أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حمادي بلخشين - حول العداء الأمريكي الإيراني الطريف ( قصة بالمناسبة)














المزيد.....

حول العداء الأمريكي الإيراني الطريف ( قصة بالمناسبة)


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3111 - 2010 / 8 / 31 - 08:51
المحور: كتابات ساخرة
    


أنقاض


كان الجوع قد بلغ منّي مبلغا عظيما حين تسللت الي شقتنا بخطى حذرة... لم أكلـّـف نفسي خلع معطفي ولا حتى حذائي، بل إتجّهت مباشرة الي المطبخ، خصوصا، وقد شممت رائحة أكلة مفضلة تملأ أرجاء البيت... كان الطعام باردا... لا يهمّ، ما دام فتح السخّان الصّاخب سينبّه جدّي الي وجودي.. بمجرّد كسري لرغيف، وصلني صوت واهن:
ــ أحمد... أنت هنا؟
انتفضت قائما و أنا أقول:
ــ نعم يا جدّي.. أنا هنا.
ثم وانأ أشق نصف رغيف :
ـــ منذ أقل من دقيقة.
بلغني صوته من جديد:
ـــ تعال فورا الي هنا.
صحت و انا أغمس الخبز في صحن المرق:
ــ لبيك يا جدّي لبيك ... أنا في طريقي إليك!

منذ أشهر،أصبح جدّي شديد الحساسيّة، كما سيطرت على تفكيره نظريّة المؤامرة، فكل تأخر عنه لا يعني لديه غير الإستهانة به، و الضيق بوجوده بيننا، لأجل ذلك كنا نسارع الي خدمته سدا لكل ذريعة من سوء ظن بشعورنا نحوه.

كان باب غرفة جدّي نصف مفتوح، كما كان يحتل مقعدا بجوار النافذة التي تطلّ على حديقتنا الخلفية... بمجرّد تسليمي عليه، سارعت الي قضم قطعة كبيرة من شاطري و مشطوري وما بينهما من كامخ ( ملاحظة سريعة: الشاطر و المشطور و الكامخ الذي بينهما، هو التعريب القبيح الذي ارتضاه مجمع اللغة العربية للسنــــــدويتشّ... لمجرّد الإفادة أضيف، بأن المعور هو التعريب الأشدّ قبحا للكلسون!)... خلعت حذائي بعتبة غرفته، ما ان صافحته حتى أشار إليّ بالجلوس، قبل أن يضغط على زر تشغيل راديو كاسيت ، منبها اياي بإصاخة السّمع ...وصلني صوت نسائي مثير يقول بعربية سليمة :" ذات مرّة قدم رجل الى أبرز ساحة بالعاصمة و ملأ وسطها بالأنقاض، ثم جاء بسارية وضع عليها مصباحا أحمر، فجعل الناس ينظرون إليه بدهشة قائلين: ماذا تريد بهذا المصباح؟ قال: أريد تـنبيه الناس بالخطر كي لا يصطدموا بالأنقاض! و لمّا قيل له: و لماذا جئت بالأنقاض؟! قال: لكي أرفع هذا المصباح".

ضحك جدّي طويلا وكأنه قد فرغ من سماع هاته الطرفة للمرّة الأولى! سارع بعد ذلك الي سدّ فم القارئة، سألني وهو يعدّل وضع طاقيته:
ـــ ألا يذكرك عمل هذا الرجل الأخرق ببعض ما يدور في عالمنا؟
لمّا كنت مشغولا بالأكل عن الكلام حركت رأسي نافيا.
هرش جدّي عثنونه الأبيض، تناول غلاف كتابه المسموع، عبث به قليلا ثم سألني ثانية :
ـــ ألا يذكرك عمل واضع الأنقاض ثم المحذر من خطرها، بما فعلته بنا أمريكا منذ ثلاثين سنة؟

كان التفكير بما فعلته بنا أمريكا منذ ثلاثين سنة آخر ما يشغل من كان بمثل جوعي. كان يسعني تحريك كفي الأيسر للإستضياح، لكن رفقي بجدّي المتوجّس جعلني أجيبه، ولو بما يقارب الهمهمة:
ــ لا يا جدّي.
قال لي وهو يقلب غلاف كتابه المسموع بين يدين نحيلتين:
ـــ ألا يشبه ما فعله الرجل الأخرق بما فعلته أمريكا؟!!
ـــ... ؟؟
ــــ حين مكنت كهنة قم من دولة قويّة!
ـــ... !!!!
ــــ لتتخذ من التحذير من خطرها المصطنع شغلا دائما صدّعت به رؤوسنا ؟!
ــــ... ؟؟؟؟
صمت جدي طويلا ثم أضاف:
ـــ غير ان أمريكا ليست غبية و لا خرقاء مثلنا.
ـــ ...!!!
ـــ فرغم غلبتها على الأمم،فهي تعيد النظر في سياستها مرّة في كل
أربع سنوات.
ـــ ....
ــــ في حين لم تشعر أمتـنا
وهو يهرش رقبته بعنف:

ـــ و بعد قرون من التراجع و الانحطاط ، أنها في حاجة بعد الي إعادة النظر في سمّها السّلفيّ المجرّب!

أوسلو 6 /9/2009



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعدام
- كيف و لماذا تم ايصال الخميني للسلطة 4/4
- كيف و لماذا تمّ إيصال الخمينيّ للسلطة 3/4
- كيف و لماذا تم ايصال الخميني للسلطة 2/4
- كيف و لماذا تمّ إيصال الخمينيّ للسلطة 1/4
- ما صحّ عن النبي آه و النبيّ كمان!
- الخبر اليقين عن خؤولة معاوية للمؤمنين
- دعوة للتمتع بآيس كريم من جحيم بن عليّ!
- وقفة سريعة مع روجي غارودي في كتابه الإسلام الحيّ
- عن اسراف آل سعود(قصة بالمناسبة)
- كيف أوقعنا البخاريّ في مخرأة حقيقيّة( قصة بالمناسبة)
- حول ضعف وهشاشة دولنا العربية( قصة بالمناسبة)
- عن ظاهرة انتحار أصحاب الشهادات العليا( قصة بالمناسبة)
- عن تمجيد الذكر واحتقار الأنثى(قصة بالمناسبة)
- ما كان سيّد قطب إخوانيّا قطّ ( قصة بالمناسبة)
- على هامش ظهور القائم في العراق( قصة بالمناسبة)
- عن النصير الإيراني !( قصة بالمناسبة)
- لا مكان للمثليين في مجتمعاتنا( قصة بالمناسبة)
- مراودة ! ( قصة قصيرة)
- حول سقوط حماس الوهابية (قصة)


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حمادي بلخشين - حول العداء الأمريكي الإيراني الطريف ( قصة بالمناسبة)