|
عِبَرٌ لَمِن إعتَبَرَ
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 3099 - 2010 / 8 / 19 - 04:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
متى يسقط هذا الصنم الجديد ؟ تاريخ العراق حافلٌ بالأصنام التي صنعناها وعبدناها ثم أسقطناها . نحن لا زلنا في عهد الجاهلية ، نصنع الأصنام لنعبدها . صفقنا للملوك والوصيّ ونوري السعيد ثم قتلناهم وسحلناهم وعلقنا جثثهم على أعمدة الكهرباء . صفقنا لعبد الكريم قاسم ، وملأنا شارع الرشيد بمئات الألوف من البشر الذين حملوا سيارته عن الأرض في مسيرته جيئة وإياباٍ ، ثم أسقطناه وأعدمناه بدون محاكمة وبصقنا في وجهه أمام عدسة التلفاز . صفقنا لعبد السلام عارف ثمً حرقناه مع طائرته بعملية مرتبة بدناءة و صفقنا لأحمد حسن البكر وقتلناه بالسُّم ومشينا في جنازته نبكي ونحن المجرمون . صفقنا لصدام حسين ، وأطعناه وسيّرَنا في حروب قتلت شبابنا ودمرت العراق وقضت على كل أخضر ويابس فيه ومع ذلك بايعناه بالملايين في حملات المبايعة التي كان يدعو لها ، ثمّ قتلناه بالشنق حتى الموت ونحن نهتف ( مقتدى ، مقتدى ) . هل صحيحٌ أننا أحفادُ أولئك العظام الذين بنوا حضارة العراق عبر التاريخ ؟ هل نحن فعلاً أولاد الخوارزمي والكندي والفارابي وإبن رشد أم أننا أحفاد ( بلقع ) الذي قطع إصبع الحسين ( ع ) بعد إستشهاده ليسرق خاتمه ؟
العالم كله يسير إلى أمام ، ونحن لا زلنا نهتف بالنشيد لماضي تاريخنا المجيد الذي نريد أن نعيده . أيّ ماضٍ ، يا تُرى ، سنعيد ؟
خمسة شهور ونصف مرت على إعلان نتائج الإنتخابات التي جرت في السابع من آذار ، ولحد الآن لم تتشكل الوزارة ، و لا إجتمع مجلس النوواب ليحسم في الأمر . الصنمُ الجديد متمسّكٌ برأيه أن يكون رئيساً للوزراء لدورة ثانية . متمسّكٌ رغم أنه مرفوضٌ من حلفائه قبل منافسيه ، بل أن الكثير من الذين فازوا بعضوية مجلس النواب في قائمته لا يحبذونه . وفي غدٍ سيشاركون في إسقاطه . فهل يعتبر من التاريخ ؟ إننا أهل العراق نكتمُ حقدنا وعندما ننفجر نكون مدمرين في تنفيس الحقد المتراكم . ما يقارب الستة شهور ، وفي كلّ يوم إنفجاراتٌ ومفخخاتٌ وإغتيالات ، سرقاتٌ للبنوك ، حرق للطابق الأهم في البنك المركزي ، وحريق آخر في الطابق الأهم من وزارة التجارة ، فسادٌ وإختلاسات بمليارات الدولارات ، ضحايا في أرواح الأبرياء ، وضمير الصنم لا يتحرك . ترى ما الذي ينتظره الشعب منه ، ما دامت حجته أنه لم تكن له القدرة لتقديم أفضل مما قدم ؟ إن ما قدمه صفرٌ على اليسار في زاوية توفير الأمن والإستقرار ، صفرٌ في توفير الكهرباء والماء والخدمات الطبية والعمران ، صفرٌ في كل النواحي عدا محاولات الحفاظ على كرسيّه .
طلع علينا بعبارة مقززة ، تنمّ عن حقد طائفي مقيت ، قد لعنها الشعب في إنتخابات مجالس الشعب وأكدها في الإنتخابات العامة . طلع علينا بعبارة ( القائمة العراقية ، قائمة سنية !!! ) ، عجباً !! إن كانت القائمة العراقية سنية فما لون قائمة دولة القانون ؟ وإن كان الذي يناضل لتكريس بقائه رئيساً لوزراء العراق ما زال طائفياً ، رغم العديد من مرات إعلانه أنه ضد الطائفية ، فإنه بهذه العبارة قد قدم الدليل أنه ليس طائفياً فحسب بل لم يكن صادقاً في دعواته أيضاً . فهل بعد هذا يصلح أن يكون رئيساً للوزراء ؟
الكلّ يعرف أن ذنوبه وذنوب أتباعه كبيرة و لا تُغتفر، ولهذا السبب يخاف أن ينزل عن الكرسي ، ويصبح كالحمامة التي سقطت من عشها المكين وأصبحت في قبضة السكين . ولكن هذا الشعب الذي صبر طول هذا الوقت ، وحتى لو أنه أعطاه أكثر من ستمائة ألف صوت في الإنتخابات ، فإنه يكون غير ذلك في يوم حساب ، فكم من الأصنام صُنعَت وعُبدَت ثم أسقطت . دروس تارخنا واضحة وصريحة .
دعوة مخلصة ، وجدية إلى الكتل السياسية الأخرى ، أن تكون في مستوى المسؤولية وتعمل لإنقاذ العراق من الهاوية التي سيسقط فيها بسبب حالة الضياع الحالية وعدم وجود حكومة قديرة . دعوة تعبّر عن أماني الشعب أن تتآلف الكتل الثلاث الكبيرة الأخرى ، وتقدّم التنازلات لبعضها البعض وتشكل حكومة قوية ، وتُسقط للشعب هذا الصنم الجديد ، ولتجعل خطوتها هذه وأداً لأفكار بناءِ دكتاتورية جديدة ، وترسيخاً للأفكار التقدمية والديمقراطية .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لِنكافِح الفرقة والإنعزالية
-
لِعبُهُم .. ورَدُّنا
-
العُنفُ ... أم النضال السّلمي ؟
-
تصحيحُ المسار
-
النظرية والواقع
-
التمنّي .. وَلِمَن ؟
-
الثورُ ... والسّكاكين
-
وحدةُ الشعب تدحرُ المتآمرين على مستقبله
-
ما هو كسبُنا في الإنتخابات
-
من وحيِ الإنتخابات
-
أين الخطأ ؟
-
مَلامِحُ النّجاح
-
حِزبُ البعث والحركة الصدّامية
-
مستقبل نظام الحكم في العراق
-
الإجتثاثُ والبعثيون
-
عَودة إلى درس المعلّم الأوّل
-
عَودَةُ البعثِ . . وعيدُ الجيش
-
الأمنُ !! أكاذيبُ مسؤول
-
رد على إنقلاب في بغداد!
-
تآمُر بلا حَياء
المزيد.....
-
لماذا يحذر فائزون بنوبل من تولي ترامب رئاسة أمريكا مجددا؟
-
إسرائيل تعلن مقتل -عنصر في الجهاد-.. و-أطباء بلا حدود-: كان
...
-
بالونات القمامة من كوريا الشمالية تؤخر الرحلات بمطار سيئول
-
إبرام عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا بوساطة إماراتية
-
نيجيريا تستخدم الذرة المعدلة وراثيا لسد أزمة الغذاء رغم مخاو
...
-
تحذيرات دولية من مجاعة بلغت حدا -حرجا- في غزة
-
مع إعلان الاحتلال قرب انتهاء الهجوم برفح.. احتدام المعارك جن
...
-
لأول مرة منذ عام.. وزير الدفاع الأميركي يتحدث مع نظيره الروس
...
-
توقيف 4 أشخاص في بريطانيا لاقتحامهم حديقة منزل رئيس الوزراء
...
-
باتفاق لإطلاق سراحه.. أسانج يقرّ بالذنب أمام محكمة أميركية
المزيد.....
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
المزيد.....
|