|
أيها العراقيون أبشروا .....ستفطرون على جرِيَّة
صادق إطيمش
الحوار المتمدن-العدد: 3109 - 2010 / 8 / 29 - 02:18
المحور:
كتابات ساخرة
إنشغال السياسيين العراقيين بالتعبد والصوم والمناسك الكثيرة في شهر رمضان المبارك ، وهم حقاً أهل هذه المناسك ، جعلهم يوجهون جل قواهم ووقتهم وكل طاقاتهم إلى القيام بهذه العبادات على أحسن وجه إذ أنهم ، والحق يقال ، لا يسعون إلا للتقرب إلى الله من خلال تقربهم إلى الشعب وهذا ما يدل عليه بذل الغالي والنفيس وكل الجهد والطاقة والتضحية في سبيل تحقيق وعودهم التي وعدوا بها الناس منذ سبع سنين على التوزيع العادل للثروة الوطنية ومكافحة الفساد في المؤسسات التي يسيطر عليها رجالهم ونساؤهم ومن تبعهم من ألنُساك العُباد ، وعدم التباطؤ في تحقيق الخدمات للمواطنين ، وقد صدقوا بما عاهدوا الله والمواطنين عليه. لذلك لابد من السماح لهم بأخذ قسطاً من الراحة والإستجمام من هذا العمل المضني ، خاصة ذلك العمل الذي مارسوه في البرلمان الذي تمخض عن إنتخابات السابع من آذار لهذا العام 2010 ، إذ قضى النواب المساكين الأشهر الستة الماضية بالعمل المضني ألذي أرادوا به تحليل الملايين التي يقبضونها من بيت المال مقابل هذا العمل ، إذ أنهم ، يشهد الله ، أعرف مَن يميز بين الحلال والحرام وبين ما يستحقونه من أجر فيأخذونه عن طيبة خاطر ، وما لا يستحقونه فيرفضونه حتى وإن أُعطي لهم ، إذ ان دينهم يقول لهم " الأجر على قدر المشقة " وهم ملتزمون بهذ المبدأ دوماً ، ومن يسعى لإثبات العكس " فذنبه على جنبه " كما يستعمل العراقيون هذا المصطلح للتعبير عن مغبة القيام بأي عمل من هذا النوع لا يستطيع عليه البسطاء من الناس عديمي الحول والقوة . تصوروا جلسة واحدة وهي الجلسة الأولى للبرلمان الجديد مستمرة منذ ثلاثة أشهر ليلاً ونهاراً دون إنقطاع المساكين عن عملهم من نائباتنا الفاضلات ونوابنا الأكثر تفضيلاً يوصلون الليل بالنهار والنهار بالليل في هذه الجلسة الدائمة المستمرة ، الجلسة الأولى . فارحموا بحالهم ايها الناس وتوسلوا بهم أن ينهون جلستهم هذه خوفاً على صحتهم وليس طمعاً في أموالهم وممتلكاتهم ومقاولاتهم ، والعياذ بالله . المثل العراقي الشائع في وسط وجنوب العراق يقول " بعد ما صام فُطر على جِرِيَّة " . والجريَّة هذه هي نوع من السمك اللذيذ اللحم فعلاً لمن جربوه ، إلا أن الشيعة في العراق يحرمونه ، لذلك يعتبر من اللحوم الغير مستساغة . وإنني اتذكر جيداً كثيراً من الحالات التي رايت فيها عشرات من سمك الجِري مرمية على شارع النهر في المدينة حيث يقذفها صيادوا الأسماك للتخلص منها . ولهذه الظاهرة قصة يرويها المؤرخون ، والعهدة على الراوي ، فيقولون أنه لما دخل الإنكليز العراق بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى كانوا يصطادون هذا النوع من السمك ويأكلونه بشهية بالنظر لطيب مذاقه . وحينما شعر الإنكليز بأن العراقيين قد يشاركونهم في هذا الصيد ، أوعزوا إلى أحد فقهاء السلاطين بأن يجد ما يبرر تحريم أكل هذا النوع من السمك والإفتاء بذلك لكي يتقنن هذا التحريم دينياً . وفعلاً جاءت الفتوى التي تلعن الجرِيَّة التي خبطت الماء على الإمام علي بن أبي طالب (ع) أثناء توضئه على شاطئ نهر الفرات. فالإفطار على جرِية بعد صيام مضني يعني بالنسبة لشيعة العراق أمر مخيب للآمال ويدعو إلى التاسي مع هذا الصائم اكثر مما يدعو إلى الفرحة بإكمال فريضة الصيام . وهذا ما سيعيشه ويلمسه العراقيون عن قرب بعد إنتهاء شهر رمضان المبارك وإكمال فريضة الصوم . لقد صرح الكثير من السياسيين العراقيين بان تشكيل الحكومة الجديدة سوف لن يتم قبل نهاية شهر رمضان . ومن المعتقد أن هؤلاء السياسين يرغبون بتقديم هدية إلى الشعب العراقي بمناسبة عيد الفطر المبارك وإن هذه الهدية يمكن أن تكون الحكومة المُنتَظَرة ، وإنهم في الحقيقة قد تعمدوا في تأخير الإعلان عن تشكيلها لهذا الغرض فقط لا غير . إلا أن السؤال الذي لم يجد العراقيون جواباً له لحد الآن هو نوعية هذه الحكومة التي كثرت عليها الأقاويل وترددت حولها الشائعات المختلفة وعمن سيرئسها ويستوزرها خاصة في تلك الوزارات التي يسميها التمحور الطائفي الحزبي العشائري المقيت بالسيادية . هذه الحكومة ستكون هدية العيد ، إن شاء الله ، وإن لم يشأ سبحانه وتعالى فلا عتاب لنا على السياسيين وقادة الشعب العراقي المخضرمين إذ أنهم لا يعملون إلا بمنطوق الآية الكريمة " ولا تشاؤون إلا أن يشاء الله . فما ذنبهم هم في كل هذا ، إلا يكفي هذا الشعب الناكر للجميل أحياناً سهرهم معه حينما تنقطع الكهرباء في ليالي تموز الحارقة التي لا تغمض فيها عين . ألا يكفي تعرضهم كما يتعرض الشعب لكل تلك الأمراض التي سببها تلوث المياه والعواصف الترابية وانتشار المزابل حتى أمام بيوتهم ، إذ أنهم لا يتعالون على الشعب ، كما يعمل حكام دول الكفر ، فيسكنون في قصور مشيدة محروسة ومؤثثة بأحسن الأثاث بدءً بالحمامات وانتهاءً بمكيفات الهواء ، لا أبداً إذ أن كل ذلك يدخل في باب التشبه بالكفار ,هم عن كل ذلك بيعيدون بُعد السمك عن الماء . وعلى ذكر السمك هذا نعود إلى الجريَّة التي سيفطر عليها العراقيون في عيد الأضحى المبارك . إنها ستكون حتماً مليئة بكل ما جمعته تجربة المحاصصات الطائفية وفعاليات النشاطات العشائرية الحبلى بالفساد الذي تديره مؤسسات أصبحت لها اليد الطولى في كل ما يمس المواطن في دينه ودنياه . إنها ستكون حكومة لا يستطيع رئيسها أن يشير بإصبعه ولو مجرد إشارة إلى أحد أعضائها لان مثل هذه الإشارة ستترجم فوراً إلى لغة التمحور الطائفي أو القومي أو العشائري الذي لا يعرف هؤلاء الساسة سواه ، فكيف سيكون الأمر إذن لو أراد أي مواطن مسكين يتفيأ تحت ظلال قصر من القصور الملثمة والمعممة أن يسأل سكنة هذه القصور من أين لكم هذا ...؟ إنها ستكون حكومة " داريني واداريك " وإلا لماذا عراك الديكة هذا إن لم يكن في الأمر ما يستحق اللغف واللف وكأن لغف ولف السنين السبع الماضية وما أسسوا به من مؤسسات تجارية ضخمة وما وفروا به من ملياردات في بنوك عالمية وما شيدوا به من مشيدات عالية لم يكفهم لتحقيق ما قرأوه عن المال باعتباره زينة الحياة الدنيا ، وفي قتالهم على المناصب هذا لا يرجون إلا ألمزيد والمزيد حيث أن عقولهم وبطونهم لا تعرف غير جواب واحد لسؤالهم لها هل إمتلئت ...؟ فتجيبهم : هل من مزيد ...؟ وهم لا يعملون ويكدحون ويتأسون ويتعذبون مع الشعب إلا للوصول إلى هذا المزيد ، ومن يعتقد بأنهم سيصلونه خلال السنين الأربع الماضية فهو على خطأ جسيم . لقد حاولت ان اجد مثلاً من الأمثال السائدة لنواجه به ساستنا ألأفاضل تقديراً لما قدموه لشعبهم لحد هذا الوقت الذي إختفت فيه الحكومة المنتظرة والذي إقتنصه الإرهاب خير إقتناص ، فلم أجد إلا المثل القائل : إن كنت لا تستحي فأفعل ما شئت ، ينطبق خير الإنطباق على ساستنا . والله المستعان . الدكتور صادق إطيمش
#صادق_إطيمش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بغداد برلين
-
جدلية العلاقة بين السياسي والمثقف في العراق الجديد
-
دعوة عبد الله أوجلان للسلام في كوردستان تكتسب طابعاً أُممياً
-
النائب النائم
-
قرآت شيطانية
-
ثورة الرابع عشر من تموز وعمليات تجميل الوجوه القبيحة
-
حينما يحاول المُشرعون الإلتفاف على ما شرَّعوه بأنفسهم
-
درس للسياسيين العراقيين ....علَّهم يفقهوه فيأخذوا به
-
القضاء العراقي بين الساهرين عليه والمتلاعبين فيه
-
مَن وأين هم اللصوص إذن ...؟
-
حملة للتضامن الأممي مع الصوت الإعلامي الحر - روج تي في -
-
إلحاح المجلس ألإسلامي الأعلى على ما يسميه - حكومة الشراكة ال
...
-
وهل يمكن إصلاح ما خربته البعثفاشية ...؟؟؟
-
فصل المقال في تفسير حدوث الزلزال
-
شتائم تحت العمائم
-
لغط لا معنى له
-
آذار الوطن ... آذار الحب
-
حينما تتراكم القمامة ...
-
لماذا هذا اللف والدوران ..... يا حكومة ؟
-
واقع المرأة العراقية بعد التغيير
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|