أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رزاق عبود - رحلة الى الماضي، شخوص باقية، وصور متغيرة!














المزيد.....


رحلة الى الماضي، شخوص باقية، وصور متغيرة!


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3093 - 2010 / 8 / 13 - 03:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


رحلة الى الماضي، شخوص باقية، وصور متغيرة!

تأملات، وتسائل!!

ليس هناك، باعتقادي، من لايحن الى الماضي "الجميل" مهما حملت الذاكرة من ادران اللوعة، وانواع المعاناة، والشكوى.الكثير منا يهرب من ماضي يريد ان ينساه، واخر يهرع لماض كان كل شئ فيه عذبا. الطفولة، الصبا، الاهل، الاصدقاء، الاقارب، الاحباب، الجيران، ايام المدرسة، شوارع اللقاء، وساحات اللعب، اماكن المشاكسة، ومنافسات الشباب. الاصدقاء يرافقك الكثير منهم في رحلة الحياة. منهم من يتعلق في الذاكرة، ومنهم من يرافقك مسيرة الدراسة، او الجيرة، او العمل، او النضال في سبيل مستقبل افضل، او تجده امامك عند كل مشكلة. لعل العراقيون هم اكثر الناس حنينا الى الماضي بكل ما كان فيه من احلام، وامال، واوهام، وتطلعات، وهموم، واحباطات. العراقيون الذين ابتلاهم العصرالحديث بالغربة، والتغرب، والابتعاد عن حضن الوطن، واصل المولد، وتشرد، وتشتت لاسابق له. تربطهم خيوط الماضي بحاضر يحاولون عدم قطعها لكي لا يقطعوا الوصل الذي حاول الاخرون تقطيعه. تاهت الدنيا فينا، وتهنا في ازقة الزمن. ضيعتنا الاختلافات، ومزقتنا الانتماءات، والتعصبات، حتى كدنا ننسى افكارنا، وقيمنا التي نادت بالحرية، والديمقراطية، وتقبل الاخر، وتفهم الاختلاف، وتقبل المختلف، والانفتاح، والتسامح. عند السفر تلتقي، احيانا، ببعض من جمعتك بهم الذكريات حلوها ومرها. اشتقت لهم، واشتاقوا اليك، كما يدعون، لكن اللقاء المباشر يختلف عن مجاملات التلفون. كنت ولا زلت ابحث دائما عمن التقيت به، ولو صدفة فهو/ هي جزء من الحياة التي مرت، ولا زالت الذاكرة تحتفظ بتفاصيلها، اوصورا باهتة عن ذلك اللقاء الحميم، اوالمصادفة العابرة. الاصدقاء، في الغالب، لهم صورهم، واشكالهم، وتصرفاتهم، ومواقفهم، وارائهم تقترب، اوتبتعد، عن تصوراتك، او همومك، او مواقفك، تتفق او تختلف عن افكارك.

مشكلتنا اننا، ودائما، ننسى عوامل الزمن، والظروف، والحوادث عندما نبني احكامنا المسبقة، او تصوراتنا الثابتة، وكاننا نتحدث عن تماثيل، او نصب، او بنايات مشيدة، لا تخضع للتغيير، او التجديد، او تتاثر بعوامل الزمن، والمناخات، والمحيط. كل مرة اكتشف، ان فلانا من الناس، لم يعد نفسه، وان صورتي عنه كانت مشوهة، او محسنة، او مرتبكة، متحاملة، غير دقيقة، او خاطئة بالكامل فمجاملات التلفون، والرسائل المكتوبة بعناية تزيد الصورة ارتباكا. عندما تلتقي باناس فارقتهم طويلا تسمع اخبارا جديدة، وترى شخوصا مختلفة، وسلوكا لم تتوقعه، وتطلع على اسرار ظننتها مستحيلة. نوايا، وظنون، ومواقف، واراء لم تكن بالحسبان. تعيد الحسابات، وتراجع الانطباعات، وتقلب اوراقك القديمة تشطب على بعضها، او بعضهم. الخيبة، والاستغراب، وعدم التصديق، وسوء الفهم، والمفاجئة، والاصطدام، والاحباط، هي دائما السمات الاكثر حضورا في اللقاء. تفاجأ باناس اخضعوا الجبال، واخضعتهم الايام . اذلوا المحن، واذلتهم عقبات بسيطة، روضوا الصعاب، واستسلموا لعوائق تافهة. ينتقدون كل الماضي، ولا يتذكرون، حسنة واحدة فيه. يوم كان الماضي اجمل الاشياء. ينتقدون كل الامور، والاشخاص، والظواهر، وينسون انفسهم، وكانهم يؤمنون بالامام المعصوم الذي لا يزل، ولا يخطأ. يحاولون تبرير اخطائهم، وهفواتهم في زلات الاخرين، ونواقصهم. يحتكمون الى المسلمات، او يظنون انهم يملكون الحقيقة كلها. لابد ان يكون لهم صوت، وراي حتى فيما لا يجيدون ولا يفهمون، بل جديد كل الجدة عن مداركهم، ومعارفهم، واهتماماتهم. الاحباطات التي تتحول الى تقوقع، او تحفز لمهاجمة الاخر، المختلف، المعارض، الرافض، المتغير. استنفار دائم للطعن بالاخر، والنيل من شخصه. وتحتار بينك وبين نفسك: اين يكمن التحجر، واين تستقر النمطية، اهي في قاع ذاكرتك البعيدة، ام في عمق تجربتك المريرة، ام صدمتك غير المتوقعة؟ كل مرة يعود الواحد منا من سفرته القصيرة، او الطويلة يراجع مواقفه، يحاسب الاخرين، وينسى نفسه. او يجلد نفسه، وينسى الاخرين. ويظل السؤال المحير: من تغير؟ من تبدل؟ من الصح؟ من الخطأ؟ والسؤال الاصعب، والاصح: من الحكم؟ فانا، والاخر، ربما، راينا في بعضنا صورة، غيرالتي رايناها سابقا، غيرالتي اختزنتها، ظننتها، تصورتها، تمنيتها، احببتها، فضلتها. كأن عالم اثار يسحب فسيلة عمرها ملايين السنين تحجرت، او تجمدت، او رسمت على جدران كهوف الاقدمين. ويلح السؤال، والتساؤل: هل نسينا ان الحياة لا تتوقف، وان عوامل المناخ، والمحيط، والظروف، والتجارب، والوضع الاجتماعي، او الاقتصادي تؤثر بالانسان. وهو يتغير دون ان يشعر؟ حتى اكبر المكابرين عندما ينتقل الى ظروف اخرى، بعد ان، تاقلم على غيرها تجده يرفض، ويقبل، يستوحش، ويستطيب، يستغرب، ويتفق. وتعود بكل القصة من جديد الى الطفل الذي ربته الذئاب، او المتمدن الذي عاش بين البدائيين، اوالحالم الذي اصطدم بالواقع. ابن الصحراء الذي انتقل الى مدن الصقيع، وابن الاسكيمو الذي ارسل الى الصحاري. كل واحد منا تغير، لكننا لا نرى الا تغيرات الاخرين. حتى المتحابين، او المتزوجين المتعايشين معا سنينا طويلة يتغير الواحد منهم يوميا حتى يصبحان غريبان على بعضهما، بل يتسائل الواحد منهما كيف عاش مع الاخر كل هذه السنين؟! تعلمت من السفر، ولقاءات الاصدقاء، ان اتقبل، ولو بصعوبة، هذا الامر. لكن اهم ما تعلمته هو المراقبة، والانتظار، وعدم التسرع في الاحكام فتحت الجلباب قد يختبأ عالم فيزياء، وتحت البدلة الحديثة قد يختفي بدوي فض، وتحت الراية البيضاء قد يقف بربري سفاح، وبين الخضرة قد تكمن حرباء. كل مرة اتعرف على اصدقاء جدد، واصدقاء قدامى اكتشف شخصياتهم الجديدة. فسنة الحياة تؤكد ان كل شئ في هذا الكون يتجدد، وان الحياة مقبرة الموت.

رزاق عبود
7/8/2010



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يصلب شلتاغ والمالكي في ساحة ام البروم؟!
- من اجل احياء ثورة 14 تموز واستنهاض الحركة الوطنية الديمقراطي ...
- البصرة بع 32 عاما.....(4) اين بصرتنا؟!
- ألبصرة بعد 32 عاما....(3) من بلد النخيل الى مقبرة النخيل
- البصرة بعد 32 عاما....2
- البصرة بعد 32 عاما! صورة الماضي الجميل، وواقع الخراب المريع!
- لمن صوت الشعب العراقي؟ ولماذا يعاقب على تصويته؟؟!
- فاجعة احمد مزبان... مصيبة صديق، ام مأساة وطن؟؟!
- محرقة المسيحيين في العراق! متى تتوقف؟؟!!
- 7 اذار انتخابات 8 اذار نساء معذبات
- عاهرة -الثورات- تلوث شوارع البصرة
- مسيحيو الموصل احق بالموصل، كل الموصل، من غيرهم
- اذا حكمت العمامة قامت القيامة (1)
- وداد سالم، واديب القليچي نجمان ساطعان في عالم النسيان
- اطفال ابو الخصيب في ضواحي ستوكهولم
- النبي الاثول
- برلمان الجوازات الديبلوماسية يمنح الفوضى والارهاب في العراق ...
- صداميون يتحدثون باسم الاكراد
- التيار الديمقراطي والاعصار الاسلامي القومي
- ابو اسراء خلصنا من هؤلاء العملاء


المزيد.....




- شاهد كيف تخطى آيساب روكي مقاعد المحكمة لعناق ريانا لحظة الحك ...
- ألقى بنفسه بين ذراعيها في المحكمة.. ريانا تعبر عن سعادتها بت ...
- حزب البديل من أجل ألمانيا مهدد بغرامات ضخمة بسبب تبرعات غير ...
- زعيمة حزب المحافظين البريطاني ترد على وصف ترامب لزيلينسكي بـ ...
- من نجم على السوشيال ميديا إلى متهم بتصنيع المخدرات.. قرار قض ...
- إفريقيا قارة المستقبل
- خامنئي: نعتبر قطر دولة صديقة وشقيقة لنا رغم بعض -القضايا الم ...
- روسيا تحذر من مخاطر تفكك ليبيا وتؤكد ضرورة دعم جهود توحيد ال ...
- ترامب يقول إن زيلينسكي -ديكتاتور من دون انتخابات- وينتقد شرع ...
- لماذا ترفض إسرائيل الانسحاب الكامل من جنوب لبنان وما الأهمية ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رزاق عبود - رحلة الى الماضي، شخوص باقية، وصور متغيرة!