ئاشتي
الحوار المتمدن-العدد: 3112 - 2010 / 9 / 1 - 00:07
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الأنفال
تلك الجريمة..... تلك المأساة*
تستفز جراح روحك حيوية الذاكرة، حين يرتسم أمامها عنصر من ثنائية التاريخ، ألا وهو الزمن، حيث يعيد أبجدية المكان، ليتكامل الحدث في تاريخيته، مثلما يفعل المكان في أبجدية الزمن، حيث يعيد ترتيب أدق تفاصيل وحداته. والزمن هو نهاية شهر آب هذا العام، والحدث نهاية آب من عام 1988، فلا مندوحة من هذا الاستفزاز، لا سيما ولهذه الروح من الجراح، ما يستوعب من جمره حد الغرق فيه.
تستفز جراح روحك حيوية الذاكرة، وأنت الولهان حد البكاء، بكل تفاصيل حياة الأنصار الشيوعيين، (بالأمس، إن لم تخنّي ذاكرتي، كانت حياتي وليمة ً تتفتحُ فيها جميعُ القلوب، وتنسكبُ فيها جميع الخمور)*، لهذا سوف تمضي سنواتك القادمة، وأنت تمضغ لبان هذا الكائن الهرم، والذي يدعونه التاريخ، لأن خيوط ملهاته بدأت أشعتها تنتشر في فضاء عراقك، بعد إن كان المأساة بعينها أيام الأنفال وقبلها.
تستفز جراح روحك حيوية الذاكرة، فيرتسم أمام عينيك، ذلك الفزع الإلهي في عيون الأطفال، مثلما يرتسم العجز البشري لشيوخ يتوكؤون على العصي في سيرهم، ولا شيء غير صبر النساء، من أجل أن لا يفصح الخوف عن نفسه، كي لا تحل كارثة الانهزام، وكي يرى الرجال في شجاعة النساء، عمق شجاعتهم وسموها. فبالنساء وحدهن يستطيع العالم أن يتغير، ويعيد ترتيب تبعثره، بعد أية كارثة تلم به. وشجاعة المرأة الكوردستانية أيام الأنفال، كانت هي السلاح الذي تجاوز غاز الأعصاب والخردل، مثلما بعث الأمل بالخلاص من كابوس الأنفال.
تستفزُ جراح روحك حيوية الذاكرة، وأنت تعرف من أن الأنفال هي تلك الجريمة، وهي تلك المأساة، حيث الموت نشر أشرعته على طول مناطق كوردستان وعرضها. موت بالمجان، موت من أجل الموت، كي يرتوي الدكتاتور من الدم بقدر ارتوائه من هزائمه في حروبه الخاسرة. يأخذك الصمت بعيدا، فللحزن ذاكرة مثلما للفرح ذاكرة، ولكنَّ ذاكرة حزن الأنفال، أوسع حزن من أي فرح في ذاكرة التاريخ، مادام التاريخ قابلاً للتبدل من مأساة إلى ملهاة.
• من فصل في الجحيم للشاعر أرثور رامبو
• نشرب في جريدة(طريق الشعب)يوم الأربعاء المصادف 1/9/2010
#ئاشتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟