|
رؤيا بأنتظار الأتي بقلم الشاعر الناقد عباس باني المالكي في نصوص من المجموعة الشعرية( ذاكرة معلقة) للشاعرة فاطمة الفلاحي
فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 03:55
المحور:
الادب والفن
قراءة نقدية للنصوص من المجموعة الشعرية( ذاكرة معلقة) للشاعرة فاطمة الفلاحي رؤيا بأنتظار الأتي
بقلم الشاعر الناقد عباس باني المالكي
1- تهجد
رقن كل خطو إبتهالاتي وتهجدي وتبتلي في كف النشيج غرسني غلائل حرون لم يهزها سفر الشجر أو يزدانها عشق الواهبين فأستفاق على رحيل لغتهِ المنتقاة وعلى صدأ الدواة ودس أبجدياتهُ المهداة في ركبِ إرتحالاته 2- سعوط
تدشنني سطوةُ المباهج تدنو أبخرتها مني تسرقني الكروانات وبي تعرج صوب شجر الغرباء فأنبجسني الشوق رغائب ليناوشني بوح الحنين وأهازيج العاشقين لأطفئ بحة الليل وينقر الندى وجنات الصباح بوله ويستنشقني أبخرة عشق تلكز خصره الربابة فيغنيني 3- تساعفني المساءات حنينـاً وأبجديات تتناوبني الذكريات فتشدني لسعات نسيانك تصنعني طوباً تسد بي ثقوب القلب لتواري سوأت رحيلك أن الدخول إلى العالم الشعري للشاعرة فاطمة الفلاحي هو الدخول إلى عالم شاسع من الرؤيا الوجدانه التي تقارب الروح ومبتعدة عن لغة الحواس أي نصوصها مفعمة بالوجدان وجوهرية الروح بأبعاد تخرج خارج مرايا اللحظة الحاضرة ، فهاجسها الشعري يمتد بمعرفة العواطف كأنها التاريخ الروحي لها ، لهذا نجد أن نصوصها عميقة وكأنها قادمة من الحلم الذي بقى مستيقظ في روحها ليحمل رؤاها الفكرية وفق ذائقة احتمالية الوصل إلى نهاية الحلم كي تجنب الذات تصادمها مع الواقع الحاضر حولها ،وهذا الواقع التي توارت عنه بهذا الحلم ، ولكنها في نفس الوقت لا تعيش خارج الزمن المتناسل بامتداده بل تنظر له من خلال الرؤيا المعرفية التي تكثف الحلم ولا تفقده من أن ينمو مع الزمن حولها .. محتفظة بوعيها المعرفي كي تبقى تحتفظ بجوهرية روحها من خلال إنضاج مسلمات الواقع المصدومة به دائما وكأنه تواجدها ضمنه يزيد من ألمها لهذا نجدها تلجئ إلى ذاتها الناضجة التي تمتلك تفسير لكل ما يدور حولها لأنها تمتلك معرفة قادرة على تشخيص الواقع المعاش من خلال فهمه وتحويله إلى حلم بالرغم من قساوته أي أنها تعرف متى تحلم وكيف تحلم لأنها تمتلك الأمل المنتظر في روحها لهذا نجدها تخلق الحبيب والذي هو غائب دائما وتشكله حسب لحظة الواقع حولها كي تخرج من سلطة اللحظة ، فالحلم لديها هو الانتظار بالرغم أن ما يقل أن الحرية هي أن لا تنتظر شيئا ، لهذا فهي تبقى مرتبطة بالواقع بشكل جذري أي تكمن حريتها بملامسة هذا الواقع من خلال الحلم المخزن داخلها دون أن تتوارى منه بل تحاول إنضاجه وتأخذ حلمها منه بالطريقة التي هي تريدها وليس ما يريده الواقع أي أنها لا تعيش تحت سلطة الواقع إلا وفق ذائقة عدم التصادم معه بشكل مباشر بل من خلال الارتقاء إلى مستوى الحلم المعرفي لديها بهذا هي لا تعيش اليوتوبيا والعزلة داخل هذا الواقع بل هي مشتركة فيه من خلال المعرفة ومستوى الحلم لديها .... 1- تهجد رقن كل خطو إبتهالاتي وتهجدي وتبتلي في كف النشيج غرسني غلائل حرون لم يهزها سفر الشجر أو يزدانها عشق الواهبين فأستفاق على رحيل لغتهِ المنتقاة وعلى صدأ الدواة ودس أبجدياتهُ المهداة في ركبِ إرتحالاته نجد الشاعرة هنا تؤسس عالم الحبيب ليس القادم من الوهم بل هو مكنونات روحها والمتجذرة بصيرورة خيالها وفق ذائقة امتداد مساحات فكرها الروحي ، وكأنه تاريخ الروح في واقع مذعنة إليه لكنه خارجها أي يبقى عالمها الداخلي تحتفظ به غير متأثر بما حولها من التهميش والاستنزاف لزمنها الذي يمر حيث بالرغم أنها تدعو هنا إلى ترقين خطوات ابتهالاتها وتهجدها لكنها بالرغم من النشيج حولها تبقى روحها خضراء كسفر الشجر ، فروحها يزدان فيها عشق بالرغم أن هذا العشق واهن لأنه يمثل حقيقة روحها التي تعبت من كل شيء حولها مع أنها متمسكة مؤمنة بروحها وابتهالاتها أي أن الشاعرة كما قلت سابقا تعيش مكنونات روحها وتفاصيلها كي تعطي الوهن حولها رمزها إلى الأتي ، فيبقى هذا الحبيب الذي تواجد داخل روحها تعيش الهمس معه بلغة منتقاة وحسب أبجديته المهداة أ أي أن هذا الحبيب الغائب بالرغم أمتلاكه كل هذه اللغة التي تمثل همس روحها ولكنه دائما بعيد بأرتحالاته ، كأنها هنا تناشد الحلم الغائب في روحها والبعيد عنها ، فالشاعرة هنا بقدر ما تثبت الأمل نشعر أنها تعيش اليأس، لأن الحبيب يبقى حلم بالذاكرة ليس إلا ، وهو متداخل مع الرؤيا الذهنية لعبور الحاضر ..
2- سعوط
تدشنني سطوةُ المباهج تدنو أبخرتها مني تسرقني الكروانات وبي تعرج صوب شجر الغرباء فأنبجسني الشوق رغائب ليناوشني بوح الحنين وأهازيج العاشقين لأطفئ بحة الليل وينقر الندى وجنات الصباح بوله ويستنشقني أبخرة عشق تلكز خصره الربابة فيغنيني تجد الشاعرة في هذا الحبيب الرمز الغائب قدرتها بتمثيل خيالها الفكري الروحي بطريقة رائعة وجميلة وفق ذائقة الانزياح الدائم المركب من الاستعارة المكثفة المتمركزة في بؤرة الدالة الموحية بالصورة من الظروف حولها كي تحقق اللحظات المنفلتة من رتابة الحاضر التي تعيشه بحيث يصبح هذا الحبيب الضد لكل شيء حولها ضمن مخاضات روحها ، وفق صياغتها الذاتية أي يمثل الحبيب كل عالم المتحرك المحرر من جمود كل الأشياء حولها ، وبهذا نجد الشاعرة عكس الكثير من الشاعرات الذي يمثل لديهن حضور الحبيب هو اللحظات الحسية برمزية بالجسد ، بل نجد الشاعرة فاطمة يمثل لها حضور الحبيب هو حضور الحياة بكل تفاصيلها ،حيث نجد هذا الحبيب يمثل لها (تدشنني سطوةُ المباهج /تدنو أبخرتها مني /تسرقني الكروانات وبي تعرج /صوب شجر الغرباء / فأنبجسني الشوق رغائب /ليناوشني بوح الحنين / وأهازيج العاشقين ) فهي هنا بقدر تخلق عالم الحلم لديها تبقى تراقب هذا الحلم كأن الطرف الأخر موجود داخل روحها حيث يمثل لها هنا سطوة المباهج وتسرقها الكروانات لكن باتجاه شجرة الغرباء ، بالرغم من هذه المباهج في استحضار الحبيب الرمز تبقى تشعر بالغربة لأنها تشعر بالشوق لهذا الحبيب الغائب في حاضرها لأن هذا الحبيب ما هو إلا الرؤيا الخفية من تشعبات روحها والمتأثرة بانعكاس الزمن الذي يمر عليها أي أن الزمن لديها هو الرحلة إلى الداخل بعيدا عن تناظر الحسيات الموجودة حولها ، حيث هي تهزها أهازيج العاشقين لأنها تذكرها بالرمز الغائب فتشعر بالحنين إليه لكي تطفئ بحة الليل من ارقها حتى لحظة اندي الصباح ، و نشعر أن الشاعرة تعيش الليل منتظرة الصباح بأن يحضر حبيبها الغائب لتستنشق لأبخرة الصباح حيث يمثل هنا الصباح لديها ولادة جديدة من الأنتظارت (لأطفئ بحة الليل/ وينقر الندى /وجنات الصباح بوله /ويستنشقني أبخرة عشق /تلكز خصره الربابة /فيغنيني) أي أن زمنها الحاضر هو ليل ارقها وما الصباح إلا فجر حضور حبيبها الغائب ، وما الغناء إلا بهجة حضور الحبيب عند صباحها ، والذي يميز نصوص هذه الشاعرة قدرتها على أحداث الانزياح الكامل للحظات الراهنة ،بحيث تخلق الصورة الشعرية المتحركة ببؤرة الدلالة والموزعة على تحريك تأويل المعنى في أي نص من نصوصها ...
3- تساعفني المساءات حنينـاً وأبجديات تتناوبني الذكريات فتشدني لسعات نسيانك تصنعني طوباً تسد بي ثقوب القلب لتواري سوأت رحيلك بقدر ما كان الليل وليل أرقها بانتظار القادم عن الصباح ، يصير السماء أبجديات حنينها وحضور الذكريات ، لأن المساء ما هو إلا نهاية اليوم من انتظارها ، حيث تشعر بلسعات نسيانه لها ، فقد انتهى اليوم ولم يحضر ، فتحاول لهذا أن تسد ثقوب القلب لكي لا تتعلق به أكثر وهو على رحيل دائم عن روحها ، حيث تصف هذا الرحيل بالسوء لأنه سبب ألامها ومعاناتها المستمرة( تساعفني المساءات /حنينـاً وأبجديات /تتناوبني الذكريات /فتشدني لسعات نسيانك /تصنعني طوباً / تسد بي ثقوب القلب لتواري سوأت رحيلك / ) هو دائما يحاول تبرير هذا الرحيل إلى حد يصنع طوبا أي تبريرا لأسباب رحيله عنها ، مع هذا تبقى هي متعلقة به ويبقى الصبح هو رمز انتظاراتها والمساء نهاية هذه الأنتظارات فنحن أمام شاعرة تعرف كيفية تأويل اللغة لتخلق نافذة الرؤيا والتي تنفذ منها لتأسس عالمها الشعري كي تحدد الجواب إلى الأتي ، وما نصوصها الشعرية إلا أسرار الذات اتجاه العالم والأشياء بعيدا عن النظرة الحسية ،لأن العالم الذي تخلقه في النص يحمل الاستعارة المكثفة بالرمز والرؤيا التي تقارب الصورة الشعرية المضيئة لكل جوانب النص لديها أي أن الشعر هو من المسلمات الروح المزدحمة بالحنين إلى الأتي .
#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)
Fatima_Alfalahi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-أن تؤمن هو أن تعرف أنك تؤمن، أما إذا عرفت أنك تؤمن فلست تؤم
...
-
سطور لفاطمة الفلاحي في مجلة (مدام فيجارو) الفرنسية، الناطقة
...
-
مشرط ياسين الزكري في تهويمات فاطمة الفلاحي
-
لا تكن في صف الملائكة، فهذا في غاية التحقير..ديفيد هربرت لور
...
-
بيني وبينك
-
إن جسمي يشدّني الى شكل فلاح روسي حقيقي...ليو تولستوي – الادب
...
-
سوء التغذية وعمالة الطفل وختان الفتيات ، من امراة من الشرق و
...
-
قميص منفاي
-
العنوسة والتمييز ضد المرأة الموريتانية ،المعيل الوحيد ،واستر
...
-
قلب امرأة ، العاشقة الروسية والغادة الاسبانية في سجن طولون ل
...
-
أُحبك
-
كيفية التعامل مع الرجل وفق الابراج
-
الدنيا في فكر يكتنزه الورق من قرأت لهم
-
-الزمن هو المادة التي أنا مصنوع منها ، وأنا - لسوء الحظ –خور
...
-
العنف الاسري والعنف ضد المراة - من امرأة من الشرق ، وثلاثية
...
-
لك بين جوانحي عشق
-
أن الشيوعية تقدم حلاً للمعضلة الصعبة... لبرتراند راسل من الا
...
-
شموع لعمال العالم ، وشمعة لي
-
العنف الاسري وطفولة مسلوبة لأطفال الشوارع والتحرش ، من إمرأة
...
-
انعتاق وطن
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|