|
حول الذكرى الأربعين لمنظمة -إلى الأمام-
زروال عبد اللطيف
الحوار المتمدن-العدد: 3112 - 2010 / 9 / 1 - 15:57
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
حول الذكرى الأربعين لمنظمة "إلى الأمام"
تحل اليوم الذكرى الأربعون لتأسيس المنظمة الماركسية ـ اللينينية المغربية "إلى الأمام" ، و تأتي هذه الذكرى في سياق وضع عالمي و وطني يتميز بما يلي :
على المستوى العالمي ـ تصاعد الهجوم الإمبريالي في ظل تداعيات الأزمة المالية الحالية و سقوط الشعارات الكاذبة للإمبريالية من قبيل " العولمة و الديمقراطية و حقوق الإنسان " و تخليص العالم من الفقر و القهر ... ـ فرض أشكال استعمارية جديدة على البلدان التابعة و ضمنها البلدان العربية و المغاربية (العراق ، لبنان ، فلسطين). ـ دور الشركات الإمبريالية العابرة للقارات و البنك العالمي و صندوق النقد الدولي في السيطرة على ثروات الشعوب المضطهدة و الإستغلال المكثفة للطبقة العاملة تحت شعار "تحرير التجارة العالمية" و إنشاء "المناطق التجارية الحرة". ـ تزايد تناقضات الدول الإمبريالية فيما بينها خاصة بعد صعود الصين كدولة اشتراكية إمبريالية و روسيا والهند. إن السيرورات الرئيسية لتطور نمط الإنتاج الرأسمالي في مرحلته الإحتكارية (الإمبريالية) يحددها قانون : ـ ضمان أقصى حد من الريع المالي عن طريق استغلال الطبقة العاملة في المراكز الرأسمالية و استعباد و نهب منهجي للشعوب الأخرى و إطلاق الحروب و عسكرة الإقتصادات الوطنية للبلدان الرأسمالية. و النتيجة إمتداد التناقضات بين الإمبرياليات و بين مختلف المجموعات المالية و البنكية و الشركات الإمبريالية العابرة للقارات. إن قانون التطور اللامتكافيء للرأسمالية (القانون العلمي الذي اكتشفه لينين) يعمل باستمرار على تعميق هذه التناقضات المتجلية في الصراع الدائم بين الإحتكارات و الإمبرياليات المختلفة من أجل اقتسام العالم و الأسواق وخيرات الشعوب و الدول التابعة ، و من نتائج هذا الصراع : ـ إحتداد دائم للتناقضات الإقتصادية و السياسية للدول الإمبريالية و تنامي النزاعات الشوفينية و العنصرية والفاشية و معاداة السامية و بث النزاعات العدوانية ضد الشعوب الأخرى ، و صعود اليمين الفاشي و البورجوازيات الإمبريالية و تنامي عسكرة الإقتصاد الوطني ، و الدخول في حروب ضد الشعوب و احتلال بلدان و بروز أشكال استعمارية جديدة. ـ إحتداد التناقضات الطبقية و الوطنية و القومية ، و يتجلى ذلك من خلال : ـ تزايد الإستغلال المكثف لقوة العمل و تراكم القيمة الزائدة و الأرباح الفاحشة في أيدي الطغمة المالية الإمبريالية التي أحكمت هيمنتها المطلقة على الرأسمال الصناعي و التجاري. ـ هيمنة المضاربات المالية الطفيلية على حساب الإنتاج الصناعي و الزراعي . ـ التحكم في سوق العمل و تحديد قيمة الأجور و الأسعار و نشر العطالة و حماية الرأسمال بفرض سياسات الخوصصة و قوانين رجعية تضرب في الصميم كل المكتسبات التاريخية التي حققتها الطبقة العاملة بكفاحاتها المريرة ضد استغلال الرأسمال. ـ تصاعد النهب الإمبريالي بدعم من البورجوازيات الكومبرادورية و البيروقراطية للدول التابعة على خيرات الشعوب المضطهدة و الإستغلال المكثف للطبقة العاملة في هذه البلدان ، مما يساهم في تنامي الفقر و البلترة المستمرة للفلاحين و فئات واسعة من الجماهير الشعبية. مع انفضاح الأوهام و الأكاذيب التي تسوقها الدوائر الإمبريالية حول "الأعمال الصغرى الحرة" و "المنافسة الحرة الجالبة للرخاء و الديمقراطية للجميع" في ظل "العولمة و الديمقراطية و حقوق الإنسان" ، بعدما تم القضاء على الإشتراكية حسب زعما ليصبح العالم يسير في اتجاه وحيد : "إتجاه الرأسمالية المنتصرة"، إلا أن الوقائع العنيدة تكفلت بتكذيب هذا الخطاب "النيوليبرالي" الرجعي ، و ما بروز الأزمة المالية العالمية نتيجة المضاربات العقارية و الهيمنة الإمبريالية على الرأسمال المالي العالمي إلا دليل ساطع على صحة الأطروحات الماركسية اللينينية حول الرأسمالية وتناقضاتها و مستقبلها. إن التناقض الأساسي في ظل الرأسمالية الإحتكارية (الإمبريالية) هو تناقض جوهري بين الطابع الإجتماعي للإنتاج و الشكل الرأسمالي الخاص للإمتلاك (appropriation) ، و يصل هذا التناقض مداه في ظل المرحلة الإمبريالية تحت وقع قانون الإنخفاض الميولي للربح (la loi de la baisse tendoncielle du taux de profit) . إن تنامي التناقضات الإمبريالية و احتداد التناقض بينها و بين شعوب الأرض المضطهدة يثبت صحة الأطروحة اللينينية حول إمكانية نجاح الثورات في إحدى الحلقات الضعيفة للسلسلة الإمبريالية ، و ذلك تحت تأثير قانون التطور اللامتكافيء للرأسمالية الشيء الذي أثبت صحة ثورة أكتوبر 1917 المجيدة و الثورة الصينية بقيادة الرفيق ماو تسي تونغ و ثورات القرن 20 الإشتراكية. إن الإمبريالية بالفعل كما أكد لينين هي عشية الثورة الإشتراكية و الثورات الوطنية الديمقراطية في البلدان التابعة ، و لذلك يظل الإتجاه العام (رغم فترات الجزر النسبي) هو الثورة كما أكد ذلك ماو تسي تونغ. إن ما يعرفه العالم الآن من تحولات اقتصادية و سياسية يؤكد الدور الحاسم للطبقة العاملة و أحزابها الشيوعية الثورية (في البلدان الرأسمالية و البلدان التابعة) في الصراع الدائر الآن من أجل القضاء على الإستغلال و الإضطهاد الإمبرياليبن و تحقيق الإشتراكية و الإستقلال الوطني و بناء الديمقراطية الشعبية.
على المستوى الوطني
ـ إتساع دائرة التراكم الرأسمالي الكومبرادوري المرتبط عضوا بالرأسمال الإمبريالي و ظهور طغمة مالية قوية تعمل باستمرار على تنمية الطابع الطفيلي للإقتصاد الوطني ، عن طريق المضاربات العقارية و استنفاذ استغلال الثروات الطبيعية من مناجم و صيد بحري و تصفية المؤسسات الوطنية المالية و الصناعية و الفلاحية و الإستحواذ على المال العام و تبذيره ، و السيطرة على أجود الأراضي و الغابات و أراضي الجماعات السلالية عن طريق الأجهزة الإدارية للكومبرادور و السماسرة و المجالس القروية ، مما حول الأراضي الجماعية إلى ضيعات و محميات خاصة بالبوادي و مجموعات سكنية بضواحي المدن. ـ إستمرار تطبيق السيايات الإقتصادية و الإجتماعية و المالية المملاة من صندوق النقد الدولي و البنك العالمي و تنامي أزمة التعليم الطبقي و الصحة و الشغل و السكن ، و اكتواء الجماهير الشعبية بنار الأسعار المرتفعة باستمرار و ضعف الأجور و أزمة التنقل و تنامي الرشوة. و من نتائج هذه السياسات اللاوطنية و اللاديمقراطية و اللاشعبية : ـ الطرد المستمر للعمال و العاملات بالمدن (لاسمير ، صوماكا ، السكر و الشاي ، التبغ ...) بعد تصفية جل المعامل الوطنية و تفويتها إلى الرأسمال الإمبريالي و حليفه الكومبرادوري. ـ طرد العمال المنجميين و تصفية جل المناجم (جبل عوام ، جرادة ، إيميني ، خريبكة ...) و تفويت استغلالها للشركات الإمبريالية و الكومبرادورية. ـ تهميش المشاريع الإنتاجية و التركيز على رأسمال الريع و انتعاش المضاربات العقارية و تصفية المكاتب الوطنية (البريد ، المحافظة العقارية ، الكهرباء ، الماء ...) و خوصصتها. ـ إحداث وكالات و شركات لنهب الأموال (وكالة المحافظة العقارية ، وكالة مياه الري ، وكالات و شركات التعمير و الإتصالات ...). ـ تفويت أراضي صوديا و سوجيطا و تسليمها لكبار الرأسماليين الكمبرادوريين و الملاكين العقاريين الكبار والسياسيين الإنتهازيين من خدام الكمبرادور و حاشيته ، و القيام بطرد العاملات و العمال الزراعيين و ذلك جنبا إلى جنب مع الإستيلاء على أراضي الفلاحين الذين تحولوا إلى عبيد الرأسمال الكمبرادوري فوق أراضيهم ، كما يقوم النظام الكمبرادوري بتأسيس تعاونيات فلاحية و جمعيات السقي لذر الأموال لصالح الرأسمال و السماح بانتشار شركات القروض الصغرى لاستنزاف قوة عمل ما تبقى من الطبقات الشعبية و خصوصا المرأة بالبوادي و المدن. ـ تفويت قطاع الخدمات للشركات الإمبريالية (النقل الحضري ، الصرف الصحي ، الماء ، الكهرباء ...) و طرد العمال و العاملات و حرمانهم من حقوقهم الإقتصادية و الإجتماعية. ـ إتساع دائرة القمع المسلط على الحركات الجماهيرية بكل فصائلها (عمال ، فلاحون ، طلبة ، معطلون ، نساء ...) و تزايد المحاكمات التي تقام للمناضلين الطلبة و الحقوقيين و المعطلين و الصحافيين و الفلاحين و النساء و الزج بالعديد منهم في سجون النظام الكمبرادوري. ـ رغم خيانة القيادات النقابية البيروقراطية المساهمة في ضرب الكفاحات العمالية (توقيع إتفاق فاتح غشت 1996 ، إتفاق 30 أبريل 2003 ، تمرير سياسة "السلم الإجتماعي" على حساب المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة وذلك بعد مصادقتها على مدونة الشغل الرجعية و تلاقي الرشاوى على ذلك ، و مناورات و ديماغوجية القوى الإصلاحية التي التحقت بما يسمى "حكومة التناوب" في 1998 و قامت على إثرها بتنفيذ كل بنود سياسات النظام الكمبرادوري بما فيها المصادقة على قوانين من قبيل "قانون الأحزاب" و قانون "مكافحة الإرهاب" ... تنامت الحركات الجماهيرية على امتداد السنوات الأخيرة في مختلف مناطق البلاد دفاعا عن حقوقها المشروعة و عن مكتسباتها التاريخية و عن أراضيها و عن حقها في التعليم و الصحة و الشغل و السكن و غيرها من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية. و من أبرز هذه النضالات :
ـ النضالات العمالية بمناجم إيميني و جبل عوام و جرادة و خريبكة ضد الإغلاق و طرد العمال. ـ نضالات العمال الزراعيين خاصة بعد تصفية صوديا و سوجتا و طرد العمال و العاملات (أولاد تايمة ...) ونضالات العمال الزراعيين بشتوكة أيت بها ضد الطرد و الإضطهاد ... ـ الإنتفاضات الشعبية الثورية (الحركة الطلابية بقيادة الطلائع الثورية في كل من مراكش ، أكادير ، فاس ، وجدة و غيرها) و النضالات المتقدمة التي تخوضها جماهير المعطلين في مختلف مناطق البلاد بقيادة الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين بالمغرب(ANDCM) . إن الإستغلال و القمع و الطرد و الإضطهاد و كل سياسيات النظام اللاوطني و اللاديمقراطي و اللاشعبي تؤجج النضالات و تزيدها اتساعا ، إلا أن اتساع هذه النضالات الجماهيرية و تعدد أساليبها النضالية تظهر مدى استعداد الجماهير للنضال و تلقي على عاتق الثوريين مهاما جسيمة للنهوض بالدور التاريخي الملقى على عاتقهم. فالحركة الجماهيرية رغم حجمها و اتساع رقعتها تظل تجتر معها العديد من النواقص و السلبيات منها : ـ بقاء وعيها حسيا رغم حجم تطور الصراع الطبقي الدائر بالبلاد. ـ ضعف التنسيق فيما بينها مما يجعلها عاجزة عن تحقيق مطالبها رغم جسامة التضحيات. ـ في ظل غياب حزبها الطبقي الثوري (الحزب الشيوعي) تظل عاجزة عن بلورة ممارسة نضالية ثورية لعدم قدرتها على التحليل و التأطير و التنظير و التركيب للتجارب النضالية و دروسها ، مما يؤكد أهمية أداتها الإعلامية ومنبرها الدعائي التحريضي. ـ إنتشار السلوكات ما قبل الرأسمالية في أوساط الطبقة العاملة و الفلاحين و المسلكيات الليبرالية في أوساط البورجوازية الصغيرة (الإنتهازية ، الإرتزاق ، الوصولية ) و خصوصا لدى الفئات المثقفة. إن هذه السلبيات و غيرها تضع الشيوعيين المغاربة أمام مسؤولياتهم التاريخية في العمل من أجل إنجاز المهمة المركزية المتمثلة في بناء الحزب الشيوعي الثوري ، و ذلك عبر انغراسهم داخل الفصائل المتقدمة للحركة الجماهيرية (طبقة عاملة ، شبيبة مدرسية ، فلاحون ، معطللون ...) و العمل على فرز قيادات مناضلة ثورية من صلب الطبقة العاملة و ترسيخ التحالف العمالي الفلاحي و المساهمة في بلورة الوعي الطبقي في صفوف الجماهير الكادحة ، عبر تحديد و تدقيق مصالحها الطبقية و حلفائها و أعدائها الطبقيين و تسطير البرنامج النضالي وفق استراتيجية ثورية ، مما يطرح في الواجهة إشكالية النظرية الثورية التي تتقدم من و بموازاة مع تقدم نضالات الطبقة العاملة و حلفائها و يعمل الشيوعيون على بلورتها.
في الذكرى الأربعين لمنظمة "إلى الأمام" لنرفع راية النضال الثوري عاليا ضد الكومبرادور و التحريفية الإنتهازية
#زروال_عبد_اللطيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى الأربعين لمنظمة -إلى الأمام-
المزيد.....
-
«المحكمة العسكرية» تحبس 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«حق ال
...
-
منظمات دولية تدعو السلطات المصرية للإفراج عن أشرف عمر
-
متضامنون مع الصيادين في «البرلس» و«عزبة البرج» الممنوعون من
...
-
تأييد حكم حبس الطنطاوي وأبو الديار عقابًا على منافسة السيسي
...
-
متضامنون مع “رشا عزب”.. لا للتهديدات الأمنية.. لا لترهيب الص
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|