حسين محيي الدين
الحوار المتمدن-العدد: 3092 - 2010 / 8 / 12 - 20:57
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أغلبية العراقيين وعلى مدى عقود من الزمن يحلمون بإقامة نظام ديمقراطي تعددي ليبرالي دستوري يحترم حقوق كل مواطنيه بغض النظر عن انتمائهم الديني والعرقي والطائفي . ومن أجل هذه الأهداف السامية قدم الآلاف من خيرة أبنائه قرابين في مقارعة السلطات الدكتاتورية المتعاقبة على سدت الحكم . حتى أن الكثير منهم توسم خيرا عند سقوط الصنم ومنى نفسه بآمال كبيرة بقرب تحقيق الأهداف السامية مع مجيء الاحتلال , وان كنت لا اقر ذلك منذ اليوم الأول للاحتلال . لأن التحول الديمقراطي الحقيقي عملية اجتماعية سياسية تصلها المجتمعات بعد مخاض عسير ولا تأتي مع دبابات الاحتلال .
لقد حصل الاحتلال وجاء مبشرا بعهد جديد عهد يكون فيه الناس أحرارا يمتلكون فيه السلطة والثروة والحرية والاستقرار . ولكن ماذا كانت النتيجة ونحن على أبواب انسحاب المحتل انسحابا جزئيا من العراق . ؟ فإذا كانت الديمقراطية تبشر بانتهاء الحروب الطائفية والعنصرية كما هو الحال في معظم الدول الديمقراطية في العالم فأن ديمقراطينا في العراق كانت سببا في إشعالها وإزهاق مئات الآلاف من الأرواح البريئة فأين الخلل؟ وإذا كانت الديمقراطية تعني القضاء على الفساد المالي والإداري لوجود رقابة شعبية فلماذا وضع العراق على رأس قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم . وإذا كانت الديمقراطية سببا مباشرا في ارتفاع مستوى دخل الفرد والقضاء على العوز والفقر فلماذا يعيش معظم العراقيين تحت خط الفقر ويعيش قلة منه في رفاهية غير معهودة أظن أن أسبابها واضحة للعيان . وإذا كانت الدول الديمقراطية دول طاردة للإرهاب فلماذا يكون العراق حاضنة له ؟ وإذا كانت معظم الدراسات تشير إلى انخفاض مستوى قتل الشعب فلماذا يقتل شعبنا العراقي على أيدي حكامه كل يوم ؟ وإذا كانت الشعوب في ظل حكومات ديمقراطية هي من أسعد شعوب الأرض فلماذا يرزح شعبنا العراقي تحت كآبة حادة ومزمنة ؟ . الدول الديمقراطية مكتوب لها النصر في كل حروبها ضد أعداء شعبها ونظامهم الديمقراطي فلماذا جانبنا النصر في حروبنا ضد التدخلات الإقليمية والدولية حتى أصبح العراق نهبا لذباب الجوار وذئابهم .
من يرتضي بديمقراطية تحمل كل هذه الشرور التي أحاقت بالعراق وبشعبه وأوصلته إلى هذا المنحدر الذي لم يعرفه من قبل ؟ من يطبل لهذه الديمقراطية التي يقودها خمسة من الشخصيات السياسية كما يحلوا أن يسموا أنفسهم ومن يرتضي بها غير أحزاب تدعي الإسلام والقومية العنصرية كما هو حال الأحزاب السياسية الرابضة على قلب الشعب العراقي ؟. إننا نعيش في بلد أبعد ما يكون عن الديمقراطية ومبدأ التداول السلمي للسلطة . دولة أقل ما يقال عنها أنها دولة الأشرار والعملاء والمتخلفين . لقد جلبت أمريكا معها أسوأ ما في الديمقراطية وتعاملت مع أسوأ العراقيين ونصبتهم على شعب أعزل وأطلقت العنان للوهم الديني وللأحزاب الدينية والعنصرية . وإيغال في إيذاء شعبه لم يعد الأمريكان يعترفوا بقوى العراق الحية الناشطة ولا يتحدثوا إلا مع قادة الجهل في العراق .
#حسين_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟