أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلف علي الخلف - كلام مقاهي (7) : عوالم الشعر الحديث وعالم الجوارب















المزيد.....

كلام مقاهي (7) : عوالم الشعر الحديث وعالم الجوارب


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 940 - 2004 / 8 / 29 - 02:25
المحور: الادب والفن
    


في نهاية الثمانينيات من القرن الفائت ) دلالة على البعد السحيق ) بدا أصدقائي اليساريون ينخرطون في سوق العمل طبعا غالبيتهم لم ينه دراسته ( لأنه كان متفرغ للنضال وليس للدراسة ) لكن ما لفت انتباهي أن اغلبهم اتجه إلى تجارة بيع الأحذية (والأمثلة كثيرة ومعروفة ) جملة أو مفرق، وبعضهم جعلها تجارة عابرة للحدود باتجاه صديقنا الاتحاد السوفييتي الذي كان يوشك أن يكون سابق ، مما وطد في ذهني أن هناك علاقة بين الأحذية (عذرا ) واليسار العربي ، وبدأت انبش على صيغ مقارنة ومقاربة ، ووجدت الكثير ونويت أن اكتب ذلك إلا أن صديق منهم حذرني وقال سنجعلك عبرة لمن اعتبر وسنشهر بك وتنبذ كأجرب من مقاهي الإبداع وكانوا في ذلك الحين يسطرون عليها سيطرة تامة ( المقاهي طبعا وليس ساحات الإبداع ) فقررت أن اصمت
إلى أن اكتشفت عالم الجوارب وكما تعلمون إن علاقته وثيقة بالأحذية لكن علاقة الجوارب باليسار ضعيفة لأنهم غالبا لا يلبسون جوارب وإذا لبسوها تكون مشقوقة من الإصبع الكبير ولها رائحة ......... (طبعا لان النضال لا يترك لهم وقت لغسل جواربهم )
ومنذ اكتشافي له وأنا انظر إليه بعين شعرية حتى إني اسمي علبة الجوارب ديوان وغالبا ما تكون علبة الجوارب مغلفة بتغليف فاخر أهم من أغلفة دوواين شعر الحداثة كما وبسبب علاقتي بشعر الحداثة كنت أضفي على تصميم العلبة (الغلاف ) لمسة شاعرية أو سوريالية وكان أصحاب المطابع يستغربون غرابة التصميمات التي اقترحها لهم
وكنت عندما اطلب كمية جديدة من نفس الماركة اخبر صديقي المصنّع أن الطبعة الأولى نفدت ونحن بحاجة إلى طبعة جديدة من ألف أو ألفين نسخة
وذات مرة أرسلت لأحد الأصدقاء دزينة جرابات وقد كان في مدينة ثانية وكتبت له لقد طبع من هذا الديوان أكثر من خمسة آلاف نسخة وجميعها نفدت ولازال يطبع في أول كل شتاء لان الديوان كان شتوي طبعا
وقد وجدت علاقة جدلية ( كما يقول أهل النقد ) بين الجوارب والشعر غير تلك الأمور الشكلانية التي هي خارج النص ..
إذ أن الشعر الحديث هو نص ، كما يقول أصحابه ، وهذه المفردة مترجمة عن تيكست الانكليزية ، والتي هي أساسا تعني النسيج والجوارب ، إذاً هي نص لأنها نسيج وهي بذلك أحق بالتسمية وأولى بها !
وإذا كان النص الشعري يعتمد على اللغة أساسا والمفردة هي الوحدة الأساسية للنص ، فإن نص الجوارب يعتمد بشكل أساسي على المادة الخام (صوف -قطن -نايلون - بولستر ...الخ ) والخيط هو المفردة الأساسية لهذا النص
وقد اعتمد الشعر الحديث بشكل أساسي على التكثيف في بنيته واعتمدت نص الجوارب بعد تطور صناعته أيضا على التكثيف إذا تطورت صناعة الجوارب من 150 إبرة تشكل نسيجها (وحدة قياس ) وكان في ذلك الحين (أي نص الجوارب ) رخوا مترهلا يشبه قصيدة العمود ..وتطور بتطور الشعر الحديث إلى التفعيلة إلى 200 إبرة مما جعل نص الجوارب يبدو اشد تماسكاً ، وأكثر دفئا يقابلها في شعر التفعيلة انه أكثر اقترابا من خصوصيات الشاعر .
وجاءت القفزة الهائلة في صناعة نص الجوارب بتطور الآلات لتصل إلى 240-250 إبرة مترافقة مع قفزة الشعر إلى نص قصيدة النثر التي اعتبرت التكثيف احد مبررات وجودها ، طبعا ظلت هناك معامل تنتج الجوارب القديمة كما ظل شعراء يلوكون العمود والتفعيلة .
كما إن الجوارب منها ما هو مبطن وهذا يحيل إلى القصيدة التي لا تكشف أسرارها من أول قراءة أو تلك القصائد التي تنزع نحو الباطن وجوانية الشاعر ..
كما أن هناك جوارب تسبب حساسية للقدم ، وحكة وهي تلك الجوارب التي تحتوي على خيط البولستر كمفردة أساسية لها .
في ذات الوقت الذي هناك نصوص من قصيدة النثر تسبب هرشة دماغية للقارئ بما تحفل به من تعابير رديئة لم ينزل الله بها من سلطان !
من مثل
" جارتنا كل يوم تقف بكيمونها الأزرق على البلكون تنشر الغسيل ....كأنها مرآة عرجاء "
وبعض نصوص الجوارب يكون مطاطها الأعلى رخو ، مما يعذب لابسها برفعها دائماً للأعلى ، وهذا يقابله في الشعر النصوص مهلهلة البداية ، والتي تثير تذمر القارئ حتى انه ليصبح بحاجة إلى أن يمسكها بمخيلته ، ويظل يرفعها مرمما نواقص الشعر .
وهناك نوعان من خاتمة نص الجوارب : جوارب شكة وجوارب حبكة ..
أما الحبكة فهي التي تخاط بمكنة خياطة وتبقى النهاية درزتها واضحة وذات أثر وتحز أصابع الإقدام بالألم ..
إما الشكة فهي تلك التي توصل نهايات الخيوط من الجهتين بطريقة ساحرة ومضنية حتى كأنها صنعت هكذا نسيج واحد ( أو نص واحد ) وكأنها نسجت كما بقية نص الجورب
وهذا ينطبق على نهايات القصيدة في الشعر تماماً ، إذ أن هناك بعض القصائد التي تثير وجعا في الدماغ ، لا بمعنى إثارتها للوجع ، بل بمعنى أنها تحز على الدماغ وتؤلمه بنهاية بائسة ..
وهناك نهايات في القصائد تجعلها دائرية ، وتثير دهشة المتلقي ، حتى انه يعود إلى أول القصيدة ليعرف كيف بدأت وكيف انتهت !
وهناك بعض نصوص الجوارب ( بحسب نوعية الخيط نايلون مثلا ) عند لبسها لوقت قصير وخلع الحذاء تخرج رائحة كريهة كما أن هناك نصوص شعرية بسبب رداءة اللغة وتراكيبها تجعلك تشعر بالغثيان بعد قراءتها .
كما وهناك في بعض نصوص الجوارب نصوصا من أكثر من خيط ومن خامات مختلفة إلا أنها تنتج نص لا تستطيع أن تفرق وتعرف خيوطه ومساراتها
كما أن هناك نصوص شعرية تتداخل فيها أصوات متعددة داخل النص إلا انك كقارئ لا تستطيع أن تعرف أين بدأ هذا الصوت وأين انتهى لتعطي بالنهاية وحدة عضوية متماسكة
للنص كاملاً ..
كما وإن بعض تجارب الشعر الحديث أضافت التشكيل إليها فكذلك نصوص جوارب العصر الحديث أصبحت تزينها رسوم ونقوش تشكيلية ساحرة آذ كانت سابقا على الأغلب سادة
وهناك نصوص جوربية تلبس لمرة واحدة وتهترئ وكذلك هناك نصوص شعرية قراءة واحدة وتهترئ
ونص الجوارب يغسل ويلبس مرات عديدة (حتى أن لدي نصوص جوربية ألبسها منذ سنين بعد غسيلها طبعا ) .
ونص الشعر الخلاق أيضا تظل تغسله مخيلة القارئ وتعود إليه ، وهذا يخص نص الجوارب الجيد كما ويخص نص الشعر المبدع .
هناك شعر يعتمد الزخرفة اللفظية دون إبداع ، وهناك جوراب تعتمد إبهار الشكل دون جودة
كما إن الجوارب النسائية تكون شفافة غالباً إلا أن بعض النساء اللواتي لا يأبهن بكونهن إناث فيرتدين نصوص سميكة ، ويقابل هذا في الشعر أن الشعر الأنثوي غالبا يميل للبوح والشفافية ، إلا بعض الأقلام النسائية التي لا تعير انتباها إلى كونها أنثى .



#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام مقاهي (6 ) : شعراء الحداثة والحب
- كلام مقاهي (5) : نانسي عجرم وشعراء الحداثة
- كلام مقاهي (4) : الشعر الحديث وعلم التسويق الحديث ج 2
- كلام مقاهي (2) : شاعر الحداثة وشاعر الزمارة
- كلام مقاهي (3) : الشعر الحديث وعلم التسويق الحديث ج1
- كلام مقاهي(1) : شاعر الحداثة وشاعر الربابة
- ديمقراطية عالريق
- عراقهم ...يا منذر مصري


المزيد.....




- المسرح الروسي يزين مهرجان قرطاج
- الممثل اللبناني نيقولا معوض يتحدث بالتركية.. ما القصة؟
- فنانة كازاخية تهدي بوتين لوحة بعنوان -جسر الصداقة-
- تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
- RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار ...
- فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد ...
- حذاء فيلم -ساحر أوز- الشهير يُطرح للبيع بعد 20 عاما من السرق ...
- تقرير حقوقي: أكثر من 55 فنانا قتلوا منذ بدء الحرب في السودان ...
- -وتر حساس- يثير جدلا في مصر
- -قصص من غزة-.. إعادة صياغة السردية في ملتقى مكتبة ليوان بالد ...


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلف علي الخلف - كلام مقاهي (7) : عوالم الشعر الحديث وعالم الجوارب