رغد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3108 - 2010 / 8 / 28 - 18:47
المحور:
الادب والفن
كل يوم أمر بنفس الطريق أراها، وهي المتقادمة بالعمرأهلكها الزمن ، تلتف بعباءتها العراقية ألممزقة المتربة ، لا تقف الا في منتصف الطريق تماماً ، تحت شمس تموز الحارقة في بغداد، بغداد التي لا تشبع من الاشتعال، وهي مشغولة ترتب لُعب الأطفال بعناية وذوق ، هذة دمية على شكل عروس ترتدى أجمل الثياب تتحرك على أنغام الموسيقي برشاقة ، وتلك دمية قرد يرقص ويصفق، وأخرى لدب يدق على الطبل، وتلك وردات تحملها عرائس جميلة أنيقة ،والأجمل ذاك العصفور الفارد جناحيه وهو يهز رأسه طرباً ، العابها توزع بريق الأحلام مجاناً على المارة المتعبين ، حتى صارت تلك العجوز ملونة أمام ناظريّ بألوان قوس قزح، من يصدق هناك قوس قزح يرقص في شارع ما ببغداد ، فيمنح الشارع كله جمالاً يقاوم قباحته متحديا تلك الكتل الكونكريتية ، ضحكة خفية تخرج يومياً منى رغماً عن الزمن ، فالزمن معها خارج عن كل توقيت ، ودونها لا تخف وطأته وهو يسحق هاماتنا ،و لُعب هذه العجوز تفرض عليك البسمة عنوة مهما عبس بوجهك الوطن ، كان منظرها يثير فيّ خليطاً عجينته لا تتماسك ، تماما كما لا يتماسك أي شىء في بغداد اليوم، لست أميز تماماً اي شىء بالتحديد يثيرني فيها؟؟.. ، وفي مرة ازدات ابتسامتى اتساعا حين وجدتها قد صنعت لنفسها خيمة من الكارتون لتجلس تحتها، فان أقبلت العربات وقفت وحملت هذه اللعبة أو تلك، تلعب بها بأصابعها المنكمشة المجعدة ،تحركها ضد التيار،ولا تتوقف حتى لو دوى انفجار،مبتسمة برضى وقناعة تامة، شيخوختها تحمل براءة الاطفال وهى تشع بريقا من عينيها ، حتى باتت هي و لُعبها جزءاً من معالم طريقي اليومي، فأعود وأنا أفكر فيها ...وما زلت أفكر.. فقد مر شهران ولم أعد ارى خيمة الكارتون ، سألت عنها لم ينجدني أحد ، اختفت كل الخيمة ومحتوياتها... واختفت معها ألوان قوس قزح من طريقي.، ولم تبق الا الكتل الكونكريتية ..
#رغد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟