهامي الميرغني

الحوار المتمدن-العدد: 944 - 2004 / 9 / 2 - 10:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


مدامت مصر ولادة
وفيها الطلق والعادة
هتفضل شمسها طالعة
برغم القلعة والزنازنين
أحمد فؤاد نجم

لقد فرحت كما فرح الكثير من المصريين لفوز المصارع المصري كرم جابر بميدالية ذهبية في أوليمبيات أثينا 2004 ، بعد 56 سنة لم تحصل فيها مصر على أي ميداليات ذهبية ، وهللت للفوز كما فعل الكثيرين ، وقفزت الدموع من عيني وأنا أري العلم المصري يرفرف في سماء أثينا والسلام الوطني وهو يعزف لتسمعه الملايين في كافة أرجاء المعمورة .ولكن توقفت لحظات للتأمل وحتى لا تجرفنا العواطف بعيداً عن العقل والمنطق فتوصلت لعدة حقائق أهمها :
ـ إن من حق المصريين أن يفرحوا ولو بضعة أيام ينسوا فيها الكآبة التي تخيم عليهم بفضل السياسات الحكومية وتدهور المرافق والخدمات وانفجار غول الأسعار والبطالة ، كما انه من المؤكد أن بطل رياضي مثل كرم جابر قدوة حسنة للشباب وهو أفضل من محمد عطية وأبطال سوبر ستار وماشابهها من برامج التفاهة الفضائية.
ـ ليس صدفة أن جميع الميداليات التي حصلت عليها مصر في لعبات فردية ولم تحصل على أي ميدالية في لعبة جماعية فهذا الواقع يتناسب والواقع السياسي والتنشئة المصرية خلال السنوات الأخيرة ،كما أنه من الطبيعي أن تتصدر الولايات المتحدة والصين وروسيا حصاد الميداليات فالدول المتقدمة في الاقتصاد والسياسة متقدمة أيضاً في الثقافة وفى الفن وفى الرياضة والعكس أيضاً صحيح.
ـ إن فوز كرم جابر يرجع لكفاءته ومهارته الشخصية ولتوفيقه الفردي وهو يعتمد على جديته وانتظامه في التدريب والمران الذي أهله ليكون بطل العالم في الوزن الذي يلعب فيه ، ولا يرتبط ذلك بخطة أو تخطيط رياضي على المستوى الحكومي من اى نوع ، بل أن منير ثابت رئيس البعثة الأوليمبية والذي توج البطل ( شقيق السيدة سوزان مبارك ) هو نفسه صاحب الباع الطويل في صفر المونديال والخيبة التي أصابت مصر والمصريين ولازالت مؤثرة ومستمرة بفعل وجود منير ثابت ومن لف لفه.
ـ لقد تحول فوز كرم جابر لمناسبة للطبالين والزمارين سبب أزمة مصر وهلاكها وانحسار دورها ومكانتها عربياً ودولياً للمتاجرة بهذا الفوز ويكفى أن نتابع تصريحات السيد جمال مبارك في مطار القاهرة وهو يتحدث عن نتائج خطته الرياضية وكأنه يقف وراء هذا النصر أو انه السبب فيه وحقا إذا لم تستحي فأفعل ما شئت ، انه هو وأبوه كانوا سبب بلاء مصر وهزائمها سياسيا واقتصادياً ورياضياً بل وفنياً وثقافيا ، ثم أين كانت خطة جمال مبارك حين حصلنا على صفر المونديال ؟! وأين كانت خطته أمام الهزائم المتوالية في البطولات الرياضية العربية ؟! وأين نتائج خطته مع تراجع الرياضة المصرية خلال العقدين الأخيرين من حكم والده؟! وأين كانت خطته تجاه تآكل ملاعب المدارس وبناء فصول دراسية بها ؟! وأين خطته أمام عدم وجود أندية ومراكز شباب تتناسب وعدد سكان مصر ؟! أين كانت خطته أمام بطلة الأثقال التي تشكو من أنها تتدرب في الشارع ؟! وأبطال الرياضات المختلفة الذين يشكون من قلة الإمكانيات ونقص الاعتمادات ؟! إن سياسات مبارك والأسرة الحاكمة هي سبب كل البلاء الذي نعيشه والذي سنعيشه.

يتساءل البعض لماذا لا يوجد الآن مطربين بقوة أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ؟! لماذا لا يوجد ممثلين بوزن زكى رستم وزكي طليمات ويوسف وهبي وامينة رزق وفاتن حمامة وشادية ؟! لماذا لا يوجد موسيقيين بحجم كمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي ؟! لماذا لا يوجد أدباء بقامة نجيب محفوظ ويوسف إدريس ويحيى حقي ؟! لماذا لا يوجد لدينا رياضيين مثل صالح سليم وعبد اللطيف أبو هيف وعبد الحميد الجندي ؟!لماذا لا يوجد لدينا علماء بوزن سيد عويس وجمال حمدان ومحمد زكى شافعي وعلى إبراهيم؟! لماذا توقفت فرقة رضا وفرقة البحيرة وفرقة ملوي للفنون الشعبية ؟ لماذا تراجعت كل الأنشطة الجماعية أمام النجومية الفردية ؟! هل توقفت مصر عن الإنجاب وجفت أرحام المصريات ؟! هل توقف خط إنتاج الإبداع والمبدعين ؟! هل عجزت الخصخصة عن دعم الإبداع ورعاية الموهوبين ؟!
لقد فشلت خصخصة الرياضة في تحقيق طفرة رياضية كما توقع البعض وأدت الخصخصة الرياضية إلى صعود أنصاف الموهوبين وعديمي الموهبة ، كما أدت إلى انعدام الانتماء فإذا كان الانتماء للوطن ضعيف فما بالنا بالانتماء للنادي الرياضي ، لقد أصبح ولاء اللاعب لمن يدفع أكثر ، وأصبحنا نرى ظواهر مثل حسام حسن ومحمد رمضان وغيرهم يلعبون كل موسم لنادى فولائهم لمن يدفع أكثر وفى مقابل ذلك تدهورت الرياضة في جميع اللعبات وخسرت مصر كافة البطولات وتوج ذلك بصفر المونديال فهذه هي بعض نتائج خصخصة الرياضة.
كما أن تدهور نظام التعليم ومشاكل الأبنية التعليمية وتقلص ملاعب المدارس وإهمال الرياضة والتركيز على التلقين وسباق المجاميع أدى إلى تراجع دور المدارس والجامعات في كشف ورعاية الموهوبين وما سمعناه ونسمعه من مآسي الأبطال الرياضيين وما يعانونه يعكس حقيقة الواقع الأليم . كما أن تقلص المساحات الخضراء وتقليص ميزانية وزارة الشباب وعدم وجود مراكز شباب لرعاية الموهوبين وما تعانيه الاتحادات الرياضية من عجز ونقص في التمويل وتقليص في النشاط كل ذلك كان وراء تدهور الرياضة وإخفاق مصر عن تحقيق البطولات خلال السنوات الأخيرة.

الحقيقة أن مصر الناصرية رغم الاستبداد والقهر السياسي الذي ولدته استطاعت تعبئة طاقات الأمة من أجل مشروع قومي حفز الطاقات وفجر المواهب ووفر مناخ ساهم في دعم وظهور العديد من المبدعين ، لكن مع هزيمة التجربة في 1967 وحتى الآن أصبحنا نعيش بروح النكسة رغم عبور القنال ونصر أكتوبر لا تزال مرارة الهزيمة وصعود القيم الفردية والحل الفردي هي السائدة ولا يزال الفرد يضع مصلحته الخاصة فوق كل اعتبار ويسلك كل السبل التي تصل به إلى غايته مستخدماً كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، وبعد أن كانت هناك حركات للمبدعين في الستينات والسبعينات تراجعت كثيراً خلال الثمانينات والتسعينات ومنذ مطلع القرن الجديد ، من المؤكد أنها لم تتوقف وأن بلد يزيد سكانه على سبعين مليون نسمة يضم الآلاف من مشاريع المبدعين والموهوبين في كافة المجالات والذين يحتاجون إلى خطة حقيقية لدعمهم ورعايتهم بعيداً عن خطط الأخ جيمي ولجنة السياسات.

من المؤكد أنه توجد ضرورة لخلق مناخ عام متكامل يفجر طاقات الموهوبين والمبدعين،يرعاهم ويتبنى المميزين منهم ولن يتأتى ذلك بدون وجود ديمقراطية حقيقية ومشاركة فعلية في الحكم وشعور عام بين المصريين في كل مكان بأهميتهم وأدميتهم، لن نتمكن من ذلك بدون تطوير التعليم والقضاء على التلقين ودعم المبدعين والتفكير الإبداعي ، لن يولد في كل شارع بطل عالمي في مجال من مجالات الحياة في ظل حصار المبدعين ومصادرة الكتب وحبس الصحفيين ، في ظل وزارة الثقافة التي تهتم بصورة الحاكم وملابسه هو وأفراد أسرته ولا تهتم بالإبداع والمبدعين ، وفى ظل تحول الإعلام إلى تجميل وجه الحاكم الأوحد وأسرته بدلا من دعم المبدعين وكم من البرامج التي تطل بأشباه المبدعين ومعدومي الموهبة الذين دفعوا المعلوم للظهور في هذه البرامج. بدون ذلك سنظل أسرى لروبي ونانسى عجرم وحسام حسن بينما يولد كل يوم بطل مثل كرم جابر ولا يجد من يكتشفه ويرعاه وتخسر مصر مئات وربما الآلاف من المبدعين والموهوبين الذين يمكن أن يساهموا في بناء مصر الحديثة.

إن فوز كرم جابر بالميدالية الذهبية حدث يحتاج أن نتوقف عنده ونبحثه من أجل رعاية المبدعين بشكل حقيقي بعيداً عن الشعارات الجوفاء وتجارة المناسبات.علينا جميعاً أن نشارك في صنع مناخ ديمقراطي قادر على حماية الموهوبين والمبدعين وقادر على تفجير طاقات الأمة بشكل إيجابي.



#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل أن نتكلم عن الحكومة الإليكترونية
- تحية تقدير وإعزاز لقداسة البابا شنودة الثالث
- هل توجد فرص أمام العمل المشترك بين قوى اليسار المصري؟
- تعددت الأسباب والموت قهراً !!!
- خوازيق على طريق الاصلاح السياسى
- دروس من سقوط أحمد الجلبي
- ماذا حدث فى سمالوط؟!
- ديمقراطية أبو غريب
- بأي حال عدت يا عيد
- ياريتنا كنا خنافس .. ياريتنا كنا فرافير
- قراءات في الموازنة المصرية لعام 2004/2005
- قراءات في الغلاء وسنينه - عودة الشيوعية لمصر بقرار من مجلس ا ...
- دروس من سقوط العراق
- جمهورية أولا حنفى
- دروس نضالية من المحلة الكبرى
- المجلس القومي لحقوق الإنسان
- سؤال الهوية ؟!!! البحث عن الاتجاه في الزمن الردئ
- المقاطعة والتطبيع وأشياء أخرى
- مجموعة ديمقراطية فى السلطة المصرية
- اليسار المصرى .. والتيار الإسلامي .. والديمقراطية


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - البطل الأوليمبي كرم جابر ، ولكن للإبداع شروط