|
بكاء وعويل على النقاب
شبلي شمايل
الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 07:38
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
رغم قدرته الخارقة على طمس الوجوه والهوية والدواهي تحت السواهي، كشف النقاب كل عورات المثقفين وجماعة حقوق الإنسان والسياسيين. العلمانيين منهم والمتدينين، الوسطيين منهم والمتطرفين. وكشف سخافة التحالف العائم الغائم القاتم النائم بين أزواج المنقبات وأزواج المزلطات (إعلان دمشق-بردى، بردى-دمشق) في غياب برنامج علماني ديمقراطي له موقف واضح من حقوق المرأة وأولها حقها في الهوية الشخصية التي كفلها الإسلام الثوري الأول وطمسها ما تلاه من إسلام الخلافة. ولو تركنا نصوص وكتب الفقهاء والمحدثين ذات الطابع الايديولوجي المسبق، وسألنا علماء اللغة كالجوهري والليث والأزهري عن البرقع لوجدنا عندهم: "تلبسه الدواب ونساء الأعراب وكان اسمه الوصوصة ثم أحدث النقاب". ويقول عالم اللغة ابن منظور في لسان العرب في كلمة نقاب: "وفي حديث ابن سيرين النقاب محدث، أراد أن النساء ما كن ينتقبن أي يختمرن". ويؤكد منصور فهمي في كتابه أحوال المرأة في الإسلام فصل "التاريخ الاجتماعي للحجاب" الذي ترجمه ونشره هيثم مناع في كتابه "الحجاب" (الذي حصلت على نسخة منه بقدرة قادر لأن رفيقنا "أبو سعيد" لم يعد طباعة الكتاب لأسباب سياسية أو نفعية بعد أن ارتفعت أسهمه في صفوف الإسلاميين): "يمكننا أن نجزم، بشكل شبه قاطع، وفقا لمعرفتنا بالحياة والأخلاق في الفترة التي سبقت محمد بأنه لم يكن موجودا في تلك الحقبة قطعة ملابس غايتها ستر وجه المرأة عن أنظار الرجل، ويمكننا أن نوضح هذا التأكيد، بشكل أكثر قطعية عند الحديث عن المجتمع العربي في عهد محمد، والذي طبق قوانينه فيه".(...)"لم يكن في عهد محمد عند العرب قطعة ملابس خاصة غايتها تحديدا حجب وجه المرأة". النقاب الصاعد الجديد هو ابن فترة كسر العظم وهد الحيل بين النظام السوري وحقبة قميص الحريري الأمريكي-الفرنسي. في هذه الفترة تطاولت الجماعات المتدينة في جلسات القبيسيات وحلقات النساء الملثمات ومبايعة شيوخ الأحياء والزواريق بحيث صار لكل مؤمن ثلاث مشايخ على الأقل واحد لدينه وواحد لعمله وواحد لقصصه تحت الزنارية على طريقة (الاعتراف المسيحية والفرويدية). وللمؤمنات أربع شيخات زيادة في الورع والطاعة والعفة وكره الجمال والحياة، خوفا من الحرام في الباه والنظر والمشرب والطعام. وصارت الشعوذة السلعة الأكثر مبيعا وانتشارا في البلاد. لكن حوادث سرقة تمت بنقاب أم نظارات سوداء ونقل في الامتحانات عبر الموبايلات قامت بهن المنقبات وصار اذا سائق قال كلمة لمنقبة كلمة يأكل علقة إهانات باعتباره فاسق ومتحرش بالعفيفات. طبعا الحركة الإسلامية بشعابها كانت سعيدة لهذا التقسيم لأبناء المجتمع. فبدون إحصاء أو استفتاء رأي يمكن معرفة أهل السنة من العلويات والدرزيات والإسماعيليات والمسيحيات، وبذلك لا يختلط أهل الكفر بأصحاب الفرقة الناجية. أما من ضلّ من أهل السنة الطريق من السافرات، ورفض النقاب والمشتقات، فإلى جهنم وبئس المصير مثله مثل الباطنية والكتابيات. وهكذا بضربة نقاب، جرى التخلص من المواطنة والتقدم دون طلقة رصاص أو سؤال أو جواب، لنعود إلى المستنقعات العثمانية التي صارت على الموضة عند مثقفي الموجة الإسلامية. لم تمنع السلطات النقاب في الشارع بل في المدارس الابتدائية حيث المعلمة "الذكية" تخفي عورة وجهها عن تلميذها الصغير في مزاودة على القرآن والآية "أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء"، ولم تعد المرأة للبيت عاطلة بل أعطيت عملا غير تعليميا. فكفى الأطفال عُقد الدولة الدكتاتورية ليضاف لها عقد الشمولية الدينية. استيقظ عدد كبير من السياسيين والحقوق انسانيين الذين لم نسمع صوتهم يوم حدث غش في الامتحانات أو إكراه على نقاب من زوج متحجر يضرب امرأته أكثر من مرة بالنهار. والأنكد أن كل من أعطى دروسا في الديمقراطية وحقوق المرأة في الإسلام من الإخوان وأعداء الرافضة السوريين الطالبان انتفضوا ينتقدون النظام الطائفي. وكأن ليبيا ومصر وتونس أنظمة علوية وهي جميعها سبقت سورية لاجراءات منطقية ضد نقاب ظلامي. لكن أخر صرعة مبتكرة جاءت من القيادي في جبهة الخلاص الذي جاور بيانوني وخدام بالأمس في بروكسل يوم تحالفا (السيد وليد سفور). الذي انتظر شهر رمضان لتحريض المؤمنين من أصقاع الأرض على النظام الكافر عبر قصة مدير مدرسة يتحرش بامرأة بشكل أجبرها على النقاب، ثم عوقبت كيدا. ولا يصدر البيان باسم الخلاص أو الإخوان، بل باسم اللجنة السورية لحقوق الإنسان. طبعا يتلقف الإعلام الإخواني (الجزيرة أولا) للبيان. علما بأن حركة حماس لا تلفظ حرف على الموضوع لأن رضا الله من رضا قصر الشعب. آه يا شعب سورية ما أكثر المتاجرين بك.. وأخ يا حقوق الإنسان أية آخرة.
#شبلي_شمايل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشية انتخاب أوباما: من يعتذر للضحايا !!
-
وفيك الخصم والحكم
-
الإسلام السياسي وتجزئة المجزأ
-
القراءة الإخوانية لما حدث في صيدنايا
-
العقلانية السياسية واللا عقلانية الانتقامية
-
نهاية إعلان دمشق كإطار جامع
-
من أجل بيان بالعربي ضد حكم الإعدام
-
محاولة لفهم أسباب الاعتقالات في سورية
-
دور الضحية والديمقراطية
المزيد.....
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
-
اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|