أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - الجزء الثاني من موضوع :ضرورة إعادة النظر جذريا في التاريخ المغربي ، وتنظيفه من افتراءات و أوساخ القبيلة العلوية المحتلة للمغرب.















المزيد.....


الجزء الثاني من موضوع :ضرورة إعادة النظر جذريا في التاريخ المغربي ، وتنظيفه من افتراءات و أوساخ القبيلة العلوية المحتلة للمغرب.


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 03:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حدثان هامان كانا سيشكلان منعطفا جديدا في قضية الوحدة الترابية أولهما : الاعتراف الاسباني باستقلال إقليمي طرفاية وطان طان. وثانيهما التحاق وفد موريتاني هام كان يضم أعضاء من حكومة مختار ولد دادة سنة 1958.. كل الظروف كانت مواتية آنذاك للتقدم في معركة التحرير.. لكن القبيلة العلوية ، وعملائها ، وخدامها اختاروا كعاداتهم استراتيجيه أخرى معاكسة لطموحات الشعب المغربي، حيث اعتمدوا خطة تهدف للقضاء أولا عن كل الثوار ، وتجريد المغاربة من أسلحتهم ، حتى يتسنى لتلك القبيلة أن تجردهم حتى من هويتهم الأمازيغية ، وهو ما نعيش نتائجه السلبية الآن." وبذلك حددت – تلك القبيلة العلوية- اهتماماتها المستعجلة.. الشيء الذي جعل مشروع قيادة جيش التحرير المطروح على الملك محمد الخامس مؤجلا و أصبح حبرا على ورق..ووحهت اهتماماتها إلى بناء مؤسساتها الإدارية وفق اختيارات لا تخدم مسيرة التحرير .. مما أثار ردود فعل مختلفة اضطرت معها الدولة إلى نهج سياسة المواجهة مست شرائح مهمة من قادة حركة التحرير أواخر سنة 1959 وبداية 1960 وقد أسفرت هذه المواجهة عن قرارين لهما أهمية كبرى في حينها ، و هو إدماج فصائل جيش التحرير في الجنوب المغربي في صفوف القوات المسلحة الملكية ـ ثم بعد ذلك إقامة حكومة عبد الله إبراهيم ، ولا يعتبر هذا سوى إيقاف للمد التحرري على الصعيدين الوطني و الاقتصادي .. وبتلك الخطة ستوضع القضية الوطنية على الرفوف طيلة أربعة عشر عاما " الصفحة 12 من مقدمة كتاب لمؤلفه - محمد بن سعيد ايت إيدر- تحت عنوان : صفحات من ملحمة جيش التحرير بالجنوب المغربي ، الطبعة الأولى ، الدار البيضاء يونيو 2001 رقم الإيداع القانوني 2001 0882 الطبع مطبعة - التسيير-
لقد تم تزيف كل شيء بالمغرب بما في ذلك القيام و الأخلاق ، حتى تسود عدم الثقة بين المغاربة ، وتعمم الشكوك و الاتهامات ، لتنهاربذلك أواصر التضامن ، والتأزر، فتصبح الانتهازية ، والوصولية هما شعارات المرحلة ، التي كانت تستوجب العكس ، حيث كان من الواجب و الضروري العمل على توعية المغاربة بخطورة استمرار القبيلة العلوية على الحكم بالمغرب ، وضربا لهذا الوعي ، واغتيالا لهذا الطموح بالرحم قبل ولادته ، خططت القبيلة العلوية وحلفائها من الأعداء و الخونة لبناء مغرب جوهره مجرد سوق بشري ، أو تجمع بشري ، وشكله ظاهريا دولة كما تدعي القبيلة العلوية ، و بذلك تحرك محمد الخامس مستغلا لسلطته ولنفوذه ، لشرائه للمزيد من الخونة من أجل استعبادهم كما يحلو له ، و بذلك " عمل بكل قوته من أجل إحداث خريطة سياسية بإنشاء أحزاب مصنوعة ، و إصدار صحف مأجورة ، بهدف فرض نفوذه السياسي على الرأي العام الوطني و الدولي ، وتحضيرا لمؤامرات الاعتقالات و الاغتيالات و الطرد من العمل.. كانت أغلب الخلايا تتكون من الأطر القاعدية لحزب الاستقلال التي قررت بمحض اختيارها القيام لتلبية النداء لمواجهة العنف بمثله ، و تحت ضغط الأحداث السريعة غالبا ما تسود العفوية " صفحة 20 من نفس الكتاب .
إن الباحث في جذور الخبايا بالمغرب ، قد يتوصل إلى حقيقة مفادها أنه لا توجد جماعة في الماضي أو الحاضر أو حتى في المستقبل ، لم يتم اختراقها من قبل القبيلة العلوية من خلال عملائها ، و جواسيسها ، وبذلك فشل مشروع بناء الدولة المغربية ، بما يحمله مفهوم الدولة الحقيقية ، وليس المزيف كما هو حال المغرب قديما و حديثا ، أي منذ احتلاله من قبل العلويين ، وبذلك تعرض تاريخه للحيف ، والزيف و التزيف . " وقد استفادت المنظمة السرية من هذه الأخطاء و حاولت القيام بمعالجتها تفاديا لتلك الأخطار ورغم ذلك فقد تعرضت بدورها لاختراقات خطيرة صفحة21 من نفس الكتاب.
لقد حاول التواقون إلى التقدم والحرية من المغاربة القيام بكل شيء من أجل تحرير بلدهم من يد الحماية الفرنسية وغيرها ، بل وحتى التخلص من القبيلة العلوية ، فضحوا من أجل ذلك بالغالي و النفيس ، قدموا أرواحهم من أجل قضية التحرير الشامل ، ولكن للأسف قد أجهض كل شيء في مهده ، لأعتبارات عديدة من بينها : تعدد الخونة ممن يرفعون شعار عودة الملكية للحكم ، قلة الوعي السياسي لذا المقاومين المغاربة ، بالرغم من رفضهم للملكية ، ثم عدم وجود قيادة ثورية لتوعية المغاربة بخطورة عودة الملكية إلى الحكم ، وعدم وجود مشروع جمهىوي تحرري يؤسس لجمهورية مغربية ديمقراطية ، مباشرة بعد زوال عهد الحماية ، وذلك استثمارا لتضحيات المخلصين من المقاومين ، وجيش التحرير ، لوضع حد نهائي للملكية الفاسدة ، وجعل المغرب بذلك يحتل مكانة محترمة بين الأمم ، التي تحررت من استبداد القياصرة ، و المماليك و السلاطين. وبهذه الاعتبارات فشل المشروع التحرري للمغرب ، فانتصر الظلم عن العدل ، والعبودية عن التحرر، فصار المقاوم خائنا ، و الخائن مقاوما ، فظل المغاربة مجرد عبيد للملكية وخدامها ، وأعوانها ، تُسير شؤنهم من قبل عصابات من صنع القبيلة العلوية ، لخلق البلبلة ، ونهج سياسة فرق تسود.. " لم تكن مفاوضات ايكس ليبان مريحة لكثير من أطراف القوى الوطنية المغربية لأنها لم تحقق للشعب المغربي كل الآمال التي كان يطمح إليها في الاستقلال الكامل و في الوحدة الترابية وقد بقيت أجزاء كبيرة من التراب الوطني خارج الاتفاقيات المبرمة بين الدولة المغربية وبين فرنسا و اسبانيا ..وفي بداية الاستقلال سارعت قوى سياسية لترتيب أوضاعها و استقطاب ما يمكن من عطف الجماهير الهائجة ، أو لتشكيل هيئات أخرى إضافة في الساحة السياسية ، و كثيرا ما اعترى تنافس هذه القوى توترات بل وصدمات دامية .. صدمات مسلحة خطيرة بين فصائل من المقاومة وجيش التحرير .. وبين مقاومي أخر ساعة الذين انتحلوا صفة المقاومة لأغراض شخصية ومادية .. هناك من ذهب ضحية المنافسات السياسية و الصراع على المواقع المفيدة " صفحة 25 .
لقد تعددت وجوه الملكية ، فهي تظهرعلنا وكأن رغبتها بالفعل هي إنقاذ المغرب و المغاربة ، وجمع شمل الجميع من أجل التحرير، حتى يتسنى لها بذلك كسب عطف الأبرياء ممن لا يفقهون في أمور السياسة شيئا ، و بذلك النفاق الملكي سيتحول هؤلاء إلى جيوش مجيشة ، مصطفة بحناجيرهم ، وبضيحاتهم أينما حل الملك و ارتحل ، دون أن يدركوا أنه المجرم في السر و الخفاء ، الذي يترأس عصابات الإجرام المنظم ، الساهرة على تصفية كل الأصوات المعارضة للملكية ، ولمشاريعها السياسية ، و الإقتصادية ، والاجتماعية الفاسدة . حيث أشعلت نار المنافسات غير الشريفة ، وغيرت طموحات البعض من المغاربة ، من رغبتهم للدفاع عن المغاربة جميعا ، إي الدفاع عن الشأن العام ، إلى الدفاع عن الشأن الخاص ، بأنانية ، وانتهازية لا مثيل لهما ، ومن تم تمكنت الملكية من التحكم في المغرب كرقعة شطرنج تتحكم في بياديقها ، تحركها كما تريد ، وحسب رغباتها ، تصنع الأحداث التي تصب في صالح خططها لتفادي زوالها من الحكم . " و بقصد الوصول إلى تحقيق توازنات سياسية مطلوبة قد سقطت ضحية هذه الأحداث وجوه بارزة من المقاومين ومن الأطر السياسية بعض هؤلاء ضحية تلك المنافسات .. بعد محادثات معقدة تمكن الملك من التغلب على الموقف و تم إدماج فصائل مهمة من جيش التحرير في القوات الملكية المسلحة و توظيف العديد من المقاومين في الجهاز الإداري بالداخلية " صفحة 26
في واقع الأمر كانت شروط التحرير من الحماية ، ومن ربيبتها الملكية متوفرة ، و لكن الإردة السياسية القادرة على المبادرة ، واستغلال الفرصة المواتية لم تكن متوفرة لدى الجميع ، ناهيك عن تحريف ما يسمى بالسياسيين المغاربة للوقائع ، وهم من جعل من الخائن محمد الخامس بطلا ، وهم من سيجعل فيما بعد من المجرم الفاسق الحسن الثاني بطلا كذلك . لأن السياسيين المغاربة لم تنتجهم القاعدة الشعبية ، أو وضعا سياسيا ثوريا ، فهم فُرضوا على الشعب المغربي كما تُفرض عليه الأوامر من الفوق ، وبالتالي فإن فشل كل المشاريع التحررية ، والتقدمية بالمغرب في ظل بقاء هولاء الخونة هو الأمر الذي لا يختلف عليه إثنان . وقد يؤكد الكاتب هذه الحقيقة مبرزا إياها في كتابه المشار إليه كمرجع حيث يقول :
" كانت الحكومة المغربية الجديدة منشغلة بملف الاستقلال السياسي وتسلم السلطات التنفيذية و تكوين أجهزة الدولة الوليدة و استتباب الأمن بالبلاد ، بينما كانت الهيئات السياسية غارقة في تثبيت أوضاعها الداخلية وجمع شمل كلمتها ومواجهة متطلبات حياتها الجديدة ، وما يفرضه عليها التنافس على مواقع القرار وعلى كسب الساحة الجماهيرية ، أما استكمال الوحدة الترابية فلم تكن في مقدمة انشغالاتها الأساسية ، ومن هذه الهيئات من ظن أن مشكل التحرير قد انتهى و لا داعي للاهتمام به .. إن القرار باستئناف الكفاح المسلح لتحرير الصحراء المغربية ، و أيت باعمران اتخذ في دائرة ضيقة و من طرف مجموعة قليلة من المقاومين و أعضاء جيش التحرير المقتنعين بأن المعركة الوطنية لم تنته بعد " ص 32 .
إن المؤامرات التي أحيكت ضد الشعب المغربي لا تعد ولا تحصى ، ولا يمكن لعاقل كيفما بلغ مستواه العقلي من تطور ، أن يصدق ما تم تدوينه من قبل من يسمى بالمؤرخيين المغاربة ، لأن المؤرخ الذي يعيش في كنف ، وتحت أحضان السلطة ، لا يمكنه إلا أن يميل لتلك السلطة ، فما بالك إذا كان يعيش تحت الديكتاتورية كما هو الشأن بالمغرب ، حيث يعتبر المؤرخ أكبر محرف للأحداث ، و الحقائق لإرضاء أسياده ، وفي هذا الصدد كانت الحماية الفرنسية ، والإسبانية متفق معها في السر للقيام بحمايتها للملكية بالمغرب ، ولمصالحها الاستراتيجية ، ومع ذلك يظهر الملك المنافق وكأنه غير راض عن الأمر ، وهذا ما لن يؤرخه مؤرخي الطغاة أبدا ، كما أن الملك يعد الجاسوس الأول للحماية ، وهو الذي يعطي التقارير للأعداء لضرب الأحباء ،إن كان هناك أحباء بالفعل كما تشير إلى ذلك مقولة – شعبي العزيز- التي يكررها الملك في كل خطاباته الرنانة ، كما أنه كان يضرب قوة بأخرى كلما نادت مصلحته بذلك ، إذ يكشف بعض الأسرارحول من يحميه من الفرنسيين للمقاومين ، حتى يبين لهم في ذلك عن جانبه الوطني ، كما يورط المقاومين في مواجهات غير متوازنة مع الحماية ، بهدف التخلص منهم ، والقضاء على طموحات التغيير التي قد تصل يوما ما إلى أبواب قصره .
" لم يثير احتلال القوات الجوية الفرنسية القادمة من الجزائر للموقع المغربي المستقل أي رد فعل من جانب الحكومة المغربية في تلك الفترة التي اعتاد فيها الجيش الفرنسي الحركة بحرية مطلقة جوا ، و بحرا ، وبرا داخل البلاد ، حتى بعد توقيع وثيقة 2 مارس 1956 .. استجابة لتوجيهات من الأوساط العليا في الدولة المغربية ، وقد أعطيت إشارة إلى مسئولي جيش التحرير بالتوجه إلى موريتانيا " ص 35 . لكن للأسف قلة الحنكة السياسية ، والوعي الثوري لذا المقاومين ، وجيش التحرير جعلهم فريسة سهلة في يد الملك المفترس ، حيث تخلص منهم مجموعات وأفرادا ، بل أرسلهم إلى أغوار الصحراء لمواجهة الرمال ، بينما كان الهدف الحقيقي للملك في توجيههم نحو موريتانيا هوالتخلص منهم عبر صفقة ما مع الحماية ، لضرب عصفورين بحجر واحد ، حيث أنه قد أثبت في ذلك مدى تعاونه ، وصدقه في التعامل مع الحماية ، في نفس الوقت القضاء على الثوار المغاربة ، وإطفاء نيرانهم التي قد تشتعل يوما ما بقصره." وعند الوصول إلى حدود موريتانيا لم يكن لدى المقاتلين قواعد تصلح لانطلاق عملياتهم العسكرية و لتنسيقها ، ولذلك تعرضت فرق جيش التحرير للانكشاف من طرف القوات الفرنسية بسرعة ، ولم تتح لها الفرصة لحماية مواقعها الخلفية بل تعرضت لمواجهة مباشرة ومكشوفة تمكن خلالها الجيش الفرنسي من إنزال ضربات قاسية بفصائل جيش التحرير ودمر كل الوسائل التي كانت بيدها من تموين و جمال و هي وسيلتها الوحيدة للتنقل " ص 36
ويظل السؤال الذي يتبادرإلى الذهن ، هو: أين هم المؤرخيين المغاربة للتأريخ ، وتدوين من ورط هذه المجموعة للتخلص من كل هذه الأرواح بتلك الطريقة الدرامية ؟ ألم يكن عملاء القبيلة العلوية هم من لهم المصلحة في تصفية المقاومين والقضاء على جيش التحرير؟ ألم يكن الهدف الأسمى لذا القبيلة العلوية هوالتخلص من كل من يحمل السلاح ، مخافة من استعماله ضد تواجدها وهيمنتها على المغرب ، بعدما عملت على تحريف تاريخه السياسي ، وتغيير معالمه الجغرافية ، ببيع أراضيه للأعداء ؟ فمن هو الوطني المخلص ؟ ومن هو الخائن المعتمد على الغدر و الخيانة ؟ ألم يكن هو الملك زعيم القبيلة العلوية الذي كان يرى في المقاوميين، وجيش التحرير مجرد قوات غير مراقبة من قبل الحكومة المغربية ، وبالتالي فهي تشكل خطرا محدقا بالقصر ، ومن هنا يتوجب التخلص منها؟؟؟ مع كل هذه المؤامرات ، والدسائس التي تعرض لها المقاومون المغاربة ، فإنهم لم يتخذوا العبر من ذلك ، بل لم يدركوا بعد بأن عدوهم الحقيقي هو الملك.
" لم تكن الأحداث لتبلغ هذا الحجم لولا تدخلات خارجية مؤثرة و معادية لحركة التحرير المغربية و لا يسمح المقام ، وكذلك الوقت للتطرق لهذا الموضوع بكل تفاصله.. و في وقت قصير كان على قيادة جيش التحرير معالجة مخلفات أحداث – بيزكارن - ثم تحضير الإمكانيات العسكرية و المادية لهذه الانطلاقة ، و قررت القيادة قبل انطلاق المعركة مع اسبانيا أن تخبر الملك محمد الخامس و هو على أهبة السفر إلى أمريكا في نوفمبر سنة 1957 م " ص 37 . قد واجه جيش التحرير في هذا الهجوم جيشين قويين ومدججين بأحداث الأسلحة الجوية و البحرية بما فيها طائرات الحلف الأطلسي ، بينما كانت الوضعية العسكرية لجيش التحرير في حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار بسبب الهجمات المركزة على ممتلكات السكان ومصادرة عيشهم وكذلك بسبب الدور السياسي للمتعاملين مع العدو ، مما أدى إلى وقوع أحداث مؤلمة ، داخل صفوف المقاومين وجيش التحرير، بلغت حد التصفية الجسدية . " قد شاهدت هذه الفترة هزات داخلية مقلقة حيث كان هناك أعضاء قياديين تعرضوا لمحاولات التصفية و الاختطاف من طرف عناصر محسوبة على جيش التحرير لحساب العدو" ص 38.
من خلال هذا يتبين للمتتبع أن المقاومين وجيش التحرير، لم يكونوا في مستوى الوعي بما هم بصدد الدفاع عنه ، لم يكونوا في مستوى وعي اللحظة ، والوعي السياسي بالمرحلة لم ينضج لذيهم بعد ، ذلك الوعي الذي قد يجعلهم يحتاطون من الأعداء حتى داخل صفوفهم ، وقد يستخلص المرء في ذلك أنهم مجرد أشخاص دفعتهم العاطفة والغيرة للدفاع عن الوطن بركوبهم مركب المقاومة ، وجيش التحرير، مع العلم أنهم لا يدركون السباحة في بحر السياسة و الإيديولوجية حتى يتأكد لهم العدو من الأخ أو الرفيق و الصديق ، وبذلك تمت تصفية أغلبيتهم بسهولة من قبل القبيلة العلوية و أتباعها من الأعداء و الخونة. " قد طرحت وضعية هذا الجيش واستمراره في مهمته تساؤلات مختلفة ، ولم يكن الجميع ينظر إليه بعين الرضى ، و الاطمئنان" ص 38 .
تواصلت المؤامرات بمختلف أشكالها ، وبمختلف الوجوه التي تحبك خيوطها ، وفي هذا الصدد " انعقد مؤتمر – بوخشيبة - يوم 11 دجنبر 1958 في المنطقة التي تفصل طرفاية عن العيون ، و قد شارك ولي العهد الأمير الحسن الثاني في المؤتمر وأسفر عن مواقف تدعو جميع القبائل الصحراوية ، و أيت باعمران إلى مواصلة المعركة من أجل التحرير.. كما انعقد مؤتمر ثاني بالرباط في مارس 1959 عبر فيه ممثلي جميع القبائل الصحراوية الشرقية منها و الجنوبية ، و الغربية عن استعدادهم لتكوين جبهة صحراوية وطلبوا من الحكومة المغربية تزويدهم بالدعم المادي ، و العسكري ، و الدبلوماسي ، لتحرير بلادهم ،غير أن قرارات هاذين المؤتمرين بقيت حبرا على ورق " ص 39 .
وبذلك يظل السؤال المطروح هنا هو هل المجرم الحسن الثاني ، كان يهدف إلى المزيد من إشعال النار بين المقاومين وجيش التحرير ، الذين لا يملكون سوى صبرهم ، وعزمهم على مواصلة النضال ، وتوريطهم في ذلك من جديد للاشتباك مع جيش اسباني و فرنسي كامل مدعم بكل الوسائل ، وهو الحامي الوحيد للأمير المجرم ، وهو معطى أخر قد يتم الاعتماد عليه للخروج بخلاصة مفادها ، غياب الوعي السياسي في بناء جمهورية مغربية ديمقراطية ، وغياب الهدف الحقيقي في كل تلك المواجهات ، لأن الهدف من تلك المقاومة لا يجب أن يكون هو الدفاع عن الملكية ، وإلا سقطت صيفة المقاومة عن الثوارنهائيا ، وأصبحوا بذلك مجرد جيوش للطاغي ، وهو ما تؤكده أحيانا ممارسة المقاومين عندما يقبلون بحضىور العدو الحسن الثاني كجاسوس مزدوج بهذا المؤتمر ، لأن مقولة – يبيعون القرد ويضحكون على من اشتراه ، تنطبق قي عمقها كلية على القبيلة العلوية عبر كل الصراعات التي عاشها المغرب تحت حكمها.
بما ليس فيه شك أن الأعداء من ممثلي القبيلة العلوية كانوا لا يريدون من خلال تلك المؤتمرات مع المقاومين ، وجيش التحرير، سوى معرفة مدى قوة هؤلاء ليجندوا عملائهم لتصفياتهم ، والقضاء على كل من يحمل السلاح من المغاربة ، لأنه لا يعقل أن يكون الملك ضد كل من فرنسا واسبانيا اللتان تحميانه ، بينما سيكون مع المغاربة ممن لا يحب بقاء قبيلته العلوية على العرش ، وبالتالي فقد كان على المقاومين المغاربة إدراك ذلك في حينه ، إذ لا شيء يرجى من تلك المؤتمرات ، واللقاءات وهو ما يظهرمرة أخرى عدم النضج السياسي للمقاومين ، وجيش التحرير و الحركة الوطنية ممن يستدعون العدو للإشراف على مؤتمراتهم ، ولقاءاتهم ، مما فوت الفرصة على تكوين جمهورية مغربية ذات الحدود جنوبا حتى نهر السنغال ، وشمالا بتحرير المدينتين السليبتين وجميع الجزر الموالية للمغرب " كان من الممكن أن يكون استقلال مدينة طرفاية ، و التحاق القادة الموريتانيين بالمغرب حافزا قويا لاستئناف حركة التحرير في جميع هذه الأطراف ، لو أدركت الأوساط الحاكمة بالبلاد مغزى هذه الفرصة الثمينة و استغلتها لاختصار مسافة المعركة ، وكانت كل الشروط السياسية و البشرية متوفرة للمغرب، حيث أن الممثلين الحقيقيين للسكان بموريتانيا وصلوا لشمال المغرب على التوالي ، كما أن شيوخ جميع القبائل سواء منهم أبناء الصحراء الشرقية أو الجنوبية حضروا مؤتمرين من أجل قضية تحرير الصحراء ، و هم يطالبون المسئولين بتزويدهم بالوسائل الضرورية للكفاح عن مختلف الواجهات العسكرية ، والدبلوماسية و لكن للأسف الشديد لم يجد هذا التوجه التحرري أذانا صاغية من طرف الحاكمين ، وقد شعرت قيادة المقاومة وجيش التحرير في تلك الفترة بضياع هذه الفرصة ، ولكن لا حياة لمن تنادي.. بعد تحرير طرفاية وطانطان ، و إنهاء معركة جيش التحرير في الستينات ساد الصحراء المغربية هدوء طويل استمر لمدة 14 سنة ، وبقي ملف الصحراء موضوعا تحت مسؤولية وزارة خاصة ، وعندما ينعقد اجتماع اللجة الرابعة الخاصة بتصفية الاستعمار بهيئة الأمم المتحدة ،كان ممثل الحكومة المغربية يدافع أمامها عن حق الصحراء المغربية في تقرير المصير. ص 40 من نفس الكتاب المشار إليه أعلاه.

يتابع


علي لهروشي
مواطن مغربي مع وقف التنفيذ
أمستردام – هولندا
[email protected]



#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الأول من موضوع:ضرورة إعادة النظر جذريا في التاريخ المغ ...
- قصيدة : سنحييكم كي نقتلكم من جديد
- أخيرا تقرير لجنة- دافيدس- ينتقد بحدة مشاركة هولندا في العدوا ...
- مجرمة الحرب ليفني لم تزور المغرب كشعب وكبلد بل زارت أهلها با ...
- أفراد من الجالية المغربية بالخارج يريدون الإنتقال بأنفسهم من ...
- القنصلية المغربية بأمستردام ، عندما ينمو التخلف في قلب مدينة ...
- الاتحاد الأوروبي يصدر موقفا أيجابيا لصالح النساء المغربيات ض ...
- -فايزة أُمُو حماد- : المرأة المغربية التي هزت عاطفة المجتمع ...
- قبول الدعوة ضد اسبانيا مبدئيا من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق ...
- العدل يحمي الملك الديكتاتور وحاشيته من الشعب وطبقاته الفقيرة ...
- الصهيونية الأمريكية تصنع الحدث الجديد لتموه به العالم ، مجبر ...
- الديكتاتور بالمغرب يعرض قواته القمعية في ذكر ما يسمى بتأسيس ...
- الديكتاتوربالمغرب يعرض قواته القمعية في ذكر ما يسمى بتأسيس ا ...
- حوار جريدة المشعل مع المعارض الأمازيغي علي لهروشي
- على هامش انسحاب أعضاء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من البر ...
- على هامش الفيلم المنتظر ، والكاريكاتور المسيئين للرسول و للق ...
- مرثية إلى نزار قباني
- عودة إلى قضية ، قضاة ورجال سلطة ديكتاتورية القبيلة العلوية ب ...
- الطريق إلى الجمهورية الديمقراطية المغربية
- الأشواق و الأشواك


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي لهروشي - الجزء الثاني من موضوع :ضرورة إعادة النظر جذريا في التاريخ المغربي ، وتنظيفه من افتراءات و أوساخ القبيلة العلوية المحتلة للمغرب.