أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر دوري - وجوه تحتضر














المزيد.....

وجوه تحتضر


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 940 - 2004 / 8 / 29 - 02:31
المحور: الادب والفن
    


لقد أكله داء السكري ......
لم يبق من ذاك الرجل ضخم الجثة سوى اسمه و شاربه الضخم ، الذي كان سبب شهرته ذات يوم . يغفو أمام بسطة الدخان المهرب ، الذي يبيعه في ساحة العاصي ، رغم كل الضجيج المحيط به .
إنه السكري ....
ذهب بسمعه مثلما ذهب بقوة جسده و بعد قليل سيُطفأ ما تبقى من نور عينيه . هزه أحد أصدقائه القدامى كي يوقظه :
- أبو عماد ......
رفع الرجل رأسه بتثاقل و نظر إلى الرجل ، ثم قال :
- المارلبورو بخمسين ليرة و البول مول بأربعين ..
اشترى الرجل علبة الدخان و مشى يضرب كفاً بكف متحسراً على يفعله الزمان بالبشر :
- تصور لم يعرفني
قال مخاطبا ابنه .
سأل الابن :
- أبي أنت لا تدخن ، لم اشتريت علبة الدخان ؟
قال الأب :
- هذا أبو عماد صديقي .
غفا أبو عماد من جديد و ارتسمت على وجهه طيف ابتسامة . لا بد أن طيف ناهد يسري يمر به .
كان يعمل سائقاً لباص نقل داخلي . و كانت حركة السير تتعطل كلما مر بساحة العاصي ، إذ يتوقف السائقون و المارة ليتفرجوا على شاربه الضخم . شاهده المخرج محمد شاهين ، الذي كان يجلس مع فريق فيلمه (( امرأة من نار )) في أحد مطاعم ساحة العاصي فلفت نظره الشارب الضخم . و على الفور قرر إشراكه بفيلمه مسنداً له دور رئيس العصابة . كان دوره ضخماً بالاسم فقط أما في الحقيقة فلم تتجاوز مدته الدقيقتين . مطاردة لمدة دقيقة واحدة يقتل بعدها و دقيقة أخرى للتخلص من الجثة .
تم التصوير في قصر العظم ، المتحف الوطني . و كانت ناهد يسري بطلة الفيلم . كانت حقاً امرأة من نار . بصق أحد عمال المتحف عندما رآها شبه عارية و هي تبدل ملابسها . و قال :
- هل هذه امرأة و التي عندي في البيت امرأة ؟!
و أقسم أن يشتري شرشورا*ً لزوجته و ينزلها إلى سوق العتالين* كي تعمل هناك ، هذا ما تصلح له مقارنة بناهد يسري .
مرت ناهد يسري ، التي ترتدي ثوب النوم ، فوق أبي عماد الممدد على الأرض كجثة ففتح عينيه على الفور لا لينادي على الدخان كحالته اليوم بل ليرى عمودي الرخام اللذين يمران فوقه . صرخ به محمد شاهين أن يغلق عينيه و أمر بإعادة تصوير المشهد . أعادوا التصوير لكن أبا عماد عاود فتح عينيه عندما مرت ناهد يسري فوقه . أعاد محمد شاهين التصوير من جديد فحصل على نفس النتيجة السابقة . فوجد أن الحل الوحيد أن تمر ناهد يسري قرب الجثة لا فوقها .
رمى الأب علبة الدخان على الطاولة بعد أن حدق بها طويلاً ، ثم جال ببصره في أرجاء الغرفة فاستقرت عيناه على الساعة القديمة المعلقة على الحائط منذ سنوات معطلة . فصرخ بابنه غاضباً :
- لم لم تصلح الساعة ؟
رد الشاب :
- قال الساعاتي إنها من نوع قديم و لم يعد لها قطع تبديل . سأنزلها من مكانها و أشتري بدلاً عنها أخرى جديدة .
قال الأب بحدة :
- اتركها مكانها . إن منظرها جميل جداً . ألا ترى ما أجمل خشبها و ما أجمل زخرفته . إن هذا النوع من الساعات نادر جداً . إنها من صنع يدوي .
نهض ليذهب إلى غرفته ليبدل ملابسه و ذهبت زوجته لتعد الطعام أما الشاب فقد بقي في حيرة من أمره ينظر إلى الساعة المعطلة المعلقة على الحائط ثم إلى علبة الدخان .......


• أداة يستخدمها الحمالون بتعليق الأكياس قبل حملها على ظهرهم
• العتال : الحمال



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين نورما خوري و أحمد الجلبي
- الأمريكاني المفلس و الدفاتر السعودية العتيقة
- عن مصر و الألم يعتصر قلوبنا : حكاية الأسد و مروضيه
- أسرى سايكس بيكو
- القط ذو الرأس الكبير في المصيدة
- الديمقراطية على الطريقة الفنزويلية
- أزمة المسرح العربي 3من 3 العلبة الإيطالية : من مارون نقاش إل ...
- أزمة المسرح العربي 2من 3
- أزمة المسرح العربي 1من 3
- القلق الذي يحيط بنا
- غرينكا دخلت التاريخ و مغر الديب تنتظر
- صور تصنع التاريخ و أوهام تصنع الصور
- العملاء هم الأسرع اشتعالاً
- عن العروبة
- التصدعات التي خلقتها المقاومة في جسد الاحتلال الأمريكي للعرا ...
- الوضع العام
- بعد مرور سنة على الغزو أهداف و دوافع هذا الغزو
- حماقات علمية و أخرى سياسية
- دروس عملية تبادل الأسرى
- عبد الرحمن منيف يكتب روايته الأخيرة


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر دوري - وجوه تحتضر