أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم جبار عباس - ثقافات مستهلكة














المزيد.....

ثقافات مستهلكة


هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي

(Haitham Jabbar Abbas)


الحوار المتمدن-العدد: 3092 - 2010 / 8 / 12 - 15:15
المحور: الادب والفن
    



تقول الكاتبة الألمانية الرومانية هيرتا مولر الحاصلة على جائزة نوبل للآداب عام 2009 في احد الحوارات ( ليس هنالك طريقة تستطيع من خلالها ان تصهر الثقافات القديمة كلها في ثقافة جديدة ) استوقفتني كلمة هيرتا نوعا ما , وطرحت سؤالا على نفسي وقلت : هل بإمكاننا ان نصهر ولو جزءا قليلا من بعض الثقافات القديمة في ثقافة جديدة , المشكلة ان مجتمعاتنا العربية والإسلامية لما تزل متمسكة بثقافات مستهلكة , على الرغم من كل هذا الانفتاح على العالم وما فعلته ثورة الاتصالات عبر شبكتها العنكبوتية , وثورة الفضائيات عبر شاشاتها الصغيرة , الا ان الوضع يتحول من سيء الى أسوا , وكأن الثقافات القديمة تتجدد في كل عصر ولم تتأثر المجتمعات العربية ولا سيما المجتمع العراقي بهذا التطور السريع . ففي ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم كادت ان تموت الثقافات القديمة , حيث كان المثقف في تلك العقود له تأثير مباشر وفعال على المجتمع , وما ان بدأت منطقة الشرق تدخل دائرة الحروب وتسيد الفكر الشمولي والحزب الواحد . أخذت تنمو الثقافات القديمة , المتراكمة في المخزون التراثي , لتملىء الفراغ السياسي , وتعيد أمجادها من جديد , ظنا منها ان ثقافة العقود الستينية والسبعينية والتي قبلها هي ثقافات هشة وغير رصينة , وهي التي أتاحت الفرصة وفتحت المجال امام الدكتاتوريات لتستولي على الحكم . وقد تقبلت جميع الشعوب هذا الفكر التراثي ( التعصبي ) , وظهرت جماعات تحمل ثقافات إسلامية معارضة للأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في العراق ومصر ولبنان وأفغانستان وكثير من دول المنطقة خصوصا بعد نجاح الثورة الإسلامية في ايران . المؤلم ان في هذه الثقافات الاسلاموية المتجددة , تحولت الى تطرف مذهبي وتعصب ديني وأصبحت تقتل وتذبح باسم الدين , حيث ظهرت أفكار جديدة من هذا التعصب والتطرف لم نسمع بها من قبل كـ(فكرة التفخيخ ) والانتحار والحصول على الجنة بضغطة زر , وفكرة الفرقة الناجية والكل في جهنم , المشكلة حينما ننقب التاريخ نجد ان هذه الافكار ليست وليدة امس او اليوم , بل هي افكار متجذرة في عقائد مجتمعاتنا العربية , ومستنبطة من صميم تراثنا , وقد مورست هذه الافكار بشتى أنواعها عبر التاريخ العربي والإسلامي , الا ان الفارق هو باستخدام الأدوات ففي العصور السالفة كان والسيف وقطع الرؤوس قائما على قدم وساق واليوم الـ ( تي ان تي ) والتفخيخ هما البديل , وكأن التاريخ يعيد نفسه كمال قال ( فردريك انجلز ) . فكيف يستطيع المثقف ان يصهر تلك الثقافات العقائدية القديمة بثقافة حديثة , هل هناك طريقة للتخلص منها ؟ نحن لا نؤمن بصمت المثقف , ولكن الثقافة مستويات متفاوتة بين الناس , على المثقف ان يرتقي بنفسه ولو ببضع درجات , ليتحول من مثقف جاهز لطرح الأسئلة الى مثقف مفكر يرفدنا بحلول المشكلة , المثقف هو الذي يطرح المشكلة بمستواها العام , والمفكر هو الذي يجد حلولا لهذه المعضلات , معضلات التفخيخ والتفجير , من أين جاءت ؟ وكيف نمت واستفحلت ؟ وكيف القضاء عليها . اعتقد ان هناك حلولا بسيطة للتخلص من تلك الثقافات القديمة , وهي مواظبة المثقف على معالجة جزء من ثقافة الموروث القديمة , لكي نستطيع بناء ثقافة جديدة , وليس الموروث برمته بل بعض ثقافاته القبلية , هذه الثقافات التي لم نجن منها سوى التقتيل والتهجير والتطرف الديني والانشقاق الطائفي , هذه الثقافة التي تحض على قتل الإنسان ولا تترك مجالا للحوار , وإلا ماذا تتوقع من بعض الخطباء حينما يفسرون هذه الآيات الكريمة (( اقتلوهم حيث ثقفتموهم )) (( اعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم )) بالتأكيد لا نتوقع من الذي يستمع الى تفسير هؤلاء سوى التفخيخ والانتحار في سبيل الله , على المثقف ان ينظر الى التراث بمنظار حديث ويحدق بثقافة تراثه التي ما زالت تمارس لحد الآن ويعمل على استئصالها جذريا , حتى لو تطلب الأمر ان نكتب تاريخا جديدا



#هيثم_جبار_عباس (هاشتاغ)       Haitham_Jabbar_Abbas#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد طالب الاسدي يرغم مظفر النواب على صعود السفينة
- جمادات حية
- بصمات الارجوان في (خارج السواد)
- هروب الى وطن
- مبارزة
- زينب
- مشروع شعري جديد للشاعر هيثم عيسى عن دار ازمنة
- اكباد الآلهة
- حوار مع ابي الطيب المتنبي
- الثعالب لاتقود الى الورد بل تقود الى نسف الموروث
- احلام لا واقعية
- دم وتراب
- من سلالات الضياع
- مخاض
- عراقيون
- بغداد
- خالد خضير والقضية الشعرية
- خروج بدون ارادة
- قصيدتان
- هبوط في المستوى


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم جبار عباس - ثقافات مستهلكة